منتدى الطريقه النقشبنديه
الجانب الروحي والاجتماعي لدي المرأة المسلمة في العصر النبوي 412252
عزيزى الزائر/ عزيزتى الزائره
يرجى التكرم بتسجيل الدخول اذا كنت
عضو معنا
أو التسجيل ان لم تكن عضو وترغب فى الانضمام الى أسرة المنتدى
سنتشرف بتسجيلك
الجانب الروحي والاجتماعي لدي المرأة المسلمة في العصر النبوي 862936
الجانب الروحي والاجتماعي لدي المرأة المسلمة في العصر النبوي 22-4-99
ادارة المنتدى
منتدى الطريقه النقشبنديه
الجانب الروحي والاجتماعي لدي المرأة المسلمة في العصر النبوي 412252
عزيزى الزائر/ عزيزتى الزائره
يرجى التكرم بتسجيل الدخول اذا كنت
عضو معنا
أو التسجيل ان لم تكن عضو وترغب فى الانضمام الى أسرة المنتدى
سنتشرف بتسجيلك
الجانب الروحي والاجتماعي لدي المرأة المسلمة في العصر النبوي 862936
الجانب الروحي والاجتماعي لدي المرأة المسلمة في العصر النبوي 22-4-99
ادارة المنتدى
منتدى الطريقه النقشبنديه
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى الطريقه النقشبنديه

تصوف اسلامى تزكية واداب وسلوك احزاب واوراد علوم روحانية دروس وخطب كتب مجانية تعليم برامج طب و اسرة اخبار و ترفيه
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الجانب الروحي والاجتماعي لدي المرأة المسلمة في العصر النبوي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
الشريفه النقشبنديه
مشرف مميز
مشرف مميز
الشريفه النقشبنديه


الساعه :
الدوله : الجزائر
انثى
عدد المساهمات : 513
مزاجك : المطالعه
تاريخ التسجيل : 08/08/2011
العمر : 50
العمل/الترفيه : صوفيه نقشبنديه
الأوسمه المشرف المميز

الجانب الروحي والاجتماعي لدي المرأة المسلمة في العصر النبوي Empty
مُساهمةموضوع: الجانب الروحي والاجتماعي لدي المرأة المسلمة في العصر النبوي   الجانب الروحي والاجتماعي لدي المرأة المسلمة في العصر النبوي Icon_minitimeالإثنين يوليو 02, 2012 4:40 pm

إن الحقوق التي منحت للمرأة المسلمة لهى من الكثرة التي لا تحصى، وقد أفيض
البحث فيها، إلا أنني سوف أقتصر على جانبين مهمين من هذه الحقوق، وإن كانا
يشملان جميع جوانب الحياة فيما يتعلق بعلاقة المرأة بالله – تعالى - ومع
الناس أو الجانب الروحي والاجتماعي عندها عن طريق عرض نماذج عملية للمرأة
المسلمة على عهد الرسول r وممارستها لجميع أوجه النشاط الاجتماعي بما يشمل
المشاركة السياسية والجهادية، وكيف أنها كانت على وعي بجميع حقوقها، ومنها
التعليم الذي برزت فيه بروزاً واضحاً أدى إلى ثناء الصحابة عليها بالإضافة
إلى المشاركة بأنشطة اجتماعية متنوعة دعتها إليها ضرورة عصرها، ولم يعطلها
الإسلام عن ممارسة العمل في مجالات مثل التمريض، والرعي، والزراعة،
والمشاركـةفي الأعياد والجهاد والعبادات الجماعية والنشاط السياسي
المتنوع([1])، وما إلى ذلك، وهى في كل ذلك تقابل الرجال وتجادلهم وتحاورهم
مراعية آداب الإسلام التي حث عليها في كل ذلك.
ثم بيان أن هذه المشاركة الاجتماعية المتنوعة لم تكن عائقاً عن مجاهدتها في
عبادتها، ومن هنا تتضح أهمية تناول هذه الجوانب في أنها مثلت أسساً انطلقت
على أثرها المرأة المسلمة العابدة فيما بعد، وأن الإشكاليات المتعلقة بأن
الحجاب يقف عائقاً للمرأة المسلمة عن ممارسة دورها الطبيعي في الحياة،
والتي دعمتها نصوص ضعيفة نسبت إلى الرسولr زوراً وبهتانا* تبدو واهية أمام
هذه المثل المضيئة للمرأة المسلمة على عهد الرسول r.
معالم شخصية المرأة المسلمة في ضوء القرآن الكريم والسنة النبوية:
يهدف الإسلام في تشريعاته إلى تحقيق منهجه المتكامل بكل حذافيره فلا يميل
لحساب الرجل على المرأة أو العكس، ولكن لحساب الإنسان وحساب المجتمع المسلم
وحساب الخلق والخير في إطلاقه وعمومه([2]). «فالمرأة في نظر الإسلام ليست
خصماً للرجل ولا منازعاً له، بل هي مكملة له وهو مكمل لها كما قال تعالى:
)بعضكم من بعض(، ولا يتصور أن يكون في الإسلام أي انتقاص من حق المرأة أو
حيف عليها لحساب الرجل، فإن الإسلام شريعة الله - سبحانه - وهو رب الرجل
والمرأة جميعاً([3]).
وقد حفل القرآن الكريم بكثير من الآيات الدالة على تكريمه لشخصية المرأة
واهتمامه بها، على أساس من المساواة في الإنسانية بينها وبين الرجل،
وتساويها معه في قاعدة الجزاء والعمل وتحمل المسئولية، وإن من صور هذا
الاهتمام والتأكيد لشخصها أنها تذكر بجانب الرجل في كثير من آياته فقال
تعالى: )يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل
لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير(([4])، وقوله )وما
خلق الذكر والأنثى إن سعيكم لشتى(([5])، وقوله: )إن المسلمين والمسلمات
والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصادقين والصادقات والصابرين
والصابرات والخاشعين والخاشعات والمتصدقين والمتصدقات والصائمين والصائمات
والحافظين فروجهم والحافظات والذاكرين الله كثيراً والذاكرات أعد الله لهم
مغفرة وأجراً عظيماً(([6]). هذا مع أن خطاب الله حين إطلاقه فإنه يشمل
الذكر والأنثى معاً إلاّ أن التأكيد على ذكرها مع الرجل، بل ووجود صور من
القرآن تحمل اسمها مثل سورة مريم أو تتناول موضوعاتها مثل سورة النساء
والمجادلة، وهى تلك السورة التي نزلت مؤيدة لآراء بعض النساء، كما نزلت
آيات القرآن مؤيدة لآراء بعض الرجال، وقد نزلت في خولة بنت ثعلبة قال
تعالى: )قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكى إلى الله والله يسمع
تحاوركما إن الله سميع بصير(([7])، ويعلق فضيلة الشيخ محمود شلتوت على هذه
الآية قائلاً: «وانظر بعد ذلك كيف رفع الإسلام من شأن المرأة، وكيف احترم
رأيها وجعلها مجادلة ومحاورة للرسول r وجمعها وإياه في خطاب واحد: «والله
يسمع تحاوركما» وكيف قرر رأيها وجعله تشريعاً عاماً وخالداً...» ([8]).
بالإضافة إلى أن القرآن الكريم قد ذكر مواقف مشهودة للمرأة مثل «أم موسى u
وامتثالها لأمر الله، وأخت موسى u وحسن حيلتها، وفتاة مدين وقوة فراستها،
وامرأة فرعون مضرب المثل في الإيمان وامرأة عمران تنذر ما في بطنها لله
ومريم ابنة عمران التي جعلت آية للعاملين هي وابنها عليهما السلام»([9]).
إذن، فسواء ذكر اسمها أو مواقفها أو ذكرت بجانب الرجل، فإن ذلك يبقى دليلاً
على المكانة اللائقة التي حظيت بها المرأة المسلمة في كتاب الله إذا أضفنا
إلى ما سبق ما تحمله الكثير من آياته مما يتعلق بشئون المرأة المتنوعة
بدءاً من مسئوليتها الإنسانية وأنها والرجل من أصل واحد ومشاركتها معه في
المولاة والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر والشدائد والمباهلة ومكانتها في
الأسرة ومسئوليتها الجنائية وعن ضرورة المحافظة على سمعتها وكرامتها وحقها
في التعليم ومشاركتها في الحياة الاجتماعية ولقاؤها الرجال مراعية لآداب
الإسلام وهى الغض من البصر، وستر جميع البدن عدا الوجه والكفين، والوقار في
الحركة، والجدية في التخاطب. ومن الأحاديث الدالة على وجوب مراعاة
الالتزام بمثل هذه الآداب ما روى عن أبى موسى الأشعري أنه قال: قال رسول
الله r: «إذا استعطرت المرأة فمرت على القوم يجدوا ريحها فهي كذا وكذا..
قال قولاً شديداً»([10]) هذا فيما يخص اجتناب الطِّيب، أما بالنسبة لمراعاة
المواصفات الشرعية في اللباس فإنها كثيرة منها ما رواه أبو هريرة قال: قال
رسول الله r: «صنفان من أهل النار لم أرهما ... ونساء كاسيات
عاريات»([11]).
ومن صور هذه المشاركة التي عكستها آياته قوله تعالى: )ربنا إني أسكنت من
ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فأجعل أفئدة من
الناس تهوى إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون(([12]). بالإضافة إلى
ما سبق من صور اللقاء بين الرجل والمرأة كما حدث بين الرسول r وخولة بنت
ثعلبة ومشاركة الرجال في الهجرة إلى المدينة ومبايعة الرسول r ([13]).
وقد صدع المسلمون لأمر الله فيما نزل بشأن النساء مراعين حقوقهن مقتدين بالرسول r الذي قال: «إنما النساء شقائق الرجال»([14]).
وقال عمر بن الخطاب: «والله إن كنا في الجاهلية ما نعد للنساء أمراً حتى
أنزل الله فيهم ما أنزل وقسم لهم ما قسم»([15])، وفي رواية ثانية قال: كنا
في الجاهلية لا نعد النساء شيئاً فلما جاء الإسلام وذكرهن الله، رأينا لهن
بذلك علينا حقاً»([16]). وسوف تتضح معالم الهدى النبوي فيما يتعلق بالنساء.
وكذلك منهج صحابته الذي مثّل في مجمله - كما سيتضح آنفاً - تطبيقاً عملياً
للأمر الإلهي بالرحمة بالمرأة وجعلها كائناً له من الحقوق مثل ما للرجل،
وإن اختلفت الوظائف الفطرية لكل منهما في الحياة، فإن هذا لا يقف عائقاً
أمام منحها حقوقها العديدة، والتي سوف نفصل القول في بعض جوانبها بما
يتوافق مع طبيعة البحث.
وإن هذه المعاملة الحسنة دالة على تحقيق المساواة والعدل في الإسلام بين
الرجل والمرأة ولا فضل لأحدهما على الآخر إلاّ بالتقوى، كما أن من صفات
الخالق سبحانه أنه العادل، فكيف يتصور أن يفرق بين ذكر وأنثى فيما وهبه من
حقوق دنيوية وثواب وعقاب أخروى»؟([17])، وهذا ما يؤكده قوله تعالى:
)والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالاً من الله والله
عزيز حكيم(([18])، )والزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة
جلدة(([19]). وذلك فيما يتعلق بمسئوليتها الجنائية. أما تساويها في الجزاء
مع الرجل فيوضحه قوله تعالى: )إن المصدقين والمصدقات وأقرضوا الله قرضاً
حسناً يضاعف لهم ولهم أجر كريم(([20])، وقوله[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]ليدخل
المؤمنين والمؤمنات جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها(([21])، )يوم
ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم بشراكم اليوم جنات
تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك هو الفوز العظيم( ([22]).
إذن هذه هي صورة المرأة في القرآن الكريم، من حيث التأكيد على شخصها
والتقرير بحقوقها من منطلق المساواة الإنسانية والعملية والجزائية مع
الرجل، فهل كانت النساء على عهد الرسول r على وعى بذلك؟ وما هي صورة المرأة
المسلمة على عهد الرسول ومدى علاقتها بمجتمعها؟.




معالم شخصية المرأة في العهد النبوي:
بداية ينبغي لنا قبل التعرف على المجالات المتنوعة التي أسهمت من خلالها
المرأة في خدمة مجتمعها في شتى مناحي الحياة أن نوضح موقف الإسلام من
مشروعية خروج المرأة من بيتها، ومشاركتها الضرورية للرجال قبل تناول هذه
الجوانب العملية بالتفصيل.
معلوم أن الإسلام يقف موقف الاعتدال والوسطية في جميع القضايا المتعلقة
بالحياة الإنسانية، وكذلك الحال في قضية خروج المرأة إذ أنه لا يمنعه شريطة
الضرورة والتزام المرأة بعض الضوابط المتعلقة بهذا الأمر، كالحجاب لكي
تحفظ للحياة طهارتها لا أن تكون عائقاً أمامها عن أداء واجباتها وحقوقها
المشروعة. ومما يؤكد لنا مشروعية خروج المرأة لقضاء حاجاتها ما رواه
البخاري: عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: خرجت سودة بنت زمعة ليلاً فرآها
عمر فعرفها فقال: إنك والله يا سودة ما تخفين علينا. فرجعت إلى النبي r
فذكرت ذلك له .. فأنزل عليه، وهو يقول: «قد أذن الله لكن أن تخرجن
لحوائجكن»([23])، وقوله مخاطباً الرجال: «لا تمنعوا إماء الله مساجد
الله»([24]).
ولذا فإن الصحابة لم يضيقوا على النساء بمنعهن من المشاركة في الحياة
الاجتماعية ولقاء الرجال؛ لأنهم أعقل من أن يعطلوا حركة الحياة النشطة، وما
تقتضيه من مشاركة المرأة أقداراً. كما كانوا أبعد عن الظلم لها أو
استضعافها وتحميلها مغبة شعورهم بالعجز عن مقاومة الفتنة([25])، ولم يسمح
الرسول r أيضاً - مهما كانت الظروف - بالجور على حق المرأة في ممارسة دورها
الحياتي، وهذا ما أكده من خلال السماح للمرأة بمشاركة الرجال في العبادات
الجماعية كالفريضة وصلاة الكسوف والعيدين والجنازة والحج، من ذلك «ما روى
عن أم سلمة قالت: شكوت إلى رسول الله r أنى أشتكى، فقال: طوفي من وراء
الناس وأنت راكبة»([26]).
وفيما يتعلق بصلاة الفريضة ما روى عن عائشة قالت: «كن نساء المؤمنات يشهدن
مع رسول الله r صلاة الفجر متلفعات بمروطهن ثم ينقلبن إلى بيوتهن حين يقضين
الصلاة لا يعرفهن أحد من الغلس([27])»([28]).
كما وسعت السنة النبوية من دائرة العلاقة بين الرجل والمرأة فكانت المشاركة
في الاحتفالات العامة كالعرس، فعن أنس t قال: «رأى النبي r النساء
والصبيان مقبلين من عرس فقام النبي r مُمْثِلاً([29]) فقال: اللهم أنتم من
أحب الناس إلىّ. قالها ثلاث مرات»([30]) كما شاركت في الاحتفال بالعيد، حتى
البكر كانت تخرج من خدرها والحيض ليكنَّ خلف الناس فيكبِّرن ويدعون
بدعائهم([31])، وقد حمل الرسول r السيدة عائشة لكي تتمكن من مشاهدة الصبيان
وهم يلعبون يوم عيد وشاركت في صلات الاستقبال لرسول الله r مع الرجال يوم
الهجرة([32]).
كما أن مسألة القرار في البيوت كانت خاصة بنساء النبي r لقوله تعالى: )يا
نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في
قلبه مرض وقلن قولاً معروفاً، وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية
الأولى(([33]). بل إن عائشة - رضي الله عنها - وهى إحدى أمهات المؤمنين،
وممن نزل فيهن صريح الحجاب وأجمعهن للمأثور خرجت تخطب في المسلمين للأخذ
بثأر الخليفة المظلوم عثمان بن عفان t، وحينما اعترضت على موقفها أم سلمة؛
لأنها رأت فيه هتكاً لحجاب ضرب عليهن فقالت لها بعد الشكر لوعظها: «لنعم
المطلع مطلع أصلحت فيه بين فئتين متشاجرتين»([34])، وقد شاركتها أم
المؤمنين صفية بنت حيى يوم حوصر عثمان فخرجت على بغلتها لتدفع غارة
المغيرين عنه»([35])، وهذا دليل على أنهن خرجن حين ألمَّت بالمسلمين الفتن
ودعت الضرورة أملاً في دفع الشر والإصلاح بين المسلمين وعائشة - رضي الله
عنها - وإن ندمت على خروجها على علىّ فلكونها أخطأت الاجتهاد وليس على
مشاركتها في الأحداث، وإذا كان هذا شأن أمهات المؤمنين - رضي الله عنهن -
فما بالنا بالمرأة عموماً فما سوى أمهات المؤمنين لم يكنَّ يتحرجن من
مجاذبة الرجال في كل شئون الدنيا والآخرة»([36]).
ونلمح من ذلك أن أمر الحجاب لم يكن عائقاً لها عن ممارسة دورها الاجتماعي
حين تدعو الضرورة؛ بدليل ما رواه البخاري عن الرسول r بأنه يجوز للمرأة أن
تكشف وجهها، ولا يكون ذلك إلا دليلاً على مواجهتها للرجال، وإلا فلمن تكشف
وجهها وحديث أسماء - رضي الله عنها - في هذا الصدد، لرفع العنت عن المرأة
حين مزاولتها لبعض الأعمال الضرورية التي تقتضى كشف وجهها. أما إذا أرادت
المرأة ستر جميع بدنها ففي شرع الله متسع لكل مجتهد في أمر عبادته وطامح
للمعالي بشرط عدم التعـارض مع ضرورات الحياة، فيقول العقاد موضحاً المفهوم
الحقيقي للحجاب ومغزاه: «إن الحجاب الإسلامي لا يعنى الحبس وإنما يمنع
الغواية، فلا حجاب إذن في الإسلام بمعنى الحبس، ولا عائق فيه لحرية المرأة
حيث تجب الحرية وإنما هو الحجاب مانع من الغواية والتبرج وحافظ للحرمات
ولآداب العفة والحياء»([37]). فالحجاب هنا يتجـاوز المعنى الشكلي إلى
الحجاب المعنوي الذي يعنى حبس المرأة وقهرها.
ومما يؤكد هذا المعنى لمفهوم الحجاب أن الرسول r أمر خالة جابر بن عبد الله
أن تجذ نخلها، حتى وهى في فترة العدة. وأسماء بنت أبى بكر تخرج من بيتها،
وتساعد زوجها في العمل، ويراها الرسول r فيشفق عليها طالباً المساعدة في
حملها لبيتها فتأبى لتذكرها لغيرة زوجها الزبير([38]). وزينب امرأة عبد
الله بن مسعود تعمل بيدها، وتنفق على أيتام في حجرها ويثني عليها الرسول r
حين سئل عن جواز ذلك فقال: «نعم، ولها أجران أجر القرابة وأجر
الصدقة»([39])، وقد سبق ذكر بنتي شعيب وخروجهما للعمل.
ويتضح مما سبق أن للمرأة الخروج من منزلها والعمل حين تدفعها الضرورة إلى
ذلك كرعاية أيتام، وعدم وجود عائل، حيث إنها في ظل الإسلام تكون مكفولة
المئونة ماديا من الرجل، فإذا عدم فلا مفر من العمل والخروج مراعية لتعاليم
الإسلام، وهذا ما شجع عليه الإسلام، ويعد ذلك أفضل من المسألة أو العيش
عالة على الناس، فضلا عما تفرضه ضرورات المجتمع: كالعمل بالتمريض، ومصاحبة
المسلمين في حروبهم، وهذا مشهور جداً عند الصحابيات، بل وجدنا أن الإسلام
أباح حتى للمرأة الخروج لمساعدة زوجها لفقره أو حمل أعباء الحياة الكثيرة
معه لانشغاله بأمر الجهاد مثلاً أو ما إلى ذلك، كما فعلت أسماء وزوجة ابن
مسعود. وهو بذلك وسع من دائرة العمل والمشاركة رحمة بالرجل وطموحا في زيادة
الثواب عند الله للمرأة كما يمكن أن تتصدق من مالها كما سيتضح فيما بعد،
إلى جانب حريتها في العمل أولاً.
بالإضافة لما سبق فمعظم الأحاديث سواء الموضوعة أو التي أسيء فهمها في هذا
الشأن وتعارضها مع هذه السنة الصحيحة قد اتخذت ذريعة يحمل لواءها المتشددون
لمنع المرأة من الخروج من بيتها باسم الدين، وكما يقول د. يوسف القرضاوي:
«فأصبح ذهابها إلى المسجد لا يشرع، وكلامها مع الرجال لا يجوز ولو بالأدب
المعروف، فوجهها وكفاها عورة وصوتها وكلامها عورة([40])، وقد وجدت من تصدى
لها من كبار العلماء المشتغلين بأمر السنة، وسأكتفي على سبيل المثال لا
الحصر برواية فاطمة بنت رسول الله r حين سألها: «أى شىء أصلح للمرأة؟
فقالت: ألا ترى رجلاً ولا يراها رجل! فقبلها ثم قال: ذرية بعضها من بعض»
يقول الشيخ الغزالى معلقاً: بأن هذا حديث منكر لم يذكره كتاب سنة محترم،
وهو يخالف ما تواتر من القرآن الكريم والأحاديث الصحاح وسيرة النبي الكريم r
والخلفاء الراشدين»([41]).
وهكذا يبدو لنا من خلال سنة الرسول r مع الصحابيات، ومكانة المرأة في
القرآن الكريم مشروعية خروج المرأة من بيتها مع الالتزام بالحجاب الشرعي
الذي لم يمثل إشكالية مطلقاً للمرأة المسلمة على عهد الرسول r في انطلاقها
لممارسة شئون حياتها، وإن أتت المشكلة لدى المسلمين فيما بعد عند الانحراف
عن تعاليم دينهم وانطلاقاً من أحاديث موضوعة وأعراف قد ألغاها الإسلام،
وسوف تتضح الصورة أكثر حينما نرى المرأة المسلمة تضرب بسهم قوى في جميع
مجالات المجتمع، وكيف أنها أسهمت بجانب الرجال في رفع لواء وحضارة الإسلام
من منطلق الوعي التام والإدراك لحقوقها التي منحها لها الإسلام فكأنما نشطت
من عقال.
مجالات المشاركة الاجتماعية للمرأة المسلمة في صدر الإسلام:
أولاً: المشاركة في المحافظة على المجتمع الإسلامي.
- داخلياً من خلال مشاركتها السياسية.
- خارجياً بالجهاد في سبيل الله.
الجانب الأول: المشاركة السياسية:
لقد أكد القرآن الكريم على حق المرأة في هذه المشاركة، ولاسيما فيما يلم
بالمسلمين من شدائد ومحن، وقد قال تعالى: )والمؤمنون والمؤمنات بعضهم
أولياء بعض يأمرون بالمعـروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون
الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئـك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم(([42]).
وهذه الآية تتضمن ضروباً من إنصاف المرأة وأهليتها لتحمل تبعات الحياة
والمساهمة في بناء أوضاعها الصالحة، فالولاية تشمل: الأخوة والصداقة
والتعاون على كل خير، والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر واجب يشمل ضروب
الإصلاح في كل نواحي الحياة، والمرأة في ذلك كالرجل، كما تشير الآية، بشرط
الالتزام بشرعه – تعالى - وتنفيذ تعاليمه، ولا يكون ذلك المتبرجة التي
تجاهر بالمعصية حيث إن الإسلام الحنيف يسقط الاعتبار الأدبي للرجل والمرأة
إذا كان مجاهراً بصغار الذنوب فما بالنا بهدم فرائض الشرع([43]).
كما أن تأكيد القرآن الكريم على أحقية المرأة بالقيام بهذا الدور يتضح من
خلال ما أقره من تساويها مع الرجل في قاعدة العمل والجزاء وخطاب التكليف،
فقال تعالى: )ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن
المنكر وأولئك هم المفلحون(([44])، وهناك نصوص صريحة بتكليف النساء كقوله
سبحانه عن نساء النبي: )وقلن قولاً معروفاً(([45])،)واذكرن ما يتلى في
بيوتكن من آيات الله والحكمة(([46])
وقد مارست المرأة المسلمة هذا الحق في عهد الرسول r وخلفائه الراشدين وأخذت صوراً وأشكالاً متنوعة منها:
هجرة المؤمنات فراراً بدينهن من المجتمع الكافر التي أبان عنها كتاب
الله(6) ومشاركتهن في البيعة. فعن أم عطية الأنصارية قالت: «بايعنا رسول
الله r فقرأ علينا آية البيعة([48]) وتتجلى صور المساهمة السياسية من خلال
مشورة الرسول r لأم سلمة يوم الحديبية حين امتنع المسلمون عن طاعته «فقالت
له: يا نبي الله اخرج ثم لا تكلم أحداً منهم كلمة حتى تنحر بيدك وتدعو
حالقك فيحلقك. فلما رأوا ذلك منه قاموا فنحروا وحلقوا»([49]). وهذا دليل
على حسن إدراك المرأة وعمق بصيرتها في الأوقات الصعبة وعلى تقدير الرسول r
واحترامه لرأيها ومكانتها.
وكان الرسول r يقبل إجارتها في أوقات الحرب كما فعل مع أم هانئ بنت على بن
أبى طالب حينما أتت له شاكية أخاها على بن أبى طالب الذي اعترض على فعلها
وحاول قتل من أجرته([50]). فرحب بها الرسول r قائلاً: «قد أجرنا من أجرت يا
أم هانئ»([51]).
وقد روى عن رسول الله r الكثير من الأحاديث التي تعضد حق المرأة في
المشاركة في الحياة السياسية منها قوله r: «من رأى منكم منكرا فليغيره
بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف
الإيمان»([52])، وهو خطاب تكليف تشترك فيه المرأة مع الرجل، وقد كان من أثر
ذلك أن انطلقت المرأة لتشارك بقوة في أمر سياسة الخلفاء الراشدين «ولقد
كان للمرأة في كل تلك الأدوار رأى ماثل، وصوت مسموع، وفي بعضها يد أيدة
وبطش شديد»([53]) من ذلك:
كف فاطمة بنت الرسول r عن المبايعة لأبى بكر بالخلافة والتي اختلف في
سببها، فهل لأنها رأت أحقية على بن أبى طالب، وانتزاع الخلافة من آل بيت
النبي التي كانت تراها حقاً لا يطاولون فيه أم لحرمانها ميراث الرسول r فدك
وسهمه في خيبر؟ والنتيجة في كلاً الحالتين واحدة هي امتناعها عن المبايعة،
وانحاز لها بنو هاشم جميعاً، والزبير بين العوام، وأبو سفيان بن حرب، وبعد
موت فاطمة - رضي الله عنها - كادت فتنة أن تقوم لولا أن تداركها الإمام
على بحكمته فخطب في الناس مبايعاً أبا بكر([54]).
وقد كانت لأمهات المؤمنين مشاركتهم السياسية فيما يتعلق بشئون الخلفاء من
البيعة وغيرها، منهن حفصة رضي الله عنها التي عملت على اختيار أبيها لمن
يخلفه حفاظاً على أمن الدولة، وهى في حالة حرب، وعلى المسلمين أن تعصف بهم
الفتنة بسبب الخلافة فقالت لأخيها ابن عمر: أعلمت أن أباك غير مستخلف؟ قال:
قلت ما كان ليفعل قالت: إنه فاعل. قال: فحلفت أن أكلمه في ذلك»([55]).
وحينما توفي عمر بن الخطاب أبوها خطبت في الناس مذكرة إياهم بفضائله وحثهم
على طاعته فيما اتفق عليه من أمر الخليفة عثمان بعده، والبيعة له درءاً
للفتنة، وسأكتفي ببعض من أقوالها: «بعد الثناء على الله: أما بعد، فكل
العجب من قوم زين الشيطان أفعالهم حتى هم عدو الله، بإحياء البدعة، ونبش
الفتنة، وتجديد الجور بعد دروسه، وإراقة الدماء، وانتهاك محارم الله بعد
تحصينها... فأخسأ الشيطان وأقام دعائم الإسلام، واحتذى في الناس بأخيه
فأخرجها من نسله، وصيرها شورى بين إخوته، فبأي أفعاله تتعلقون وبأي مذاهبه
تتمسكون بطرائقه القويمة في حياته أم بعدله فيكم عند وفاته، ألهمنا الله
وإياكم طاعته»([56]).
وموقف عائشة - رضي الله عنها - من على مشهور حيث خرجت عليه ومعها كبار
الصحابة كالزبير وطلحة طلباً للثأر لمقتل عثمان بن عفان، وقد أبصرت قتلته
يذهبون إلى ديارهم موفورين فانصدع قلبها، وكانت موقعة الجمل نسبة إلى الجمل
الذي ركبته وأصيب في هذه المعركة، وأعادها على مكرمة إلى بيتها، فهي وإن
لم تنكر عليه أمر خلافته حيث إنها كانت تدعو الناس يوم قتل عثمان لبيعته؛
لأنها تعلم بأحقيته للأمر ولقرابته من الرسول r إلا أنها رأت دماً مطلولاً
وحقاً ضائعاً، فتعجلت ما رأته واجباً وإنما الأعمال بالنيات»([57]).
وهذه الفتنة التي عصفت بالمسلمين بعد مقتل عثمان t شهدت الكثير من نصراء
على من النساء، ومن الواقفين ضده متعجلين الثأر، منهن نائلة بنت الفرافصة
زوجة عثمان بن عفان، التي بعثت بأصابعها الممزقة وقميص عثمان المخضب
بالدماء إلى معاوية وأمرته أن يعلق كل ذلك في المسجد، وأن يقرأ على
المجتمعين كتابها التي تحث فيه مستصرخة المسلمين للقصاص من قتلة عثمان،
واجتمع لسماعه خمسون ألفاً من الشام يصيحون بالبكاء ويتقاسمون فيما بينهم
ألا يمسوا غسلاً حتى يقتلوا عليا أو تفنى روحهم»([58]). وبهذا يتضح دور
المرأة الكبير حين دخولها معركة وهى مقتنعة بها فيكون لها الأثر الفعال
الواضح على عقول الرجال، ولكلامها الأثر البين على نفوسهم خاصة حين الشعور
بالجور والظلم فيشع من كلامهن فصاحة القول وحرارة الموقف ومما يدل على ذلك.
خطبة أم كلثوم بنت على في أهل الكوفة بعد وقعة كربلاء لتخاذلهم عن نصرته
وغدرهم به قائلة: «يا أهل الكوفة يا أهل الختر([59]) والخذل.. إنما مثلكم
كمثل التي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثاً تتخذون أيمانكم دخلاً بينكم
أتبكون!! إي والله فابكوا وإنكم والله أحرياء بالبكاء فابكوا كثيرا
ًواضحكوا قليلاً، فلقد فزتم بعارها وشنارها ولن ترحضوها بغسل بعدها أبداً،
وأنى ترحضون قتل سليل خاتم النبوة؟»([60]).
وكامتداد للفتنة ومقتل أبناء الصحابة وخيرة المسلمين ومشاركة المرأة
المسلمة لهذه المآسي فقد قتل عبد الله بن الزبير أول مولود بشر به المسلمون
في الإسلام، وكانت أمه أسماء بنت أبى بكر مثالاً نادراً في الصبر عليه،
وبلغت من قوة الشخصية درجة عظيمة؛ يوضح ذلك مجابهتها للحجاج حين دخل عليها
بعد مقتل ابنها قائلاً: كيف رأيتني صنعت بعدو الله؟ قالت: رأيتك قد أفسدت
عليه دنياه وأفسد عليك آخرتك، أما إن رسول الله r حدثنا أن في ثقيف كذابا
ومبيراً، فأما الكذاب([61]) فرأيناه وأما المبير فلا إخالك إلا إياه. فقام
عنها ولم يراجعها»([62]).
وإن كان خطاب المرأة في الأمور العامة كما سبق أشد بأساً وقوة - نظراً لشدة
وقع الأحداث العاصفة التي مرت بها - فإن هذا الخطاب يبدو أقل حدة، وأقرب
إلى النصح والتوجيه للحاكم في الأحوال العادية، من ذلك أن خولة بنت ثعلبة
نراها تنصح عمر بن الخطاب قائلة: «اتق الله في الرعية، واعلم أن من خاف
الوعيد قرب عليه البعيد، ومن خاف الموت خشي الفوت» ([63]). وهو يسمع لها في
أدب. وامرأة أخرى تقوم على الملأ فترده عن موقفه في أمر غلاء المهور قائلة
إن الله قال: "وأتيتم إحداهن قنطاراً فلا تأخذوا منه شيئاً" فرجع عن قوله،
وقال: «أخطأ عمر وأصابت امرأة».
ولعلنا نستطيع في ضوء هذه المعلومات أن نتبين كيف أسهمت المرأة بشخصيتها
المؤمنة الواثقة الشجاعة سياسياً فقامت تخطب في الناس في الشدائد، واتضح أن
ذلك أمر مألوف في ذلك العصر قد سبقتهن إليه أمهات المؤمنين كعائشة وحفصة -
رضي الله عنهن - واستمرت على ذلك النهج حتى أصبحت تقف أمام الخلفاء مدافعة
عن الحق بكل جسارة، وهى في كل ذلك لم تلق المعارضة من الصحابة بل وجدت سعة
الصدر والتأييد مقتدين بالنبي r وبما حث عليه كتاب الله من حق ممارسة
المرأة لهذا الدور كالرجل تماماً شريطة الالتزام بشرعه وآدابه في نفسها كما
أسلفنا لأنه سوف يتضح كيف مارست المرأة العابدة هذا الحق بصورة اجتماعية
أكثر منها سياسية حين استتب الأمر للمسلمين حينذاك، ولكنها لم تتوان عن
ممارسة حق الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر في كل أدوار حياتها أمًّا وزوجة
وبنتاً ومعلمة، حيث بقيت الشرارة الأولى من النساء الصحابيات وأمهات
المؤمنين توقظ فيها هذا الشعور من نصرة الحق في جميع الأحوال والظروف
والمشاركة لمجتمع المسلمين في أفراحه وأحزانه.
الجانب الثاني: المشاركة الجهادية للمرأة المسلمة:
إن أجلّ الأعمال التعبدية التي تقوم بها المرأة المسلمة، هو نصرة دين الله
في واقع الحياة والعمل على تطبيق منهجه في حياة الفرد والأسرة والمجتمع
والدولة"([64])، وقد مارست المرأة المسلمة في صدر الإسلام هذا الدور بتنوع
أشكاله فشاركت بالقتال الفعلي مثل نسيبة بنت كعب، التي قال عنها الرسول r :
«ما التفت يميناً ولا شمالاً يوم أحد إلاّ ورأيتها تقاتل دوني»، فقد كان
لموقفها في أحد الذي فاق صناديد الرجال أن أثنى عليها النبي r بقوله
مخاطباً ابنها: «لمقام أمك خير من مقام فلان وفلان» وشهدت اليمامة فقاتلت
حتى قطعت يدها([65]). وصفية بنت عبد المطلب عمة الرسول r قاتلت فارساً
يهودياً كان يحوم حول حصن بني حارثة، ذلك الحصن الذي اجتمع فيه النساء
والصبيان يوم الأحزاب ـ فخشيت عليهم منه ـ وقاتلن وأبى ذلك حسان بن ثابت
الذي احتمى بالحصن لوهن في قلبه([66]). وأم سليم تحمل خنجراً لتضرب به من
يقترب منها من المشركين وكانت مصاحبة للمسلمين في معظم غزواتهم مع رسول
الله r للتمريض والسقيا([67]). وأم حكيم ابنة الزبير بن عبد المطلب كانت
تقاتل يوم عرسها سبعة بعمود الفسطاط الذي مات فيه خالد معرساً بها([68]).
وتلك هي رقية بنت صغى لم يقعدها ضعفها وهرمها عن المسارعة لإنقاذ الرسول r
حين أبلغته بما تآمر عليه القوم سراً من قتله، فبادر إلى الهجرة لساعته
تاركاً ابن عمه علياً نائماً في فراشه([69]). وأسماء بنت أبى بكر تقطع
المسافة الطويلة بين مكة وجبل ثور في جوف الليل حاملة الزاد والأخبار
للرسول r([70])، وسمية أم عمار بن ياسر التي تؤثر العذاب والشهادة في سبيل
الله على النطق بكلمة الكفر للمشركين.
إذن فكل هذه المواقف الشجاعة للمرأة المسلمة في نصرة الدعوة الإسلامية لا
تخشى الموت ولا تهاب الأعداء تشير إلى أنه يمكن الاعتماد عليها في أحلك
الظروف وأشدها إذا أتيحت لها الفرصة، وأنها ربما فاقت الرجال في ذلك إذا
أضفنا إلى ما سبق مشاركتها بالتمريض والسقاية كما فعلت نسيبة وعائشة أم
المؤمنين وأم سليم وأم عطية الأنصارية، وهى سنة مشهورة عنهن([71]).
وما سبق يمثل صورة للمرأة المسلمة للدفاع عن دينها على عهد الرسول r، ولقد
كان لها دور نشط فعال ومؤثر في الحث على الجهاد وممارسته أيضاً في مواقع
المسلمين المتنوعة فتطالعنا أسماء عديدة مثل خولة بنت الأزور التي تعجب من
شجاعتها وبسالتها خالد بن الوليد وجنده حيث زعزعت جند الروم في موقعة
أجنادين غير آبهة بالموت، وكانت عاملاً مؤثراً في حمل جند المسلمين على
الروم وهزيمتهم وحين أسرت مع النساء أخذت تخطب فيهم داعية للجهاد والمقاومة
بأبسط الأشياء فلم يكن معهن سلاح، فأخذن أعمدة الخيام وقاتلن بهن قتال
المستميت حتى استنقذتهن من أيدي الروم([72]).
بالإضافة إلى ما سبق من وجود نساء كنّ على نفس هذا المستوى من الجرأة
والشجاعة شاركن على بن أبى طالب القتال وكن يخطبن في الجنود للثبات على
الحق في هذه الفتنة وأن لا يزلزلهم ويثبط من عزيمتهم خروج أم المؤمنين
عائشة على علىّ، وقد أوتين جوامع الكلمة من هؤلاء أم الخير بنت الحريش
وبكارة الهلالية وسودة ابنة عمارة وآمنة بنت الشريد وكثيرات من
نظرائهن([73]). «ولهن في صفين مقامات ومواقف أشجت حلوق العدو، وصكت
أسماعهم، وروعت نفوسهم»([74]). وشاركت المرأة في الجهاد عن طريق غير مباشر
بأن حثت أبناءها على الجهاد في سبيل الله، وإن لقوا حتفهم في سيبل ذلك
وكانت مثالاً في صبرها على استشهادهم كالخنساء وأسماء([75]).
وعلى ذلك، فليس غريباً أن نقول: إن المرأة لم تعقها طبيعتها عن الحفاظ على
أمن المسلمين ونصرة دعوتهم سواء كان بالمشاركة السياسية أو الجهادية
كالرجال، وأنها أسهمت في كافة الأنشطة عندما كان مفهوم العبادة يمارس
بالمعنى الصحيح الشامل لكل جوانب الحياة دون الاقتصار على أحد جوانبها،
ومما ساعد من تدعيم هذه المسئولية داخل مجتمعها وخارجه التعليم، وهو ما سوف
نتناوله فيما يلي:
ثالثاً: الجانب التربوي عند المرأة في صدر الإسلام ويشمل:
1- التعليم.
2- دورها في الأسرة وبناء الرجال.
أولاً: التعليم وحق المرأة في طلبه:
من الملاحظ أن تعليم المرأة كان تمهيداً لتعلم العلم الشرعي الذي لا تصح
العبادة إلا به، فالدراسة في العقيدة والشريعة والأخلاق متوافقة مع خصائص
المرأة وفطرتها. وهنا تكمن أهمية الثقافة الدينية في أنها مساعدة لها على
أداء رسالتها كأم وزوجة، ولا يلغى ذلك أن تكون لها دراسات في جميع أنواع
العلوم على حسب قدرتها العقلية([76]) كما سنجد المثل الأعلى في ذلك السيدة
عائشة - رضي الله عنها - وكثير من الصحابيات كأسماء بنت أبى بكر وأسماء بنت
عميس، وكانت كل منهن تجمع بين الثقافة الدينية والتطبيق العملي لها،
بالإضافة إلى كثير من أنواع المعارف المتعددة بمقياس ذلك العصر وممارستها
حين تدعو الضرورة لذلك دون حرج.
ولهذا فقد قررت تعاليم الإسلام حق المرأة في طلب العلم، شأنها في ذلك شأن
الرجل من منطلق ما تناولته من تساويها معه في قاعدة الجزاء والعمل وخطاب
التكليف وتحمل المسئولية داخل بيتها ونحو مجتمعها. وإن مما يعضد القيام
بهذه الأدوار والتربية على أسس الإسلام وأصوله هو التعليم بصفة عامة
والعلوم الشرعية بصفة خاصة. فالتعليم فوق أنه حق لها فهو واجب عليها، لا
يجوز أن تتنازل عنه للقيام بالأمانة التي فرضها الله عليها مثل الرجل على
أفضل وجه.
ففي القرآن الكريم تأكيد على هذا الحق فقال تعالى: )وقل ربى زدني
علما(([77]))ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن
المنكر(([78]). وهل يعقل أن تقوم بأداء هذا الدور أمة جاهلة يتساوى فيها
الرجل والمرأة في الدعوة إلى الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر وليس أدل على
وجوب العلم، وبيان أهميته من قوله تعالى: )اقرأ باسم ربك الذي خلق(([79])،
فأول سورة من القرآن تحمل اسم القلم، وقال تعالى: )ن والقلم وما
يسطرون(([80]).
ومن الجدير بالذكر والملاحظة أن سنة رسول الله r سواء كانت قولاً أو فعلاً
مثل ممارسة الصحابيات حملت ما يؤكد الدعم القوى لهذا الحق للمرأة من ذلك
قول الرسول r: «طلب العلم فريضة على كل مسلم» «من يلي من هذه البنات شيئاً
فأحسن إليهن كن له ستراً من النار»([81]). وأي إحسان إلى البنات أكبر من
تعليمهن وتأديبهن([82])وكان هذا الحق تتساوى فيه الإماء مع الحرائر، ومما
يوضح ذلك قوله r:«أيما رجل كانت عنده وليدة فعلمها فأحسن تعليمها، وأدبها
فأحسن تأديبها، ثم أعتقها وتزوجها فله أجران»([83]).ثم ما سبق ذكره من حديث
أم عطية عن رسول الله r: «تخرج العوائق وذوات الخدور والحيض وليشهدن الخير
ودعوة المؤمنين»([84]).
وكان الرسول r يحث الرجال على منح هذا الحق للنساء، وضرب لهم القدوة الحسنة
من نفسه، فحين خطب في الناس يوم عيد الفطر رأى أنه لم يسمع النساء فأتاهن
فوعظهن وهو يتوكأ على يد بلال حقهن في التربية والتعلم وفي رواية عن ابن
عباس «فظن أنه لم يسمع النساء فوعظهن وأمرهن بالصدقة»([85]). وقد استنكر
عطاء تخلف أئمة عصره عن أداء هذا الواجب للنساء قائلاً لابن جرير: «إنه لحق
عليهم ومالهم لا يفعلونه»([86]). كما نهى r في رواية سبق ذكرها الرجال عن
أن يمنعوا النساء المساجد التي كانت لم تكن ليست مكاناً للعبادة فقط بل
مركز إشعاع لجميع المعارف، وما يشمل شئون الحياة فقال r: «لا تمنعوا إماء
الله مساجد الله»([87]).
من هنا وجدنا الصحابيات يحرصن على القيام والممارسة العملية لهذا الحق
بأوسع صوره «فقالت إحداهن: يا رسول الله ذهب الرجال بحديثك، فاجعل لنا من
نفسك يوماً نأتيك فيه تعلمنا مما علمك الله. فاستجاب لذلك، وقال: اجتمعن
يوم كذا وكذا في موضع كذا»([88]). وما هذا الموقف العظيم من الرسول r إلا
إدراكاً منه بأثرها البالغ في المجتمع والنهوض بأفراد المسلمين. ولم يمنعهن
الحياء أن يطلبن من الرسول r المزيد من فرص التعليم فتقول السيدة عائشة -
رضي الله عنها: «نعم النساء نساء الأنصار! لم يمنعهن الحياء أن يتفقهن في
الدين»([89]). وموقفهن هذا انطلاقاً من قول الرسول r: «من يرد الله به
خيراً يفقهه في الدين»([90]).
حق المرأة في تنوع معارفها:
إن كانت العلوم الشرعية أقرب إلى قيام المرأة بمسئولياتها ووظيفتها فإن
الإسلام لا يحرم عليها تناول العلوم بتنوعها وشمولها، فالسيدة عائشة ضربت
أروع الأمثلة بعلمها الغزير في جميع مناحي الحياة حينذاك، «قال الإمام
الزهري: لو جمع علم عائشة إلى علم جميع أمهات المؤمنين، وعلم جميع النساء
لكان علم عائشة أفضل! وقال هشام بن عروة: ما رأيت أحداً أعلم بفقه ولا طب
ولا بشعر من عائشة!» ([91]). ووجد من الصحابيات من اشتهرت أيضاً بسعة العلم
كأسماء بنت عميس التي كانت على علم ودراية بالطب وتفسير الأحلام، وقد أعدت
للرسول r دواءً وهو مريض، وأمر بكل من في الدار أن يتناولوه عدا عمة
العباس، ولم تستثن منهن ميمونة رغم صيامها وكان عمر يرجع إليها في تفسير
أحلامه، وقد أخذ عنها الحديث الكثير من الصحابة([92])، وكذلك السيدة الشفاء
بنت عبد الله القرشية قارئة وكاتبة، وكانت تعلم نساء المسلمين، وقال لها
الرسول r: «علمي حفصة رقية النملة كما علمتيها الكتابة»، وتقديراً لعلمها
ومكانتها فقد حرص الخلفاء من بعد الرسول r على استشارتها والأخذ برأيها،
وكان عمر يقدمها في الرأي وربما ولاها شيئاً من أمر السوق([93]).
وقد حفلت السنة بالكثير من الدلائل على فضل طلب العلم على تنوعه، وليس فقط
العلم الدينى، وفضلت العالم الكثير المعرفة على العابد من ذلك، ما روى عنه r
أنه قال: «فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر
الكواكب»([94]) وقوله r «فضل العلم أحب إلىّ من فضل العبادة وخير دينكم
الورع»([95]). وورد في التراث: «اطلبوا العلم ولو في الصين» والصين حينذاك
بلد مشرك ليس به علم ديني. وقد وجد النساء على عهد الرسول r في ذلك دعماً
قوياً وشرفا عظيما لطلب العلم بشموله وعمومه خاصة ما يعين المرأة على
القيام بأمر دينها ودنياها معاً.
ونلمح أيضاً أن الإسلام أتاح للمرأة الفرصة لأن تنهل من جميع المعارف ما
دامت لا تطغى على أنوثتها وتنمى وتثـقل شخصيتها. كما أن ما سبق يومئ إلى أن
حقوق الزوج والأولاد لم تكن حائلاً بين المرأة وتلقيها للعلم، بل وبلوغها
دور الأستاذية فيه، وهو ما سوف نوضحه:
دور الأستاذية للمرأة المسلمة في العصر النبوي:
إذا أضفنا لما سبق من الثناء والتقدير للمرأة المسلمة في مجال طلبها الحثيث
للعلم سواء كان من الرسول r وخلفائه الراشدين، وكما سبق من قول عائشة -
رضي الله عنها - فإنه يمكن القول: إن من أبرز الآثار المترتبة على هذا
المنهج هو بلوغ المرأة شأناً عظيماً في العلم، يتضح ذلك من خلال دورها في
رواية السنة وتعليمها وفقهها، حتى كان كبار الصحابة يتلقون عليهن دون
استعلاء لكونها امرأة بكل ثقة وتقدير وأدب جم حتى أصبحت كتب السنة المشهورة
تعج بمرويات لا حصر لها، أتت عن طريق النساء ولاقت ثناء كبار علماء الحديث
على مر العصور حتى قال الحافظ الذهبي: (لم يؤثر عن امرأة أنها كذبت في
حديث) ([96]). وقال الشوكاني: (لم ينقل عن أحد من العلماء بأنه رد خبر
امرأة لكونها امرأة. فكم من سنة قد تلقتها الأمة بالقبول من امرأة واحدة من
الصحابة وهذا لا ينكره من له أدنى نصيب من علم السنة)([97]).
واتضحت ملامح التفوق والنضج لدى المرأة المسلمة ليس فقط بروايتها للسنة
وتعليمها وفقهها كما سيتضح، بل لأنها كانت أيضاً تجادل وتحاور الرجال وكانت
تستدرك عليهم وكانوا ربما رجعوا إليها حين اختلافهم وينزلون على رأيها
وتزعمت هذا النهج السيدة عائشة - رضي الله عنها - ومعها العديد من
الصحابيات، من ذلك أن السيدة عائشة - رضي الله عنها - راجعت عبد الله بن
عمرو في أمره النساء إذا اغتسلن أن ينقضن رؤوسهن فقالت: «يا عجباً لابن
عمرو.. أفلا يأمرهن أن يحلقن، لقد كنت أغتسل أنا ورسول الله r من إناء واحد
ولا أزيد على أن أفرغ على رأسي ثلاث إفراغات»([98]). وكان أكثر استدراك
عائشة على الصحابة فيما يتعلق بأمور النساء بحكم أنها من أكثر الملاصقين
للرسول r «وقد ألف بدر الدين الزركشى كتاباً قصره على استدراكات عائشة -
رضي الله عنها - قال في مقدمته هذا كتاب أجمع فيه ما تفردت به الصديقة أو
خالفت فيه سواها.. أو أنكرت فيه على علماء زمانها أو رجع فيه إليها أحد من
أعيان أوانها»([99]). وقد استدركت أم المؤمنين حفصة بنت عمرو على عبد الله
بن عمر حين أغضب ابن الصائد قائلة له: أما علمت أن رسول الله r قال: «إنما
يخرج من غضبة يغضبها»([100])، وقد استدركت فاطمة بنت قيس على كثير من
الصحابة الذين بعثوا يأخذون رأيها حين اختلافهم في أمر المعتدة والمطلقة
ثلاثاً فأفاضت من قريحتها وفهمها مما يؤكد فقهها حيث قالت: بيني وبينكم
كتاب الله قال الله U: )لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلاّ أن يأتين
بفاحشة مبينة (([101]) قالت: هذا لمن كانت له مراجعة فأي أمر يحدث بعد
الثلاث؟ فكيف تقولون: لا نفقة لها إذا لم تكن حامل فعلام تحبسونها؟([102]).
وكل ذلك يمثل في مجمله حسن فقه المرأة المسلمة، وأن رميهن بأنهن أقل في
المستوى العقلي لسوء فهم حديث الرسول r بأنهن «ناقصات عقل ودين»([103]).
أدى إلى ظلم المرأة قرونا عديدة، وهذه النماذج الرائعة تثبت هذه المقدرة
العقلية العظيمة للمرأة والتي فاقت بها الرجل، بالإضافة إلى المعاملة
الحسنة والتقدير العظيم لرأيها من جانب الرسول r وصحابته الكرام.
واستكمالاً لدور المرأة العلمي فبالإضافة إلى استدركاتها على الصحابة
الأعلام قدمت نموذجاً مثالياً لما يجب أن يتحلى به العالم من الأمانة
والتواضع والجرأة في الحق دون محاباة لأحد وإخلاص العمل لله ابتغاء رضاه
سبحانه، ومما يوضح هذا المعنى ما روى عن أن ابن عباس قد رخص في متعة الحج،
وكان ابن الزبير قد نهى عنها فطلب من السائلين أن يذهبوا إلى أمه يسألونها
فدخلوا عليها.. فقالت: قد رخص رسول الله r فيها([104]). فلم تجامل ابنها
على حساب شرع الله، وهي من أورع الناس وأبعدهن عن ذلك. وكانت تحيل سائليها
لمن هو أكثر منها علماً في أمر ما، من ذلك «ما روى عن شريح بن هانئ قال:
سألت عائشة عن المسح على الخفين فقالت: ائت علياً، فإنه أعلم بذلك
منى([105]). ومما يدل على تواضعها وأمانتها العلمية أيضاً حين سئلت عما
يكره أن ينتبذ فيه.. فقالت لسائلها: إنما أحدثك ما سمعت أفتحدث ما لم أسمع؟
وكانت الحياة العلمية تسودها روح المحبة والحوار مع الرجال في أدب دون حياء
كاذب يكبل معرفة الحق كحوار زينب بنت المهاجر لأبى بكر الصديق مستفسرة عن
هذا الدين الجديد على قومها([106])، وكما سبق فقد كثرت مجالات الحوار مع
الرجال، وكان هذا أمراً مألوفاً تدعوه الضرورة، وتدل على حسن الإدراك
للمرأة وجرأتها في الحق كما فعلت أسماء بنت زيد التي حملت مطالب النساء
للرسول r وانصرفت وهى تهلل وتكبر استبشاراً بما قال لها الرسول r([107])،
والسيدة خولة بنت ثعلبة التي جادلت الرسول r بالحجة والمنطق والفصاحة بعد
أن ظاهر منها زوجها، وقول الرسول r ما أراك إلاّ قد حرمت عليه. فتشتكى
قائلة: يا رسول الله أكل شبابي ونثرت له بطني، حتى إذا كبرت سني وانقطع
ولدى ظاهر منّى؟ اللهم إني أشكو إليك فما برحت حتى نزل جبريل بما
سرها»([108]).
نستطيع القول إذن بما لا يدع مجالاً للشك: إن هذه المقومات النفسية
والبيئية التي تمتعت بها المرأة المسلمة في ظل الإسلام سواء كان من خلال
منح حرية المجادلة والحوار أو من جانب الأمانة والروح الوثابة لطلب العلم
وموقف الرسول r وموقف الصحابة قد دفعت المرأة لتكون مؤهلة لأن يعتمد عليها
في نشر الدين الجديد، وقيامها بدور الأستاذية، والقيام بتعليم أخواتهن من
النساء، وكان لها مجلس علم صراحة يتم من خلاله ذلك كما فعلت السيدة الشفاء
بنت عبد الله القرشية التي كانت تعلم النساء القراءة والكتابة، وكذلك
السيدة أم ورقة - رضي الله عنها - «فقد استأذنت الرسول r في أن تجعل في
بيتها مسجداً فأذن لها.. وكان يتفقد r مسجدها ويرشدها ويعظها لتعلم بالتالي
نساء المسلمين، فأصبحت دارها مجمعاً للراغبات من النساء في التفقه والتعبد
والصلاة والذكر والدعاء، وأصبحت - رضي الله عنها - أستاذة وإمامة يشار
إليها بالبنان، وبسبب اهتمامها البالغ بكتاب الله فلم تكتف بحفظه وفقه
معانيه وأغراضها وأحكامها، بل عكفت على جمع الآيات المكتوبة على العظم
والجلد وغيرها في دارها، مرتبةٍ كما كان يأمر ويوجه رسول الله r، لذا كانت
دارها - وكانت هي أيضاً رضي الله عنها - مرجعاً من المراجع الأساسية
والهامة التي عول عليها الخليفة «الصديق» t عندما جمع القرآن([109]).
وهكذا يتضح الدور الذي اضطلعت به المرأة المسلمة في مجال الدعوة حين كفلت
تعاليم القرآن والسنة بوجوب حقها في طلب العلم وتعليمه وجعله فريضة شرعية
لا تقل في أدائها عن الفرائض الأخرى، وهذا ما لا نجده في اليهودية ونظام
التعليم الديني فيها، وما تطلعنا عليه الكاتبة المهتدية "مريم جميلة"
مستندة إلى كتابات اليهود من أن الدرس الديني في اليهودية مقتصر على الرجال
وحدهم، ولاسيما في الدراسات المتقدمة وللحاخامات آراء متشددة في تعليم
الدين للفتيات، إذ يقول أحدهم عن رأى شاع وانتشر بينهم: إن من يعلم ابنته
التوراة كمن يعلمها الفحش، ويرى الأحبار أن الأمر الوارد في التوراة»
بتعليم الأبناء ينطبق على الصبيان دون البنات، وقد ذهب أحد الخامات إلى
القول بأنه يفضل أن تضيع كلمات التوراة عن أن تعلم لامرأة([110])، وهذا ما
يجعل المرأة المسلمة تعتز بدينها وبما منحه لها من حقوق أزالت عن عقلها
وقلبها ظلمات الجهل والضلال.
ثانياً: الدور التربوي للمرأة المسلمة داخل بيتها:
الناظر لأحوال المرأة المسلمة في صدر الإسلام وما روى عنها يجد أنها اضطلعت
بدور بارز وحيوي في تكوين وبناء الرجال، وكان أمر التربية له مفهوم عام
يشمل الفرد والمجتمع من خلال التمثل بمنظومة من القيم والأخلاق الإسلامية
المنبعثة من منطلق أنه لا يوجد انفصام بين العلم والتربية وإنما كلاهما
يكمل الآخر ولا يكتمل بناء الفرد المسلم بدون أحدهما «فإذا كان التعليم
يساعد الناس على فهم دينهم ونظم الحياة فإن التربية تهيئ للفرد عوامل بناء
الشخصية»([111]).
وكانت النساء في عهد الرسول r على إدراك لذلك، فالسيدة أم سليم - رضي الله
عنها - تأبى أن تتزوج بعد وفاة زوجها قبل أن يكبر ابنها أنس ويجلس مجلس
الرجال، فكان هو الذي زوج أمه لأبى طلحة، وكلما تذكر أنس موقف أمه «يقول:
جزى الله أمي عنى خيراً»، ولما لا؟ وقد تولته منذ صغره بالرعاية والاهتمام،
فأرسلته وهو في سن العاشرة لينهل من علم الرسول r، وكانت تمده بتوجيهها
السديد في مصاحبة الرسول r، وتطلب من الرسول r أن يدعو له، ويقول أنس:
فوالله إن مالي لكثير وإن ولدى وولد ولدى ليتعادون على نحو المائة([112]).
وإننا إذا ذكرنا فضل أنس بن مالك الذي صحب رسول الله وخدمه عشر سنين وسجل
لنا من حياته وأقواله وأعماله وأخلاقه الكثير، وعاش قرابة قرن من الزمان
يروى ويفتى ويعلم ويربى، فلنذكر صاحبة الفضل على أنس، وهى أمه التي عرفت
أين تضعه وكيف تختار له المدرسة والمعلم([113]). وقد روى أنس عن أمه الكثير
إذا أضفنا لذلك جميل رعايتها لزوجها وصبرها على وفاة ابنها،
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الجانب الروحي والاجتماعي لدي المرأة المسلمة في العصر النبوي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» حجاب المرأة المسلمة
»  قضايا هامة تخص المرأة المسلمة
» وجه المرأة المسلمة هل تستره أم تتركه عرضة للأنظار؟

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الطريقه النقشبنديه  :: منتدى الاسره والمجتمع :: منتدى المرأه المسلمه-
انتقل الى:  
المواضيع الأخيرة
» للخلاص من كل مرض وبليه ومجرب
الجانب الروحي والاجتماعي لدي المرأة المسلمة في العصر النبوي Icon_minitimeالخميس أبريل 27, 2023 4:07 pm من طرف mechri

» الأربعون النووية
الجانب الروحي والاجتماعي لدي المرأة المسلمة في العصر النبوي Icon_minitimeالأحد سبتمبر 19, 2021 7:38 am من طرف احمد محمد النقشبندي

» مجموعة كتب فى الفقه العام و أصول الفقه.
الجانب الروحي والاجتماعي لدي المرأة المسلمة في العصر النبوي Icon_minitimeالسبت سبتمبر 04, 2021 10:57 pm من طرف احمد محمد النقشبندي

» السيرة النبوية لإبن هشام
الجانب الروحي والاجتماعي لدي المرأة المسلمة في العصر النبوي Icon_minitimeالسبت سبتمبر 04, 2021 10:51 pm من طرف احمد محمد النقشبندي

»  الجن و دياناتهم
الجانب الروحي والاجتماعي لدي المرأة المسلمة في العصر النبوي Icon_minitimeالثلاثاء أبريل 04, 2017 5:46 pm من طرف الموجه النقشبندي

» برنامج لكسر حماية ملفات الـ pdf لطباعته
الجانب الروحي والاجتماعي لدي المرأة المسلمة في العصر النبوي Icon_minitimeالثلاثاء أبريل 04, 2017 5:46 pm من طرف الموجه النقشبندي

» حمل كتب الامام محي الدين بن عربي
الجانب الروحي والاجتماعي لدي المرأة المسلمة في العصر النبوي Icon_minitimeالثلاثاء أبريل 04, 2017 5:46 pm من طرف الموجه النقشبندي

» رياض الصالحين .
الجانب الروحي والاجتماعي لدي المرأة المسلمة في العصر النبوي Icon_minitimeالثلاثاء أبريل 04, 2017 5:46 pm من طرف الموجه النقشبندي

»  دعآء آلهم و آلحزن و آلكرب و آلغم
الجانب الروحي والاجتماعي لدي المرأة المسلمة في العصر النبوي Icon_minitimeالثلاثاء أبريل 04, 2017 5:45 pm من طرف الموجه النقشبندي

» للوقايه من شر الإنس والجن
الجانب الروحي والاجتماعي لدي المرأة المسلمة في العصر النبوي Icon_minitimeالثلاثاء أبريل 04, 2017 5:45 pm من طرف الموجه النقشبندي

» خواص عظيمه للزواج
الجانب الروحي والاجتماعي لدي المرأة المسلمة في العصر النبوي Icon_minitimeالثلاثاء أبريل 04, 2017 5:44 pm من طرف الموجه النقشبندي

» اختصاص الامام علي كرم الله وجهه بالطريقة
الجانب الروحي والاجتماعي لدي المرأة المسلمة في العصر النبوي Icon_minitimeالثلاثاء أبريل 04, 2017 5:38 pm من طرف الموجه النقشبندي

» النقشبندية...منهجها وأصولها وسندها ومشائخها
الجانب الروحي والاجتماعي لدي المرأة المسلمة في العصر النبوي Icon_minitimeالثلاثاء أبريل 04, 2017 5:36 pm من طرف الموجه النقشبندي

» الشريف موسى معوض النقشبندى وذريته وأبنائه 9
الجانب الروحي والاجتماعي لدي المرأة المسلمة في العصر النبوي Icon_minitimeالثلاثاء أبريل 04, 2017 5:35 pm من طرف الموجه النقشبندي

» االرحلة الالهية
الجانب الروحي والاجتماعي لدي المرأة المسلمة في العصر النبوي Icon_minitimeالثلاثاء أبريل 04, 2017 5:34 pm من طرف الموجه النقشبندي

أقسام المنتدى

جميع الحقوق محفوظة لـ{منتدى الطريقه النقشبنديه} ®
حقوق الطبع والنشر © مصر 2010-2012
@ الطريقه النقشبنديه للتعارف والاهداءات والمناسبات @المنتدى الاسلامى العام @ الفقه والفتاوى والأحكام @ منتدى الخيمه الرمضانيه @ قسم الصوتيات والمرئيات الاسلاميه @ الطريقه النقشبنديه للثقافه والموضوعات العامه   منتدى الطريقه النقشبنديه للحديث الشريف @ منتدى الطريقه النقشبنديه للعقيده والتوحيد @ منتدى الطريقه النقشبنديه للسيره النبويه @ منتدى مناقب ال البيت @ منتدى قصص الأنبياء @ شخصيات اسلاميه @   الطريقه النقشبنديه والتصوف الاسلامى @ الطريقه النقشبنديه @ صوتيات ومرئيات الطريقه النقشبنديه @ رجال الطريقه النقشبنديه @ @  قصائد نقشبنديه @  منتدى قصائد أهل التصوف والصالحين @ منتدى سيرة ألأولياء والصالحين @ شبهات وردود حول التصوف الاسلامى @ التزكيه والآداب والسلوك @ أذواق ومشارب الساده الصوفيه @ الصلوات المحمديه على خير البريه @ أحزاب وأوراد @ أدعيه وتوسلاات @   تفسير الروىء وألأحلام @  منتدى الروحانيات العامه @  منتدى الجن والسحر والعفاريت @  منتدى الكتب والمكتبات العامه @ منتدى الكتب والمكتبات الصوفيه @ منتدى كتب الفقه الاسلامى @ كتب التفاسير وعلوم القران @ كتب الحديث والسيره النبويه الشريفه @ منتدى الابتهالاات الدينيه @ منتدى المدائح المتنوعه @ منتدى مدائح وأناشيد فرقة أبو شعر @ منتدى مدح الشيخ ياسين التهامى @ منتدى مدح الشيخ أمين الدشناوى @ منتدى القصائد وألأشعار @ منتدى الأزهر الشريف التعليمى @ منتدى معلمى الأزهر الشريف @ منتدى رياض الأطفال @ منتدى تلاميذ المرحله الابتدائيه @ منتدى طلاب وطالبات المرحله الاعداديه @ منتدى التربيه والطفل @ منتدى الاسره والمجتمع @ منتدى المرأه المسلمه @ منتدى الترفيه والتسليه @ منتدى الطريقه النقشبنديه للصور الاسلاميه @ منتدى صور الصالحين @ منتدى غرائب وعجائب الصور @ الصور والخلفيات العامه والمتحركه @ منتدى الطب النبوى @ أمراض وعلاج @ منتدى الوقايه خير من العلاج @ قسم الجوال والستالاايت @ قسم البرامج العامه للحاسوب @ دروس وشروحات فى الحاسوب @ تطوير مواقع ومنتديات @ انترنت وشبكات @ منتدى الشكاوى والمقترحات @ منتدى التبادل الاعلانى @
الدخول السريع
  • تذكرني؟
  • اليكسا
    التسجيل
    حفظ البيانات؟
    متطلبات المنتدى
    أرجو قفل الموضوع


    هذه الرسالة تفيد أنك غير مسجل .

    و يسعدنا كثيرا انضمامك لنا ...

    للتسجيل اضغط هـنـا

    تنويه
    لا يتحمّل منتدى الطريقه النقشبنديه الصوفيه أيّة مسؤوليّة عن المواد الّتي يتم عرضها أو نشرها من قبل الساده الأعضاء أو المشرفين أو الزائرين
    ويتحمل المستخدمون بالتالي كامل المسؤولية عن كتاباتهم وإدراجاتهم   التي تخالف القوانين
    أو تنتهك حقوق الملكيّة أو حقوق الآخرين أو أي طرف آخر.
    مواضيع مماثلة
    rss
    Preview on Feedage: free Add to My Yahoo! Add to Google! Add to AOL! Add to MSN
    Subscribe in NewsGator Online Add to Netvibes Subscribe in Pakeflakes Subscribe in Bloglines Add to Alesti RSS Reader
    Add to Feedage.com Groups Add to Windows Live iPing-it Add to Feedage RSS Alerts Add To Fwicki
    تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية
    تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية reddit      

    الطريقه النقشبنديه

    قم بحفض و مشاطرة الرابط منتدى الطريقه النقشبنديه على موقع حفض الصفحات