عن عبد الله بن يزيد, عن سعيد بن عمرو قالا: بعث رَسُول اللهِ-صَلَّى
اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-بشر بن سفيان, ويقال النحام العدوي, على صدقات بني
كعب من خُزَاعة, فجاء وقد حلّ بنواحيهم بنو عمرو بن جندب بن العنبر بن عمرو
بن تميم, فجمعت خُزَاعة مواشيها للصدقة فاستنكر ذلك بنو تميم, وأبوا
وابتدروا القِسيَّ وشهروا السيوف, فقدم المصدّق على النَّبيِّ-صَلَّى اللهُ
عليهِ وسَلَّمَ-فأخبره, فقال: (مَنْ لهؤلاءِ القومِ؟) فانتدب لهم عيينة بن
بدر الفزاري, فبعثه النَّبيُّ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-في خمسين
فارساً من العرب ليس فيهم مهاجريٌّ ولا أنصاريّ, فأغار عليهم فأخذ أحد عشر
رجلاً وإحدى عشرة امرأة وثلاثين صبيِّاً فجلبهم إلى المدينة, فقدم فيهم عدة
من رؤساء بني تميم, عطارد بن حاجب, والزبرقان بن بدر, وقيس بن عاصم, وقيس
بن الحارث, ونعيم بن سعد, والأقرع بن حابس, ورياح بن الحارث, وعمرو بن
الأهتم.

ويقال: كانوا تسعين أو ثمانين رجلاً, فدخلوا المسجد وقد أذَّن بلال بالظهر
والناس ينتظرون خروج رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-فعجّلوا
واستبطؤوه فنادوه: يا محمدُ, اخرج إلينا, فخرج رَسُولُ اللهِ-صَلَّى اللهُ
عليهِ وسَلَّمَ-وأقام بلال فصلى رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ
وسَلَّمَ-الظهر, ثم أتوه فقال الأقرع: يا محمد ائذن لي فوالله إن جهدي
لزين, وإنَّ ذمّي لشين, فقال له رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ
وسَلَّمَ-: (كَذَبْتَ ذَلِكَ اللهُ تَبَارَكَ وتَعَالى), ثمّ خرج رَسُولُ
اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-فجلس, وخطب خطيبهم وهو عطارد بن حاجب,
فقال رَسُولُ اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ- لثابت بن قيس بن شماس:
(أجِبْهُ), فأجابه, ثمّ قالوا: يا محمد ائذن لشاعرنا, فأذن له فقام
الزِّبرقان بن بدر فأنشد, فقال رَسُولُ اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-
لحسان بن ثابت: (أجِبْهُ) فأجابه بمثل شعره, فقالوا: والله لخَطيبه أبلغ
من خطيبنا, ولشاعره أشعر من شاعرنا, ولهم أحلم منّا, ونزل فيهم: {إِنَّ
الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن وَرَاء الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا
يَعْقِلُونَ} (4) سورة الحجرات. وقال رَسُولُ اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ
وسَلَّمَ-في قيس بن عاصم: (هذا سيّدُ أهل الوَبَرِ ) وردَّ عليهم رَسُولُ
اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-الأسرى والسبيَ, وأمر لهم بالجوائز كما
كان يُجيز الوفد.

عن ربيعة بن عثمان عن شيخ أخبره: أن امرأة من بني النجار قالت: أنا انظر
إلى الوفد يومئذٍ يأخذون جوائزهم عند بلال اثنتي عشرة أوقية ونشّاً, قالت:
وقد رأيت غلاماً أعطاه يومئذٍ وهو أصغرهم خمس أواق, يعني عمرو بن الأهتم.

عن محمد بن جناح أخو بني كعب بن عمرو بن تميم قال: وفد سفيان بن العذيل بن
الحارث بن مَصاد بن مازن بن ذؤيب بن كعب بن عمرو بن تميم على
النَّبيِّ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-فأسلم, فقال له ابنه قيس: يا أبت
دعني آتي النَّبيَّ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-معك, قال: سنعود.

وعن عاصم الأحول, قال: قال غنيم بن قيس بن سفيان: أشرف علينا راكب فنعى
لنا رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-ورحمته وبركاته, فنهضنا من
الأحوية فقلنا: بأبينا وأمّنا رَسُول اللهِ -صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-!
وقلت:



ألا ليَ الويل على محمّدِ

قد كنت في حياته بمَقْعَدِ

وفي أمانٍ من عدوٍّ معتدي




قال: ومات قيس بن سفيان بن العذيل زمن أبي بكر الصدّيق مع العلاء بن الحضرمي بالبحرين فقال الشاعر:



فإن يكُ قيسٌ قد مضى لسبيله

فقد طاف قيسٌ بالرّسول وسلّما1


قدوم وفد بني عامر على رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-

قدِم على رَسُولِ اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-وفد بني عامر، فيهم
عامر بن الطُّفَيل، وأربد بن قيس بن حزء بن خالد بن جعفر، وجبار بن سلمى بن
مالك بن جعفر، وكان هؤلاء الثلاثة رؤساء القوم وشياطينهم(2).

وعن ابن إسحاق قال: قدم عدو الله عامر بن الطُّفَيل على رَسُول
اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ- وهو يريد الغدر به, فقال له قومه: يا
عامر, إن الناس قد أسلموا فأسلم، فقال: والله لقد كنت آليتُ أن لا أنتهي
حَتَّى تتبع العرب عَقِبي, وأنا أتبع عَقِبَ هذا الفتى من قريش, ثم قال
لأَرْبَد: إذا قدمنا على الرجل فإني شاغل عنك وجهه, فإذا فعلت ذلك
فَاَعْلُهُ بالسيف(3).

فلما قدموا على رَسُولِ اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-قال عامر: يا
محمد خَالّنِي(4). قال: (لا والله حَتَّى تؤمن بالله وحده). قال: يا محمدُ,
خَالنِي، وجعل يكلّمه وينتظر من أربد ما كان أمره به، فجعل أربد لا يُحِير
شيئاً؛ قال: فلما رأى عامر ما يصنع أربد، قال: يا محمدُ, خالّني قال: (لا
حَتَّى تؤمن بالله وحده لا شريك له)، فلما أبى عليه رَسُولُ اللهِ-صَلَّى
اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-قال له: أما والله لأملأنها عليك خيلاً ورجالاً. فلما
ولّى قال رَسُولُ اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-: (اللّهمّ اكفني
عامر بن الطُّفَيل(5)) فلمَّا خرجُوا من عندِ رَسُولِ اللهِ-صَلَّى اللهُ
عليهِ وسَلَّمَ-قال عامر لأربد: ويحك يا أربد أين ما كنت أمرتك به؟ والله
ما كان على وجه الأرض رجل هو أخوف عندي على نفسي منك, وأيْمُ الله لا أخافك
بعد اليوم أبداً. قال: لا أبا لك؛ لا تعجل علي فو الله ما هممت بالذي
أمرتني به من أمره إلاّ دخلتَ بيني وبين الرجل، حَتَّى ما أرى غيرك،
أفأضربكَ بالسيف؟.

ثم خرجوا راجعينَ إلى بلادهم, حَتَّى إذا كانوا ببعض الطريق بعث الله على
عامر بن الطُّفَيل الطاعون في عُنُقه, فقتله الله في بيت امرأة من بني
سلول, فجعل يقول: يا بني عامر، أغُدّة كغُدّة البَكْر(6) في بيت امرأةٍ من
بني سلول(7)؟!.

قال ابن هشام: ويقال أغُدّة كغُدّة الإبل، وموتاً في بيت سَلُوليّة.(8)

قال ابن إسحاق: ثم خرج أصحابه حين رأوه حَتَّى قدموا أرض بني عامر، أتاهم
قومهم فقالوا: ما وراءك يا أربد؟ قال: لا شيء والله، لقد دعانا إلى عبادة
شيء لودِدْت أنه عندي الآن، فأرميه بنبلي هذه حَتَّى أقتله, فخرج بعد
مقالته بيوم أو بيومين معه جمل له يتبعه, فأرسل اللهُ–تعالى-عليه وعلى
جَمَلِهِ صاعقة, فأحرقتهما. وكان أربد بن قيس أخا لَبيد بن ربيعة لأمّه
فبكى ورثاه.

حيث قال في مطلعها:



ما إن تُعدِّي المَنُـونُ من أحــد
لا والـدٍ مُشْفـِقِ ولا ولـدِ

أخشى على أرْبَدَ الحُتوفَ ولا
أرهـبُ نَوْءَ السِّماك والأسد


وقال في آخرها:



كلّ بنـي حُـرَّةٍ مصيرُهُــمُ
قـُلُّ وإن أكثـَرَتْ من العددِ

إن يُغْبَطُوا يُهْبَطُوا وإن أُمِروا
يـوماً فهـم للهلاك والنَّفَذ(9)


هذه القصيدة وغيرها من القصائد التي أوردها ابن إسحاق فمن أحب المزيد فليراجع سيرة ابن هشام -المجلد الرابع, صفحة212 -215.

وفي "صحيح البخاري" أن عامر بن الطُّفَيل أتى النَّبيَّ-صَلَّى اللهُ عليهِ
وسَلَّمَ-, فقال: أخيرك بين ثلاث خصال: يكون لك أهل السهل, ولي أهل المدر,
أو أكون خليفتك من بعدك, أو أغزوك بغطفان بألف أشقر وألف شقراء, فطُعنَ في
بيت امرأة, فقال: أغُدّة كغُدّة البكر في بيت امرأة من بني فلان, أئتوني
بفرسي فركب فمات على ظهر فرسه(10).



قدوم وفد عبد القيس على رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-

في " الصحيحين " من حديث ابن عباسربيعة, فقال: (مرحباً بالوفد غير خزايا
ولا ندامى(11)). فقالوا: يا رَسُولَ اللهِ! إنّا حيٌّ من ربيعةَ، وإنا
نَأْتِيكَ من شقةٍ بعيدة، وإنه يحول بيننا وبينك هذا الحيُّ من كفار مضر,
وإنا لا نصل إليك إلا في شهر حرام(12), فمرنا بأمر فَصْل ندعو إليه من
وراءنا، وندخل به الجنة. فقال: (آمركم بأربع, وأنهاكم عن أربع: آمركم
بالإيمان بالله وحده, أتدرون ما الإيمان بالله؟: شهادة أن لا إله إلا الله,
وأن محمداً رَسُول اللهِ, وإقام الصلاة, وإيتاء الزكاة, وصوم رمضان, وأن
تعطوا الخُمس من المغنم. وأنهاكم عن أربع عن الدُّبّاء, والحَنْتَم,
والنقير, والمُزَفَّت, فاحفظوهن وادعوا إليهن من وراءكم((13)) زاد مسلم:

قالوا: يا رَسُولَ اللهِ, ما علمك بالنقير؟ قال: (بلى جذع تنقرونه, ثم
تلقون فيه من التمر, ثم تصبون عليه الماء حَتَّى يغلي, فإذا سكن شربتموه,
فعسى أحدكم أن يضرب ابن عمه بالسيف) وفي القوم رجل به ضربة كذلك. قال: وكنت
أخبؤها حياء من رَسُولِ اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-قالوا: ففيم
نشرب يا رَسُولَ اللهِ؟ قال: (اشربوا في أسقية الأدم التي يلاث على
أفواهها). قالوا: يا رَسُولَ اللهِ, إن أرضنا كثيرة الجرذان لا تبقى فيها
أسقية الأدم. قال: (وإن أكلها الجرذان) مرتين أو ثلاثا, ثم قال رَسُول
اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ- لأشج عبد القيس: (إن فيك خصلتين يحبهما
الله الحلم والأناةة)(14).

قال ابن إسحاق : قدم على رَسُول اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-
الجارود بن بشر بن المعلى-وكان نصرانيا- فجاء رَسُول اللهِ -صَلَّى اللهُ
عليهِ وسَلَّمَ- في وفد عبد القيس فقال: يا رَسُول اللهِ إني على دين وإني
تارك ديني لدينك فتضمن لي بما فيه؟ قال: (نعم أنا ضامن لذلك إن الذي أدعوك
إليه خير من الذي كنت عليه) فأسلم وأسلم أصحابه, ثم قال: يا رَسُول اللهِ
احملنا. فقال: (والله ما عندي ما أحملكم عليه). فقال: يا رَسُولَ اللهِ,
إنَّ بيننا وبين بلادنا ضَوَالٍّ من ضَوَالّ الناس, أَفَنَتَبَلّغ عليها
إلى بلادنا؟ قال: (لا, تلك حرق النار).

قال ابن هشام: فخرج من عنده الجارود راجعاً إلى قومه، وكان حَسَن الإسلام،
صلْباً على دينه، حَتَّى هلك وقد أدرك الردّة، فلما رجع من قومه من كان
أسلم منهم إلى دينهم الأول مع الغَرور بن المنذر بن النعمان بن المنذر، قام
الجارود فتكلَّم، فتشهَّد شهادةَ الحقِّ، ودعا إلى الإسلامِ, فَقَالَ:
أيها الناس، إنِّي أشهد أن لا إله إلاّ الله، وأنّ محمداً عبده ورسوله،
وأكفِّر من لم يشهد.

قال ابنُ هشام: ويُروى: أكفي من لم يشهد(15).



الفوائد والفقه من هذه القصة:

1- ففي هذه القصة أنَّ الإيمان بالله هو مجموعُ هذه الخِصالِ من القولِ
والعملِ,كما كان على ذلك أصحابُ رَسُولِ اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ
وسَلَّمَ-والتابعون وتابعوهم كلهم, ذكره الشَّافعيُّ في "المبسوط", وعلى
ذلك ما يُقارب مائةَ دليلٍ من الكتابِ والسُّنَّةِ.

2- وفيها: أنه لم يعد الحج في هذه الخصال, وكان قدومهم في سنة تسع, وهذا
أحد ما يحتج به على أن الحج لم يكن فرض بعد, وأنه إنما فرض في العاشرة, ولو
كان فرض لعده من الإيمان, كما عد الصوم, والصلاة, والزكاة.

3- وفيها: وجوب أداء الخمس من الغنيمة وأنه من الإيمان.

4- وفيها: النهي عن الانتباذ في هذه الأوعية, وهل تحريمه باق أو منسوخ ؟
على قولين وهما روايتان عن أحمد. والأكثرون على نسخه بحديث بريدة الذي رواه
مسلم, وقال فيه: (وكنت نهيتكم عن الأوعية فانتبذوا فيما بدا لكم ولا
تشربوا مسكرا(16)).

ومن قال بإحكام أحاديث النهي وأنها غير منسوخة, قال: هي أحاديث تكاد تبلغ
التواتر في تعددها وكثرة طرقها, وحديث الإباحة فرد فلا يبلغ مقاومتها, وسر
المسألة أن النهي عن الأوعية المذكورة من باب سد الذرائع إذ الشراب يسرع
إليه الإسكار فيها .

5- وفيها: مدح صفتي الحلم والأناة, وأن الله يحبهما وضدهما الطيش والعجلة, وهما خُلُقان مذمومان مفسدان للأخلاق والأعمال.

6- وفيه دليل على أن الله يحب من عبده ما جبله عليه من خصال الخير كالذكاء والشجاعة والحلم.

7- وفيه دليل على أن الخلق قد يحصل بالتخلق والتكلف لقوله في هذا الحديث
خلقين تخلقت بهما أو جبلني الله عليهما؟ فقال: (بل جبلت عليهما).

8- وفيه دليل على أنه –سبحانه- خالق أفعال العباد وأخلاقهم, كما هو خالق
ذواتهم وصفاتهم, فالعبد كله مخلوق ذاته, وصفاته, وأفعاله, ومن أخرج أفعاله
عن خلق الله فقد جعل فيه خالقاً مع الله, ولهذا شبه السلف القدرية النفاة
بالمجوس, وقالوا: "هم مجوس هذه الأمة" صح ذلك عن ابن عباس.

9- وفيه إثبات الجبل لا الجبر لله -تعالى-وأنه يجبل عبده على ما يريد كما
جبل الأشج على الحلم والأناة, وهما فعلان ناشئان عن خلقين في النفس, فهو
سبحانه الذي جبل العبد على أخلاقه وأفعاله, ولهذا قال الأوزاعي وغيره من
أئمة السلف: "نقول إن الله جبل العباد على أعمالهم ولا نقول جبرهم عليها".

وهذا من كمال علم الأئمة ودقيق نظرهم, فإن الجبر أن يحمل العبد على خلاف
مراده, كجبر البكر الصغيرة على النكاح, وجبر الحاكم من عليه الحق على
أدائه, والله –سبحانه- أقدر من أن يجبر عبده بهذا المعنى, ولكنه يجبله على
أن يفعل ما يشاء الرب بإرادة عبده واختياره ومشيئته فهذا لون والجبر لون.

10- وفيها: أن الرجل لا يجوز له أن ينتفع بالضالة التي لا يجوز التقاطها
كالإبل, فإن النَّبيّ -صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-لم يجوز للجارود ركوب
الإبل الضالة, وقال ضالة المسلم حرق النار, وذلك؛ لأنه إنما أمر بتركها وأن
لا يلتقطها حفظاً على ربها حَتَّى يجدها إذا طلبها, فلو جوز له ركوبها
والانتفاع بها لأفضى إلى أن لا يقدر عليها ربها, وأيضاً تطمع فيها النفوس
وتتملكها فمنع الشارع من ذلك(17).