الحلاج هو قتيل الحب الإلهي ، لقد ملك عليه الوجد
نفسه حتى أتلفها ، و لأن البوح بالوجد معصية قتلوه كأي عاشق آخر ، إن الله
لم يحل في الحلاج كما فهموا من ترنيمته الكاشفة، فلم يكن هناك الحلاج عندما
حل الله ، لأنه أخلى نفسه من نفسه فلم يجد سوى الله يملأ الكون كله حتى
جبته ،لنترك العقل عند الباب ولا نلج المكان سوى بذائقة تشف حتى تستشف
الذات المقدسة في كل شيء .
لنسمعه يقول :
.....................
طَلَعَتْ شمس من أحبّ بلَيّلٍ فـ ـاستنارت فما عليها من غروب
عن شمس النهار تطلع باليلـ ـلِ وشمس القلوب ليس تغيـب
*** ***
رأَيتُ ربّي بعين قلبِ فقلتُ من أنت قال أنت
فليس للأين منك أينٌ و ليس أين بحيثُ أنت
و ليس للوهم منك وهمٌ فيعلم الوهم أين أنت
أنت الذي حُزْتَ كل أين بنحو لا أينَ فأينَ أنت
و في فنائي فنا فنائي و في فنائي وجدت أنت
*** ***
لي حبيبٌ أزور في الخلـوات حاضر غائب عن اللحظات
ما تراني أصغي إليه بسمــع كي أعي ما يقول من كلمات
كلمات من غير شكل ولا نطق و لا مثل نغمة الأصــوات
فكأنّـي مخاطب كنت إيــًّاه على خاطري بذاتي لذاتــي
حاضـر غائب قريب بعيــدٌ وهو لم تحوه رسوم الصفات
هو أدل من الضمير إلى الوهم و أخفى من لائح الخطـرات
*** ***
سرّ السرائر مَطْــوِيٌّ بـِاثـْبَات في جانب الأُفْق ِمن نور بـِطيَّات
فكيف والكيف معروف بظاهــره فالغيب باطنه للذاتِ بالـــذات
تـَاهَ الخلائقُ في عمياءَ مظلمــةٍ قصدا و لم يعرفوا غير الإشارات
بالظنّ و الوهم نحو الحقّ مطلبهـم نحوَ الهواء يناجون السمــاوات
و الــربّ بينهم في كـل منقـلب مُحِلَّ حالاتهم في كل ساعــات
و ما خلوا منه طرف عين لو علموا و ما خلا منهم في كل أوقــات
.................................................
غِبْتَ و ما غبتَ عن ضميري و صرْتَ فرحتي و سروري
وانفصل الفصل بافتـــراق فصار في غيبتي حضوري
فأنت في سرّ غيبِ همّـــي أخفى من الوهم في ضميري
تؤنسني بالنهار حقــــاً وأنت عند الدجى سميري
*** ***
يا شمس يا بدر يا نهار أنت لنا جنـّة و نـار
تَجنُّبُ الإثِم فيك ثم إثمٌ وخاصّية العار فيك عار
يخلعُ فيك العذار قـومٌ وكيف من لا له عـذار
*** ***
أحرف أربع بها هام قلبي و تلاشت بها همومي و فكري
ألِفٌ تألف الخلائق بالصنـْـ ـع ِولامٌ على الملامة تجـري
ثمّ لامٌ زيادة في المعانـي ثمَّ هاءٌ أهيمُ بهـا أتــدري
*** ***
لماذا رفض الشيطان السجود لآدم
(الاحتمال الأول)
جحودي فيك تقديس و عقلي فيك تهويـس
و مـــا آدم إلاك و من في البين إبليس
(الاحتمال الثاني)
جُنُوني لك تقديـس و ظنّي فيك تهويـس
و قد حيّرني حِـبٌّ وطرْفٌ فيه تقويــس
و قد دلّ دليل الحُبّ أن القرب تَـلْبيــس
فـمــن آدم إلاك ومن في البين إبليـس
*** ***
حويتُ بكـُلّي كلّ حُبِّك يا قـُدْسي تكاشفني حتـّى كأنـّك في نفسـي
أُقلّب قلبي في سواك فــلا أرى سوى وحشتي منه و منك به أُنْسـي
فها أنا في حَبس الحياة مجمَّــع من الأنس فاقبضْني إليك من الحبْس
.
...........................................................
أقتلوني ياتقاتي
أُقْتُلُوني يا ثقاتـــي إنّ في قتـْلي حياتــــي
و مماتـي في حياتـي و حياتي في مماتـي
أنّ عنـدي محْو ذاتـي من أجّل المكرمـات
و بقائـي في صفاتـي من قبيح السّيّئــات
سَئِمَتْ نفسـي حياتـي في الرسوم الباليـات
فاقتلونـي واحرقونـي بعظامـي الفانيــات
ثم مـرّوا برفاتـــي في القبور الدارسـات
تجدوا سـرّ حبيبــي في طوايا الباقيــات
إننـي شيـخ كبيــر في علوّ الدارجــات
ثم إنـّي صرتُ طفـلا في حجور المرضعات
ساكنـاً في لحد قبــر في أراضٍ سبَخــات
وَلدَتْ أُمّــي أباهـا أنَّ ذا من عجبـاتـي
فبناتـــي بَعْـدَ أنْ كـ ـن بناتـي أخواتــــي
ليس من فعل زمــان لا و لا فعل الزنــات
فاجمعوا الأجزاء جمعاً من جسـورٍ نيــرات
من هـواء ثم نــار ثم من ماء فـــرات
فازْرعوا الكلّ بأرض ٍ تـُرْبُها تـرب مـوات
وتعاهـدها بســقي من كـؤوس دائـرات
من جـوار ٍساقيـات و سـواق ٍجاريــات
فإذا أتممت سبعـــا أنبتـَتْ خير نبــات