اصطلاحات الصوفية»

* كتاب «اصطلاحات الصوفية» هذا من تأليف الشيخ كمال الدين عبد الرازق القاشاني وهو من صوفية القرن الثامن الهجري.
* وقد صدر بتحقيق وتعليق للدكتور محمد كمال إبراهيم جعفر.. والكتاب من القطع الكبير ومن إصدارات الهيئة المصرية العامة للكتاب وإشراف مركز تحقيق التراث.
* هذا الكتاب أورد المصطلحات أو الألفاظ الغامضة أو المبهمة في التراث الصوفي القديم حيث جاء ترتيبها ترتيباً أبجدياً على نظام «أبجد، هوز، حطي، الخ» مخصصاً لكل حرف بابه المستقل وليجعل الحرف ذاته هو العنوان: «27 باباً».
* في كثير من المساحات لا يقتصر المحقق على إيراد التعريف الموجز أو التحديد «المركز» لمعنى كل مصطلح لكنه يتناوله بالشرح والإطالة وتلمس أوجه الإستدلال على صحة شروحه وتعليقاته من الكتاب والسنة الشريفة.
* وأداء المؤلف الذي قرأنا عنه بصورة مبعثرة يدل دلالة واضحة على سعة اطلاعه ودقة فهمه وتذوقه وإلمامه الرحيب بكل ما يعرضه.. وربما كان هذا هو السر الذي دفعه إلى اتخاذ جانب الشرح أو التفسير لآراء أو مؤلفات الآخرين .
* لعل القاشاني لاحظ استغلال كثير من قضايا وعبارات التصوف وبخاصة وقد بعدت هذه القضايا بعض الشيء عن مجال التجربة الفعلية. لعل القاشاني لاحظ ذلك فآثر أداء الخدمة الحقيقية التي كان يحتاج إليها معاصروه وهي شرح هذه القضايا أو العبارات بما ييسر فهمها.
* كما هو معروف أن التصوف في مجال الشرح والتفسير أو التعبير والتنظير يكون قابلاً للمناقشة والحوار والتساؤل، لكنه في مجال التجربة أو العمل والسلوك لا يقبل المناقشة ولا يحتمل الجدل وإذا أردنا إيضاح ذلك قلنا: إن في التصوف جوانب ثلاثة متميزة ويمكن تناول التصوف منها:
أولها: الجانب العملي وهو الطريق.
ثانيها: الجانب النفسي أو الشعوري أو الوجداني أو العاطفي وهو التجربة.
ثالثها: الجانب النظري أو الفكري أو التفسيري أو التعبيري وهو المذهب.
* ويزيد الأمر وضوحاً إيراد هذا المثال.. الذي سجلته المراجع الصوفية عن الجنيد بن محمد أبو القاسم الملقب بسيد الطائفة مع خاله السري السقطي حول قضية الحب.. فقد روي أن أناساً أقبلوا على السري يسألونه عن «المحبة».. فأشار إلى ابن أخته الجنيد ليجيبهم على سؤالهم فأخذ الجنيد يورد أقوال الصوفية في هذه المسألة وخاله يستمع إلى أن انتهى الجنيد من حديثه لكن خاله فيما يبدو لم يقنع بما أورده الجنيد فالتفت إليه وأمره أن يرفع «كُم جلبابه» ليرى ما تحته وفعل الجنيد ما أمره به خاله فرأى ذراعه ناحلاً مهزولاً حتى يكاد يلتصق جلده بعظامه. وفي ضوء فزع الجنيد ودهشته لما رأى قال له خاله:
يا بني المحبة أدناها ما رأيت... ثم أنشد:
ولما ذكرت الحب
قالت كذبتني
ألست أرى منك
العظام كواسيا
وما الحب حتى يلصق الجلد
بالحشا وتخرس حتى لا تجيب المناديا
وتهزل حتى لا يبقى لك الهوى
سوى مقلة تبكي بها وتناجيا
* ومازال كذلك حتى أبكي الحاضرين وما نريد استخلاصه هو أن الجانب التعبيري أو النظري لدى الصوفي هو وحده مجال الأخذ والرد والقبول أو الرفض، ومن أجل ذلك أجمع الصوفية دون استثناء على أن تجربتهم الروحية ومواجيدهم لا تفي بها عبارات.. مع ذلك فهم يعبرون ويستعيرون للإفصاح عما بهم أو عن معارفهم كل ما وقعت عليه أعينهم من وسائل التعبير أو الرمز وهذا يفسر اختلاط الأمر على كثير من الدارسين الذين لا يتعمقون في فهم حقيقة التراث الصوفي.
* نعود إذاً إلى القاشاني في كتابه «اصطلاحات الصوفية» وقبل أن نورد بعض النماذج لهذه الإصطلاحات نشير إلى أن التدقيق في تأمل التراث الصوفي يكشف عن وجود مصطلحات تكاد تكون «خاصة» بصوفي بعينه أو «مدرسة» من مدارس التصوف بخصوصها .
* من نماذج هذه الإصطلاحات مثلاً:
«الإسم الأعظم» وهو الإسم الجامع لجميع الأسماء وقيل هو الله لأنه اسم الذات الموصوفة بجميع الصفات أي المسماة بجميع الأسماء ولهذا يطلقون «الحضرة الإلهية» من حيث هي.. على حضرة الذات من جميع الأسماء.. ويقول المؤلف عندنا «هو» اسم الذات الإلهية من حيث هي أي المطلقة الصادقة عليها مع جمعيتها كقوله تعالى: «ولله الأسماء الحسنى » أو مع بعضها كقوله تعالى: «وكان الله غفوراً رحيماً» أو مع واحد منها كقوله تعالى: «قل هو الله أحد».
* الإصطلاح: هو الوله الغالب على القلب وهو قريب من الهيمان .
* الأفق المقيم:
هو نهاية مقام القلب..
* الأفق الأعلى:
هو نهاية مقام الروح وهي الحضرة الواحدية والحضرة الإلهية.
* الأمناء:
هم الملا ميتة... وهم الذين لم يظهر لما في بواطنهم أثر على ظواهرهم.. وتلامذتهم يتقلبون في مقامات أهل الفتوى.
* الإنزعاج:
هو تحرك القلب إلى الله تعالى بتأثير الوعظ والسماع فيه.
* وهكذا يمضي المؤلف في إيراد المصطلحات الصوفية في فصوله السبعة والعشرين وعبر صفحات الكتاب الـ 207 من القطع الكبير .