..§.. أحقا نحنُ مُحبون!! ..§..
علمتني أمي أن " الله يحبنا.. يرزقُنا، يطعمُنا.. "
وأن " الله أعد لنا هدايا كثيرة بالجنة من ملايين السنين وزينها لنا (وأُزْلفت الْجنةُ للْمُتقين)"
كبرتُ وكبر بداخلي الحُب والتعظيم لله مالك السماوات والأرض..
حُب الله..
الصلة الوشيجية القلبية بين المؤمن الحق والحق تعالى..
[الآية العجيبة التي تسكب في قلب المؤمن النداوة الحلوة, والود المؤنس, والرضا المطمئن, والثقة واليقين.
ويعيش منها المؤمن في جناب رضي, وقربى ندية، وملاذ أمين وقرار مكين..]
*.. سيد قُطُب
النقطة التي تتحول فيها حياة البشرية من العبودية لشتى القوى وشتى الأشياء وشتى الاعتبارات إلى العبودية الواحدة لله..!
نموتُ ونما التعلق ببارئي..
وبتُ ألتمسُ الحُب وأبحثُ عنه..!
أتعرف على الإله في أرضه، سمائه، نعمه، آلائه وأسمائه..
أبحثُ عن الحب في حنايا القلب..
لأدرك أن حُب الله لعبده يزيدُ بحُب العبد!
وأن المؤمنين يتفاوتُون في ذا الحُب بتفاوُت أعمالهم التي تُقربهُم منه عز وجل..
" إذا تقرب العبد إلي شبرا تقربت إليه ذراعا، وإذا تقرب إلي ذراعا تقربت منه باعا، وإذا أتاني مشيا أتيته هرولة" رواه البخاري.
أنا بشر أزل وأخطئ وتتكالبُ علي الذنوب والمعاصي حتى أظُن هلاكي فلا أجدُ لي مفرا إلا هُو.. فأرجعُ وأنيبُ طلبا للأنس في جواره والرحمة منه..
وأسعدُ بتوبتي فربي (يُحبُ التوابين ويُحبُ الْمُتطهرين)
فأجدُه تبارك وتعالى قبلني وسترني وعفا عني وأجزل العطاء لي..
وتطحنُنا الحياةُ في أيامٍ أخر..
وتتفرق سُبلُنا، تضيقُ دُروبُنا، تتكسر آمالُنا..
فنصبرُ ونحتسب..!
في غمرة الألم والضياع..
لا نجدُ إلا رحمة الله وعطفه ولطفه فتتضمد بها جراحنا، تُمسحُ بها مدامعنا، تهبُنا الأمان!..
فلنسعد... فاللهُ (يُحبُ الصابرين) و (يُحبُ الْمُتوكلين)
محبون
فوائدُ حب الله..
** بحُبه..
أصبحتُ أستشعر لُطفه ورحمته في مصائب الأيام!..
وألمسُ الحُب بالأرض..!
(إن الذين آمنُوا وعملُوا الصالحات سيجْعلُ لهُمُ الرحْمنُ وُدا) [ مريم 96]
"إذا أحب الله العبد نادى جبريل: إن الله يحب فلانا فأحبه، فيحبه جبريل، فينادي جبريل في أهل السماء: إن الله يحب فلانا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في أهل الأرض"
** بحُبه..
أدركتُ نُقطة الارتكاز ووحدة الإتجاه وتحولت حياتي من الفوضى إلى النظام، من التيه إلى القصد..
فلا النفسُ ولا سواها.. لا اعتبارات.. لا شاراتٍ.. لا قيما من قيم هذه الأرض التي يجري وراءها الناس تصلُح لتكُون ندا لله..!!
فمن لامست الرشوةُ والربا وغيرُها شيئا من تعامُلاته وارتباطاته وأهدافه فقد ظلم نفسه!
** بحُبه..
استيقظ الضمير في حنايا القلب واستنارت البصيرة..
فكان الحُب منتهى التصور، الاعتقاد، المشاعر، المفاهيم، السُلوكيات، الأعمال، الروابط والعلاقات..
"ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به"
** بحُبه..
انخلع القلبُ من مألُوفات الدنيا وتبرأ من شوائبها..
وفُتحتْ أشرعةُ النفس عارية الصدر لخيُوط العقيدة وأنوار الهداية من السماء..
(كذلك لنصْرف عنْهُ السُوء والْفحْشاء إنهُ منْ عبادنا الْمُخْلصين) [يوسف : 24]
الإخلاصُ لا يُؤتى إلا للمُقربين المُحبين التائبين المُحسنين، فيصرف الله بذلك عنهم السوء والفحشاء
[انقطع القلبُ عن الدنيا وما فيها ومطالبها وخمدت من نفسه نيران الشهوات وأخبت قلبه إلى ربه وعكفت همته على الله ومحبته وايثار مرضاته.
انقشعت سحائب الظلمات وانكشفت عن قلبه الهموم والأحزان وعمر قلبه بالسرور والأفراح وأقبلتْ إليه وُفودُ التهاني والبشائر من كل جانب، فإنهُ لا حزن أبدا مع الله،
ولهذا قال تعالى حكاية عن نبيه صلى اللهُ عليه وسلم أنهُ قال لصاحبه أبي بكر (لا تحْزنْ إن الله معنا)]
* ابن قيم الجوزية
** بحُبه..
أوقن أني على موعدٍ لرُؤية وجهه الكريم في جنةٍ عرضُها السماواتُ والأرض.!
(قُلْ إنْ كُنْتُمْ تُحبُون الله فاتبعُوني يُحْببْكُمُ اللهُ ويغْفرْ لكُمْ ذُنُوبكُمْ) [آل عمران: 31]
فالحبيبُ لا يُعذب حبيبه! بل كما غفر لنا وسترنا في الدنيا سيعفُو عنا ويرحمُنا ويُكرمُنا بكرمه اللامُتناهي بالسماء!!
أفلا نشتاقُ لقيامٍ ليلٍ لرب العالمين..
دُموعُ شوقٍ وحنين لبارئ السماوات السبع والأرضين!
أمطارُ ذُل وخُشوعٍ في معاقل الخُضوع والسجود والركُوع!!
أحقا نحنُ لله مُحبون!
أمْ أننا نلتمسُ لأنفُسنا أعذارا زائفة الظُنون!
هي حملةُ الود والقُرب والحُب..
شعارُها ورسالتُها ودُعاؤُها: [ اللهم إني أسألك حبك وحب من يحبك وحب عمل يقربني إلى حبك، اللهم ما رزقتني مما احب فأجعله قوة لي فيما تحب، وما زويت عني مما أحب فأجعله فراغا لي فيما تحب، اللهم اجعل حبك أحب إلي من أهلي ومالي ومن الماء البارد على الظمأ، اللهم حببني إلى ملائكتك وانبيائك ورسلك وعبادك الصالحين، اللهم اجعلني أحبك بقلبي كله وأرضيك بجهدي كله، اللهم اجعل حبي كله لك، وسعيي كله من مرضاتك ]
ومن لم يكفه حب الله فلا شيء يكفيه، ومن لم يستغن بالله فلا شيء يغنيه.
وهذه عشرية الجوزية في جلب أسباب المحبة:
1- قراءة القرآن بالتدبر لمعانيه وما أريد به: وكثرةُ تلاوته بعُمقٍ وتفكرٍ لا سيما الآيات المُتضمنة لأسماء الله وصفاته ومحبةُ ذلك يستوجبُ به العبدُ محبة الله ومحبة الله له..!
2- التقرب إلى الله تعالى بالنوافل بعد الفرائض كما في الحديث القدسي "ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه" رواه البخاري.
3- دوام ذكره على كل حال باللسان والقلب والعمل والحال فنصيبه من المحبة على قدر هذا: كثرة ذكر الله تعالى فمن أحب شيئا أكثر من ذكره وبذكر الله تطمئن القلوب، ومن علامة المحبة لله دوام الذكر بالقلب واللسان.
4- إيثار محابه على محابك عند غلبات الهوى: معاملة الله بالصدق والإخلاص ومخالفة الهوى فإن ذلك سبب لفضل الله على عبده وأن يمنحه محبته.
5- مطالعة القلب لأسمائه وصفاته ومشاهدتها وتقلبه في رياض هذه المعرفة وميادينها: فمن عرف الله أحبه ومن أحب الله أطاعه ومنْ أطاع الله أكرمهُ ومنْ أكرمهُ الله أسْكنهُ في جواره فطُوبى له!..
والتفكر في ملكوت السموات والأرض وما خلق الله من شيء وفي القُرآن شيء كثير من التذكير بآيات الله الدالة على عظمته وقدرته وجلاله وكماله وكبريائه ورأفته ورحمته وبطْشه وقهْره وانتقامه إلى غيْر ذلك من أسْمائه الحُسنى وصفاته العُليا، فكلما قويتْ معرفة العبد بالله قويت محبته له ومحبته لطاعته وحصلت له لذة العبادة من الصلاة والذكر وغيرهما على قدر ذلك.
6- مشاهدة بره وإحسانه ونعمه الظاهرة والباطنة: فآلاءُ الله على عباده لا تُعدُ ولا تُحصى (وإنْ تعُدُوا نعْمة الله لا تُحْصُوها) وقد جُبلت القُلُوبُ على محبة من أحسن إليها والحبُ على النعم من جُملة شُكر المُنعم!..
7- وهو أعجبها.. انكسار القلب بين يديه.
8- الخلوة به وقت النزول الإلهي آخر الليل وتلاوة كتابه ثم ختم ذلك بالاستغفار والتوبة.
9- مجالسة المحبين الصادقين والتقاط أطايب ثمرات كلامهم، ولا تتكلم إلا إذا ترجحت مصلحة الكلام وعلمت أن فيه مزيدا لحالك ومنفعة لغيرك.
10- مباعدة كل سبب يحول بين القلب وبين الله عز وجل، فمن هذه الأسباب العشرة وصل المحبون إلى منازل المحبة ودخلوا على الحبيب.