السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
معا نعيش لحظة مع قطب الزاهدين فهو أحد العلماء العاملين والأولياء العارفين أصحاب المقامات العالية
ولد رضي الله عنه عام 1913م في أسرة اشتهرت بالعلم , حيث كان والده مدرسا
بالأزهر الشريف وقد من الله تعالي عليه بحفظ القرآن الكريم في طفولته
درس بالمعهد الأحمدي بطنطا , وتكفله والدة وزملائه بالعناية , وكان رضي الله تعالي عنه فضل الله عليه عظيما
فالتحق بكلية أصول الدين , ثم تخرج منها مدرساً بمدارس العروة الوثقى آنذاك بالإسكندرية
أنتقل بعدها للعمل مدرساً بالمعاهد الأزهرية , وعمل شيخاً لمعهد قويسنا
الديني وشيخاً لمعهد شبين الكوم الديني في وقت كان يشار فيه لشيوخ المعاهد
بالرفعة والمكانة العالية والهمة والمهابة
كانت أخلاقه رضي الله عنه علي سيرة أخلاق المقربين إلي الله الذين عدلوا عن متاع الدنيا إلي حسن المآب عند الله سبحانه وتعالي
وعبادته كانت تتسم بالجد مع الأخذ بالعزائم , كما كان رضوان الله عليه يحب
ذكر قول الإمام أبي حامد الغزالي رضوان الله عليه ( تقديم الهمة ومحو
الصفات المذمومة وقطع العلائق كلها والإقبال بكنه الهمة علي الله تعالي )
فقد أخبرنا الله تعالي (اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ )
ومن أخلاق هذا القطب الولي صاحب السيرة العطرة رضوان الله عليه أنه رمى
الدنيا وشهواتها من يده وقلبه فصلح أن يكون داعياً إلي طريق الله عز وجل ,
فعُرف بين الناس عامة والمحبين والمريدين بأنه العالم الزاهد
ويذكر أن مولانا الشيخ محمد هاشم العشيري رضوان الله عليه أكتفي بخير وأدل تعبير عنه بقوله ( قطب الزاهدين)
وكانت مجالسه رضي الله عنه للناس يذكرهم بربهم وبنعمه عليهم حتى تكون
حياتهم كلها لله تعالي مرضاة لله تعالي في كل قول وفعل , وجوارحهم محفوظة
كغض البصر وحفظ اللسان والأذن والقلب
وكان مجلسه رضي الله عنه يجتمع فيه الخلائق من الفقراء لله من أهل الحرف
والمناصب والوظائف , وحاجات البعض تقضى من البعض بتكليف الشيخ , فعُرف مكان
المجلس بأنه من الأماكن التى تقضى فيها الحاجات
وبالرغم من سعي الكثير من أبناء الدنيا لمجالسه إلا أنه كان رضي الله عنه
من أخلاقه لا يحب استجلاب أحد من أبناء الدنيا لصحبته أو يطلب كثرة الأتباع
وكان رضي الله عنه يكره قبيل يديه ولو من المريدين أيضاً
وكان أيضا من أخلاقه رضي الله عنه ألا يغتر بكثرة أتباعه لإيمانه العميق بأنه سوف يُسأل عن حقوقهم يوم القيامة هل وفىّ بها أم لا ؟
وذُكر أن أحد المريدين أصطحب معه صاحب لزيارة الشيخ وبعد أن أخذا واجب
الضيافة وعاد المريد مرة أخرى للشيخ فحذره من اصطحاب من لا يعرف بحبه
لأمثال الشيخ وقال له إن ما دخل بيتنا وشرب كوب ماء فأنا مسئول عنه يوم
القيامة ولربما لهذا السبب كان لا يحب زيارة أصحاب المناصب العالية
كان شديد الحب رضي الله عنه لسيدنا ومولانا سيدنا رسول الله صلي الله عليه
وسلم ولآله وأصحاب , وكان يقول وإياك والتفاضل بينهم بالهوى فذلك من قسم
الغيبة للمفضول
وكان رضي الله عنه يحث مريديه علي زيارتهم والتأدب في حضرتهم
وكان رضي الله عنه عند زيارته لأل البيت أو أحد الصالحين كان يستأذن أولاً في الزيارة
كان رضي الله عنه يعظم أولاد العلماء والصالحين ويكرمهم ويجلهم ولو كانوا
علي غير قدم الاستقامة إكراماً لسلفهم الطاهر الصالح رضي الله عنه
وكان رضي الله عنه مشغولاً بالأمة المحمدية دائم الدعاء لها ويسعد لسماع
أخبارها السارة في أي مكان , ويحزن لما يُزن الأمة , ويسأل عن المبشرات
التي تدل علي انفراج الغمة عن الأمة عملاً بحديث سيدنا رسول الله صلي الله
عليه وسلم فيما رواه الإمام الطبراني ( من لم يهتم بأمر المسلمين فليس
منهم)
وكان رضي الله عنه من أخلاقه رؤيته لمحسن الناس خاصة العلماء والصالحين ,
ويحفظ حرمة إخوانه في غيبتهم , ولا يعيب شخصاً فيه نقيصة , كان يكره الجدال
ويغير حديث الجالسين بالمجلس دون أن يشعروا أنه يبعدهم عن الجدال
كان الشيخ رضي الله عنه من أهل الكشف الذين قذف الله النور في قلوبهم
فيخبرون عنه كما أخبر عنه حيث يقول سبحانه وتعالي ( وعلمناه من لدنا علما)
وروي عن الإمام الحسن أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال ( العلم علمان فعلم باطن في القلب فذلك هو العلم النافع)
وما شوهد من المشايخ من الأخبار والآثار في هذا الأمر فذلك خارج عن الحصر
عرف رضي الله عنه الكثير من مشايخ الصوفية , منهم الإمام الأكبر الشيخ
عبدالحليم محمود والشيخ صادق العدوي والشيخ أحمد رضوان والشيخ أحمد حجاب
والشيخ محمد الخطيب بطنطا والشيخ أبو جرير من سيناء
كما كان رضي الله عنه صديقاً حميماً لكثير من أقرانه من علماء ومشايخ
الصوفية منهم الشيخ محمود بسيوني جمعة , حيث ارتبطا بحب في الله لا حدود له
وكان الشيخ محمود بسيوني جمعة يقول عن هذا الحب أنا لا أعرف أحتضن الشيخ
رضي الله عنه وقد رأيته عبارة عن طيات من النور بين السماء والأرض
والشيخ إسماعيل صادق العدوي , والشيخ محمود أبوهاشم بالشرقية والشيخ عبد
الحميد ندا, والدكتور حامد ندا بالقاهرة والشيخ حسين معوض بالصعيد والشيخ
عبدالحكيم نعناع
ورغم اختلاف مشاربهم الصوفية واختلاف الطرق التي ينتمون إليها إلا أنهم
جميعاً رضي الله عنهم اجتمعوا علي حب الله وطاعته وحب رسوله الكريم صلي
الله عليه وسلم وأتباع السنة المحمدية تخلقاً وتحقيقاً , فلا يدعون مأموراً
إلا وفعلوه ولا منهياً إلا اجتنبوه , ولا معروفاً إلا عملوه, فصدق فيهم
قول الله تعالي
(وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ) الزمر61
انتقل رضي الله عنه إلي جوار ربه في 16 رمضان سنة 1418 هجرية الموافق 14
يناير 1998م ودفن بقريته وأقيم له ضريح بالمسجد العباسي ويقام له مولد
سنوياً في النصف الثاني من يوليو من كل عام بقريته الغوري مركز بركة السبع
بالمنوفية
أنه القطب الزاهد , قطب الزاهدين الشيخ محمد متولي عباس- رضي الله عنه