[center]ما هو القبر ؟
قال ابن سيده " القبر: مدفن الإنسان. وجمعه: قبور. والمقبرة: موضع القبور. قال سيبويه: المقبرة: ليس على الفعل، ولكنه: اسم.
وقبره يقبره، ويقبره: دفنه, وأقبره: جعل له قبرا, وأقبر القوم قتيلهم: أعطاهم إياه يقبرونه,وأرض قبور: غامضة..."
قال الله " ثم أماته فأقبره "
ولا يسمى قبراً حتى يدفن فيه وقد يطلق على الحفرة قبراً ان اعدت لذلك ولا تعلق للاحكام الشرعية فيه حتى يدخله الميت
فهذا قبر الميت وأنت غداً مقبور
هول القبر وفظاعته
روى هانئ مولى عثمان بن عفان ، قال : كان عثمان رضي الله عنه إذا وقف على قبر بكى ، حتى يبل لحيته ، فقيل له : تذكر الجنة والنار فلا تبكي ، وتبكي من هذا ؟ فقال : إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إنَّ القبر أول منزلة من منازل الآخرة ، فإن نجا منه فما بعده أيسر منه ، وإن لم ينج منه فما بعده أشد منه ، قال : وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما رأيت منظراً قط إلا القبر أفظع منه " أخرجه الترمذي ، ولما كان ما بعد القبر أيسر منه لمن نجا فإن العبد المؤمن إذا رأى في قبره ما أعد الله له من نعيم يقول : " رب عجل قيام الساعة ، كيما أرجع إلى أهلي ومالي " والعبد الكافر الفاجر إذا رأى ما أعد الله له من العذاب الشديد فإنه يقول على الرغم مما هو فيه من عذاب : " رب لا تقم الساعة " ، لأن الآتي أشدُّ وأفظع .
ظلمة القبر :
ماتت امرأة كانت تَقُمُّ المسجد في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ، ففقدها الرسول صلى الله عليه وسلم ، فأخبروه أنها ماتت من الليل ، ودفنوها ، وكرهوا إيقاظه ، فطلب من أصحابه أن يدلوه على قبرها ، فجاء إلى قبرها فصلى عليها ، ثم قال : " إن هذه القبور مملؤة ظلمة على أهلها ، وإن الله عز وجل ينورها لهم بصلاتي عليهم " رواه البخاري ومسلم وأبو داود وابن ماجة والبيهقي وأحمد
ضمَّة القبرة
عندما يوضع الميت في القبر فإنه يضمه ضمة لا ينجو منها أحد كبيراً كان أو صغيراً، صالحاً أو طالحاً ، فقد جاء في الأحاديث أن القبر ضم سعد بن معاذ ، وهو الذي تحرك لموته العرش ، وفتحت له أبواب السماء ، وشهده سبعون ألفاً من الملائكة ، ففي سنن النسائي عن ابن عمر رضي الله عنهما ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " هذا الذي تحرك له العرش ، وفتحت له أبواب السماء ، وشهده سبعون ألفاً من الملائكة ، لقد ضم ضمة ، ثم فرج عنه " رواه النسائي .
وفي مسند الإمام أحمد عن ابن عمر أيضاً أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : " إن للقبر ضغطة لو كان أحد ناجياً منها نجا سعد بن معاذ " رواه أحمد في مسنده
وفي معجمي الطبراني الكبير والأوسط عن ابن عباس رضي الله عنهما ، أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : " لو نجا أحد من ضمة القبر ، لنجا سعد بن معاذ ، ولقد ضمَّ ضمة ، ثم روخي عنه " .
ومما يدل على أن ضمة القبر لازمة لكل إنسان أن الصبيان لا ينجون منها ، ففي معجم الطبراني الكبير عن أبي أيوب الأنصاري بإسناد صحيح وهو في معجمه الأوسط ، وفي الكامل لابن عدي عن أنس أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : " لو أفلت أحد من ضمة القبر لنجا هذا الصبي " .
فتنة القبر
كيف تكون فتنته
إذا وضع العبد في قبره جاءته ملائكة على صورة منكرة ، ففي سنن الترمذي " إذا قبر الميت – أو قال : أحدكم – أتاه ملكان أسودان أزرقان ، يقال لأحدهما : المنكر ، وللآخر : النكير ، فيقولان ، ما كنت تقول في هذا الرجل ؟ فيقول : ما كان يقول ، هو عبد الله ورسوله ، أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمداً عبده ورسوله .. وإن كان منافقاً ، قال : سمعت الناس يقولون قولاً ، فقت مثله ، لا أدري ... " .
وجاء في الحديث الذي يرويه البراء بن عازب عن الرسول صلى الله عليه وسلم: " فيأتيه ملكان شديدا الانتهار فـ ينتهرانه ، و يجلسانه ، فيقولان له : من ربك ؟ ما دينك ؟ من نبيك ؟ وهي آخر فتنة تعرض على المؤمن ، فذلك حين يقول الله عز وجل: ( يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ) [ إبراهيم : 27 ] ، فيقول: ربي الله ، وديني الإسلام ، ونبيي محمد صلى الله عليه وسلم ، فينادي مناد من السماء : أن صدق عبدي " ، وقال في العبد الكافر أو الفاجر : " ويأتيه ملكان [ شديد الانتهار ، فينتهرانه ، و ] ويجلسانه ، فيقولان له : من ربك ؟ فيقول : هاه ، هاه لا أدري ، فيقولان له : ما دينك ؟ فيقول : هاه ، هاه لا أدري ، فيقولان : فما تقول في هذا الرجل الذي بعث فيكم ؟ فلا يهتدي لاسمه ، فيقال : محمد ، فيقول : هاه ، هاه لا أدري ، سمعت الناس يقولون ذاك ، قال : فيقولان : لا دريت ولا تلوت فينادي منادي أن كذب عبدي " .
وعن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن العبد إذا وضع في قبره ، وتولى عنه أصحابه ، إنه ليسمع قرع نعالهم ، إذا انصرفوا : أتاه ملكان ، فيقعدانه ، فيقولان له : ما كنت تقول في هذا الرجل ، محمد ؟ فأما المؤمن ، فيقول : أشهد أنه عبد الله ورسوله .. ، وأما الكافر أو المنافق ، وفي رواية : وأما الكافر والمنافق – فيقول : لا أدري ، كنت أقول ما يقول الناس فيه ، فيقال : لا دريت ، ولا تليت .." رواه البخاري ومسلم وأبو داو والنسائي .
ولم يكن الرسول صلى الله عليه وسلم يعلم في أول الأمر أن هذه الأمة تفتن في قبورها ثم أوحى الله له بهذا العلم ، فقد حدث عروة بن الزبير عن خالته عائشة ، قالت: دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعندي امرأة من اليهود ، وهي تقول : هل شعرت أنكم تفتنون في القبور ؟ قالت : فارتاع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقال : " إنما تفتن اليهود " ، قالت عائشة : فلبثنا ليالي ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " هل شعرت أنه أوحي إليَّ أنَّكم تفتنون في القبور ؟ " قالت عائشة : فسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بعد : يستعيذ من عذاب القبر .