أدب الاعتقاد فى الشيخ

اعلم أن أى فتح يجريه الله عليك فإنه من الله أعطاه لرسوله صلى الله عليه وسلم القاسم الذى أعطاه لشيخك فالشيخ هو مصدر الإمداد المباشر لك فاعلم ذلك فإنه يحفظك من وساوس النفس والشيطان التى ربما جعلتك تظن أنك أفضل من شيخك وأكثر منه علما فلولاه ما أجرى الله لك هذه الفتوحات وإن أردت الدليل فانظر لحالك قبل السلوك على يديه وحالك بعدها واعلم أن من كان منسوبا سيكون محسوبا ولو كان معيوبا فاحرص على هذه النسبة بأن ترى فى شيخك الكمال وتحقق بقطبانية شيخك واعتقدها تنل كل خير وتضمن الفوز إن شاء الله فالفرق كبير من رأى سيدنا محمدا كرسول وبين من رآه يتيم أبى طالب . فالشيخ رابطة بين الله ورسوله وبين المريد يحفظ مريده من الاحتراق بنور رسول الله صلى الله عليه وسلم ومع هذا فإن للشيخ أنوار ورثها من السلسلة التى اتصل بها بالنبى صلى الله عليه وسلم ربما صعق منها المريد ولكنهم يحرقون الأغيار فى قلوب مريديهم ويملؤوها بالأنوار والحب ولكن إذا فقه المريد فعلى كثرة المريدين ربما لا تجد منهم من يفتخر به شيخه إلا واحدا لأن هذا الواحد أعطى كله للطريق فهذا شرط عند القوم أن تعطى الطريق كلك حتى تعطيك بعضها والطريق علم بالله وإذا أردت أن تعرف كيف تعتقد فى شيخك فابحث عن حقيقة الصوفية وما وصلوا إليه نقول : اعلم أن كل خير دنيوى وأخروى ستجده فى صحبة الصوفية .. الصوفية هم الصديقون منهم رجال الغيب الذين منحهم الله التصريف كما منح ملائكته التوكيل بالرزق وغيره .. الصوفية يجتمعون بسيدنا الخضر عليه السلام .. الصوفية يجتمعون بالسادة الأملاك عليهم السلام .. الصوفية يجتمعون بسيدنا النبى صلى الله عليه وسلم يقظة ولا يغيب عنهم إن ناموا .. الصوفية هم أكثر الناس معرفة بربهم .. الصوفية من أرباب الكشف والكرامات .. الصوفية أكثر الناس معرفة باسم الله تعالى الأعظم .. ومع ذلك كله هم لا يسعون إلا لمرضاة الله تعالى ويجعلون أكبر كرامة لزوم الاستقامة وإذا رأوا النبى صلى الله عليه وسلم أثناء ذكرهم لا يتوقفون لأنهم لا يقصدون إلا الله بذكرهم فيأتيهم النبى صلى الله عليه وسلم بعد ذلك ليبشرهم ويعلمهم ويقولون لمريديهم لا تبحثوا عن الاسم الأعظم وكونوا أنتم الاسم الأعظم فالصوفية هم ورثة النبى صلى الله عليه وسلم وهم السائرون على نهج الصحابة رضوان الله عليهم وإن كانوا لا يصلون إلى قدر ذرة من صحابى فشرف الصحبة يفوق أى شرف . والصوفية عازفون عن الدنيا أخرجوها من قلوبهم وجعلوها فى أيديهم حتى لا يكونوا عالة على غيرهم . تراهم لا يرتدون إلا الملابس البسيطة وذلك خوفا أن يتعلقوا بالظاهر فينقطعوا عن السير تحققوا بقول النبى صلى الله عليه وسلم : (إن الله لا ينظر إلى أجسامكم ولا إلى صوركم) وشرطوا على مريديهم :
1- أن يغير أصدقاءه الفاسدين ليلزم الصحبة الصالحة فمن جالس جانس كما قالوا فيترك المريد أبناء الدنيا الذين لا حاصل وراء صحبتهم إلا موت القلب بالران عليه من الغفلة عنه تعالى بكثرة المحرمات بلا توبة . فقرين السوء أخطر على السالك إلى الله من مردة الشياطين .
2- أن يغير ملابسه حتى يشعر بالذل والفقر إلى الله وحتى لا يتكبر على الفقراء ويشعر بهم ويتحقق بالفقر الذى قصده الشرع .
3- أن يغير أنفاسه فيشرطون عليه التوبة بتبديل الحركات المذمومة بالحركات المحمودة وأن يكون كل نفس فى طاعة حتى النوم فهم قد فهموا مقاصد الشريعة وعلموا أن الصحابة كانوا يحتسبون فى نومتهم كما يحتسبون فى قومتهم فبالنية تتحول العادة إلى عبادة ويذكرون الله فى كل نفس ليس مجرد الذكر كذكر الخاملين بل يذكرون بهمة فتُطوى لهم المقامات فإنك إذا علمت أن الوصول لرؤية النبى صلى الله عليه وسلم فى اليقظة يحتاج إلى اجتياز 149.000 مقام فانظر أنت مطالب بكم مقام تجتازه فى اليوم الواحد فأنار الله بصائر العارفين ووضعوا علم التصوف ومن قواعده الذكر بالاسم المفرد وخاصة الأسماء السبعة التى يجتاز به المريد الأنفس السبعة وهذا بناء على تجارب فى مجاهدة الأنفس بأسماء الله فأنهم يرون أن سيدنا بلال رضى الله عنه قد تحمل الأذى بذكره (أحد أحد) ورأوا لا راحة فى الدنيا كما هو مكتوب على العرش ورأوا أنها سجن المؤمن فأشغلوا نفوسهم بالذكر المجرب فوصلوا إلى الله وتفاوتت مقاماتهم على قدر هممهم فمنهم من يصير من الأكابر فى مدة يسيرة وعرجوا إلى الله وسبحوا فى بحار النور وطاروا مع الملائكة يذكرون معهم بلغاتهم من غير تعلم بل بفتح الله عليهم ولكنهم يقررون أن النفس حية ولو قطعت مراتبها السبعة فتجدهم ينهون عن مصاحبة الأمرد وينهون عن مجالسة النساء ويتورعون فى كل شئ لا يعتمدون على أعمالهم بل يعتمدون على فضل الله ورحمته ومنه .
منقووووووووووووووووووول