قال
سيدى بهاء الدين شاه نقشبند قدس الله سره حاكيا عن أحواله فى مبادئ سلوكه :
إن أثر التوجه إلى روحانية حضرة أويس القرنى رضى الله عنه هو الانقطاع
التام والتجرد الكلى عن العلائق الظاهرية والباطنية ، وأنه كلما يتوجه إلى
روحانية حضرة السيد محمد الترمذى يكون أثر ذلك التوجه هو اللاصفتية المحضة ،
فلا يقع فى سير ذلك التوجه أثر ولا صفة ، فلما يمجى وجود الروحانية فى
أنوار الحقيقة لا يرى السالك غير اللاصفتية وغير اللانهائية مهما طلب لنفسه
وجودا وطلب فيها شيئا هو أصل الإدراك . قال سيدى محمد بارسبا قدس سره
شارحا عليه : كمال أحوال أولياء الله ونهاية درجاتهم هى اللاصفتية
واللاأثرية ، وكمال هذه المرتبة لأنها مختصة بحضرة سيدنا سيد الأنبياء
والمرسلين صلى الله عليه وسلم فسائر الأنبياء والأولياء على حسب مراتبهم
مقتطفون من رياضه صلى الله عليه وسلم ، فيرتقون إلى درجات هذه المرتبة
مستمدين بباطنه المقدس ، والمقام المحمود المختص بحضرته هو إشارة إلى كمال
هذه المرتبة ، فمن خواص مرتبة اللاصفتية أن يكون صاحبها من أهل التمكين ،
ويتصف ويتخلق بجميع الصفات والأخلاق الإلهية ، ويتصرف فى الأحوال الباطنية ،
فلهذا يقال له : أبو الوقت ، فيمكن له الانتقال باختياره من صفة إلى أخرى ،
ويصفو بالكلية من بقايا وجوده البشرى ، (الخواجه محمد بارسبا ، الرسالة
القدسية ، ص 32 - 34) .