[center]دعاء المظلوم
عند القبض على ظلمًا ودخول الضباط شقتي وترويع أولادي لم أجد غير حسبي الله ونعم الوكيل تنطلق بها كل أركاني وشعرت كأن جدران المنزل كلها تقول حسبي الله ونعم الوكيل وعند خروجي من بيتي قبلت أصغر أبنائي نور الدين عمره ثلاث سنوات وقلت حسبي الله ونعم الوكيل وعندما ذهبت معهم إلى مكتبي كي يفتشوه بحثا عن شكاوى المظلومين التى يمتلأ بها مكتبي سمعت آذان الفجر فتركتهم يفعلون ما يشاءون بالمكتب فأنا متأكد أنه لا يوجد غير سلاح واحد هو شكاوى المظلومين وتوضأت وصليت الفجر وسط الضباط وقرأت من قوله تعالى في سورة إبراهيم {ولا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لا يَرْتَدُّ إلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ} إلى آخر السورة وانتهيت من الصلاة والكل حولي يشاهدني بدون أن يتكلم أحد وقبل خروجي من مكتبي نظرت إليه فإذا هو كومة هائلة من الأوراق والملفات تبلغ أمتارا فقلت حسبي الله ونعم الوكيل ومن الملفت أنهم لم يأخذوا من مكتبي غير مقالاتي وأوراق عملي في شكاوى المظلومين ثم ركبت سيارة مملؤة بالجنود المدججين بالسلاح فنظرت إلي سلاحهم وقلت أني معي سلاح أقوى من سلاحكم وهو الدعاء سلاحكم من صنع البشر وسلاحي موصول برب البشر نعم معكم قوة السلطان ومعي القوى الجبار رب السلطان والسموات والأرض وعندما ذهبت إلى السجن وأغلق على باب الزنزانة قلت في نفسي ان الله سبحانه وتعالى لم يكن ليترك المظلومين, والمجردين من كل أسباب القوة المادية, نعم لم يكن الله ليتركهم دون أن يعطيهم أسلحة يواجهون بها هذا الظلم الذي يعانون فملكهم الله أسلحة فريدة موصولة معه سبحانه وتعالى مباشرة ومن هذه الأسلحة: الدعاء, ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث معاذا إلى اليمن فقال: " اتق دعوة المظلوم فإنها ليس بينها وبين الله حجاب " البخاري
فالدعاء سلاح فريد وقوي يملكه المظلوم فما إن يرفع المظلوم يديه إلى السماء إلا و يأتيه الرد من الملك العزيز الجبار الله سبحانه وتعالى مباشرة: " وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين "
فأي سلاح هذا وأي قوة أعطاها الله سبحانه للمظلومين والمقهورين والمستضعفين, والله لو يعلم الظالم قوة وأثر هذا السلاح بيد المظلوم لما ظلمه قط و ما تجرأ على ذلك, و رفعت يدي إلى الله وناجيته وقلت يا رب أنت تعلم ما انا فيه من ظلم فانا لم احمل سلاحا ولم أقتل مسلما ولم ارتكب جريمة ولم أتعاون على إثم ولم أخون بلدي كل ما فعلته هو وقوفي بجانب مظلوم في شدته بعملي في مهنتي أو كلمة حق ابتغى فيها رضاك وتضرعت لربى وتذكرت دعاء كنت قرأته وقلت يا رب أغلقت الأبواب إلا بابك وانقطعت الأسباب إلا إليك ولا حول ولا قوة إلا بك يا رب اللّهم إنّي ومن ظلمني من عبيدك ، نواصينا بيدك ، تعلم مستقرّنا ومستودعنا ، وتعلم منقلبنا ومثوانا، وسرّنا وعلانيتنا ، وتطلع على نيّاتنا ، وتحيط بضمائرنا ، علمك بما نبديه كعلمك بما نخفيه ، ومعرفتك بما نبطنه كمعرفتك بما نظهره ، ولا ينطوي عليك شيء من أمورنا ، ولا يستتر دونك حال من أحوالنا ، ولا لنا منك معقل يحصننا ، ولا حرز يحرزنا ، ولا هارب يفوتك منّا .
اللهم ان الظالم مهما كان سلطانه لا يمتنع منك فسبحانك أنت مدركه أينما سلك، وقادر عليه أينما لجأ، فمعاذ المظلوم بك، وتوكّل المقهور عليك، اللهم أنى أستغيث بك بعدما خذلني كل مغيث من البشر، وأستصرخك إذا قعد عنى كل نصير من عبادك، وأطرق بابك بعد ما أغلقت الأبواب المرجوة، اللهم انك تعلم ما حلّ بي قبل أن أشكوه إليك، فلك الحمد سميعاً بصيراً لطيفاً قديراً.
.
يا رب ها أنا ذا يا ربي أسير سجين في يدي الظالم، مغلوب مبغيّ عليّ مظلوم، قد قلّ صبري وضاقت حيلتي، وانغلقت عليّ المذاهب إلاّ إليك، وانسدّت عليّ الجهات إلاّ جهتك، والتبست عليّ أموري في دفع مكروهه عنّي، واشتبهت عليّ الآراء في إزالة ظلمه، وخذلني من استنصرته من عبادك، وأسلمني من تعلّقت به من خلقك ً وغدر بي وطعنني القريب الصديق، فاستشرت نصيحي فأشار عليّ بالرغبة إليك، واسترشدت دليلي فلم يدلّني إلاّ عليك.
فرجعت إليك يا مولاي صاغراً راغماً مستكيناً، عالماً أنّه ﻻ فرج إلاّ عندك، ولا خلاص لي إلاّ بك، انتجز وعدك في نصرتي، وإجابة دعائي، فإنّك قلت وقولك الحق الذي ﻻ يردّ ولا يبدل: ( وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنصُرَنَّهُ اللهُ ) وقلت جلّ جلالك وتقدّست أسماؤك: ( ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ )، وأنا فاعل ما أمرتني به لا منّاً عليك، وكيف أمن به وأنت عليه دللتني، فاستجب لي كما وعدتني يا من ﻻ يخلف الميعاد.
وإنّي لأعلم يا رب أنّ لك يوماً تنتقم فيه من الظالم للمظلوم، وأتيقّن أنّ لك وقتاً تأخذ فيه من الغاصب للمغصوب، لأنّك ﻻ يسبقك معاند، ولا يخرج عن قبضتك أحد، ولا تخاف فوت فائت، ولكن ضعفي ﻻ يبلغ بي الصبر على أناتك وانتظار حلمك، فقدرتك يا ربي فوق كلّ قدرة، وسلطانك غالب على كل سلطان، ومعاد كلّ أحد إليك وإن أمهلته، ورجوع كلّ ظالم إليك وإن أنظرته.
يا رب أنى أحب العفو لأنك تحب العفو فإن كان في قضائك النافذ، وقدرتك الماضية أن ينيب أو يتوب، أو يرجع عن ظلمي أو يكفّ مكروهه عنّي، وينتقل عن عظيم ما ظلمني به، فأوقع ذلك في قلبه الساعة الساعة وتب عليه وأعفو عنه يا كريم.
يا رب اللهم انتقم من الظالم في ليلة ﻻ أخت لها، وساعةٍ ﻻ شفاء منها، وبنكبة ﻻ انتعاش معها، وبعثرةٍ ﻻ إقالة منها، ونغّص نعيمه، وأره بطشتك الكبرى، ونقمتك المثلى، وقدرتك التي هي فوق كل قدرة، وسلطانك الذي هو أعزّ من سلطانه، واغلبه لي بقوّتك القوية، ومحالك الشديد، وامنعني منه بمنعتك التي كل خلق فيها ذليل، وابتله بفقرٍ ﻻ تجبره، وبسوء ﻻ تستره، وكله إلى نفسه فيما يريد، إنّك فعّال لما تريد.
يا رب اللهم عليك بمن ظلمني اللهم اسقم جسده، وانقص أجله، وخيّب أمله، وأزل ظلمه، واجعل شغله في بدنه، ولا تفكّه من حزنه، وصيّر كيده في ضلال، وأمره إلى زوال، ونعمته إلى انتقال، وجدّه في سفال، وسلطانه في اضمحلال، وعافيته إلى شر مآل، وأمِتْه بغيظه إذا أمتّه، وأبقه لحزنه إن أبقيته، وقني شرّه وهمزه ولمزه، وسطوته وعداوته، فإنّك أشدّ بأساً وأشدّ تنكيلاً 000، يا رب الظالم ملك أسباب القوة في الدنيا وأنا عبيدك لا أملك إلا إيماني بك وتوكلي عليك ودعائي 000 يا رب ان الظالم جمع جنده وسلاحه وسجونه وزنازينه ومنع عنى الأهل والأحباب وتركني في ظلمة الزنزانة على الأرض والتراب وأنا عبيدك جمعت له ما استطعت من الدعاء 00 يا رب تمنيت لمن ظلمني الهداية والتوبة وتمنى هلاكي وتدميري ولا حول ولا قوة إلا بك0 فمن يا رب على دعوة عبيدك المسكين الفقير بوعزتى وجلالك لأنصرنك ولو بعد حين 00 يا رب دعوتك يا كريم كما أمرت فاستجب لي بكرمك كما وعدت واخير إخواني القراء لا تنسوا الدعاء لكل مكروب وأسير من المسلمين في كل مكان ونحن مقبلون على أيام مباركة تستجاب فيها الدعوات وتتنزل فيها الرحمات في شهر رمضان الكريم فلا تبخلوا بها فوالله أنى كنت في سجني أشعر بدعاء من يدعو لي فلا تنسوا إخوانكم من الدعاء والحمد لله ربّ العالمين 00000