منتدى الطريقه النقشبنديه
الحسد والغبطة 412252
عزيزى الزائر/ عزيزتى الزائره
يرجى التكرم بتسجيل الدخول اذا كنت
عضو معنا
أو التسجيل ان لم تكن عضو وترغب فى الانضمام الى أسرة المنتدى
سنتشرف بتسجيلك
الحسد والغبطة 862936
الحسد والغبطة 22-4-99
ادارة المنتدى
منتدى الطريقه النقشبنديه
الحسد والغبطة 412252
عزيزى الزائر/ عزيزتى الزائره
يرجى التكرم بتسجيل الدخول اذا كنت
عضو معنا
أو التسجيل ان لم تكن عضو وترغب فى الانضمام الى أسرة المنتدى
سنتشرف بتسجيلك
الحسد والغبطة 862936
الحسد والغبطة 22-4-99
ادارة المنتدى
منتدى الطريقه النقشبنديه
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى الطريقه النقشبنديه

تصوف اسلامى تزكية واداب وسلوك احزاب واوراد علوم روحانية دروس وخطب كتب مجانية تعليم برامج طب و اسرة اخبار و ترفيه
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الحسد والغبطة

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
قمرالليل
المراقب العام
المراقب العام
قمرالليل


الساعه :
ذكر
عدد المساهمات : 676
مزاجك : ركوب الخيل
تاريخ التسجيل : 19/03/2011
العمر : 46
الموقع : هنا
العمل/الترفيه : !!!
الأوسمه عضو مجلس الإداره

الحسد والغبطة Empty
مُساهمةموضوع: الحسد والغبطة   الحسد والغبطة Icon_minitimeالإثنين مايو 09, 2011 10:36 am

وهذا الموضوع تجلّى بوضوح عندما حكى يوسف لأبيه حلماً كان قد رآه حيث تقول الآية : (إِذْ قَالَ يُوسُفُ لاَِبِيهِ يَا اَبَتِ إِنِّى رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِى سَـجِدِينَ)(1).

وكان النبي يعقوب يعلم أنّ مثل هذه الرؤيا ليست رؤيا عادية ومن افرازات الخيال للأطفال بل هي علامة على مستقبل مشرق ينتظر ابنه يوسف فقال له كما تتحدث الآية : (قَالَ يَابُنَىَّ لاَتَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُواْ لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلاِْنسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ)(2).

ولكن هل أنّ اخوة يوسف علموا بمضمون رؤيا يوسف العجيبة الّتي تتحدّث عن


--------------------------------------------------------------------------------

1. سورة يوسف، الآية 4.
2. المصدر السابق.

[ 109 ]
مستقبله الزاهر أم لا ؟

لا نعلم بذلك على وجه الدقة، ولو أنّهم كانوا قد علموا بذلك لكانت هذه بمثابة البذرة الثانية لحالة (الحسد) الّتي اعتمرت قلوبهم، ولكن على أيّة حال فإنّ الأب كان يعلم انه إذا علم الاخوة بمضمون هذه الرؤيا العجيبة فانهم سوف يتحركون ضد أخيهم يوسف من موقع العداوة والخصومة، ولهذا أصرّ عليه بكتمان هذا الخبر عنهم.

وجاء في بعض الروايات أنّ يعقوب ومن فرط فرحه وسروره بهذه الرؤيا قد أخبر زوجته بذلك على أساس انها تكتم الخبر، ولكن بما أنّ السر إذا تجاوز الاثنين فشا، فإنّ هذه الحكاية انتشرت وعلم بها اخوة يوسف، وجاء في رواية اُخرى أنّ يوسف لم يستطع كتمان خبر هذه الرؤيا، (فتصوّر أن نهي أبيه هو نهي ارشادي لا نهي تحريمي) فعندما علم اخوته بخبر الرؤيا قالوا أنّ يوسف يطمح أن يكون ملكاً(1).

ولكن إذا لم يعلم الاخوة بخبر الرؤيا فانهم على الأقل كانوا يرون تعامل أبيهم مع يوسف وسلوكه الّذي ينبىء عن عظيم حبّه له وخاصة انه كان بقية اُمّه راحيل الّتي ماتت وهو في طفولته.

القرآن الكريم يقول في هذا الصدد (إِذْ قَالُواْ لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِى ضَلاَل مُّبِين)(2).

وبهذه الصورة اصدروا حكمهم بضلالة أبيهم، وبعد ذلك صمّموا على رفع هذا المانع الكبير، أي يوسف، من طريقهم ليبقى لهم حبّ أبيهم ومودّته، وضمن البحث في (جلسة شيطانية) قرروا ما يلي (اقْتُلُواْ يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُواْ مِن بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ)(3).

وكما نعلم انه لم يتم لهم قتل أخيهم يوسف بل قد توسّط أحد الاخوة في ذلك وتم القرار


--------------------------------------------------------------------------------

1. تفسير البرهان، ج 2، ص 2433، تفسير أبو الفتوح الرازي، ج 6، ص 341.
2. سورة يوسف، الآية 8.
3. سورة يوسف، الآية 9.

[ 110 ]
بإبعاده إلى أرض بعيدة ومنطقة نائية، وبالرغم من أنّ هذا النفي والتبعيد ليوسف قد سبّب الحزن الشديد لأبيه يعقوب بحيث ابيضّت عيناه من الحزن وصار بصيراً من كثرة البكاء، ولكن هذا العمل وعلى خلاف توقع الاخوة اصبح مقدمة لينال يوسف مقام القدرة والسلطنة على بلاد مصر الّتي كانت تعتبر من أعظم البلدان في ذلك الزمان وكذلك لم يحظوا بحبّ أبيهم أيضاً.

أجل فإنّ الامواج الخطيرة للحسد قوية وعظيمة إلى درجة أنّها دفعت الاخوة إلى قتل أخيهم وتسبّبت في أن يحملوا أوزاراً كبيرة اُخرى منها الكذب وكتمان الجريمة ونسبت أبيهم إلى الضلالة واهانة نبي من الأنبياء وأمثال ذلك.

—–

«الآية الثالثة» تشير إلى قصة اليهود وتتحدث عن سلوكياتهم الذميمة، ونعلم أنّ طائفة عظيمة من بني إسرائيل قد قرأوا علامات النبي في آخر الزمان ومنطقة ظهوره، فرحلوا من (الشامات) إلى (المدينة) ليحظوا بصحبة ذلك النبي ويؤمنوا به، ولذلك كانوا ينتظرونه دائماً.

ولكن بعد ظهور هذا النبي فإنّ الكثير منهم لم يبقوا على تعهدهم والتزامهم المسبق بحمايته ونصرته والإيمان به، بل أصبحوا في صف المخالفين له والمحاربين لدعوته، والسبب الأهم في ذلك هو عنصر «الحسد» والآخر هو ماتوهموا من وقوع منافعهم ومصالحهم في الخطر.

القرآن الكريم يتحدّث لنا عن هذه الحالة لليهود فيقول (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَآءَاتَهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَآ آلَ إِبْرَاهِيمَ ا لْكِتَابَ وَا لْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيًما)(1).

أجل فإنّ المشيئة الإلهية قد تعلقت في أن يملك آل إبراهيم والّذين كان اليهود من ذريتهم وأن تكون لهم النبوة والعلم، ولكن المشيئة الإلهية قررت في زمان لاحق أن تتعلق النبوة والعلم بمحمّد وآله الكرام وكلّ ذلك وفقاً للمصالح الّتي تتعلق بها المشيئة الإلهية، فهل أنّ اليهود كانوا يقبلون أن يحسدهم الناس على ما آتاهم الله من فضله في الزمان السالف ؟


--------------------------------------------------------------------------------

1. سورة النساء، الآية 54.

[ 111 ]
إذن فلماذا استعرت في قلوبهم نيران الحسد عندما يرون أنّ نعمة الله قد صارت من نصيب آخرين وبذلك تحركوا في خط الباطل.

—–

«الآية الرابعة» تتحدّث عن طائفة من أهل الكتاب الّذين يتعاملون مع المسلمين من موقع الحسد، والظاهر انها ناظرة إلى اليهود وتقول (وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ ا لْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَاتَبَيَّنَ لَهُمُ ا لْحَقُّ فَاعْفُواْ وَاصْفَحُواْ حَتَّى يَأْتِىَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَىْء قَدِيرٌ)(1).

إن الحسد قد يصل بالإنسان إلى درجة أن لا ينحصر تأثيره في الاُمور المادية مورد التنازع بين الناس عادة فحسب بل قد يتجاوز ذلك إلى الاُمور المعنوية الّتي لا تتزاحم بطبعها في تواجدها بين أفراد البشر كافة بخلاف حال الاُمور المادية الّتي تتزاحم بالذات بين الأفراد، وهؤلاء يحسدون المؤمنين من موقع العناد والاصرار ويسحقون على سعادتهم ويديرون ظهورهم للحقّ بسبب اُمور موهومة، ونفس هذا الحسد يتسبّب أن يضعف في الآخرين أيضاً الدافع لسلوك طريق السعادة والتحرّك في خط الإيمان والتقوى، وهذا من عجائب الحسد.

وقد ذكر الكثير من المفسّرين أنّ جملة «حَسَداً مِنْ عِنْدِ اَنْفُسِهِمْ» إشارة إلى أنّ العامل لهذه الحالة في نفوسهم هو عنصر الحسد المتجذر في باطنهم والّذي يتفرع من جهلهم وعدم اطلاعهم على حقائق الاُمور بل حتّى بعد اطلاعهم على الحقيقة يسلكون هذا المسلك المنحرف كما تقول الآية بعد ذلك «مِّن بَعْدِ مَاتَبَيَّنَ لَهُمُ ا لْحَقُّ».

ولكنّ القرآن الكريم يخاطب المسلمين من موقع الأمر إلى أن يتركوا هؤلاء الحسّاد لحالهم (لأن نار الحسد المستعرة في قلوبهم هي أفضل جزاء لهم) ولكن لا يتصوروا أنّ هذا العفو والصفح من قِبل المسلمين يستمر إلى ما لا نهاية وأنّهم أحرار في سلوك أيّ عدوان واضرار بالآخرين، كلاّ.



--------------------------------------------------------------------------------

1. سورة البقرة، الآية 109.

[ 112 ]
إنّ الزمان سوف يُثبت على انّ العذاب الإلهي سوف يُحيط بهؤلاء المنحرفين والظالمين إما في الدنيا بواسطة جيش الحقّ فيعذبهم الله ويريهم جزاء مؤامراتهم الخبيثة وممارساتهم المنحرفة تجاه أصحاب الحقّ، أو يذيقهم العذاب في الآخرة.

وعلى أيّة حال فهذه الآية تشير إلى أنّ المسلمين الّذين اعتنقوا الإسلام حديثاً عليهم أن لا يستسلموا لوساوس اليهود وغيرهم من المنحرفين وقوى الضلال لأنهم ينطلقون في تعاملهم مع المسلمين من موقع الحسد ولا يريدون سعادتهم بل يتألمون لما يروا من سعادة المسلمين في ظلّ التقوى والإيمان.

—–

«الآية الخامسة» وهي الآية الخامسة من سورة الفلق تشير إلى شرّ الحاسدين وتخاطب النبي بأن يتعوذ بالله تعالى من شرّ كلّ حاسد وتقول (وَمِن شَرِّ حَاسِد إِذَا حَسَدَ)(1).

وفي بداية هذه السورة تخاطب النبي بالقول (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ ا لْفَلَقِ * مِن شَرِّ مَا خَلَقَ).

ثمّ تقسم المخلوقات الشريرة إلى ثلاثة أقسام وتقرر أنّ أساس الشرّ والعامل الأصلي له في العالم هي هذه الاُمور الثلاثة :

الأوّل : المخلوقات الشريرة الّتي تستغل ظلمة الليل وتهجم على الإنسان في حال نومه ويقظته، والتعبير بكلمة (غاسق) (ويعني الموجود الشرير الّذي يهجم في الليل) وذلك لأن الحيوانات الوحشية والحشرات المؤذية تخرج ليلاً من آجامها وجحورها بل إنّ الأشخاص من أهل الشرّ والخبث والدنائة يستغلّون ظلمة الليل غالباً للوصول إلى مقاصدهم الشريرة.

ولكن الظلام هنا يمكن أن يكون له معنىً واسع بحيث يشمل كلّ أنواع الجهل والغفلة والمؤامرات الخبيثة وأمثال ذلك لأن قطّاع طريق الحقّ يستغلون جهل الناس عادة ويهجمون على المؤمنين واصفياء القلوب من موقع التآمر عليهم.



--------------------------------------------------------------------------------

1. سورة الفلق، الآية 5.

[ 113 ]
ثمّ تشير السورة إلى الأشرار الّذين ينفخون في العقد، وهو تعبير يشير إلى النساء اللواتي يسلكن طريق الإنحراف كما هو حال الساحرات الّذين يقرأن بعض الأوراد والتماتم في حال عملية السحر ثمّ ينفخن في العُقد ويقرأن على البسطاء والسذّج من الناس مطالب وكلمات غير مفهومة، وبهذه الوساوس يسعين إلى ايجاد عنصر الخذلان في إرادتهم ويجرّونهم إلى حال الترديد والتشكيك، فعندما تضعف الإرادة في الإنسان يتسنّى حينئذ لجيش الشيطان أن يهجم ويتسلط عليه.

ثمّ تشير الآيات إلى الطائفة الثالثة والأخيرة من طوائف الشرّ وتقول (وَمِن شَرِّ حَاسِد إِذَا حَسَدَ).

وهنا يتضح أنّ أحد عوامل التخريب والفساد في العالم هو عامل الحسد والتخريب الّذي ينشأ من فعل الحسّاد، وعليه فالآية في حديثها عن المنابع الثلاثة للشرّ والفساد (وهي : المهاجمون في ظلمة الليل، والموسوسون الّذين يتحركون من خلال الإعلام
لهدف تضعيف عقائد الناس وايمانهم وايجاد الخلل في العلاقات الاجتماعية، والحاسدون الّذين يتحركون بين الناس من موقع التخريب) فهذه الآيات شاهد ناطق على المراد أي الأضرار الوخيمة للحسد.

أمّا ما ورد في الآية من هذه السورة من الصفة الإلهية (بِرَبِّ الْفَلَقِ) يمكن أن يكون إشارة إلى هذه الحقيقة، وهي أنّ هذه الطوائف الشريرة الثلاثة تستغل دائماً الظلمة والجهل والاختلاف والكفر، فلو أنّ هذه الظلمات تبدّلت إلى نور العلم والاتحاد والايمان فإنّ قوى الانحراف هذه سوف لا تستطيع أن تعمل شيئاً.

—–

«الآية السادسة» من الآيات مورد البحث بعد أن مدحت الأنصار مدحاً بليغاً (وهم الّذين دعوا نبي الإسلام إلى يثرب ونصروه واستقبلوه أحسن استقبال وجعلوا جميع ما لديهم من امكانات تحت اختياره) تحدّثت عن (التابعين) وهم الّذين جاءوا بعد المهاجرين والأنصار والتزموا خطّ الايمان واعتنقوا الإسلام واستمروا في خط الايمان، تقول الآية (وَالَّذِينَ

[ 114 ]
جَآءُو مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلاِِخْوَا نِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالاِْيمَانِ وَلاَ تَجْعَلْ فِى قُلُوبِنَا غِلاّ لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ رَبَّنَآ إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ)(1).

وعلى هذا الأساس يقول هؤلاء بعد طلبهم المغفرة لهم ولمن تقدّمهم في الإيمان (المهاجرين والأنصار) حيث يطلبون من الله تعالى أن يُزيل أي شكل من أشكال (الغِل والحقد والحسد) في قلوبهم بالنسبة إلى المؤمنين، لأنهم يعلمون انّه مادامت هذه الاُمور تعيش في قلب الإنسان فإنّ روابط المحبّة والاخوّة والإتحاد لا يمكن أن تؤثر أثراً وبالتالي لا ينال الفرد التوفيق في حركته الدينية والاجتماعية.

كلمة (غِل) المأخوذة من مادّة (غلل) وكما يقول الراغب في كتابه (المفردات) هي في الأصل بمعنى الشيء الخفي الّذي ينفذ تدريجياً وبخفاء، ولهذا يُقال للماء الجاري (غلل) لأنّه ينفذ إلى الأشجار تدريجياً.

ثمّ استُعمل الغلول في (الخيانة) لأنها تنفذ بخفاء وتدرّج، وكذلك استُعملت في (الحقد والحسد) حيث ينفذان إلى القلب بشكل خفي وتدريجي.

وجاء في (لسان العرب) أنّ الحسد نوع من (الغلّ) كما أنّ من مصاديقه هو الحقد والعداوة أيضاً.

والكثير من المفسّرين يرون في تفسير الغِل بمعنى الحسد كالفخر الرازي في (التفسير الكبير) والمراغي في تفسيره والقرطبي في (الجامع لأحكام القرآن) في ذيل هذه الآية محل البحث.

—–

«الآية السابعة» والأخيرة من الآيات مورد البحث تتحدّث عن صفات أهل الجنّة وتقول بعد تصريحها باستقبال الملائكة لهم في القيامة ودعائهم لهم بالسلامة والأمن (وَنَزَعْنَا مَافِى صُدُورِهِم مِّنْ غِلّ إِخْوَا نًا عَلَى سُرُر مُّتَقَابِلِينَ)(2).



--------------------------------------------------------------------------------

1. سورة الحشر، الآية 10.
2. سورة الحجر، الآية 47.

[ 115 ]
أجل فإنّ أهل الجنّة طاهرون من كلّ أشكال الحسد والحقد والعداوة الّتي يتصف بها أهل النار، وإذا رأينا أنّهم يعيشون حالة الأخوة والسلامة والأمن في الجنّة فإنما هو بسبب زوال هذه الاُمور السلبيّة من وجودهم وقلوبهم (وذلك بلطف الله وببركة أعمالهم الصالحة في الدنيا).

ولا شكّ أنّ الناس في الدنيا لو عاشوا بحياة خالية من الحقد والعداوة والحسد في تفاعلهم الاجتماعي فيما بينهم لأضحت حياتهم الدنيوية كحياة أهل الجنّة حيث يعيشون الأمن والأمان والاخوة والصفاء أيضاً.



—–



النتيجة :
ومن مجموع ما تقدّم من الآيات المذكورة آنفاً تتضح الآثار السلبيّة الوخيمة لحالة الحسد في حركة الحياة الفردية والاجتماعية، ويتضح كذلك موقف القرآن السلبي والشديد من هذه الصفة الأخلاقية الذميمة، فالحسد هو الّذي تسبب في أن يقتل الإنسان أخاه وأن يُغمض عينه عن رؤية الحقّ ويُسدل على عقله حجاباً كثيفاً يمنعه عن رؤية الحقيقة ويُثير في أجواء المجتمع الظلمة، ويقطع أواصر المحبّة والود بين الأفراد، ويحوّل المجتمع البشري إلى جهنم محرقة تحرق المتلوثين بهذه الصفة الذميمة.

—–



الحسد في الروايات الإسلامية :
ونقرأ في الروايات الإسلامية الذمّ الشديد لحالة الحسد بحيث قلّما نجد صفة من الصفات الرذيلة قد ورد ذمّها بهذه الشدّة في النصوص الدينية، وعلى سبيل المثال وكنماذج وعيّنات من ذلك نكتفي بإستعراض عدّة روايات تتحدّث حول هذا الموضوع :


[ 116 ]
1 ـ ورد في الحديث الشريف عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنّه قال : «اَلْحَسَدُ يَأْكُلُ الْحَسَنَاتِ كَمَا تَأْكُلُ النَّارُ الْحَطَبَ»(1).

والتعبير أعلاه يشير إشارة واضحة إلى انّ نار الحسد يمكنها أن تأتي على جميع عناصر السعادة لدى الإنسان وتحرق حسناته وأتعابه طيله عمره وتهدر ثمرات اتعابه بحيث يخرج من الدنيا صفر اليدين.

2 ـ وهذا المعنى ورد بصورة أشد في الحديث الشريف عن الإمام الباقر والصادق (عليهما السلام)حيث قالا : «اِنَّ الْحَسَدَ يَأْكُلُ الاِْيمانَ كَمَا تَأْكُلُ النَّارُ الْحَطَبَ»(2).

أجل فإنّ الصفة الرذيلة للحسد لا تحرق الحسنات فقط بل تحرق الإيمان أيضاً وتبدّله إلى رماد، وسيأتي تفصيل الكلام في شرح هذا الحديث الشريف.

3 ـ وفي حديث آخر عن الإمام أميرالمؤمنين (عليه السلام) أنّه قال : «اَلْحَسَدُ شَرُّ الاَْمْرَاضِ»(3).

وطبقاً لهذا الحديث فإنه ليس هناك من الأمراض الأخلاقية أسوء وأشر من الحسد.

4 ـ وقد ورد عن أميرالمؤمنين (عليه السلام) أيضاً قوله : «رَأْسُ الرَّذَائِلِ الْحَسَدُ»(4).

5 ـ وكذلك ورد عن هذا الإمام في تعبيره الكنائي عن الحسد «للهِ دَرُّ الْحَسَدِ مَا اَعْدَلَهُ بَدَءَ بِصَاحِبِهِ فَقَتَلَهُ»(5).

6 ـ وأيضاً ورد عن هذا الإمام قوله : «ثَمَرَةُ الْحَسَدِ شَقَاءُ الدُّنْيَا وَالاْخِرَة»(6).

7 ـ وفي حديث آخر عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنّه قال : «آفَةُ الدِّينِ الْحَسَدُ وَالْعُجْبُ وَالْفَخْرُ»(7).



--------------------------------------------------------------------------------

1. المحجّة البيضاء، ج 5، ص 325.
2. اُصول الكافي، ج 2، ص 306، ح 1 و 2.
3. غرر الحكم الشرح الفارسي، ج 1، ص 91.
4. المصدر السابق.
5. شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد، ج 1، ص 316، بحار الأنوار، ج 70، ص 241.
6. غرر الحكم، ح 6857.
7. المحجّة البيضاء، ج 5، ص 327.

[ 117 ]
8 ـ وعن الإمام الصادق (عليه السلام) أيضاً أنّه قال : عندما كان موسى بن عمران يناجي الله عزّوجلّ إذ نظر إلى رجل في ظلّ العرش، فقال : «يَا رَبِّ مَنْ هَذَا الّذي قَدْ اَظَلَّهُ عَرْشُك»(1)

فقال : «يَا مُوسَى هَذَا مِمَّنْ لَمْ يَحْسُدُ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ».

9 ـ وفي حديث آخر عن النبي الأكرم(صلى الله عليه وآله) أنّه قال : «سِتَّةٌ يَدْخُلُونَ النَّارَ قَبْلَ الْحِسَابِ بِسِتَّة».

«قِيلَ يَا رَسُولَ اللهِ مَنْ هُمْ ؟»

«قَالَ : الاُْمَرَاءُ بِالْجَوْرِ، وَالْعَرَبُ بِالْعَصَبِيَّةِ، وَالدَّهَاقِينُ بِالتَّكَبُّرِ، وَالتُّجَّارُ بِالْخِيَانَةِ، وَأَهْلُ الرُّسْتَاقِ بِالْجَهَالَةِ، وَالْعُلَمَاءُ بِالْحَسَدِ»(2).

وعليه فإنّ الحسد يمثل بلاء العلماء بالدرجة الاُولى.

10 ـ ونختم هذا البحث بحديث آخر عن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) (رغم وجود أحاديث كثيرة في هذا الباب) أنّه قال : «اِنَّهُ سَيُصِيبُ اُمَّتِي دَاءُ الاُْمَمِ ! قَالُوا : وَمَاذَا دَاءُ الاُْمَمِ ؟ ! قَالَ : الاَْشَرُ وَالْبَطَرُ وَالتَّكَاثُرُ وَالتَّنَافُسُ فِي الدُّنْيَا، والتَّبَاعُدُ والتَّحَاسُدُ حَتَّى يَكُونَ الْبَغْيُ، ثُمَّ يَكُونُ الْهَرْجُ !»(3).

—–

اُمور مهمة :
بعد أن اتضح موقف القرآن الكريم والروايات الإسلامية من هذه الرذيلة الأخلاقية (الحسد) وعمق الفاجعة المترتبة عليه في حياة الإنسان والمجتمع البشري بقيت عدّة نقاط مهمّة في هذا البحث لابدّ من استعراضها لتتضح الأبعاد المختلفة لموضوع الحسد وهي عبارة عن :

1 ـ معنى ومفهوم الحسد.



--------------------------------------------------------------------------------

1. بحار الأنوار، ج 70، ص 275.
2. المحجّة البيضاء، ج 5، ص 327.
3. غرر الحكم الشرح الفارسي، ج 1، ص 326.

[ 118 ]
2 ـ دوافع الحسد.

3 ـ علامات وآثار الحسد.

4 ـ المعطيات الفردية والاجتماعية للحسد.

5 ـ طرق الوقاية من الحسد وعلاجه.

—–

1 ـ مفهوم الحسد والغبطة
ذكر علماء الأخلاق في تعريف الحسد انه : تمني زوال النعمة عن الآخرين سواءاً وصلت هذه النعمة إلى الحاسد أم لا.

وعليه فإنّ عمل الحسود هو التخريب أو تمنّي التخريب وزوال آثار النعم والمواهب الإلهية عن الآخرين سواءاً انتقلت إليه تلك النعمة أم لا.

وعلى هذا الأساس فإنّ أشد أنواع الحسد هو أن يتمنّى الإنسان زوال النعمة عن الآخر ويتحرّك في هذا المسير أيضاً سواءً عن طريق ايجاد سوء الظن بالنسبة إلى المحسود، أو عن طريق ايجاد الموانع لعمله في حركة الحياة والمعيشة، وهذا النوع من الحسد يحكي عن خبث الباطن الشديد للحسود.

والمرتبة الأدنى منها هي أن يكون هدف الحاسد هو تحصيل تلك النعمة عن طريق سلبها من الآخرين، وبالرغم من انّ هذه الحالة هي من الرذائل الأخلاقية ولكنها ليست في الشدّة كما رأينا في المرتبة الاُولى منها.

وهناك مرتبة أدنى من ذلك أيضاً حيث يتمنّى فيها الحاسد زوال النعمة عن الآخر بدون أن يتحرّك في هذا السبيل على مستوى الكلام أو الخطوات العملية الاُخرى .

وهذه الحالة الذميمة إذا حصلت للإنسان بدون اختيار منه كما قد يحصل لدى الكثير، فلا يترتب عليها إثم، ولكن إذا كانت بمحض ارادته بحيث حصلت له بسبب بعض المقدمات الاختيارية وبإمكانه إزالة هذه المقدّمات، فبلاشك تُعتبر هذه من الرذائل الأخلاقية أيضاً ولكن هل يترتب على ذلك إثم أم لا ؟


[ 119 ]
وهنا تأمّل في هذا الموضوع ناشيء من هذه الحقيقة، وهي هل أنّ الصفات الباطنية حتّى لو كانت اختيارية هي محرمة حتّى لو لم تظهر في عمل الإنسان وفعله، أو تُعتبر صفة أخلاقية تكشف عن انحطاط أخلاقي لذلك الشخص بدون أن تستتبعها حرمة في البين ؟

وعلى أيّة حال فإنّ النقطة المقابلة للحسد هي (الغِبطة) وهي أن يتمنّى الإنسان أن تكون له نعمة مثلما للآخرين أو أكثر منها بدون أن يتمنّى زوال تلك النعمة عن الآخر.

ولكن البعض يرى انّ (الغبطة) نوع من الحسد أيضاً ويستشهد لذلك بحديث شريف عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أيضاً(1).

ولكن من الواضح أنّ هذا المعنى ينسجم مع تفسيرنا للحسد بمفهومه الواسع بحيث يشمل كلّ مقارنة لما لدى الفرد من النعم مع ما لدى الآخرين منها، وهو في الواقع نزاع لفظي، والمعروف هو ما تقدّم آنفاً من تعريف الحسد.

وعلى أيّة حال فالحسد صفة ذميمة وقبيحة في دائرة الأخلاق، في حين انّ (الغِبطة) ليس فقط غير مذمومة، بل محمودة ومطلوبة أيضاً، وتعتبر سبباً لترقي المجتمع والصعود به في مدارج الكمال كما ذكر ذلك الطريحي في (مجمع البحرين) في مادّة (حَسَدَ).

ونقرأ في حديث عن الإمام الصادق (عليه السلام) قوله «اِنَّ الْمُؤْمِنَ يَغْبُطُ وَلاَ يَحْسُدُ، وَالْمُنَافِقُ يَحْسُدُ وَلاَ يَغْبُطُ»(2).

—–

2 ـ دوافع الحسد
من المعلوم أنّ الكثير من الصفات الرذيلة تتناغم مع بعضها وبينها تأثير متقابل، والحسد أيضاً من هذه الصفات حيث ينشأ من صفات قبيحة اُخرى، وهو بنفسه يُعد منبعاً ومصدراً لرذائل كثيرة أيضاً.

ويذكر علماء الأخلاق للحسد منابع كثيرة منها : العداوة والحقد بالنسبة إلى الآخرين


--------------------------------------------------------------------------------

1. راجع لسان العرب والتحقيق في كلمات القرآن الحكيم.
2. اُصول الكافي، ج 2، ص 307، ح 7.

[ 120 ]
حيث يتسبّب في أن يتمنّى الإنسان زوال النعمة عن الطرف الآخر الّذي يحمل له العداء ويبطن له الحقد.

والآخر هو الكِبر والغرور، ولهذا إذا رأى المتكبر غيره يتمتّع بنعم أكثر منه فإنه يتمنّى زوالها بل يسعى في إزالتها أيضاً لكي يُحرز تفوّقه على الآخرين.

الثالث : حبّ الرئاسة حيث يتسبّب في أن يتمنّى الإنسان زوال نعمة الآخرين لكي يستطيع بذلك من تحكيم سيطرته وحكومته عليهم، لأنّه إذا لم تكن قدرته وثروته وامكاناته الاُخرى أكثر من الآخرين فإنه قد لا يستطيع أن يثبّت أركان حكومته عليهم.

الرابع من أسباب الحسد : الخوف من عدم الوصول إلى المقاصد الدنيوية، لأن الإنسان يتصور أحياناً أنّ النعم الإلهية محدودة فلو أنّ الآخرين حصلوا عليها فيمكن أن يُحرم منها أو لا يصل إليه منها إلاّ القليل.

الخامس : الاحساس بالحقارة والدونية، فالأشخاص الّذين لا يجدون في أنفسهم اللياقة للوصول إلى المقامات العليا وحيازة المراتب السامية فإنّ ذلك يتسبب في ابتلائهم بعقدة الحقارة الّتي تدفعهم إلى تمني زوال النعمة من الآخرين وأن لا ينال الآخرون مكانة اجتماعية مهمة ليكونوا معهم سواء.

السادس : من أسباب الحسد هو البخل وخبث الباطن لأن البخيل ليس فقط غير مستعد لأن يبذل ما في يده إلى الآخرين، بل يتألم عندما يرى نِعم الله تعالى تصل إلى غيره، أجل فإنّ ضيق الاُفق ودنائة الطبع وخساسة النفس تقود الإنسان إلى أن يعيش الحسد في واقع النفس، وأحياناً تتوفر جميع هذه الأسباب والدوافع الستة للحسد لدى الفرد، وأحياناً اُخرى اثنان أو ثلاثة منها، فتشتد خطورة الحسد بنفس النسبة.

ولكن الأهم من ذلك فإنّ الحسد يمكن أن يمتد بجذوره إلى عنصر العقيدة ومكامن الدين، فمن كان يؤمن بالله تعالى وقدرته ولطفه ورحمته وعدالته وحكمته، كيف يمكنه أن يجد في نفسه حالة الحسد للآخرين ؟

إن الشخص الحسود يكاد يعترض على الله تعالى بلسان حاله وأنّه لماذا رزقت فلاناً


[ 121 ]
تلك النعمة ؟ وأين العدالة ؟ وأين الحكمة ؟ ولماذا لا تعطيني مثله ؟بل قد يتصور نسبة العجز إلى الله تعالى عندما يعطي غيره ولا يعطيه هو ولهذا يفضل أن تسلب تلك النعمة من ذلك الشخص وتصل إليه.

وعلى هذا الأساس فالحاسد في الحقيقة يعيش في حالة من اهتزاز دعائم الإيمان والتوحيد الأفعالي في واقعه الروحي، لأن الإنسان المؤمن بأصل التوحيد الأفعالي يعلم جيداً أن تقسيم النعم الإلهية على العباد لا يكون اعتباطياً، بل وفق ما تقتضيه الحكمة الإلهية، ويعلم كذلك أنّ الله تعالى يملك القدرة في أن يرزقه أكثر وافضل من ذلك الشخص فيما لو كان يتمتع باللياقة لمثل هذه النعم والمواهب، إذن عليه أن يسعى لتحصيل القابلية واللياقة لذلك.

ولهذا نقرأ في الحديث القدسي حيث يخاطب الله تعالى نبيه زكريا : «اَلْحَاسِدُ عَدُوٌّ لنِعْمَتِي، مُتَسَخِّطٌ لِقَضَائِي، غَيْر رَاض لِقِسْمَتِيَ الَّتِي قَسَمْتُ بَيْنَ عِبَادي»(1).

وقد ورد شبيه هذا المضمون عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) حيث قال : «إنّ الله تعالى أوحى إلى موسى بن عمران : «لاَ تَحْسُدَنَّ النَّاسُ عَلَى مَا آتَيْتُهُمْ مِنْ فَضْلِي، وَلاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ اِلَى ذَلِكَ، وَلاَ تَتَّبِعُهُ نَفْسَكَ، فَاِنَّ الْحَاسِدَ سَاخِطٌ لِنِعَمِي، ضَادٌّ لِقَسْمِيَ الّذي قَسَمْتُ بَيْنَ عِبَادي وَمَنْ يَكُ كَذَلِكَ فَلَسْتُ مِنْهُ وَلَيْسَ مِنّي !»(2).

والخلاصة أنّ الحسود لا يتمتع في الحقيقة بدعائم إيمانية وعقائدية راسخة وإلاّ فإنه يعلم أنّ حسده ما هو إلاّ نوع من أنواع الإنحراف عن خط التوحيد وعن الحقّ.

ويقول الشاعر في هذا المجال :

الا قل لمن كان لي حاسداً *** اتدري على من اسأت الأدب ؟ !

اسأت على الله في فعله *** إذا أنت لم ترض لي ما وهب !(3)

—–



--------------------------------------------------------------------------------

1. المحجّة البيضاء، ج 5، ص 326.
2. اُصول الكافي، ج 2، ص 307.
3. سفينة البحار، مادّة حسد.

[ 122 ]
3 ـ علامات الحسد
إنّ هذه الصفة الرذيلة كسائر الصفات الأخلاقية الذميمة الاُخرى تارة تكون صريحة واُخرى خفية، ولهذا لابدّ من تتبّع كلمات علماء الأخلاق وعلماء النفس في استعراضهم لحالات الحسد وعلاماته أو ما استفدناه بالتجربة، فلابدّ من معرفة الحسد ووجوده في مراحله الأوّلية قبل أن يتجذّر في باطن الإنسان وتستحكم دعائمه ويصعب علاجه حينئذ.

ومن جملة العلائم الّتي ذُكرت للحسد اُمور :

1 ـ أنّ الحاسد يحزن ويتألم عندما يسمع بنعمة تصيب الآخر حتّى لو لم تظهر آثار الحزن على محياه.

2 ـ أحياناً يتجاوز هذه المرحلة وينطلق لسانه بالتعرض للطرف الآخر بذكر معايبه وانتقاده من موقع التنقيص والتسقيط.

3 ـ وأحياناً يتجاوز هذه المرحلة أيضاً ويتحرّك في تعامله مع الآخر من موقع الخصومة والعداوة.

4 ـ وأحياناً يكتفي هذا الشخص بإظهار عدم اهتمامه للطرف الآخر أو يقطع رابطته وعلاقته معه ويسعى إلى اجتنابه وعدم رؤيته وأن لا يسمع شيئاً عنه، فلو اتفق وأن دار الحديث عنه سعى لتغيير موضوع الحديث وقطع على القائل مقولته، وإذا اُجبر يوماً على التحدّث عنه بأمر من الاُمور فإنه يسعى لإخفاء صفاته البارزة ونقاط قوّته أو اكتفى بالسكوت.

وكلّ واحدة من هذه الاُمور تدلّ على وجود حالة الحسد الخبيثة.

وفي الأحاديث الشريفة الواردة، من مصادر أهل بيت العصمة والطهارة اشارات واضحة على هذا المعنى، ومن ذلك ما ورد في كلام أميرالمؤمنين (عليه السلام) قوله «يَكْفِيكَ مِنَ الْحَاسِدِ اَنَّهُ يَغْتَمُّ فِي وَقْتِ سُرُورِكَ»(1).



--------------------------------------------------------------------------------

1. سفينة البحار، مادّة حسد (ويحتمل أن يكون المراد أنّه يكفي في عقوبة الحاسد أنّه يغتم في حين أنك مسرور والاحتمال الأوّل كان حزن الحاسد مجرد علامة على وجود الحسد في نفسه).

[ 123 ]
وبعكس ذلك عندما يواجه الطرف الآخر ضرراً أو يقع في مشكلة فإنّ الشخص الحسود سيفرح لذلك كما ورد في الآية 50 من سورة التوبة (اِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَاِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ اَخَذْنَا اَمْرَنَا مِنْ قَبْلُ وَيَتَوَلَّوا وَهُمْ فَرِحُونَ).

وهناك آيات متعددة اُخرى تشير إلى هذا التصرّف السلبي والسلوك الذميم من قِبل الكفّار الّذين يواجهون ما أنعم الله تعالى على المؤمنين من موقع الحسد والكراهية.

وقد وردت في الأحاديث الشريفة اشارات مكررة إلى هذه المسألة وأنّ الحاسد يفرح من زوال النعمة على المحسود ويغتم لما يصيبه من النعم، ومن ذلك ما ورد في الحديث الشريف عن أميرالمؤمنين (عليه السلام) أنّه قال : «اَلْحَاسِدُ يَفْرَحُ بِالشُّرُورِ وَيَغْتَمُّ بِالسُّرُورِ»(1).

—–

4 ـ النتائج السلبية للحسد
إن الحسد يتميز بنتائج سلبية كثيرة على المستوى الفردي والاجتماعي والمادي والمعنوي في حركة حياة الإنسان، بحيث يقلّ نظيره من الصفات الأخلاقية السلبية الّتي تترتب عليها مثل هذه النتائج السلبية والأضرار الكثيرة، وأهمها :

الأوّل : إن الحسود يعيش الغم والهم دائماً، وهذا الأمر يتسبب في أن يبتلي بالأمراض الجسمية والنفسية. فكلّما ينال الطرف الآخر من التوفيق والنعمة أكثر فإنّ الحاسد يتألم لذلك أكثر حتّى قد يناله الأرق الشديد ويسلبه ذلك هدوئه واستقراره وبالتالي تضعف بنيته ويغدو نحيفاً مريضاً، في حين انه يتمتع بامكانات مادية جيّدة ولو انه أبعد هذه الصفة الرذيلة عن نفسه لأمكنه أن يعيش عيشة طيبّة ومرفّهة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الناظر النقشبندى
إدارى المنتدى
إدارى المنتدى
الناظر النقشبندى


الساعه :
الدوله : مصر
ذكر
عدد المساهمات : 3363
مزاجك : المطالعه
تاريخ التسجيل : 24/01/2011
العمر : 55
الموقع : الطريقه النقشبنديه
العمل/الترفيه : القراءه والأطلاع الصوفى
الأوسمه عضو مجلس الإداره

الحسد والغبطة Empty
مُساهمةموضوع: رد: الحسد والغبطة   الحسد والغبطة Icon_minitimeالإثنين مايو 09, 2011 10:46 am

مشــــــــــــــــــــــــكـــــــــــــــ أخى الكريم ـــــــــــوررررررررررر
بارك الله فيك
وقوى ايمانك
وفتح عليك
مواضيعك جميعها مميزه
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://abonor.ahlamountada.com
المهتدى
المراقب العام
المراقب العام
المهتدى


الساعه :
الدوله : مصر
ذكر
عدد المساهمات : 2109
مزاجك : السفر
تاريخ التسجيل : 08/03/2011
العمر : 28
العمل/الترفيه : الإنترنت
الأوسمه عضو مجلس الإداره

الحسد والغبطة Empty
مُساهمةموضوع: رد: الحسد والغبطة   الحسد والغبطة Icon_minitimeالإثنين مايو 23, 2011 1:59 pm

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
ماأجمل تلك الكلمات التي
خطها لنا قلمكِ الجميل هنا

لقد كتبتِ وابدعتِ
كم كانت كلماتكِ رائعه في معانيها

فكم استمتعت بموضوعك الجميل
بين سحر حروفكِ التي
ليس لها مثيل
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الحسد والغبطة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الطريقه النقشبنديه  :: منتدى الطريقه النقشبنديه الاسلامى :: المنتدى الاسلامى العام-
انتقل الى:  
المواضيع الأخيرة
» للخلاص من كل مرض وبليه ومجرب
الحسد والغبطة Icon_minitimeالخميس أبريل 27, 2023 4:07 pm من طرف mechri

» الأربعون النووية
الحسد والغبطة Icon_minitimeالأحد سبتمبر 19, 2021 7:38 am من طرف احمد محمد النقشبندي

» مجموعة كتب فى الفقه العام و أصول الفقه.
الحسد والغبطة Icon_minitimeالسبت سبتمبر 04, 2021 10:57 pm من طرف احمد محمد النقشبندي

» السيرة النبوية لإبن هشام
الحسد والغبطة Icon_minitimeالسبت سبتمبر 04, 2021 10:51 pm من طرف احمد محمد النقشبندي

»  الجن و دياناتهم
الحسد والغبطة Icon_minitimeالثلاثاء أبريل 04, 2017 5:46 pm من طرف الموجه النقشبندي

» برنامج لكسر حماية ملفات الـ pdf لطباعته
الحسد والغبطة Icon_minitimeالثلاثاء أبريل 04, 2017 5:46 pm من طرف الموجه النقشبندي

» حمل كتب الامام محي الدين بن عربي
الحسد والغبطة Icon_minitimeالثلاثاء أبريل 04, 2017 5:46 pm من طرف الموجه النقشبندي

» رياض الصالحين .
الحسد والغبطة Icon_minitimeالثلاثاء أبريل 04, 2017 5:46 pm من طرف الموجه النقشبندي

»  دعآء آلهم و آلحزن و آلكرب و آلغم
الحسد والغبطة Icon_minitimeالثلاثاء أبريل 04, 2017 5:45 pm من طرف الموجه النقشبندي

» للوقايه من شر الإنس والجن
الحسد والغبطة Icon_minitimeالثلاثاء أبريل 04, 2017 5:45 pm من طرف الموجه النقشبندي

» خواص عظيمه للزواج
الحسد والغبطة Icon_minitimeالثلاثاء أبريل 04, 2017 5:44 pm من طرف الموجه النقشبندي

» اختصاص الامام علي كرم الله وجهه بالطريقة
الحسد والغبطة Icon_minitimeالثلاثاء أبريل 04, 2017 5:38 pm من طرف الموجه النقشبندي

» النقشبندية...منهجها وأصولها وسندها ومشائخها
الحسد والغبطة Icon_minitimeالثلاثاء أبريل 04, 2017 5:36 pm من طرف الموجه النقشبندي

» الشريف موسى معوض النقشبندى وذريته وأبنائه 9
الحسد والغبطة Icon_minitimeالثلاثاء أبريل 04, 2017 5:35 pm من طرف الموجه النقشبندي

» االرحلة الالهية
الحسد والغبطة Icon_minitimeالثلاثاء أبريل 04, 2017 5:34 pm من طرف الموجه النقشبندي

أقسام المنتدى

جميع الحقوق محفوظة لـ{منتدى الطريقه النقشبنديه} ®
حقوق الطبع والنشر © مصر 2010-2012
@ الطريقه النقشبنديه للتعارف والاهداءات والمناسبات @المنتدى الاسلامى العام @ الفقه والفتاوى والأحكام @ منتدى الخيمه الرمضانيه @ قسم الصوتيات والمرئيات الاسلاميه @ الطريقه النقشبنديه للثقافه والموضوعات العامه   منتدى الطريقه النقشبنديه للحديث الشريف @ منتدى الطريقه النقشبنديه للعقيده والتوحيد @ منتدى الطريقه النقشبنديه للسيره النبويه @ منتدى مناقب ال البيت @ منتدى قصص الأنبياء @ شخصيات اسلاميه @   الطريقه النقشبنديه والتصوف الاسلامى @ الطريقه النقشبنديه @ صوتيات ومرئيات الطريقه النقشبنديه @ رجال الطريقه النقشبنديه @ @  قصائد نقشبنديه @  منتدى قصائد أهل التصوف والصالحين @ منتدى سيرة ألأولياء والصالحين @ شبهات وردود حول التصوف الاسلامى @ التزكيه والآداب والسلوك @ أذواق ومشارب الساده الصوفيه @ الصلوات المحمديه على خير البريه @ أحزاب وأوراد @ أدعيه وتوسلاات @   تفسير الروىء وألأحلام @  منتدى الروحانيات العامه @  منتدى الجن والسحر والعفاريت @  منتدى الكتب والمكتبات العامه @ منتدى الكتب والمكتبات الصوفيه @ منتدى كتب الفقه الاسلامى @ كتب التفاسير وعلوم القران @ كتب الحديث والسيره النبويه الشريفه @ منتدى الابتهالاات الدينيه @ منتدى المدائح المتنوعه @ منتدى مدائح وأناشيد فرقة أبو شعر @ منتدى مدح الشيخ ياسين التهامى @ منتدى مدح الشيخ أمين الدشناوى @ منتدى القصائد وألأشعار @ منتدى الأزهر الشريف التعليمى @ منتدى معلمى الأزهر الشريف @ منتدى رياض الأطفال @ منتدى تلاميذ المرحله الابتدائيه @ منتدى طلاب وطالبات المرحله الاعداديه @ منتدى التربيه والطفل @ منتدى الاسره والمجتمع @ منتدى المرأه المسلمه @ منتدى الترفيه والتسليه @ منتدى الطريقه النقشبنديه للصور الاسلاميه @ منتدى صور الصالحين @ منتدى غرائب وعجائب الصور @ الصور والخلفيات العامه والمتحركه @ منتدى الطب النبوى @ أمراض وعلاج @ منتدى الوقايه خير من العلاج @ قسم الجوال والستالاايت @ قسم البرامج العامه للحاسوب @ دروس وشروحات فى الحاسوب @ تطوير مواقع ومنتديات @ انترنت وشبكات @ منتدى الشكاوى والمقترحات @ منتدى التبادل الاعلانى @
الدخول السريع
  • تذكرني؟
  • اليكسا
    التسجيل
    حفظ البيانات؟
    متطلبات المنتدى
    أرجو قفل الموضوع


    هذه الرسالة تفيد أنك غير مسجل .

    و يسعدنا كثيرا انضمامك لنا ...

    للتسجيل اضغط هـنـا

    تنويه
    لا يتحمّل منتدى الطريقه النقشبنديه الصوفيه أيّة مسؤوليّة عن المواد الّتي يتم عرضها أو نشرها من قبل الساده الأعضاء أو المشرفين أو الزائرين
    ويتحمل المستخدمون بالتالي كامل المسؤولية عن كتاباتهم وإدراجاتهم   التي تخالف القوانين
    أو تنتهك حقوق الملكيّة أو حقوق الآخرين أو أي طرف آخر.
    rss
    Preview on Feedage: free Add to My Yahoo! Add to Google! Add to AOL! Add to MSN
    Subscribe in NewsGator Online Add to Netvibes Subscribe in Pakeflakes Subscribe in Bloglines Add to Alesti RSS Reader
    Add to Feedage.com Groups Add to Windows Live iPing-it Add to Feedage RSS Alerts Add To Fwicki
    تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية
    تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية reddit      

    الطريقه النقشبنديه

    قم بحفض و مشاطرة الرابط منتدى الطريقه النقشبنديه على موقع حفض الصفحات