التسليم:
هو عدم المنازعة
والمعارضة والمجادلة والمخاصمة والمراء.
وهو الانقياد إلى الله
وإلى رسوله وإلى أئمة الهدى الذين أقامهم الله منارات للناس فى الدنيا والآخرة،
انقيادا يجعل الإنسان يؤمن بأنهم أعلم الناس بدين الله، وأخشى الناس لله، وأحرص
الناس على منفعة خلق الله، وأرحم الناس بعباد الله. فقد قال تعالى فى محكم التنزيل
:وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا
لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا
مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ
فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ [ [1]وقال تعالى :
وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا
تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا
تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيراً[ [2] أى ومن يتبع طريقاً
مخالفاً لطريق المؤمنين نوكله ونتركه إلى قصده المخالف وإلى نفسه وشيطانه ونتخلى
عنه وله فى الآخرة عذاب أليم فى نار جهنم، وقال e :
{ اتَّبِعُوا الْعُلَمَاءَ فَإنَّهُمْ
سُرُجُ الدُّنْيَا وَمَصَابِيحُ الآخِرَةِ }
[3]وقال تعالى :
وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ
مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ
الْعُلَمَاء إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ [ [4]والمذهب هو ما يذهب إليه
الإنسان، ويراه ويعتقد أنه الحق والصواب فيعمل به ويلتزم بتعاليمه بكل الرضا
والارتياح، واثقاً كل الثقة أنه يعيش فى معية الله ورسوله ومعية الصديقين والشهداء
والصالحين والمقربين. لأن التسليم منهج السلف الصالح رضى الله عنهم.
هذه الحقيقةيجب ان تكون أمام أعين
الناس عامة، والسالكين خاصة ليعلم الجميع أن المنازعة والمجادلة والخصومة، إنما هى
قواطع تقطع العبد عن رحمة الله ورضوانه، وتعزله عن جماعة المسلمين.
قال
صلى الله عليه وسلم : :
{ أنَا زَعِيمُ بَيْتِ فِى رَبَضِ الْجَنَّةِ
لِمَنْ تَرَكَ الْجِدَالَ وَإِنْ كَانَ مُحِقَّاً } [5]وقال الله تعالى :
وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا
بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا
بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ
وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ[ [6]وفى التسليم السلامة
للجميع من كل ما يهدم المجتمعات ويقـوض أركانها .
وقال الله تعالى :
وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ
تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ
الصَّابِرِينَ[ [7]وإن دين الله قوى ومتين،
ولن يتشدد أحدٌ فيه إلا وجد الدين أشد وأقوى منه، وإنما يجب على المسلم أن يتوسط ويعتدل
فى أخذه بأحكام هذا الدين، وفى الأثر :
{ التَّوَسُطُ فِى كُلِّ شَئٍ حَسَنٌ وَ فِى
الْعِبَادَةِ أَحْسَن }
وأن الله أهلك الأمم قبلنا
بسبب تشددهم وتعنتهم فى الدين، و قال
صلى الله عليه وسلم : :
{ إِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَانْتَهُوا عَنْهُ، وَإِذَا
أمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ، فَأتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ }[8]وقالت السيدة عائشة رضى
الله عنها :
{ ما خُيِّرَ رسولُ اللهِ e بينَ أمرين إلا أخذَ أيسَرَهما ما لم يكن إِثماً ، فإِن كان إِثماً كان
أبعدَ الناسِ منه }[9] وقال
صلى الله عليه وسلم : :
{ يَسِّرُوا وَلاَ تُعَسِّرُوا، وَبَشِّرُوا
وَلاَ تُنَفِّرُوا }[10]وفى
رواية أخرى متفق عليها:{ وَسَكِّنُوا وَلاَ تُنَفِّرُوا }
وقال صلى الله عليه وسلم :
{ إنَّ هذَا الدينَ مَتِيْنٌ فأوْغِلْ فيه بِرِفْقٍ، ولا
تُبَغِّضْ إلى نَفْسِكَ عبادَةَ رَبِّكَ، فإنَّ المُنْبَتَّ لا سفراً قَطَعَ ولا
ظَهْراً أَبْقَى، فاعْمَلْ عَمَلَ امرىءٍ يَظُنُّ أنْ لَنْ يَمُوْتَ أبداً،
واحْذَرْ حَذَراً تَخْشَى أَنْ تَمُوْتَ غَداً