كيف تختم القرآن الكريم كل شهر ؟ بِسمِ ٱلله ٱلرَّحـمَـٰـنِ ٱلرَّحِيمِ
الحمد لله والصلاة والسلام على من لا نبي بعده , أما بعد :
فيقول الله تعالى في كتابه : ﴿ وَإِنَّهُ لَذِكر ُ ُ لَّكَ وَلِقَومِكَۖ وَسَوفَ تُسئَلُونَ ﴾ [الزخرف : 44 ]
والذكر في هذا الموضع بمعنى العزة والشرف كما ذكره المفسرون , وسوف نسأل عن
أمور عدة منها , تلاوة هذا الكتاب , وتدبر معانيه , وحفظه في الصدور ,
والاستماع إليه , وتعلمه , ودعوة الآخرين إليه .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :« مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن مثل
الأترجة ريحها طيب وطعمها طيب » ولقد كان للسلف الصالح _ رحمهم الله تعالى _
مع القرآن همة عظيمة فقد روى البيقهى أن ابن مسعود كان يختم القرآن في
ثلاث وفي غير رمضان من الجمعة إلى الجمعة .
وهذا هو القرآن العظيم كتاب الله فيه الخير والتمكين , وهذا هو حال السلف
رحمهم الله في حفظه وتعلمه والاهتمام به , فهل نسير على نهجهم أم أننا
المعنيون بنداء النبى صلى الله عليه وسلملربه يوم قال :﴿ وَقَالَ
ﭐلرَّسُولُ يَـٰـَربّ ِ إِنَّ قَومِى ﭐتـَّخَذُواْ هَـٰـذَا ﭐلقُرءَانَ
مَهجُوراً ﴾
[ الفرقان :30 ].
كيف تختم القرآن الكريم كل شهر ؟
القرآن الكريم يتكون من ثلاثين جزءاً , والجزء فيه عشر أوراق , ومعلوم أن
السَّنة اثنا عشر شهراً , غالباً فيها سته أشهر _ ثلاثون يوماً وستة أشهر
تسعة وعشرون يوماً .
من المعلوم أن اليوم فيه خمس صلوات , لذا يتوجب قراءة ورقتين مع كل فرض ,
فلو عاهدت نفسك للحضور عشر دقائق قبل الصلاة لأكملتها , وإذا تأخرت مرة
فبعَد الصلاة .
وبهذا تتم قراءة جزء واحد يوميًّا ( عشر ورقات) وعلى مدى ثلاثين يوماً يكون
المقروء ثلاثين جزءاً وهو ختم القرآن . إما إذا كان الشهر تسعة وعشرون
يوماً فيعوض اليوم الثلاثين بقراءة ورقتين ونصف يوم الجمعة إضافة إلى العشر
ورقات وبذلك يحافظ على ورده , ويكمل اليوم الناقص . وبهذا الطريقة سوف
تختم القرآن الكريم كل شهر بسهولة تامة ومحافظاً على القراءة اليومية له .
عوامل تساعد على تدبر القرآن
1.تعظيم الله ومحبته: قال ابن مسعود : من كان يحب أن يعلم أنه يحب الله
عزَّ وجلَّ فليعرض نفسه على القرآن فإن كان يحب القرآن فإنه يحب الله
ورسوله .
2.حضور القلب والقاء السمع عند تلاوته : فإذا حصل المؤثر وهو القرآن
المحل وهو القلب + الشرط وهو الإصغاء – المانع وهو شغل القلب = الأثر وهو الانتفاع .
3.التوبه وترك المعاصى:لأنها تذهب نور القلب والوجه, وتسد طريق العلم ,
وتميت القلب فلا يغني شيئاً قال تعالى:﴿ إِن هُوَ إِلاَّ ذِكر ُ
ُوَقُرءَانُ ُ مُّبِين ُ ُ(96) لِّيُنذِرَ مَن كَانَ حَيًّا﴾
[ يس : 70,69 ] .
فلابد من تطهير أدوات التلاوة من المعاصي فكيف تتدبر بعين لوثتها النظرات
المحرمة , وأذن دنستها الأصوات المنكرة , ولسان نجسته الكذبة والغيبة
والنميمة , وكيف يعى القرآنَ قلبٌ أفسدته الآفات من الرياء والعجب وسائر
المحرمات والشبهات .
4.الإخلاص في طلبه : فالإخلاص شرط لصحة الأعمال والعبادات , وأهم عنصر يساعد الإنسان على التدبر .
5.الاستعاذة بالله ليحميك من شر الشيطان : الذي يرصد قواته ليمنعك من أداء عبادتك على الوجه الصحيح .
6.النظر في كتب المفسرين .
7.اختيار القدر المناسب والتمهل في القراءة مع التجويد .
8.الاستمرار على التلاوة : فإنها تساعدك على تقوية صلتك بالقرآن , وتعينك على تدبره .
الذين يهينون كتاب الله القرآن الكريم
مَا قَدرُواْ ﭐلله حَقَّ قَدرِهِ
ومن أنواع الإهانة :
·الكتابة عليه أو بداخله .
·تمزيقه .
·رميه بالحاويات .
·تمكين الأطفال من العبث فيه .
قال الله تعالى:﴿ إِنَّهُ لَقُرءَانُ ُ كَرِيم ُ ُ(77)فِى كِتَـٰـبٍ مَّكنُونٍ(78)لاَّ يَمَسُّهُ إلاَّ ﭐلـُمطَهَّرُونَ﴾
[ الواقعة : 77_79 ].
من فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بهذا الخصوص :
·إذا بليت أوراق المصاحف وتمزقت وأصبحت غير صالحة ؛ فلا يجوز التخلص منها برميها في الأماكن القذرة ولا في الحاويات .
[ فتوى رقم 176 وتاريخ 18/06/1392 ه] .
·إذا كان في المصحف أغلاط أو تحريف أو إهمال في الطباعة ؛ فلا يجوز التخلص منها برميها في الإماكن القذرة أو رميها في الحاويات .
[ فتوى رقم 176 وتاريخ 18/06/1392 ه ].
·لا يجوز الكتابة على حاشية المصحف ولا بين الأسطر .
[ فتوى رقم 18618 وتاريخ 20/02/1417 ه] .
وأخيراً فمن لديه شيء من أوراق المصحف ويريد أن تبرأ ذمته فعليه :
·إما ان يدفنها في أماكن بعيدة وغير مهانة .
·وإما أن يحرقها ثم يدفنها في أماكن بعيدة وغير مهانة , كما جاء عن عثمان
بن عفان _ رضي الله عنه – وعندما امر بإجراق ما سوى المصحف الذي تم جمعه .
الخاتمــة
اللهم بديع السموات والأرض , ذا الجلال والإكرام , والعزة التي لا تُرام ,
نسألك يا رحمن بجلالك ونور وجهك أن ترزقنا تلاوته على النحو الذي يرضيك
عنا . اللهم بديع السموات والأرض ذا الجلال والإكرام , والعزة التي لا
ترُام , نسألك يارحمن بجلالك ونور وجهك أن تنور بكتابك أبصارنا وأن تطلق
به ألسنتنا , وأن تغسل به قلوبنا , وأن تشرح به صدورنا , وأن تفرح به
همومنا وسائر المسلمين والمسلمات , وأن تجعلنا من أهل القرآن الذين هم
أهلك وخاصتك اللهم ارزقنا تلاوته على الوجه الذي يرضيك عنا .. آمين , وصلى
الله على نبينا محمد.