الصوفى مشرف مميز
الساعه : الدوله : عدد المساهمات : 1140 مزاجك : تاريخ التسجيل : 07/03/2011 العمر : 64 العمل/الترفيه : حب التصوف والاضطلاع الدينى
| موضوع: الأضحية أحكام و فضائل الجمعة أكتوبر 26, 2012 3:09 pm | |
| الأضحية أحكام و فضائل مقدمة: الحمد الله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، -صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم - وبعد : المتأمل في حال الأمة الإسلامية يجد أنها تمر في هذا الزمان بجهل مطبق في شتى المجالات ، حتى وصل هذا الجهل إلى حد الجهل بالأمور التعبدية، التي يفترض في المسلم إن يتقنها ويعرفها حتى يؤديه وفق أمر الله ، ولا أكون مجازفا إن قلت أن هذا الجهل سبب في نسيان كثير من أحكام الشريعة عند كثير من الناس, و هذه الحالة تعد نفقا مظلما في جبين الأمة الإسلامية, وليس هناك من مخرج سوى العودة إلى كتاب الله وسنة رسوله – صلى الله عليه وسلم- وتعلم أحكام الشريعة جميعاً واجبها وحرامها, ومسنونها ومكروهها, ومباحها, حتى يتحقق للمسلمين الفوز بدرجة العلم والتعلم والعمل . ومما لا لحظناه التفريط بشعيرة الأضحية في كثير من البلدان الإسلامية مع أنها من الشعائر المهمة في ديننا الإسلامي الحنيف, لقوله تعالى : ﴿ ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ﴾ [سورة : الحج-آية 32], يقول شيخ الإسلام ابن تيمية عن الأضحية : ( وهي من ملة إبراهيم الذي أمرنا بإتباع ملته، وبها يذكر قصة الذبيح ، فكيف يجوز أن المسلمين كلهم يتركون هذا لا يفعله أحد منهم، وترك المسلمين كلهم هذا أعظم من ترك الحج ، في بعض السنين)(1) وبالنظر إلى ما ورد في الشريعة الإسلامية, يظهر لنا عظمة الدروس المستفادة من شعيرة الأضحية، فهي من السنن المأمور بها شرعا, والعميقة أثراً على مستوى الفرد والجماعة ، قال تعالى : ﴿ وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ ﴾ [سورة : الحج- آية 34] . فهذا إبراهيم الخليل – عليه السلام _ مثل التعبد المطلق, يرى رؤيا يؤمر فيها بتقديم ابنه قربانا لربه – ورؤيا الأنبياء حق- فيشرع في تنفذ أمر الله دون تباطؤ , لولا تدخل عناية الله فتحول دون ذلك ,قال تعالى : ﴿وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ [ سورة: الصافات- آية 107], وهذا إسماعيل -عليه السلام- مثل التعبد الصادق , يطيع أمر الله ويستسلم , حتى يفديه الله بذبح عظيم، قال تعالى : ﴿ قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ ﴾ [ سورة: الصافات102], فالدرس العميق الذي نستفيده من الأضحية؛ بأنه من خلالها, يعرف مقدار ومقياس التعبد الصادق عن العبد، وقدر عظمة الله في نفسه, فأبو الأنبياء ينفذ أمر الله بالتقرب بذبح ابنه وبدون تردد _ مع عظم الحب الذي يكنه الآباء للأبناء – فهذا يدل على عظيم حب الله في نفس أبو الأنبياء إبراهيم الخليل ، ونحن كمسلمين عندما نستن بسنته ، في حقيقة الأمر إنما نعظم ونجل أمر الله ، بأضحية نخرجها من أموالنا، وهو من باب أولى في حق المسلم لأنه أمر متيسر وممكن للمستطيع ، فعلى المسلم المبادرة بتقديم الأضحية من أصناف الأضحية، قال ابن عبد البر : ( والذي يضحى به بإجماع من المسلمين الأزواج الثمانية ...الضأن والمعز والإبل والبقر ) (2). تعريف الأضحية : لغةً : الأضحية إضْحِيَّةٌ, و أُضْحِيَّةٌ والجمع أضاحي... والجمع ضحايا(3), ويقال ضحى تضحيةً، إذا ذبح الأضحية وقت الضحى(4), وتُطلق على الشاة التي تُذبح ضحوة ، أي وقت ارتفاع النهار, وقيل :هي التي تُذبح يوم الأضحى(5) اصطلاحاً :ما يذبح من بهيمة الأنعام أيام الأضحى بسبب العيد تقرباً إلى الله تعالى(6). سبب التسمية :سبب تسميتها بأضحية ،كما قال الإمام الشوكاني _ رحمه الله_ : لأنها تُفعل في الضحى وهو ارتفاع النهار وقيل غير ذلك . مشروعية الأضحية: الأضحية دل على مشروعيتها الكتاب والسنة وإجماع العلماء يقول الإمام الشوكاني " وأحاديث الباب تدل على مشروعية الأضحية ولا خلاف في ذلك، وأنها أحب الأعمال إلى الله يوم النحر "(7) والمقتفي لسيرة الحبيب المصطفى- صلى الله عليه وسلم- يجد أن الله قد سنها وشرعها في السنة الثانية من الهجرة(8). ومن أدلة مشروعيتها : أولاً / من الكتاب الكريم : قال تعالى : ﴿ وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ﴾ [ سورة: الحج- آية 36] وقوله تعالى: ﴿ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ﴾ [سورة : الكوثر - آية 2 ], قال القرطبي : في قوله تعالى : ﴿ فَصَلِّ لِرَبِّكَ ﴾ صلاة العيد يوم النحر" , وأنحر نُسُكك, وقال سعيد بن جبير أيضاً : صل لربك صلاة الصبح المفروضة... وأنحر البدن بمنى ) (9) ثانياً / من السنة النبوية :عن عائشة - رضي الله عنها- :" أن رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ أمر بكبش أقرن، يطأ في سواد ، ويبرك في سواد ، وينظر في سواد ، فأُتِيَ به ليضحي به ، فقال لها : " يا عائشة هلمي المدية، ثم قال : اشحذيها بحجر , ففعلت ثم أخذها وأخذ الكبش ، فأضجعه ثم ذبحه ثم قال:باسم الله اللهم تقبل من محمد وآل محمد ، ومن أمة محمد ثم ضحَّى به " (10), وقال - صلى الله عليه وسلم - " من كان له سعة ولم يضح فلا يقربنّ مصلانا "(11), وعن جابر - رضي الله عنه- قال:" شهدتُ مع رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ الأضحى بالمصلى ، فلما قضى خطبته نزل من منبره ، وأُتِيَ بكبش فذبحه رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ بيده ، وقال : بسم الله والله أكبر هذا عني وعمَّن لم يضح من أمتي " (12) . ما يشرع في الأضحية: البدء بالأضحية : مما ينبغي التنبه له يوم العيد, أن يكون هم المؤمن أولاً أن يضحي, فبعد أن يصلي صلاة العيد , يبدأ بالأضحية أولا ويقدمها على ما سيقوم به يوم العيد , من زيارة وغيرها (13), فعن البراء -رضي الله عنه - "إن أول نسكنا في يومنا هذا أن نبدأ بالصلاة ثم نرجع فننحر فمن فعل ذلك فقد وافق سنتنا ومن ذبح قبل ذلك فإنماهو شيء عجله لأهله ليس من النسك في شيء ,فقام رجل فقال: يا رسول الله إني ذبحت وعندي جذعة خير من مسنة ؟ قال ( اذبحها ولا تفي عن أحد بعدك"(14), قال ابن قدامة - رحمه الله - : ( ولا يأكل في الأضحى حتى يصلي ، وهذا قول أكثر أهل العلم ، منهم علي وابن عباس ومالك والشافعي وغيرهم لا نعلم فيه خلافاً ) (15) . ومما يدل على ذلك ما جاء في الحديث عن عبد الله بن بريدة عن أبيه – رضي الله عنه - قال :" كان النبي _ صلى الله عليه وسلم _ لا يخرج يوم الفطر حتى يطعم ، ولا يطعم يوم الأضحى حتى يصلي " (16) ، ثم قال وقد استحب قوم من أهل العم أن لا يخرج يوم الفطر حتى يطعم شيئاً ، ويستحب له أن يفطر على تمر ، ولا يطعم يوم الأضحى حتى يرجع ) (17) والحكمة في امتناع النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الأكل قبل الصلاة يوم الأضحى هي ليكون أول ما يطعم من لحم أضحيته، فيكون مبنياً على امتثال الأمر) (18), وينبغي على المضحي أمور منها: أولاً : النية : العبادات إذا افتقرت إلى النية لا تقبل، بل يكون العمل كسراب بقيعة, من هذا يتوجب عل العبد المؤمن, عندما يتقرب إلى الله, بأي عبادة, أن يقصد بالعمل مرضاة الله تعالى, فإذا اشترى أضحية نوي عند شرائها التقرب إلى الله بالنسك, وينوي عند ذبحها أنها أضحية، لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -:" إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى " (19), قال الإمام القرافي تحت عنوان ( الأوامر التي لا تكون صورتها كافية في تحصيل مصلحتها المقصودة منها ، كالصلوات والطهارات والصيام والنسك، فإن المقصود منها تعظيم الرب سبحانه وتعالى ، بفعلها والخضوع له في إتيانها وذلك إنما يحصل إذا قصدت من أجله سبحانه وتعالى ، فإن التعظيم بالفعل بدون قصد المعظم محال، كمن صنع ضيافة لإنسان، فانتفع بها غيره من غير قصد، فإنا نجزم بأن المُعَظَّمَ الذي قُصِدَ بالكرامة ، دون من انتفع بها من غير قصد ، فهذا القسم هو الذي أمر فيه صاحب الشرع بالنية)(20), ويقول الكاساني : ( فمنها نية الأضحية لا تجزئ بدونها لأن الذبح قد يكون للحم وقد يكون للقربة ، والفعل لا يقع قربة بدون النية … فلا تتعين الأضحية إلا بالنية ) (21) ثانياً : إراحة الأضحية: الدين الإسلامي منهج رباني عادل , ومن عدله انه كتب الإحسان حتى للحيوان الذي لا يعقل , وجعل الرحمة والإراحة مما ينبغي على المؤمن عمله أثناء الذبح, عن شداد بن أوس - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال :" إن الله كتب الإحسان على كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته " (22) ولقد رأى عمر بن الخطاب –رضي الله عنه- رجلاً يسحب شاة برجلها ليذبحها فقال له : (ويلك ! قدها إلى الموت قوداً جميلاً) (23), ومنه إضجاع الغنم والبقر في الذبح وأما الإبل فالسنة أن تنحر قائمةً على ثلاث قوائم معقولة الركبة اليسرى , وقد صح عن جابر - رضي الله عنه- :" أن النبي – صلى الله عليه وسلم- وأصحابه كانوا ينحرون البدنة معقولة اليسرى قائمةً على ما بقي من قوائمها " (24). ثالثاً: النحر في المصلى للإمام : مما يشرع للإمام أن ينحر أضحيته في المصلى, وهذا له حكم, منها إظهار هذه الشعيرة وهي إعلان عملي بدخول وقت الذبح حتى يقتدي الآخرون بالإمام فيذبحوا أضاحيهم فعن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما -، " أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نحر يوم الأضحى بالمدينة ، قال : وقد كان إذا نحر يذبح بالمصلىّ "(25). رابعاً: أن تذبح بعد صلاة العيد : قد يتعجل بعض المضحين , فيذبحون أضاحيهم ,قبل الخروج إلى الصلاة , وهذا إن حدث فلا تكون أضحية بل تعد شاة لحم ذبحت فقط, ويضحي بدلا عنها, فعن جندب بن سفيان -رضي الله عنه- قال :" شهدتُ الأضحى مع رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ فلم يعدُ أن صَلَّى وفرغ من صلاته سَلَّمَ ، فإذا هو يرى لحم أضاحِيَّ قد ذُبحت قبل أن يفرغ من صلاته ، فقال: من كان ذبح أضحيته قبل أن يصلي أو نصلي فليذبح مكانها أخرى ، ومن كان لم يذبح فليذبح باسم الله " (26) . خامساً: أن يتولى ذبحها بنفسه إن كان يحسن الذبح : مما لاحظته الشريعة أن تربي المؤمن على, أن يمارس الأعمال التعبدية بنفسه, وإذا عجز عن أن بقوم بما أمر به بنفسه مما يصلح فيها التوكيل شرعت الوكالة , فالرسول -صلى الله عليه وسلم- ضحى وذبح بنفسه , عن أنس – رضي الله عنه - قال :" ضحى النبي _ صلى الله عليه وسلم _ بكبشين أملحين (27)، فرأيته واضعاً قدمه على صفاحهما يسمِّي ويكبر فذبحهما بيده "، ولفظ مسلم : عن أنس قال : " ضحى رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ بكبشين أملحين أقرنين قال : ورأيته يذبحهما بيده ورأيته واضعاً قدمه على صفاحهما قال: وسمَّى وكبر " (28). الاستعانة في ذبح الأضحية والإنابة في ذبحها: يجوز لمن أراد أن يذبح أضحيته أن يستعين بغيره ، ويدل على ذلك ما جاء في الحديث عن أبي الخير :" أن رجلاً من الأنصار حدثه أن رسول الله _ صلى الله عليه وسلم- أضجع أضحيته ليذبحها ، فقال رسول الله _ صلى الله عليه وسلم- : للرجل أعنِّي على أضحيتي فأعانه " (29), قال الحافظ ابن حجر أي عند ذبحها ، وهذا وصله عبد الرزاق عن ابن عيينة عن عمرو بن دينار قال : رأيت ابن عمر ينحر بدنة بمنى وهي باركة معقولة ورجل يمسك بحبل في رأسها وابن عمر يطعن )(30) .
الإنابة في الذبح : الإنابة في الذبح في الأضحية جائزة، قال القرافي كان الناس يتخيرون لضحاياهم أهل الدين ؛ لأنهم أولى بالتقرب ، فإن وكَّل تارك صلاة استحب له الإعادة للخلاف في حل ذكاته )(31) .
سادسا: التسمية والتكبير عند الذبح والدعاء والصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم- الابتداء بالبسملة من الأمور المشروعة في كثير من الأعمال , وهي تشرع في الأضحية, لحديث عائشة -رضي الله عنها- : " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أمر بكبش يطأ في سواد ويبرك في سواد وينظر في سواد فأتي به ليضحي به فقال لها : يا عائشة هلمي المدية ، ثم قال : اشحذيها بحجر . ففعلت ثم أخذها وأخذ الكبش فأضجعه ثم ذبحه ثم قال: باسم الله اللهم تقبل من محمد وآل محمد ومن أمة محمد ثم ضحى به " سابعا : المحافظة علي اللحم بما يحفظه وعدم الإسراف به الأصل في الأضاحي ، أن يتصدق بجزء منها ويهدى جزء ويؤكل جزء , ولكثرة المتقربين إلى الله بالأضاحي في العيد, يكثر اللحم فيؤدي ذلك إلى الإسراف, ومعلوم أن الإسراف لا يجوز في شرعنا, من هنا يشرع المحافظة على لحوم الأضاحي, كما ثبت في حديث ثوبان - رضي الله عنه - قال :" ذبحَ رسولُ الله –صلى الله عليه وسلم- ضحيته ثم قال : يا ثوبان أصلح لحم هذه فلم أزل أطعمه منها حتى قدم المدينة "(32) . حكمها عند العلماء: اختلفت أقوال العلماء في حكم الأضحية , ومرد ذلك يرجع, هل فعل الرسول _صلى الله عليه وسلم_ محمول على الوجوب أم على الندب ؟ فقول بأن الأضحيةُ سنةٌ مؤكدةٌ في حق المقيم الموسر, وآخر بأنها واجبةٌ في حق المقيم الموسر، والذي أراه راجحا أنها سنة مؤكدة لقوله -صلى الله عليه وسلم- " إذا أراد أحدكم أن يضحي" , وحديث "إذا دخلت العشر، وأراد أحدكم أن يضحي فلا يأخذ من شعره ولا من ظفره شيئاً", فدلالة الحديث أن التضحية راجعة إلى رغبة المسلم , وما كان كذلك لا يكون واجباً غير أنها تصبح واجبة إذا اشتراها بنية الأضحية أوعينها بأن قال هذه أضحية ، لأنه لفظ يقتضي الإيجاب, أو يقلدها(33) أو يشعرها(34) وتعرف بأنها أضحية ،فطالما قد شرع في العبادة فلا يتأتى تركها ، ويستثنى من ذلك الضرورة الملحة والله أعلم . شروط الأضحية: هناك شروط لابد من مراعاتها ، لمن يريد الأضحية, حتى تكون مقبولة ويصيب بها السنة وأبينها كالتالي : 1- أن تكون من بهيمة الأنعام، وهي الإبل والبقر والغنم ضأنها وماعزها (35)، وما دونها لا تقبل أضحية, لقوله تعالى " ﴿ وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكاً لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ ﴾[ الحج: 34]، قال الله تعالى: ﴿ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ ﴾ [الأنعام:143], ولقوله تعالى : ﴿ وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ ﴾ [الأنعام : 144], ولقد نقل ابن رشد الاتفاق بين جمهور أهل العلم بما فيهم أصحاب المذاهب الأربعة على أن الأضحية تكون في هذه الثمانية الأصناف (36). 2- أن تبلغ السن المعتبرة شرعاً، وذلك بأن تكون ثنيةً(37) من المعز(38) والبقر والإبل ، وجذعاً (39)من الضأن(40), يقول الشيخ ابن جبرين ( الإبل ما بلغ خمس سنين ودخل في السادسة ، والبقر ماله سنتان ودخل في الثالثة ، والمعز ماله سنة ، والضأن ماله ستة أشهر )(41) , ويدل على هذا حديث جابر –رضي الله عنه - : " أن الرسول - صلى الله عليه وسلم- قال لا تذبحوا إلا مسنةً إلا أن يَعسر عليكم فتذبحوا جذعةً من الضأن " (42) , قال الإمام النووي قال العلماء المسنة هي الثنية من كل شيء من الإبل والبقر والغنم فما فوقها ، وهذا تصريح بأنه لا يجوز الجذع من غير الضأن في حال من الأحوال ) (43) 3- أن يضحي بها في الوقت المحدد شرعاً ، وهو من بعد صلاة العيد يوم النحر إلى غروب شمس آخر يوم من أيام التشريق) (44) وهذا على قول جمع من العلماء , و اتفق أهل العلم على أن أفضل وقت لذبح الأضحية ، هو اليوم الأول وهو يوم الأضحى" يوم العيد" بعد فراغ الناس من الصلاة ، وبعد أن يذبح إمام المسلمين أضحيته (45), وقال ابن المنذر " وأجمعوا على أنّ الضحايا لا يجوز ذبحها قبل طلوع الفجر من يوم النحر "(46). 4- الخلو من العيوب المانعة للإجزاء فعن البراء بن عازب – رضي الله عنه - قال "قال رسول اله -صلى الله عليه وسلم- أربع لا تجوز في الأضاحي : العوراء البين عورها ، والمريضة البين مرضها ، والعرجاء البين ضلعها ، والكسيرة التي لا تنقي"(47). 5- أن تكون ملكاً للمضحي , وألاّ يتعلق بها حق الغير , وقد دلت على ذلك النصوص العامة من الشريعة . شروط المذكي(الذابح): يذكر بعض العلماء شروطاً للمذكي ويذكرون أربعة شروط نوردها كالتالي : 1 - أهلية المذكي : أي أن يكون الذابح عاقلاً مسلماً. 2- توفر الآلة : فتباح الذكاة بكل محدد ينهر الدم بحدّة ، سواء كان من حديد أو حجر أو غير ذلك ، ما عدا السن والظفر والعظام . 3- قطع الحلقوم : وهو مجرى النفس ، وقطع المريء ،وهو مجرى الطعام والشراب، وأحد الودجين، وهما الوريدان. 4- قول الذابح عند حركة يده بالذبح : "بسم الله", لقوله تعالى : ﴿ وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ ﴾ [الأنعام:121] (48). حكم وفضائل الأضحية: شرعت الأضحية تقرباً إلى الله تعالى, وتتجلى الحكم بصور عديدة، نتبين من خلالها عظمة ديننا الإسلامي الحنيف في كل تشريعاته, وأحكامه, ويمكن أن أوجزها كالتالي:
أولا: إحياء لسنة إبراهيم - عليه الصلاة والسلام- الحكمة من الأضحية إظهار الترابط بين حلقات بعثة الأنبياء جمعاً , وبأنها حلقة متصلة كلما غاب اثر ديانة سماوية, اتبعها الله بشريعة أخرى, تجدد وتبين السير الذي لابد أن يسير الناس عليه, وبالرجوع إلى عصر أبي الأنبياء إبراهيم - عليه الصلاة والسلام- الذي رأى في منامه أنه يذبح ولده إسماعيل- ورؤيا الأنبياء حق وصدق- أخذ إبراهيم ابنه إلى مكان الذبح ,ثم ما لبث أن أظهر الله لنبيه بأن ذلك امتحان قد تجاوزه بفوز ونجاح, ثم فدى الله تعالى سيدنا إسماعيل بذبح عظيم، فكانت سنة من ذلك الوقت, قال الله تعالى: ﴿ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَابُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَاأَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ ﴾ [سورة : الصافات- آية 102], وبهذا تتجلى حقيقة التسليم المطلق لأمر الله دون تردد , وما أحوجنا أن نكون في التسليم في شأن الأضحية كإبراهيم عليه السلام. ثانيا: الشكر لله سبحانه وتعالى على نعمه المتعددة : عندما يرزق الله العبد بنعم يحب أن يظهر العبد نعمة الله عليه , وان لا يجحدها بالإخفاء, وعندما يضحي العبد المؤمن ويشهد الناس أضحيته, يعرف الناس حال نعم الله عليه ، فيكون أدعى له بأن يتعهد الأقرباء والجيران والفقراء والمعوزين, والله سبحانه قد أنعم على الإنسان بنعمٍ كثيرةٍ لا تُعَدُ ولا تُحصى كنعمة الإيمان, ونعمة الغنى, وغيرها, فهذه النعم وغيرها تستوجب الشكر للمنعم، والأضحية صورةٌ من صور الشكر لله سبحانه وتعالى(49). ثالثا: التوسعة على الأهل وإدخال الفرح والسرور على الفقراء والمساكين : إن ذبح الأضحية وسيلة للتوسعة على النفس وأهل البيت والجيران والأقارب والأصدقاء والتصدق على الفقراء يوم الأضحى، فقد ثبت في الحديث عن أنس - رضي الله عنه- عن النبي – صلى الله عليه وسلم- قال:" من ذبح قبل الصلاة فليعد.فقال رجل: هذا يوم يشتهى فيه اللحم وجاء في الحديث أن عطاء بن يسار قال :" سألت أبا أيوب الأنصاري كيف كانت الضحايا على عهد رسول الله – صلى الله عليه وسلم-؟ فقال : كان الرجل يضحي بالشاة عنه وعن أهل بيته فيأكلون ويطعمون حتى تباهى الناس فصارت كما ترى "(50)
العيوب المانعة من إجزاء الأضحية: التقرب والإنفاق في سبيل الله بشكل عام الأفضل فيه التقرب بأحب ما يملك العبد , واعز ما يملك, لقول الله ﴿ لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ﴾ [ سورة: آل عمران92], أما إذا كان التقرب مشروعا, وجاءت به الشريعة, مثل الأضحية فالتقرب فيه أولى بأن يكون من أحب ما يملك الإنسان , خاليا من العيوب, حتى يكون أدعى لقبوله عند الله فالمتقرب حاله فيما يتقرب به أن يطلب رضا الله, ويضحي في سبيل الله رجاء أن يفوز بما عند الله , وقد تجد أخي المسلم من بعض الناس مخالفة لما أمر الله فتسقط بهم أنفسهم ، فيتقربون إلى الله بما تعافه نفوسهم، وهذا بحكم الشرع مرفوض ومردود,قال تعالى : ﴿و َلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَن تُغْمِضُواْ فِيهِ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ﴾ [سورة : البقرة267 ] وأيضا من مما يجدر التنبيه عليه، أن نجد بعض الناس يوكلون بعض الشركات بذبح الأضاحي, وتتعمد الشركات في اختيار الأضاحي المعيبة, وهذه مخالفة لما جاءت به شريعتنا في الأضحية وفيه إفساد للعمل, وأنا بدوري أوصي المضحين بأن يشترطوا السليمة عندما يوكلون, وكذا نوصي الشركات بترك التجرؤ في مخالفة ما جاء عن الله, ونورد بعض العيوب رجاء اجتنابها وهي على النحو التالي: 1_ صغيرة السن لحديث البراء بن عازب وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم :" نهى عن ذبح الجذع من المعز ، وقال لأبي بردة : اذبحها ولا تصلح لغيرك " (51). 2_ المريضة البين مرضها(52), والجرباء والمبشومة حتى تثلط وما أصابها سبب الموت : كالمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع: وعن البراء بن عازب قال " قال رسول اله - صلى الله عليه وسلم - أربع لا تجوز في الأضاحي : العوراء البين عورها ، والمريضة البين مرضها ، والعرجاء البين ضلعها ، والكسيرة التي لا تنقي(53) " (54) والعوراء البين(55) عورها : العوراء ، عن البراء بن عازب قال " قال رسول اله - صلى الله عليه وسلم - أربع لا تجوز في الأضاحي : العوراء البين عورها ، والمريضة البين مرضها ، والعرجاء البين ضلعها ، والكسيرة التي لا تنقي " , ومن باب أولى عدم إجزاء العمياء . 4- العرجاء البين عرجها(56) و الكسيرة: وحديث يزيد ذو مصر " نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن المصفرة والمستأصلة والبخقاء والمشيعة والكسراء "(57) والكسيرة التي لا تنقي ومعنى الكسير هي التي لا تقوم ولا تنهض والهزال من العيوب التي تتقى في الضحايا بإجماع(58) 5- العجفاء(59) : حديث البراء بن عازب مرفوعا" أربع لا تجوز في الأضاحي العوراء البين عورها والمريضة البين مرضها والعرجاء البين ظلعها والكسيرة وفي لفظ والعجفاء التي لا تنقي" (60) 6- الجلالة(61) : عن ابن عمر قال: " نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أكل الجلالة وألبانه" (62) مسائل وأحكام: مسألة: في بيع الأضحية ,أو دفع أجرة منها: التقرب بالأضحية يعني خلوصها لله تعالى(63), وإزالة الملك عنها من صاحبها ، ومن العجيب أن ترى بعض الناس يتقربون إلى الله في أضحياتهم ، ثم يحتالون عليها, فيبيعون أجزاء منها , ويعطون أجرة الجزار منها , وهذا كله مخالف لما جاءت به الشريعة , ويدل على ذلك حديث علي ابن أبي طالب رصي الله عنه قال " امرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أقوم على بُدُنِهِ ، وأن أقسم لحومها وجلودها وجلالها على المساكين ولا أعطي في جزارتها شيئاً منها "، وفي رواية "نحن نعطيه من عندنا"(64) وفي رواية أخرى عند مسلم:" ولا يعطي في جزارتها منها شيئاً " (65) قال جمهور أهل العلم لا يجوز أن يُعطى الجزَّار شيئاً من الأضحية مقابل ذبحها وسلخها (66) فالمتأمل في هذا الحديث يجد أن هذا الحديث يرشد إلى عدة نقاط منهي عنها نبينها كالتالي : 1_ لا يجوز بيع لحوم الأضاحي، وذهب الجمهور إلى أنه لا يجوز أيضاً بيع جلودها وأصوافها وأوبارها وشعرها وان كان ولابد من بيع الجلود فليهديها ، أو يتصدق بها على الفقراء والمساكين . 2_ عدم إعطاء الجزَّار منها شيئاً مقابل جِزارته (67). مسألة : الأضحية تجزئ عن المضحي وأهل البيت: الأضحية عندما شرعت , قدرها الشارع بفرد من الضان أو المعز ويشترك في الإبل, والبقر سبعة أفراد , وأما إجراؤها فتجزئ الشاة عن الواحد وأهل بيته, عن عطاء بن يسار قال سألت أبا أيوب الأنصاري كيف كانت الضحايا فيكم على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم-؟ قال: "كان الرجل في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- يضحى بالشاة عنه وعن أهل بيته ,فيأكلون ويطعمون ,ثم تباهى الناس فصار كما ترى"(68). مسألة : الاشتراك في الأضحية: بالنسبة للإبل والبقر , فيجزئ الفرد منها عن سبعةٍ وأهلِ بيوتهم,لحديث جابر - رضي الله عنه - قال: "حججنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فنحرنا البعير عن سبعة والبقرة عن سبعة"(69) مسألة : الأضحية بأكثر من واحدة: وقد تكون للإنسان سعة فلا بأس أن يضحي بأكثر من فرد من الضان والمعز, أو يذبح فردا من البقر, أو الإبل , أو أكثر من ذلك وكلما كان مقصد العبد بالإكثار من الأضحية إعالة الفقراء والمساكين كان أفضل , أضف إلى ذلك كثرة إراقة الدم التي هي المقصود من ذبح الأضحية ، فكثرة الأضاحي دليل على زيادة التقوى ، لحديث أنس – رضي الله عنه - قال : " ضحى النبي _ صلى الله عليه وسلم _ بكبشين أملحين (70)، فرأيته واضعاً قدمه على صفاحهما يسمِّي ويكبر فذبحهما بيده " ، ولفظ مسلم : عن أنس قال : "ضحى رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ بكبشين أملحين أقرنين قال : ورأيته يذبحهما بيده ورأيته واضعاً قدمه على صفاحهما قال: وسمَّى وكبر " مسألة : كثرة اللحم في الأضحية: كثرة اللحم في الأضحية مطلوب ، لأن فيه إغناءً للفقراء والمحتاجين ، وفيه توسيع على الأهل والأقارب ، وبه يستطيع أن يدعو أقاربه وجيرانه للأكل من أضحيته ، فمن ضحىّ ببعير كامل أو بقرة كاملة فهي أفضل من كبش واحد ، لكثرة لحمها وغلاء ثمنها فهي أنفع من الكبش الواحد ,فعن أبي هريرة قال : " نعم المال الثلاثون من الإبل تمنح الغزيرة وتنحر السمينة ويطرق الفحل ويفقر الظهر والثلاثون خير من الأربعين ويل لأصحاب المأتين كم من حقوقها لا يؤدونه" (71). مسألة : الأكل والتصدق والإهداء: ذهب جمهور أهل العلم إلى أن الأكل من الأضحية مندوب, لقوله تعالى : ﴿ َكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ ﴾ [الحج :36], ولحديث عائشة تقول:" دف(72) ناس من أهل البادية حضرة الأضحى في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ادخروا الثلث وتصدقوا بما بقي " قالت فلما كان بعد ذلك قيل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم- يارسول الله لقد كان الناس ينتفعون من ضحاياهم ويجملون منها الودك(73) ويتخذون منها الأسقية فقال : رسول الله صلى الله عليه وسلم " وما ذاك ؟ " أو كما قال قالوا :يا رسول الله نهيت عن إمساك لحوم الضحايا بعد ثلاث فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إنما نهيتكم من أجل الدافة(74) التي دفت عليكم فكلوا وتصدقوا وادخروا"(75) , ولقد حمل الجمهور الأمر على الندب ؛ لأن الأمر فيه جاء بعد الحظر فيحمل على الندب أو الإباحة, قال الحافظ ابن عبد البر : وأما قوله :" فكلوا وتصدقوا وادخروا " فكلام خرج بلفظ الأمر ، ومعناه الإباحة لأنه أمر ورد بعد نهي ، وهكذا شأن كل أمر يرد بعد حظر أنه إباحة لا إيجاب) (76) . مقدار الأكل: يأكل ثلثها ويهدي ثلثها ويتصدق بثلثها, لقوله : "كلوا وتصدقوا وأطعموا"(77), واحتج ابن قدامة بما ورد عن ابن عباس في صفة أضحية النبي _ صلى الله عليه وسلم _قال :"ويطعم أهل بيته الثلث، ويطعم فقراء جيرانه الثلث، ويتصدق على السؤَّال بالثلث"(78). التصدق منها: التصدق بشيء قلَّ أو كثر من الأضحية مندوب , لقوله تعالى : ﴿ َكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ ﴾ [الحج : 36] , ولقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم- " فكلوا وتصدقوا وادخروا" , قال الحافظ ابن حجر وأما الصدقة منها فالصحيح أنه يجب التصدق من الأضحية بما يقع عليه الاسم ، والأكمل أن يتصدق بمعظمها ) (79). الهدية من الأضحية : اتفق أهل العلم على أن الهدية من الأضحية مندوبة, وكثير من العلماء يرون أن يهدي ثلثاً منها ، كما مرَّ في حديث ابن عباس ، فإنه يجعل الأضحية أثلاثاً ، ثلث لأهل البيت ، وثلث صدقة ، وثلث هدية , ويسن أن يجمع بين الأكل والتصدق والإهداء وأن يجعل ذلك أثلاثاً ، وإذا أكل البعض وتصدق بالبعض فله ثواب الأضحية بالأكل والتصدق بالبعض(80) مسألة: الادخار من لحم الأضحية: الادخار من الأمور المهمة في حياة الإنسان تساعده على حفظ ما يحتاج إليه لحين حاجته إليه, وفي بداية التشريع الإسلامي ,جاءت أحاديث صحيحة تنهى عن ادخار لحوم الأضاحي، ثم أذن في الادخار بعد ذلك ؛ أي أن النهي عن الادخار منسوخ (81) لحديث عبد الله بن واقد قال : " نهى رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ عن أكل لحوم الأضاحي بعد ثلاث, قال عبد الله بن أبي بكر : فذكرت ذلك لعمرة – بنت عبد الرحمن الأنصارية - فقالت : صدق سمعت عائشة تقول : دفَّ أهل أبيات من أهل البادية حضرة الأضحى زمن رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ ، فقال رسول الله : " ادخروا ثلاثاً ثم تصدقوا بما بقي, فلما كان بعد ذلك قالوا: يا رسول الله ، إن الناس يتخذون الأسقية من ضحاياهم ، ويجملون منها الودك, فقال رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ : وما ذاك ؟ قالوا : نهيت أن تؤكل لحوم الضحايا بعد ثلاث, فقال : إنما نهيتكم من أجل الدافة(82)، فكلوا وادخروا وتصدقوا ", وما وردد عن سلمة بن الأكوع قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - " من ضحى منكم فلا يصبحن بعد ثالثة وفي بيته منه شيء , فلما كان العام المقبل قالوا يا رسول الله نفعل كما فعلنا عام الماضي ؟ قال: كلوا وأطعموا وادخروا فإن ذلك العام كان بالناس جهد فأردت أن تعينوا فيها"(83) , قال الإمام النووي … والصحيح نسخ النهي مطلقاً ، وأنه لم يبق تحريم ولا كراهة ، فيباح اليوم الادخار فوق ثلاث ليال ، والأكل إلى متى شاء) (84) . الخاتمة : وفي الختام اسأل الله التوفيق والسداد وأسله سبحانة أن أكون قد أعطت الموضوع حقه, وأسل الله أن يوفق الجميع إلى استغلال أوقات العيد المباركة ، والتوسيع على النفس والعيال، وتحقيق ما فرض الله ولا تنسونا من صالح دعائكم . | |
|