يقول سيدى الشيخ أبو الحسن الشاذلي
للقطب
خمس عشرة علامة ، فمن ادعاها أو شيئا منها فليبرز بمدد الرحمة ، والعصمة ،
والخلافة ، والنيابة ، ومدد حملة العرش العظيم ، ويكشف له عن حقيقة الذات ،
وإحاطة الصفات ، ويكرم بالحكم والفصل بين الوجودين ، وانفصال الأول عن
الأول ما انفصل عنه إلى منتهاه وما ثبت فيه ، وحكم ما قبل ، وحكم ما بعد ،
وما لا قبل ولا بعد ، وعلم البدء وهو العلم المحيط بكل علم وبكل معلوم وما
يعود إليه .
فالعلامة الأولى : أن يكون متخلقا بأخلاق الرحمة على قدم موروثه ، صاحب حلم ورأفة وشفقة وعفو وعقل ورزانة وجود وشجاعة ، كما كان موروثه .
والعلامة الثانية : أن يمد بمدد العصمة ،
وهي
الحفظ الإلهي والعصمة الربانية ، كما كان موروثه غير أنه في الأنبياء
واجبة ، وفي الأولياء جائزة ، ويقال لها : الحفظ ، فلا يتجاوز حداً ولا
ينقض عهدا.
والثالثة
: الخلافة : وهو أن يكون خليفة الله في أرضه ، أمينا
على عباده بالخلافة النبوية ، قد بايعته الأرواح ، وانقادت إليه الأشباح .
والرابعة : النيابة : وهو أن يكون نائبا عن الحق في تصريف الأحكام حسبما اقتضته الحكمة الإلهية ، وفي الحقيقة ما ثم إلا القدرة الأزلية .
والخامسة
: أن يمد بمدد حملة العرش من القوة والقرب ، فهو حامل عرش الأكوان ، كما أن الملائكة حاملة عرش الرحمن .
والسادسة
: أن يكشف له عن حقيقة الذات ، فيكون عارفا بالله معرفة العيان ، وأما الجاهل بالله فلا نصيب له في القطبانية .
والسابعة
:
أن يكشف له عن إحاطة الصفات بالكائنات ، فلا مكون إلا وهو قائم بالصفات
وأسرار الذات . ومعرفة القطب بإحاطة الصفات أتم من غيره لأنها في حقه ذوقية
لا علمية .
الثامنة
: أن يكرم
بالحكم والفصل بين الوجودين ، أي : بين الوجود الأول قبل التجلي وهو المعبر
عنه بالأزل وبالكنز القديم ، وبين الثاني الذي وقع به التجلي والفصل
بينهما ، أن يعلم أن الأول : ربوبية بلا عبودية ، ومعنى بلا حس ، وقدرة بلا
حكمة بخلاف الثاني : فإنه متصف بالضدين ربوبية وعبودية ، ومعنى وحس ،
وقدرة وحكمة ليتحقق فيه اسمه الظاهر واسمه الباطن . فالضدين خاص بالقبضة
المتجلى بها ، وأما العظمة بها الباقية على كنزيتها فهي باقية على أصلها
فافهم
والتاسعة والعاشرة
: أن يكرم
بالحكم بانفصال عن الأول ، والمراد بانفصال الأول : انفصال نور القبضة عن
النور الأزلي الكنزي ، وهو بحر الجبروت . والمراد بما انفصل عنه : تفرع من
القبضة إلى منتهاه من فروع التجليات ، أي : في الحال ، وأما في المآل فلا
انتهاء له ، لأن تجليات الحق لا تنقطع أبدا ، فإذا انقضى هذا الوجود
الدنيوي تجلى بوجود آخر أخروي ولا نهاية له .
والحادي عشر
أن يعلم ما ثبت في المنفصلات من المزايا والكرامات ، أو ضد ذلك يعني في الجملة . وأما التفصيل فمن خصائص الربوبية .
الثانية عشر
: أن يعلم حكم ما قبل ، أي : ما قبل التجلي ، وحكمه هو التنزيه المطلق ، لأنه باق على كنزيته لم تدخله الضدان .
والثالثة عشر
: أن يعلم حكم ما بعد ، وهو التكليف في مظاهر التعريف قياما برسم الحكمة وسترا لأسرار القدرة .
والرابعة عشر
: أن يعلم ما لا قبل ولا بعد ، أي : يعلم ما لا قبل لها ولا بعد لها ، وهي الخمرة الأزلية والذات الأصلية كما قال ابن الفارض :
فلا قبلها قبل ولا بعدها بعد وقبلية الأبعاد هي لها ختم
الخامسة عشر
:
أن يطلع على علم البدء ، والمراد : علمه تعالى الأزلي السابق للأشياء قبل
أن تكون ، وهو العلم المحيط بكل علم وبكل معلوم ، إذ لا يخرج عن علمه تعالى
شيء ، وكل علم وكل معلوم يعود إليه ، وهذا هو سر القدر . فقد يكاشف القطب
على جزئيات منه ، ولا يشترط إحاطته بكلية الأشياء وجزئياتها ، لأن ذلك من
وظائف الربوبية ، وانما يطلعه الله تعالى على جزئيات من نوع مخصوص
................
يقول سيدى الشيخ أبو العباس المرسي :
كان أبو يزيد البسطامي قطباً في الحال
كان الجنيد قطباً في العلم .
كان سهل بن عبد الله التستري قطباً في المقام
ويقول سيدى الشيخ علي الخواص
علامة
القطب : أن يكون مستغنياً عن علم العلماء بما أعطاه الله تعالى من النور
المبين الذي يفك به معميات الأمور ، ولا تطوى له الأرض ولا يمشي على ماء
ولا هواء ولا ينزل مدد من السماء والأرض إلا بواسطته ، له سريان في قلوب
المؤمنين … لا يتولى رتبة القطابة حتى يبايعه الملأ الأعلى على اختلاف
طبقاتهم والعوالم السفلية على اختلاف أجناسهم من السمع والطاعة .
ويقول ايضا:
من علامة القطب في كل زمان : كثرة تحمله للبلايا والإنكار عليه . فإن جميع
بلاء أهل الأرض ينزل عليه أولا ، ثم يتفرع منه إلى الإمامين ، ثم إلى
الأوتاد الأربعة ، ثم إلى الأبدال السبعة ، وهكذا إلى آخر الدوائر . فإذا
فاض عنهم شيء وزعوه على المؤمنين بحسب مقامهم ، فربما حمل رجل واحد جميع
البلاء عن أهل حارته أو بلده
يقول سيدى الشيخ علي الخواص
أكمل البلاد البلد الحرام ، وأكمل البيوت البيت الحرام ، وأكمل الخلق في كل عصر القطب .
فالبلد نظير جسده ، والبيت نظير قلبه ويتفرع الإمداد عنه للخلق بحسب استعدادهم
رضى الله عن اوليائه الصالحين وشيوخنا وقدس الله سرهم اجمعين