كتاب أداب المعيشه واخلاق النبوه

اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد المختار واله الاطهار واصحابه الاخيار

عجبت كلما قرأت فى كتاب الاحياء نعم والله انه لشئ عجيب كلما اقرأ فى هذا
الكتاب اجد فهما مغايرا لما فهمته فى قراتى السابقه وكأنما هذا الكتاب فيه
من الاسرار والانوار ما لا يعلمه الا الله عز وجل فأن جمالاته ونفحاته
وعطاته تتجدد دائما ولا تنفد البته وهذا سر عجيب

وها انا الان انقل لكم احبتى فى الله هذا الجزءمن ( كتاب أداب المعيشه
وأخلاق النبوه ) وهو الكتاب العاشر من ربع العادات الثانى من موسوعه احياء
علوم الدين (لحجه الاسلام ابو حامد الغزالى) رحمه الله

اسئل الله عز وجل ان ينفع به وان يجعله فى ميزانى وميزان حجه الاسلام وميزان كل من قرأه وانتفع به اللهم امين


بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله الذى خلق كل شئ فأحسن خلقه وترتيبه وأدب نبينا محمدا ( صلى الله
عليه واله وسلم ) فأحسن تأديبه ,وزكى أ وصافه وأخلاقه ثم اتخذه صفيه وحبيبه
, ووفق للاقتداء به من أراد تهذيبه , وحرم عن التخلق بأخلاقه من أراد
تخييبه ( وصلى الله على سيدنا محمد سيد المرسلين وعلى أله الطيبين الطاهرين
وسلم كثيرا )

-------( أما بعد )
------------------فان اداب الظواهر عنوان أداب البواطن , وحركات الجوارح
ثمرات الخواطر , والاعمال نتيجه الآخلاق والآداب رشح المعارف , وسرائر
القلوب هى مغارس الآفعال ومنابعها , وانوار السرائر هى التى تشرق على
الظواهر فتزينها وتجليها وتبدل بالمحاسن مكارهها ومساويها ,ومن لم يخشع
قلبه لم تخشع جوارحه , ومن لم يكن صدره مشكاه الآنوار الالهيه لم يفض على
ظاهره جمال الآداب النبويه

ولقد كنت عزمت على ان اختم ربع العادات من هذا الكتاب بكتاب جامع لآداب
المعيشه لئلا يشق على طالبها استخراجها من جميع هذه الكتب , ثم رأيت كل
كتاب من ربع العادات قد أتى على جمله من الآداب فاستثقلت تكريرها واعادتها ,
فان طالب الاعاده ثقيل والنفوس مجبوله على معاداه المعادات , فرأيت أن
اقتصر فى هذا الكتاب على ذكر أداب ( رسول الله صلى الله عليه واله وسلم )
وأخلاقه المأثوره عنه بالاسناد , فأسردها مجموعه فصلا فصلا محذوفه الآسانيد
ليجتمع فيه مع جميع الآداب تجديد الايمان وتأكيده بمشاهده أخلاقه الكريمه
التى شهد أحادها على القطع بأنه أكرم خلق الله تعالى , وأعلاهم رتبه ,
وأجلهم قدرا فكيف مجموعها ؟ ثم أضف الى ذكر أخلاقه ذكر خلقته ثم ذكر
معجزاته التى صحت بها الآخبار ليكون ذلك معربا عن مكارم الاخلاق والشيم ,
ومنتزعا عن أذان الجاحدين لنبوته صمام الصمم , والله تعالى ولى التوفيق
للاقتداء بسيد المرسلين فى الآخلاق والآحوال وسائر معالم الدين , فانه دليل
المتحيرين , ومجيب دعوه المضطرين , ولنذكر فيه اولا بيان تأديب الله تعالى
اياه بالقرأن , ثم بيان جوامع من محاسن أخلاقه , وأدابه فى اللباس , ثم
بيان عفوه مع القدره , ثم بيان اغضائه عما كان يكره , ثم بيان سخاوته وجوده
, ثم بيان شجاعته وبأسه , ثم بيان تواضعه , ثم بيان صورته وخلقته , ثم
بيان جوامع معجزاته وأياته صلى الله عليه واله وسلم


* بيان تأديب الله تعالى حبيبه وصفيه محمدا صلى الله عليه واله وسلم بالقرأن *


كان رسول الله صلى الله عليه واله وسلم كثير الضراعه والابتهال دائم السؤال
من الله تعالى أن يزينه بمحاسن الآداب ومكارم الآخلاق , فكان يقول فى
دعائه ( اللهم حسن خلقى وخلقى(1) ) و يقول ( اللهم جنبنى منكرات الآخلاق
(2)) فاستجاب الله تعالى دعاءه وفاء بقوله عز وجل *( أدعونى أستجب لكم )*
فأنزل عليه القرأن وأدبه به فكان خلقه القرأن 0

* قال سعد بن هشام 0دخلت على عائشه رضى الله عنها وعن أبيها فسألتها عن
أخلاق رسول الله صلى الله عليه واله وسلم فقالت ( أما تقرأ القرأن ؟ قلت
بلى , قالت 0 كان خلق رسول الله صلى الله عليه واله وسلم القرأن (3)*)

وانما ادبه القرأن بمثل قوله تعالى *( خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين )*
وقوله *( ان الله يأمر بالعدل والاحسان وايتاء ذى القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغى )*
وقوله *( واصبر على ما أصابك ان ذلك من عزم الآمور )*
وقوله *(ولمن صبر وغفر ان ذلك لمن عزم الآمور )*
وقوله *( فاعف عنهم واصفح ان الله يحب المحسنين )*
وقوله *( وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم )*
وقوله *( ادفع بالتى هى أحسن فاذا الذى بينك وبينه عداوه كأنه ولى حميم )*
وقوله *( والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين )*
وقوله *( اجتنبوا كثيرا من الظن ان بعض الظن اثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا )*

ولما كسرت رباعيته صلى الله عليه واله وسلم وشج يوم احد فجعل الدم يسيل على
وجهه وهو يمسح الدم ويقول *( كيف يفلح قوم خضبوا وجه نبيهم بالدم وهو
يدعوهم الى ربهم (1)*) *فأنزل الله تعالى *( ليس لك من الآمر شئ)* تأديبا
له على ذلك 0

يتبع

وأمثال هذه التأديبات فى القرأن رتحصر , وهو عليه السلام المقصود الآول
بالتأديب والتهذيب , ثم منه يشرق النور على كافه الخلق , فانه أدب بالقرأن
وأدب الخلق به , ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم *( بعثت لآتمم مكارم الآخلاق(5))*
ثم رغب الخلق فى محاسن الآخلاق بما أوردناه فى كتاب رياضه النفس وتهذيب
الآخلاق فلا نعيده , ثم لما أكمل الله تعالى خلقه أثنى عليه فقال تعالى *( وانك لعلى خلق عظيم )*فسبحانه
ماأعظم شأنه وأتم امتنانه , ثم انظر الى عميم لطفه وعظيم فضله كيف أعطى ثم
أثنى ؟ فهو الذى زينه بالخلق الكريم ثم أضاف اليه ذلك فقال *( وانك لعلى خلق عظيم )*

ثم بين رسول الله صلى الله عليه واله وسلم للخلق أن الله يحب مكارم الآخلاق ويبغض سفاسفها (6)
قال على رضى الله عنه يا عجبا لرجل مسلم يجيئه أخوه المسلم فى حاجه فلا
يرى نفسه للخير أهلا , فلو كان لا يرجو ثوابا ولا يخشى عقابا , لقد كان
ينبغى له ان يسارع الى مكارم الآخلاق , فانها مما تدل على سبيل النجاه فقال
له رجل أسمعته من رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ؟ فقال نعم وما هو
خير منه , لما أتى بسبايا طئ وقفت جاريه فى السبى فقالت يا محمد ان رأيت أن
تخلى عنى ولا تشمت بى قومى , وان أبى كان يحمى الذمار , ويفك العانى ,
ويشبع الجائع , ويطعم الطعام , ويفشى السلام , ولم يرد طالب حاجه قط , أنا
ابنه حاتم الطائى 0 فقال صلى الله عليه واله وسلم ( يا
جاريه هذه صفه المؤمنين حقا لو كان أبوك مسلما لترحمنا عليه , خلو عنها ,
فان أباها يحب مكارم الآخلاق , وان الله يحب مكارم الآخلاق ) فقام أبو برده بن دينار فقال يا رسول الله , الله يحب مكارم الآخلاق ؟ فقال ( والذى نفسى بيده لا يدخل الجنه الا حسن الآخلاق (7))

وعن معاذ بن جبل رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه واله وسلم قال ( ان الله حف الاسلام بمكارم الآخلاق ومحاسن الآعمال (8))
ومن ذلك حسن المعاشره , وكرم الصنيعه , ولين الجانب , وبذل المعروف ,
واطعام الطعام , وافشاء السلام , وعياده المريض المسلم برا كان أو فاجر ا ,
وتشييع جنازه المسلم , وحسن الجوار لمن جاورت ( مسلما كان أو كافرا )
وتوقير ذى الشيبه المسلم , واجابه الطعام , والدعاء عليه , والعفو ,
والاصلاح بين الناس , والجود , والكرم , والسماحه , والابتداء بالسلام ,
وكظم الغيظ , والعفو عن الناس , واجتناب ما حرمه الاسلام من اللهو والباطل
والغناء والمعازف كلها , وكل ذى وتر , وكل ذى دخل , والغلبه , والكذب ,
والبخل , والشح , والجفاء , والمكر , والخديعه , والنميمه , وسوء ذات البين
, وقطيعه الآرحام , وسوء الخلق , والتكبر , والفخر , والاختيال ,
والاستطاله , والبذخ , والفحش , والتفحش , والحقد , والحسد , والطيره ,
والبغى , والعدوان , والظلم 0
قال انس رضى الله عنه فلم يدع نصيحه جميله الا وقد دعانا اليها وأمرنا بها ,
ولم يدع غشا أو قال عيبا أو قال شيئا الاحذرناه ونهانا عنه (9) ويكفى من ذلك كله هذه الآيه *( ان الله يأمر بالعدل والاحسان )*

وقال معاذ رضى الله عنه أوصانى رسول الله صلى الله عليه واله وسلم فقال (
يا معاذ أوصيكك باتقاء الله , وصدق الحديث , والوفاء بالعهد , وأداء
الآمانه , وترك الخيانه , وحفظ الجار , ورحمه اليتيم , ولين الكلام , وبذل
السلام , وحسن العمل , وقصر الآمل , ولزوم الايمان والتفقه فى القرأن , وحب
الآخره , والجزع من الحساب , وخفض الجناح , وأنهاك أن تسب حكيما , أو تكذب
صادقا ,أو تطيع أثما , أو تعصى اماما عادلا , أو تفسد أرضا , وأوصيك
باتقاء الله عند كل حجر وشجر ومدر , وأن تحدث لكل ذنب توبه , السر بالسر
والعلانيه بالعلانيه (10)) فهكذا أدب عباد الله ودعاهم الى مكارم الآخلاق ومحاسن الآداب 0

-------------------------------------------------------------------------------------------------
*( تخريج الاحاديث )*

(1)حديث كان يقول فى دعائه ( اللهم حسن خلقى
وخلقى ) أخرجه أحمد من حديث ابن مسعود ومن حديث عائشه ولفظهما (( اللهم
أحسنت خلقى فأحسن خلقى )) واسنادهما جيد وحديث بن مسعود رواه ابن حبان 0

(2)حديث ( اللهم جنبنى منكرات الآخلاق ) أخرجه
الترمذى وحسنه , والحاكم وصححه , واللفظ له من حديث قطبه بن مالك وقال
الترمذى ((اللهم انى أعوذ بك ))

(3) حديث سعد بن هشام 0 دخلت على عائشه رضى الله
عنها فسألتها عن أخلاق رسول الله صلى الله عليه واله وسلم فقالت كان خلقه
القرأن 0 رواه مسلم , ووهم الحاكم فى قوله انهما لم يخرجاه 0

(4) حديث ( كسرت رباعيته صلى الله عليه واله
وسلم يوم أحد 00 الحديث ) فى نزول (( ليس لك من الآمر شئ )) أخرجه مسلم من
حديث أنس وذكره البخارى تعليقا 0

(5) حديث ( بعثت لآتمم مكارم الآخلاق ) أخرجه
أحمد والحاكم والبيهقى من حديث أبى هريره قال الحاكم 00 صحيح على شرط مسلم ,
وقد تقدم فى أداب الصحبه 0

(6)حديث ( ان الله يحب معالى الآخلاق ويبغض
سفاسفها ) أخرجه البيهقى من حديث سهل متصلا , ومن روايه طلحه بن عبيد الله
بن كريز مرسلا , ورجالهما ثقات 0

(7)حديث على قوله (واعجبا لرجل مسلم يجيئه أخوه
المسلم فى حاجه فلا يرى نفسه للخير أهلا 00الحديث ) وفيه مرفوعا ( لما أتى
بسبايا طيئ وقفت جاريه فى السبى فقالت 00 يامحمد ان رأيت أن تخلى عنى 00
الحديث ) أخرجه الترمذى الحكيم فى نوادر الآصول باسناد ضعيف 0

(8)حديث معاذ (حف الاسلام بمكارم الآخلاق ومحاسن الآعمال 00 الحديث ) بطوله لم اقف له على أصل , ويغنى عنه حديث معاذ الآتى بعده بحديث 0

(9) حديث أنس 0 لم يدع صلى الله عليه واله وسلم
نصيحه جميله الا وقد دعانا اليها وأمرنا بها 0 لم أقف له على اسناد , وهو
صحيح من حيث الواقع 0

(10) حديث ( يا معاذ أوصيك باتقاء الله وصدق
الحديث 000 الحديث ) أخرجه أبو نعيم فى الحليه , والبيهقى فى الزهد , وقد
تقدم فى أداب الصحبه 0

يتبع

قال الامام الهمام حجه الاسلام ابا حامد الغزالى قدس الله سره

*( بيان جمله من محاسن أخلاقه التى جمعها بعض العلماء والتقطها من الآخبار )*

فقال 00 كان صلى الله عليه واله وسلم أحلم الناس (1) وأشجع الناس (2) وأعدل
الناس (3) وأعف الناس لم تمس يده قط يد امرأه لا يملك رقهما أو عصمه
نكاحها أو تكون ذات محرم منه (4) وكان أسخى الناس (5) لا يبيت عنده دينار
ولا درهم , وان فضل شئ ولم يجد من يعطيه وفجأه الليل لم يأو الى منزله حتى
يتبرأ منه الى من يحتاج اليه (6) , لا يأخذ مما أتاه الله الا قوت عامه فقط
من أيسر ما يجد من التمر والشعير ويضع سائر ذلك فى سبيل الله (7) لا يسأل
شيئا الا أعطاه (8) ثم يعود على قوت عامه فيؤثر منه حتى انه ربما احتاج قبل
انقضاء العام ان لم يأته شئ (9)

------------------------------------------------------------------------------------------------------
*( تخريج الآحاديث )*

(1) حديث 00(( كان صلى الله عليه واله وسلم أحلم الناس )) أخرجه أبو الشيخ
فى كتاب أخلاق رسول الله صلى الله عليه واله وسلم من روايه عبد الرحمن بن
أبزى 00كان رسول الله صلى الله عليه واله وسلم من أحلم الناس 000 الحديث 0
وهو مرسل 0 وروى أبو حاتم بن حبان من حديث عبد الله بن سلام فى قصه اسلام
زيد بن شعثه من أحبار اليهود وقول زيد لعمر ابن الخطاب 00 ياعمر كل علامات
النبوه قد عرفتها فى وجه رسول الله صلى الله عليه واله وسلم حين نظرت اليه
الا اثنتين لم أخبرهما منه يسبق حلمه جهله , ولا تزيده شده الجهل عليه الا
حلما فقد اختبرتهما 000 الحديث ))0

(2) حديث (( أنه كان أشجع الناس ) متفق عليه من حديث أنس 0

(3) حديث (( كان أعدل الناس )) أخرجه الترمذى فى الشمائل من حديث على بن
أبى طالب فى الحديث الطويل فى صفته صلى الله عليه واله وسلم 00 لا يقصر عن
الحق ولا يجاوزه 0 وفيه 00 قد وسع الناس بسطه وخلقه , فصار لهم أبا ,
وصاروا عنده فى الحق سواء 000 الحديث 0 وفى من لم يسم 0

(4) حديث (( كان أعف الناس لم تمس يده قط يد امرأه لا يملك رقها أو عصمه
نكاحها أو تكون ذات محرم له )) أخرجه الشيخان من حديث عائشه 00 ما مست يد
رسول الله صلى الله عليه واله وسلم يد امرأه الا امر أه يملكها 0

(5) حديث ((كان صلى الله عليه واله وسلم أسخى الناس )) أخرجه الطبرانى فى
الآوسط من حديث أنس ( فضلت على الناس بأربع 00 بالسخاء والشجاعه 000 الحديث
) ورجاله ثقات 0 وقال صاحب الميزان 00 انه منكر , وفى الصحيحين من حديثه
00 كان رسول الله صلى الله عليه واله وسلم أجود الناس واتفقا عليه من حديث
ابن عباس , وتقدم فى الزكاه 0

(6) حديث (( كان لا يبيت عنده دينار ولا درهم قط , وان فضل ولم يجد من
يعطيه وفجأه الليل لم يأو الى منزله حتى يبرأ منه الى من يحتاج اليه ))
أخرجه أبو داود من حديث بلال فى حديث طويل فيه 00 أهدى صاحب فدك لرسول الله
صلى الله عليه واله وسلم أربع ركائب عليهن كسوه وطعام وبيع بلال لذلك
ووفاء دينه ورسول الله صلى الله عليه واله وسلم قاعد فى المسجد وحده 0 وفيه
00 قال ( فضل شئ ) قلت 00 نعم , ديناران قال (( انظر أن تريحنى منهما فلست
بداخل على أحد من أهلى حتى تريحنى منهما )) فلم يأتنا أحد فبات فى المسجد
حتى أصبح وظل فى المسجد اليوم الثانى حتى اذا كان فى أخر النهار جاء راكبان
فانطلقت بهما فكسوتهما وأطعمتهما حتى اذا صلى العتمه دعانى فقال ( ما فعل
الذى قبلك ؟ ) قلت 00 قد أراحك الله منه , فكبر وحمد الله شفقا من أن يدركه
الموت وعنده ذلك ثم اتبعته حتى جاء أزواجه 000 الحديث )) وللبخارى من حديث
عقبه بن الحارث 00 ذكرت وأنا فى الصلاه فكرهت أن ينسى ويبيت عندنا فأمرت
بقسمته 0 ولآبى عبيد فى غريبه من حديث الحسن بن محمد مرسلا 00 كان لا يقبل
ما لا عنده ولا يبيته 0

(7) حديث (( كان لا يأخ مما أتاه الله الا قوت عامه فقط من أيسر ما يجد من
التمر والشعير ويضع سائر ذلك فى سبيل الله ))متفق عليه بنحوه من حديث عمر
بن الخطاب وقد تقدم فى الزكاه 0

(8) حديث ((كان لا يسئل شيئا الا أعطاه )) أخرجه الطيالسى والدارمى من حديث
سهل بن سعد , وللبخارى من حديثه 00(( فى الرجل الذى سأله الشمله فقيل له
00 سألته اياها وقد علمت أنه لا يرد سائلا 000الحديث )) ولمسلم من حديث أنس
00 ما سئل على الاسلام شيئا الا أعطاه 0 وفى الصحيحين من حديث جابر 00 ما
سئل شيئا قط فقال 00 لا 0

(9) حديث (( أنه كان يؤثر مما ادخر لعياله حتى ربما احتاج قبل انقضاء العام
)) هذا معلوم , ويدل عليه ما رواه الترمذى والنسائى وابن ماجه من حديث ابن
عباس 00 أنه صلى الله عليه واله وسلم توفى ودرعه مرهونه بعشرين صاعا من
طعام أخذه لآهله 0 وقال ابن ماجه بثلاثين صاعا من شعير 0 واسناده جيد ,
والبخارى من حديث عائشه 00 توفى ودرعه عند يهودى بثلاثين 0 وفى روايه
البيهقى 00 بثلاثين صاعا من شعير 0

[center]وكان يخصف النعل , ويرقع الثوب , ويخدم فى مهنه أهله (1) ويقطع اللحم معهن (2) وكان أشد الناس حياء لا يثبت بصره فى وجه أحد (3) ويجيب دعوه العبد والحر (4) ويقبل الهديه , ولو أنها جرعه لبن أو فخذ أرنب ويكافئ عليها (5 )ويأكلها ولا يأكل الصدقه (6) ولا يستكبر عن اجابه الآمه والمسكين (7) يغضب لربه ولا يغضب لنفسه(8)وينفذ
الحق وان عاد ذلك عليه بالضرر أو على أصحابه , وعرض عليه الانتصار
بالمشركين على المشركين وهو فى قله وحاجه الى انسان واحد يزيده فى عدد من
معه فأبى وقال 00( أنا لا أنتصر بمشرك (9) )
وجد من فضلاء أصحابه وخيارهم قتيلا بين اليهود فلم يحف عليهم , ولا زاد
على مر الحق , بل وداه بمائه ناقه وان بأصحابه لحاجه الى بعير واحد يتقوون
به (10) وكان يعصب الحجر على بطنه مره من الجوع (11) , ومره يأكل ما حضر , ولا يرد ما وجد , ولا يتورع عن مطعم حلال , وان وجد تمرا دون خبز أكله (12)
, وان وجد شواء أكله , وان وجد خبز بر أو شعير أكله , وان وجد حلو ا أو
عسلا أكله , وان وجد لبنا دون خبز اكتفى به , وان وجد بطيخا أورطبا أكله 0

----------------------------------------------------------------------------------------------------------------------

*( تخريج الآحاديث )*

(1) حديث (( وكان صلى الله عليه واله وسلم يخصف النعل , ويرقع الثوب , ويخدم فى مهنه أهله ))
أخرجه أحمد من حديث عائشه 00 كان يخصف نعله ويخيط ثوبه ويعمل فى بيته 0
كما يعمل أحدكم فى بيته 0 ورجاله رجال الصحيح ورواه أبو الشيخ بلفظ 00 وير
فع الثوب 00 وللبخارى من حديث عائشه 00 كان يكون فى مهنه أهله 0


(2) حديث (( انه كان يقطع اللحم ))
أخرجه أحمد من حديث عائشه 00 أرسل الينا أل أبى بكر بقائمه شاه ليلا
فأمسكت وقطع رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ----- أو قالت --- فأمسك
رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وقطعت 0 وفى الصحيحين من حديث عبد
الرحمن بن أبى بكر فى أثناء حديث 00 وايم الله ما من الثلاثين ومائه الا حز
له رسول الله صلى الله عليه واله وسلم من سواد بطنها 0


(3) حديث (( كان من أشد الناس حياء لا يثبت بصره فى وجه أحد )) أخرجه الشيخان من حديث أبى سعيد الخدرى قال 00 كان رسول الله صلى الله عليه واله وسلم أشد حياء من العذراء فى خدرها 0


(4) حديث (( كان يجيب دعوه العبد والحر ))
أخرجه الترمذى وابن ماجه والحاكم من حديث أنس 00 كان يجيب دعوه المملوك 0
قال الحاكم 00 صحيح الاسناد 0 قلت 00 بل ضعيف , وللدارقطنى فى غرائب مالك
وضعفه , والخطيب فى أسماء من روى عن مالك من حديث أبى هريره 00 كان يجيب
دعوه العبد الى أى طعام دعى ويقول 00( لو دعيت الى كراع لآجبت )
0 وهذا بعمو مه دال على اجابه دعوه الحر , وهذه القطعه الآخيره عند
البخارى من حديث أبى هريره وقد تقدم , وروى ابن سعد من روايه حمزه بن عبد
الله ابن عتبه 00 كان لا يدعوه أحمر ولا أسود من الناس الا أجابه 00 الحديث
0 وهو مرسل 0


(5) حديث (( كان يقبل الهديه ولو أنها جرعه لبن أو فخذ أرنب ويكافئ عليها )),
أخرجه البخارى من حديث عائشه قالت 00 كان رسول الله صلى الله عليه واله
وسلم يقبل الهديه ويثيب عليها 0 وأما ذكر 00 جرعه اللبن , وفخذ الآرانب 00
ففى الصحيحين من حديث أم الفضل 00 أنها أرسلت بقدح لبن الى النبى صلى الله
عليه واله وسلم وهو واقف بعرفه فشربه 00 ولآحمد من حديث عائشه 00 أهدت أم
سلمه لرسول الله صلى الله عليه واله وسلم لبنا 00 الحديث 0 وفى الصحيحين من
حديث أنس 00 أن أبا طلحه بعث بورك أرنب أو فخذ الى رسول الله صلى الله
عليه واله وسلم فقبله 0


(6) حديث (( كان يأكل الهديه ولا يأكل الصدقه )) متفق عليه من حديث أبى هريره , وقد تقدم 0

(7) حديث (( كان لا يستكبر أن يمشى مع المسكين ))
أخرجه النسائى والحاكم من حديث عبد الله بن أبى أوفى بسند صحيح , وقد تقدم
فى الباب الثانى من أداب الصحبه , ورواه الحاكم أيضا من حديث أبى سعيد
الخدرى وقال 00 صحيح على شرط الشيخين 0

(8) حديث (( كان يغضب لربه ولا يغضب لنفسه ))أخرجه
الترمذى فى الشمائل من حديث هند ابن أبى هاله وفيه 00 وكان لا تغضبه
الدنيا وما كان منها , فاذا تعدى الحق لم يقم لغضبه شئ حتى ينتصر له , ولا
يغضب لنفسه ولا ينتصر له ولا يغضب لنفسه ولا ينتصر لها 0 وفيه من لم يسم 0


(9) حديث (( وينفذ الحق وان
عاد ذلك بالضرر عليه وعلى أصحابه عرض عليه الانتصار بالمشركين على المشركين
وهو فى قله وحاجه الى انسان واحد يزيد فى عدد من معه فأبى وقال (( أنا لا استنصر بمشرك )) ))
أخرجه مسلم من حديث عائشه 00 خرج رسول الله صلى الله عليه واله وسلم فلما
كان بحره الوبر أدركه رجل قد كان يذكر منه جرأه ونجده ففرح به أصحاب رسول
الله صلى الله عليه واله وسلم حين رأوه فلما أدركه قال جئت لآتبعك وأصيب
معك فقال له 00( أتؤمن بالله ورسوله ) ؟ قال 00 لا , قال 00( فارجع فلن استعين بمشرك 000 الحديث )) 0

(10) حديث ((وجد من فضلاء أصحابه وخيارهم قتيلا بين اليهود فلم يحف عليهم فوداه بمائه ناقه 00الحديث )) متفق عليه من حديث سهل بن أبى حثمه , ورافع بن خديج والرجل الذى وجد مقتولا هو عبد الله بن سهل الآنصارى 0

(11) حديث (( كان يعصب الحجر على بطنه من الجوع ))
متفق عليه من حديث جابر فى قصه حفر الخندق وفيه 00 فاذا رسول الله صلى
الله عليه واله وسلم شد على بطنه حجرا 00 وأغرب ابن حبان فقال فى صحيحه 00
انما هو الحجز --- بضم الحاء وأخره زاى -- جمع حجزه وليس بمتابع على ذلك 0
ويرد على ذلك ما رواه الترمذى من حديث أبى طلحه 00 شكونا الى رسول الله صلى
الله عليه واله وسلم الجوع ورفعنا عن بطوننا عن حجر حجر فرفع رسول الله
صلى الله عليه واله وسلم عن حجرين 000 ورجاله كلهم ثقات 0


(12) حديث (( كان يأكل ما حضر
ولا يرد ما وجد ولا يتورع من مطعم حلال , ان وجد تمرا دون خبز بر , أو
شعير أكله , وان وجد حلوا أو عسلا أكله , وان وجد لبنا دون خبزا اكتفى به ,
وان وجد بطيخااااا أو رطبا أكله )) انتهى 0 هذا كله معروف من أخلاقه ففى الترمذى من حديث أم هانئ دخل على النبى صلى الله عليه واله وسلم فقال ( أعندك شئ ؟ ) قلت 00 لا , الا خبز يابس وخل فقال ( هات ) الحديث , وقال 00 حسن غريب 0
وفى كتاب الشمائل لآبى الحسن بن الضحاك بن المقرى من روايه الآوزاعى قال 00 رسول الله صلى الله عليه واله وسلم 00( ما أبالى ما رددت به الجوع )
وهذا معضل , ولمسلم من حديث جابر 00 أن النبى صلى الله عليه واله وسلم سأل
أهله الآدم قالوا 00 ما عندنا الا خل , فدعا به 000 الحديث ) وله من حديث
أنس 00 رأيته مقعيا يأكل تمرات والترمذى وصححه من حديث أم سلمه أنها قربت
جنبا مشويا فأكل منه 000 الحديث ) وللشيخين من حديث عائشه 00 ما شبع رسول
الله صلى الله عليه واله وسلم ثلاثه أيام تباعا خبز بر حتى مضى لسبيله 0لفظ
مسلم وفى روايه له 00 ما شبع من خبز شعير يومين متتابعين 0 والترمذى وصححه
وابن ماجه من حديث ابن عباس 00 كان أكثر خبزهم الشعير 0
وللشيخين من حديث عائشه 00 كان يحب الحلواء والعسل 0 ولهما من حديث ابن
عباس 00 أن النبى صلى الله عليه واله وسلم شرب لبنا فدعا بماء فمضمض ,
والنسائى من حديث عائشه كان يأكل الرطب بالبطيخ واسناده صحيح

لا يأكل متكئأ (1) ولا على خوان (2) منديله باطن قدميه (3) لم يشبع من خبز بر ثلاثة أيام متوالية (4) حتى لقى الله تعالى ايثارا على نفسه لا فقرا ولا بخلا يجيب الوليمة (5) ويعود المرضى (6) ويشهد الجنائز ويمشى وحده بين أعدائه بلا حارس (7) أشد الناس تواضعا وأسكنهم فى غير كبر (8) وأبلغهم فى غير تطويل (9) وأحسنهم بشرا (10) لا يهوله شئ من أمور الدنيا(11)
----------------------------------------------------------------------------------
{ تخريج الآحاديث }

(1) حديث أنه كان لا يأكل متكئا . تقدم فى أداب الآكل من الباب الآول

(2) حديث أنه كان لا يأكل على خوان . تقدم فى الباب المذكور

(3)حديث كان منديله باطن قدمه . لا أعرفه من فعله , وانما المعروف فيه ما رواه ابن ماجه من حديث جابر : كنا زمان رسول الله صلى الله عليه واله وسلم قليلا ما نجد الطعام فاذا وجدناه لم يكن لنا مناديل الا أكفنا وسواعدنا . وقد تقدم فى الطهارة

(4) حديث لم يشبع من خبز ثلاثة أيام متوالية حتى لقى الله . تقدم فى جملة الآحاديث التى قبله بثلاثة أحاديث

(5) حديث كان يجيب الوليمة . هذا معروف وتقدم قوله : (( لو دعيت الى كراع لآجبت ))وفى
الآوسط للطبرانى من حديث ابن عباس : أنه كان الرجل من أهل العوالى ليدعو
رسول الله صلى الله عليه واله وسلم بنصف الليل على خبز الشعير فيجيب :
واسناده ضعيف

(6) حديث كان يعود المريض ويشهد الجنازة
أخرجه الترمذى وضعفه ابن ماجه والحاكم وصححه من حديث أنس ورواه الحاكم من
حديث سهل ابن حنيف , وقال صحيح الاسناد , وفى الصحيحين عدة أحاديث من
عيادته للمرضى وشهوده للجنائز

(7) حديث كان يمشى وحده بين أعدائه بلا حارس .
أخرجه الترمذى والحاكم من حديث عائشه : كان رسول الله صلى الله عليه واله
وسلم يحرس حتى نزلت هذه الآية { والله يعصمك من الناس } فأخرج رأسه من القبلة فقال انصرفوا فقد عصمنى الله ) قال الترمذى : غريب وقال الحاكم : صحيح الاسناد

(8) حديث كان أشد الناس تواضعا وأسكنهم من غير كبر . رواه أبو الحسن بن الضحاك فى الشمائل من حديث أبى سعيد الخدرى فى صفته صلى الله عليه واله وسلم : هين المؤنه , لين الخلق , كريم الطبيعه , جميل المعاشرة , طليق الوجه , - الى أن قال - متواضع فى غير ذلة
-- وفيه-- ذائب الاطراق . واسناده ضعيف , وفى الآحاديث الصحيحة الدالة على
شدة تواضعه غنية عنه منها عند النسائى من حديث ابن أبى أوفى : كان لا يأنف
ولا يستكبر أن يمشى مع الآرملة والمسكين 00 الحديث . وقد تقدم , وعند أبى
داود من حديث البراء : فجلس وجلسنا كأن على رؤوسنا الطير .

(9) حديث كان أبلغ الناس من غير تطويل . أخرجه
البخارى ومسلم من حديث عائشة : كان يحدث حديثا لوعده العاد لآحضاه . ولهما
من حديثها : لم يكن يسرد الحديث كسردهم علقه البخارى ووصله مسلم , زاد
الترمذى : ولكنه كان يتكلم بكلام يبينه فصل يحفظه من جلس اليه , وله فى الشمائل من حديث ابن أبى هالة , يتكلم بجوامع الكلم فصل لا فضول ولا تقصير

(10) حديث( كان أحسنهم بشرا )) أخرجه الترمذى فى الشمائل من حديث على بن أبى طالب : كان رسول الله صلى الله عليه واله وسلم دائم البشر سهل الخلق 000 الحديث ))
وله فى الجامع من حديث عبد الله بن الحارث ابن جزء: ما رأيت أحدا كان أكثر
تبسما من رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وقال : غريب , قلت : وفيه ابن
لهيعة .

(11) حديث : كان لا يهوله شئ من أمور الدنيا . أخرجه أحمد من حديث عائشة : (( ما أعجب رسول الله صلى الله عليه واله وسلم شئ من الدنيا , وما أعجبه أحد قط الا ذو تقى . وفى لفظ له : (( ما أعجب النبى صلى الله عليه واله وسلم شئ من الدنيا الا أن يكون فيها ذو تقى )) 0 وفيه ابن لهيعة