توجه العم او الشيخ إلى قلب المريد

توجّه الشيخ إلى قلب المريد

" التوجّه المعروف عند السادة النقشبندية هو مسح الشيخ الباقي بالله بعد الفناء فيه، صدر المريد بيده وإلقاء الذكر من قلبه إلى قلب المُريد بالتخيّل، وطريقه كما ذكر الشيخ أسعد صاحب:

أن يجعل الشيخ قلبه مقابل قلب المُريد، ويلتجيء إلى الجناب الإلهي مستمدّاً من المشايخ الكرام أفاض الله تعالى علينا أنوارهم على الدوام، ويلاحظ أن أنوار الذكر التي وصلت إليه من قلوبهم تصل إلى قلب هذا المريد، وكذلك الروح وسائر اللطائف.

ثمّ قال: إن التوّجه أنواع، والذي يوافق مشربي هو أن يتوّجه حضرة الشيخ إلى قلب المُريد بتوجه جذبي يرفع عن قلبه الظلمة الشيطانية المستكنّة فيه. " اهـ.

الأصل المعوّل عليه في التوجّه


"لقد اعتبر الشيخ أسعد الأصل في التوجّه حادثة شق جبريل عليه السلام صدر الرسول عليه الصلاة والسلام واستخراج حظ الشيطان من قلبه، وغسله في طست من ذهب بماء زمزم. وقال: وشقّ الصدر وقع له صلّى الله تعالى عليه وسلّم ثلاث مرات: (الأولى) وقعت له وهو صغير في بني سعد عند مُرضِعه حليمة (الثانية) عند البعثة (الثالثة) ليلة الإسراء، وأنكر بعضهم هذه المرة. وقال الحافظ ابن حجر وغيره: ولا إنكار في ذلك، فقد تواترت به الأخبار (نور الهداية والعرفان للشيخ أسعد صاحب: الطبعة العلمية: 74).

وقال علاّمة العراق الشيخ محمود الآلوسي مفتي بغداد سابقاً في شرحه على مرثية مولانا الشيخ خالد الشهرزوري للسيد النجيب محمد الجواد عند قول الناظم:

ومَنْ قدوة التعريف والكشف بعده *** ومَنْ لأباليس المخايل طارد
قال الألوسي ما ملخصه: إنه بعد عروج هذه الروح الملكية وصعودها إلى الحضرة القدسية، وخلوّ الديار عن مثل هذا المنار، مَن يكون القدوة، ومَن يطرد بنوره الباهر أباليس المخايل والخواطر التي تنزّل المُريد من ذروة النعيم إلى حضيض الجحيم، فقد خَلَت الديار وعَفَت الآثار، والأمر لله الواحد القهّار، ولعلّ طرد الشيخ لأباليس الخواطر يصبّ النور في القلب بالهمّة القدسيّة، ويكون ذلك بما يسميّه السادة النقشبندية (بالتوجّه) وتختلف قوّته وتتفاوت ثمرته باختلاف همّة المتوجَه واستعداد المتوجَه إليه، كما لا يخفى بذلك على أهله (الفيض الوارد على روض مرثية مولانا خالد: الطبعة الكستلية: 111).

تبيّن لنا ممّا قاله الشيخ أسعد والشيخ محمود أن القصد من التوجّه جلاء قلب المريد ببركة أنوار الذكر، وما حباه الله للشيخ من الهمّة القدسيّة، وأنه داخل في باب التبرّك، وقبل أن نأتي على مبحثه مفصلاً فيما سيأتي إن شاء الله تعالى، نودّ أن نؤيد قولهما ببعض الأدلّة التي جاءت فيه فنقول: " اهـ.


"روى البخاري عن عبد الله بن هشام أنه ذهبت به أمّه زينب بنت حميد إلى رسول الله [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]فقالت: يا رسول الله بايعه. فقال عليه الصلاة والسلام (هو صغير) فمسح رأسه ودعا له. وجاء في كتاب الدعوات قوله: فمسح رأسي ودعا لي بالبركة، ثم توضأ فشربت من وضوئه. (إرشاد الساري للقسطلاني: الطبعة الميمنية: 4/281، 9/193)

وروى البخاري ومسلم عن عروة بن الزبير وفاطمة بنت المنذر بن الزبير أنهما قالا: خرجت أسماء بنت أبي بكر حين هاجرت، وهي حبلى بعبد الله بن الزبير، فقدمت قباء، ثم خرجت حين نُفِسَتْ إلى رسول الله [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]ليحنكّه. فأخذه رسول الله [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]منها فوضعه في حُجْره. قالت عائشة: فمكثنا ساعة نلتمسها - يعني تمرة - قبل أن نجدها، فمضغها ثم بصقها في فِيْه. فأول شيء دخل بطنه لَريقُ رسول الله [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]. قالت أسماء: ثم مسحه وصلّى عليه وسمّاه عبد الله. وفي رواية لهما عن أسماء، ثم حنّكه ثم دعا له، وبرّك عليه. (جامع الأصول لابن الأثير: طبعة إحياء التراث العربي: 10/46 ، 47 وقال الإمام النووي: معنى صلّى عليه، دعا له، ومسحه تبريكاً. راجع شرحه على صحيح مسلم: 8/453)

وروى الإمام مالك في الموطأ والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة عن عائشة رضي الله عنها أن النبي [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]كان إذا اشتكى يقرأ على نفسه بالمعوذتين ويَنْـفِثُ، فلما اشتد وجعه كنتُ أقرأ عليه وأمسح عليه بيده رجاء بركتها. (جامع الأصول لابن الأثير: 7/563 وسنن ابن ماجة: طبعة دار إحياء التراث العربي: 3/1166).

]أقول: لقد ثبت لنا بهذه الأحاديث الصحيحة وقوع الإستشفاء والتبريك بقراءة القرآن والمسح باليد وبالبصاق والنَفَث، وعليه فقد ثبت لعملية التوجّه أصل آخر يعتمد عليه بمقتضى قوله تعالى: {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر}، لأن الشيخ المتوجّه حينما يقرأ ويذكر ثم ينفث في قلب المريد، لا يقصد بذلك إلا تبريكه واستشفاءه من الأمراض النفسية، وليس هذا الأمر من خصائص الرسول عليه الصلاة والسلام بدليل أن أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها أيضاً استعملت هذا الأمر، وإنما وضعت يد رسول الله [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]على نفسه بدل يدها لما تعلم من أن يده الشريفة أشرف من يدها، وبدليل أن الفقهاء رحمهم الله تعالى ذكروا في باب العقيقة أنه ينبغي أن يكون المحنّك للصبي من أهل الخير، فإن لم يكن رجل فامرأة صالحة

تأثير نفث الشيخ في قلب المريد

"إن الشيخ المتوجّه حينما يقرأ ويذكر ثم يتوجّه إلى قلب المريد فَـيـَنـْفـِث فيه، يخرج من قلب الشيخ المملوء من الأنوار الإلهية نفث مكيّف بل مجسّم للقراءة والذكر والأنوار الإلهية، فإننا وإن لم نشعر بها، فهناك من يشعر بها من الملائكة والحيوانات والأجهزة المخترعة حالياً، يقول العلامة العارف الشيخ أحمد الصاوي في تفسير قوله تعالى {ما يلفظ من قول، إلا لديه رقيب عتيد} من سورة قاف: المعنى إلا لديه ملكان موصوفان بأنهما رقيبان وعتيدان فكلّ منهما موصوف بأنه رقيب عتيد، فلا يفارقه إلا في ثلاثة مواضع: في الخلاء، وعند الجماع، وفي حالة الجنابة، فإذا فعل العبد في تلك الحالات حسنة أو سيئة عرفاها (برائحتها) وكتباها.

قد يُنكر بعض السَذَجه هذا الأمر لجهله بما يجري في هذا الكون من غرائب الأمور التي لا نشاهدها وإنما ظهر القليل منها لبعض الصالحين عن طريق الكشف، وأصبحت العلوم الحديثة تؤيده الآن، وفيما يلي نبذة منها:

لقد ثبت للعلماء الآن صدق ما كان يقال: إن النحل لا يلدغ إلا الذين يخافون منه. فقد تبيّن أن الخائف تطلق إحدى غدده مادة (الإدَرْنالين) وهي ذات رائحة تثير النحل.
نحن لا نشمُّ رائحة الأدرنالين، ولكن النحل يشمّها حينما تخرج من جسم الخائف فيهجم عليه. وذلك لأن القوة المودَعة في حاسّة الشمّ للنحل غير موجودة في تلك الحاسّة من الإنسان." اهـ.


"ويقول وحيد الدين خان في مبحث (ضرورة الآخرة) يعني يوم القيامة: إن أعمال كل إنسان تُحفظ وتُسجل بصفة دائمة وبغير توقف. وللإنسان أبعاد، يعرف من خلالها، هي: نيته، وقوله، وعمله، وهذه الأبعاد الثلاثة تسجّل بأكملها.
ويقول: لقد أثبتت التجارب العلمية أن جميع أفكارنا تحفظ في شكلها الكامل، ولسنا قادرين على محوها أبداً، وأثبتت هذه التجارب أيضاً أن الشخصية الإنسانية لا تنحصر فيما نسميّه (الشعور) بل هناك أجزاء أخرى من الشخصية الإنسانية تبقى وراء الشعور، يسميّها (فوريد) : (ما تحت الشعور) أو (اللا شعور).
وهذه الأجزاء تشكل جانباً كبيراً من شخصيتنا، بل هي الجانب الأكبر منها، ومثلها كمثل جبل من الجليد في أعالي البحار، أجزاؤه الثمانية مستكنة تحت الماء، على حين لا يطفو منه إلا الجزء التاسع. وتلك هي ما نسميّه (تحت الشعور)، الذي يسجل ويحفظ كل ما نفكر فيه، أو نَـنْتويه.
ويقول في (مسألة العمل) : فقد أثبتت البحوث العلمية أن كل شيء حدث في الظلام أو في النور، جامداً كان أو متحركاً - يصدر عنه (حرارة) بصفة دائمة، في كل مكان، وفي كل حال، وهذه الحرارة تعكس الأشكال وأبعادها تماماً، كالأصوات التي تكون عكساً كاملاً للموجات التي يحركها اللسان. وقد تم اختراع آلات دقيقة لتصوير الموجات الحرارية التي تخرج عن أيّ كائن. وبالتالي تعطي هذه الآلة صورة فوتوغرافية كاملة للكائن حينما خرجت منه الموجات الحرارية.

ومثاله انني أكتب الآن في مكتبي، وسوف أغادرها بعد ساعة، ولكن الموجات الحرارية التي خرجت من جسدي أثناء وجودي ههنا ستبقى دائماً، ويمكن الحصول على تسجيل كامل لجلستي في المكتبة في أيّ وقت بواسطة تلك الآلة، غير انّ الآلات التي تم اختراعها إلى الآن، لا تستطيع تصوير الموجات الحرارية إلا خلال ساعات قليلة من وقوع الحادث. أمّا الموجات القديمة، فلا تستطيع هذه الآلة تصويرها لضعفها.

وتستعمل في هذه الآلة (أشعة انفرارد) التي تصوّر في الظلام والضوء على حدّ سواء. ولقد بدأ العلماء في بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية استغلال هذه الآلة في تحقيقاتهم، وذات ليلة حلقت طائرة مجهولة في سماء نيويورك، فصوروا الموجات الحرارية لفضاء نيويورك بهذه الآلة، وأدّى ذلك إلى معرفة طراز الطائرة ونوعها. ولقد أطلق على هذه الآلة اسم (آلة تصوير الحرارة) [الإسلام يتحدّى لوحيد الدين خان: الطبعة الرابعة: 78-81] "اهـ.

"فلينظر المُنكر إلى هذا القدر اليسير الذي ذكرناه ممّا يجري في الكون من غرائب الأمور ونحن لا نشعر بها، رغم أن الرائحة التي تحدّثنا عنها مادّة، لأنها الأجزاء الدقيقة المنفصلة عن مصدرها، والحرارة مادة، لأنها الأجزاء الدقيقة المنفصلة عن مصدرها، كيف لا وهي تعطي أبعاد الأقوال والأفعال بحيث يمكن تصويرها على ما هي عليه، وليفكر المُنكر جيداً ليرجع إلى عقله ويترك تعصبه والإنتصار لباطله.
يا لله العجب كيف يصدّق بأن أشعة (X) تخترق الجسم وتؤدي مفعولها في أعماقه، ولا يصدّق بأنّ ذلك النفث الذي يخرج من فم الشيخ المتوجّه، يُجَسِّم ما يقرأه من القرآن، وما يتفوّه به من الأذكار، وما يكنّه في طيّات قلبه من هيبة الله تعالى وعظمته، ويخترق صدر المُريد ويؤدّي مفعوله في أعماق قلبه فيُجليه عن ظلمة المعاصي، ويُنيره بالمعارف الإلهية.
إن ذلك النفث المُجَسِّم لذكر الله تعالى أقوى من كل أشعة، إننا وإن لم نشاهد مفعوله ببصرنا فإن أهل الكشف يشاهدونه ببصيرتهم التي هي أقوى من أشعة (انفرارد) التي تكشف عن الحرارة في الظلام والضوء على حدّ سواء.
يا لله العجب كيف يعترف (فرويد) بهذه الغيبيات وتجلّت له عظمة الله من خلالها، ولا يفكر فيها المسلم لتزداد عظمة الله وخشيته في قلبه، ورغماً على أنف كلّ مُنكر إنّ تقدّم العلوم الحديثة نحو كشف الحقائق سيكون السبب في كشف كثير من تلك الغيبيات التي كانت مدار النقاش والجدل مع أصحاب القلوب المقفولة، وتظهر حقيقتها ظهور الشمس في كبد السماء، إن شاء الله تعالى. " اهـ

جزاك الله خيرا يا اخي على هذا التوضيح المبارك
جعله في ميزان حسناتك
مجهود طيب اشكرك عليه
بارك الله فيك ونفع بك ورفع قدرك وسدد خطاك لكل خير