| الــســؤال |ْ|
السؤال : هل يجوز الدعاء بأن يشرب الإنسان من يد الرسول شربة هنيئة لا يظمأ بعدها أبداً ؟
|ْ| الجــــواب |ْ|
الجواب :
الحمد لله
أولاً :
حوض
النبي صلى الله عليه وسلم يسمَّى " الكوثر " ، ومكانه قبل الصراط على
الراجح ، ويأتيه ماؤه من نهر الكوثر في الجنة ، حوضه مربع الشكل طوله وعرضه
مسيرة شهر بسير الجِمال ، وماؤه أبيض من اللبن ، ورائحته أطيب من المسك ،
وطعمه أحلى من العسل ، وعدد آنيته كعدد نجوم السماء ، بل أكثر ، ومن شرب
منه لا يظمأ بعدها أبداً .
وانظر في تفصيل الكلام حول الحوض : جواب السؤال رقم (ثانياً:
يعتقد كثير من الناس أن النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي يسقي الناس من ماء ذلك الحوض ، لذا نسمع ونقرأ في دعائهم " واسقنا من يده الشريفة شربة لا نظمأ بعدها أبداً " ! وهذا الاعتقاد خطأ ؛ لأسباب :
1. عدم ثبوت ذلك في جميع روايات أحاديث الحوض .
2.
ثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أنه من ورد الحوض شرب منه
، فعلَّق الشرب في الحديث على وروده ، وليس على سقيا النبي صلى الله عليه
وسلم له .[/size]
3. أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أخبر أن عدد آنيته بعدد نجوم السماء ، وهذا يشير إلى أن
كل من يرده يشرب بنفسه .
قال الشيخ صالح آل الشيخ حفظه الله
آنيته
وصفَها صلى الله عليه وسلم كما في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص وغيره ،
قال ( آنيته كنجوم السماء ) – متفق عليه بلفظ " كيزانه كنجوم السماء "
وكيزان جمع كوز ، وهو الإبريق أو الإناء ، وأما لفظ المصنف ففي " صحيح ابن
حبان " - ( 4652 ) - وهذا التشبيه بقوله ( كنجوم السماء ) نفهم منه صفتين :
الصفة
الأولى : الكثرة ، في أنَّ كثرتها كثرة نجوم السماء ، وهذا يدل على مزيد
راحة وطمأنينة في الشرب منه وتناوله ، وألا يكون هناك تزاحم على كيزانه ،
أو أنَّ الناس يشربون بأيديهم .
والصفة الثانية : أنَّ كيزانه ـ أو كيسانه أو أباريقه ، أو نحو ذلك - كنجوم السماء في الإشراق والبهاء والنور .
فنجوم السماء فيها صفة الكثرة ، وفيها صفة النور والبهاء .
شرح العقيدة الطحاوية " ( شريط رقم 14 ) .
وقال الشيخ سفر الحوالي حفظه الله :
وليس في هذه الروايات أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يسقي النَّاس بيده الشريفة ، كما يزعم بعضهم فيدعو ويقول : " اللهم اسقنا من يده الشريفة شربة هنيئة لا نظمأ بعدها أبداً " : فهذا لم يرد ، في حدود ما اطلعت عليه من الروايات ، هذا من جهة النص .
ومن جهة النظر :
فكأن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هو وحده وبيده الشريفة يَسقي
هَؤُلاءِ الناس ، وبهذا العدد الكبير وعلى هذه السعة العظيمة ، ثُمَّ إن
ذلك لا يتناسب مع مقام النبوة ، فكأن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ إنما هو سقَّاء يسقيهم الماء ! مع أن النبي صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هو أول من يرد ، والحوض حوضه .
ولا يقتضي إعطاؤه الحوض أنه يسقي النَّاس بيده ، وإنما هو صاحبه الذي يتقدم أمته
ثُمَّ يُسَر برؤيتهم وهم يشربون مع كثرتهم ، وهم يردون من هذا الخير العظيم الذي أعطاه الله إياه ، وأكرمه به
ويتألم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عند ما يرى أن قوماً يذادون .
إذاً : هو لا يسقي ؛ لأن التصريح جَاءَ بأنهم يردون ، ويشربون، وهَؤُلاءِ يطردون ؛ بل يذادون
وعليه : فالدعاء بأن يسقي النبي صلى الله عليه وسلم الداعي يوم القيامة بيده الشريفة من حوضه : مما لا ينبغي تداوله ، وليس هناك خبر يدل على أن ذلك كائن يوم القيامة ، والاقتصار على ما ورد به الخبر أعظم بركة ، وأسلم من الخطأ في العلم والعمل .
فإن
تعلق داع بأن يكرمه الله جل جلاله بسقيا النبي صلى الله عليه وسلم له ،
فهذا ربما يكون ، والله أعلم بما هو كائن من ذلك يوم القيامة ، له أو لغيره
.