لغزٌ حله كلمة [ اتّحاد ]
84 ـ أنا أنتَ بلا شك
أنا أنتَ بلا شكٍّ فسبحانَكَ سُبحاني
وتوحيدُكَ توحيدي وَعصيانُكَ عصياني
وإسخاطُكَ إسخاطي وغفرانُكُ غفراني
ولِمَ أُجْلَدُ، ياربُّ إذا قيلَ : هوَ الزاني ؟
85 ـ رسالة شعرية
أرسَلْتَ تسألُ عنِّي كيفَ كُنتَ ؟ وما لَقِيتُ بَعْدكَ مِنْ همٍّ ومِنْ حَزَنِ
لا كنتُ، إن كنتُ أدري كيف كنتُ ولا ( لا كُنْتُ ) إن كنْتُ أدري كيفَ لم أَكُنِ
86 ـ مناجاة
قد تحقَّقْتُكَ في سرّ……..ي فناجاكَ لساني
فاجتمعنا لمعانٍ وافترقنا لمعاني
إن يكُنْ غيَّبَكَ التعظيــمُ عن لحظِ عياني
فلقدْ صيَّرَكَ الوجدُ من الاحشاءِ داني
87 ـ رفع الإنِّيِّة دون الإثنينية
أأنتَ أمْ أنا هذا في إلهين ؟ حاشاكَ حاشاكَ من إثباتِ إثنينِ
هُويَّةٌ لك في لائيَّتي أبداً : كُلِّي على الكُلِّ تلبيسٌ بوجهَينِ
فأينَ ذاتُكَ عنِّي حيثُ كُنْتُ أرى ؟ قد تبيَّنَ ذاتي حيثُ لا أيْني
وأينَ وَجهُكَ ؟ مقصوداً بناظرتي في باطن القلبِ أم في ناظر العينِ ؟
بيني وبينك إنِّيٌّ ينازعُني فارفعْ بِلُطفِكَ إنِّيِّ من البَيْنِ
88 ـ القلبُ حمّالُ أثقال
حمَّلتُمُ القْلبَ ما لا يَحمِلُ البَدَنُ والقلبُ يُحملُ ما لا تحملُ البُدُنُ
يا ليتني كنتُ أدنى مَنْ يلوذُ بكم عَيناً ـ لأنظُرَكُمْ ـ أو ليتني أُذُنُ
89 ـ أنتَ في الجهاتِ الستِّ
رقيبانِ منّي شاهدانِ لِحبِّهِ وإثنانِ منّي شاهدانِ تَراني
فما جالَ في سرّي لغيرِكَ خاطرٌ ولا قال ـ إلا في هواكَ ـ لساني
فإن رُمْتُ شرقاً أنتَ في الشرقِ شرقُُهُ وإنْ رُمتُ غرباً أنتَ نُصبُ عَياني
وإنْ رُمتُ فوقاً أنتَ في الفَوقِ فَوْقَهُ وإن رمتُ تحتاً أن كلُّ مكانِ
وأنتَ محلُّ الكُلِّ بل ( لا محلّه ) وأنتَ بكلِّ الكُلِّ ليسَ بفانِ
بقلبي وروحي والضميرِ وخاطري وتَردادِ أنفاسي وعَقْدِ لساني
90 ـ بيانُ الحقِّ
بيانُ بيانِ الحقِّ أنتَ بيانُهُ وكلُّ بيانٍ أنتَ فيه لسانُهُ
أشرتَ إلى حقٍّ بحقٍّ، وكلُّ مَنْ أشارَ إلى حقٍّ فأنتَ أمانُهُ
تشيرُ بحقِّ الحقِّ، والحقُّ باطِلٌ وكُلُّ لسانٍ قد أتاكَ أوانُهُ
إذا كانَ نعْتُ الحقِّ للحقِّ بيِّناً فما بالهُ في الناسِ يُخفى مكانُهُ ؟!
91 ـ خطاب من الجنان
خاطبني الحقُّ من جَناني فكان عِلمي على لساني
قرَّبَني منه بعدَ بُعدٍ وخصَّني الله واصطفاني
أجبتُ لمّا دُعيتُ طَوعاً مُلبَّياً للّذي دعاني
وخِفتُ مما جنيتُ قُدماً فوقَّعَ الحِبُّ بالأمانِ
والتوقيع هي العبارات القصيرة التي تتضمن الأحكام التي تصدر من السلطان.
92 ـ وصية
ألا أبلغ أحبّائي بأني ركِبتُ البحرَ وانَكَسَرَ السفينه
على دين ِالصليبِ يكونُ موتي ولا البطحا أُريدُ ولا المدينه
93 ـ كيف يكون الوصال
مواصلي، بالوصال، صِلني وَصِلْ وصالاً بلا تجنّي
زَعَمْتَ أني فَنِيتُ عنّي فكيفَ لي بالدُّنوِّ مني
إذا دنا منكَ لي فؤادي فلا تسلني وسَلْهُ عنّي
سُؤالَ مستيقظٍ حَفيظٍ الحق أعني وأنتَ تعني
مواصلي بالصدودِ لمّا بحقِّ حقِّ الصدودِ صلني
ولا تُمِتْني بكرْبِ صَدٍّ فبعضُ ضَربِ الصدودِ يُضني
عَجِبتُ أني أموتُ شوقاً وأنتَ ـ ياسيدي ـ تَعِدْني
94 ـ استغاثة
يا معينَ الضَّنى على جسدي يا معينَ الضنا، عليهِ أعنّي
95 ـ رسالة من أعماق الروح
إنّ كتابي ـ [ يا أنا ] ـ عن فَرطِ سُقمٍ وضَنى
وعن فؤادٍ هائمٍ وعن سَقامٍ وَ عَنا
وعن بُكاءٍ دائمٍ جَرى فأجرى السُّفُنا
وعن جُفونٍ أرِقَتْ فما تذوقُ الوسَنا
وعن نحولٍ ساقَني طوعاً إلى فَنا الفَنا
وعن حشاً ……. ……………..
فاكفُفْ ملامي، عاذلي [ فَقَدْ ] فقَدْتُ السَّكنا
وغاضَ ماءُ أدمعي وصارَ عيشي مِحنا
وغابَ من عُذتُ به ولم يزل لي وطنا
أتلَفتُ فيه مُهجتي وصارَ شوقي ديدَنا
وصار، إذ سرتُ به نِضوي لغيري مُرسِنا
يا أيها الحق الذي يدنو إليه من دنا
ما لي رُميتُ بالضَّنى وبالصدودِ والوَنا
ما لي جفا مُعذّبي وما جفوتُ المَعدِنا ؟
فلمْ جَرى ذا، يا أنا بحقِّ حقِّ الأُمنا
أَرْدُدْ جوابَ والِهٍ خاصمَ فيكَ الحَزَنا
فأوصلوا الوصلَ لَهُ بهجرِ هجرِ القُرنا
وراقبوا العهدَ الذي أمطرَ فينا المِنَنا
فمِثلُكم، ياسادتي أجملَ ثم أحسنا
يا واهبي السؤلَ أما تَرُون شوقي مُعْلَنا
شهودُهُ ضرورةٌ حقائقي قد بيَّنا
منكَ دعاني [ ما ] دعا فجئتُهُ بلا أنا
جئتُ إليكم بِكُمُ فصِرتُمُ لي وَطنا
إلى متى أبقى أنا كعابدٍ تَرَهبنا
فما ألوم لائمي وليس في اللومِ ونى
ففي النوى عهدُ الهوى وطيبَ عيشٍ وهنا
أظنُّهُ البحر ومن مُرِّ الجفا قد أمّنا
فكن هواءً في الهوى من الهوى قد كَمَنا
وانظر لترى عجائباً تحارَ فيها الفُطَنا
إنَّ الذي هي التي حشَتْ حشانا شَجَنا
يُنقُضُها عقدُ الهوى وما منِ المُهيمِنا
رعى لها حقوقها تواصلاً والدّمنا
لكنّها عنه وَنَتْ وليسَ في الحبِّ ونَى
أنا أُراعي فاتناً جميلَ فعلٍ وَثَنا
96 ـ الرضا الكامل
يا حبيبي أنتَ سؤلي قد تَراني في مَكاني
نورُكَ المُبصرُ حقاً لعياني لعياني
وتحققٌّتُكَ فاصنعْ كُلَّ ما شئتَ بشاني
أنا في الحبّ قتيلٌ ومعَ الأحبابِ فاني
97 ـ أينَ مثلكَ ؟!
طوبى لطرفٍ فازَ منـــــك بنظرةٍ أو نظرتينْ
ورأى جمالَكَ كلَّ يو مٍ مرَّةً أو مرتينْ
يازينَ كلِّ مَلاحةٍ حُوشيتَ مِنْ عيبٍ وشينْ
أنتَ المُقدَّمُ في الجما ل فأين مثلُكَ أينَ أينْ ؟
98 ـ قلوب العاشقين
قلوبُ العاشقينَ لها عيونٌ تَرى ما لا يَراهُ الناظرونا
وألسنةٌ بأسرارٍ تُناجي تغيبُ عن الكرام ِالكاتبينا
وأجنحةٌ تطيرُ بغيرِ ريشٍ إلى ملكوتِ ربِّ العالمينا
وتَرْتَعُ في رياضِ القُدسِ طوراً وتشرَبُ من بحارِ العارفينا
فأورَثَنا الشّرابُ علومَ غيبٍ تشِفُّ على علومِ الأقدمينا
شواهِدُها عليها ناطقاتٌ تُبَطّلُ كلّ دعوى المُدّعينا
عبادٌ أخلصوا في السرِّ حَتّى دَنوا منه وصاروا واصلينا
99 ـ المعيّة مع الله
ارجِعْ إلى الله، إن الغايةَ اللهُ فلا إلهَ ـ إذا بالغتَ ـ إلاّ هُو
وإنّهُ لمعَ الخلْقِ الذينَ لَهُمْ في الميمِ والعينِ والتقديسِ معناهُ
معناهُ في شفتيْ من حلّ منعقداً عن التهجّي إلى خلقٍ بهِ فاهوا
فإنْ تشُكَّ، فدَبِّرْ قولَ صاحِبِكُم حتى يقولَ بِنَفي الشكِّ : هذا هو
فالميمُ يُفتَحُ أعلاهُ وأسفلُه والعينُ يُفتَحُ أقصاهُ وأدناهُ
100 ـ حيرة العقل
من رامَهُ بالعقلِ مُسترشداً أسرحَهُ في حِيرةٍ يُلْهو
قد شابَ بالتدليسِ أسرارَهُ يقولُ في حَيرَتِهِ : هل هو ؟
101 ـ لا سهو ولا لهو
لستُ بالتوحيدِ ألهُو غير أني عنه أسْهو
كيفَ أسهوْ ؟ كيفَ ألهو ؟ وصحيحٌ أنني هُو ؟!
102 ـ دواءٌ يُشفى به من يبحث عن الأسم الأعظم !
إسمٌ مع َالخَلقِ قَدْ تأهوا به ِوَلَهاً لِيَعْلَموا مِنْهُ مَعْنىً من معانيهِ
واللهِ لا وصلوا منه إلى سَبَبٍ حتّى يكونَ الذي أبداهُ يبديهِ
103 ـ نصيحة
عليكِ، يا نفسُ، بالتّسلّي فالعزُّ بالزُّهدِ والتَّخلّي
عليكِ بالطَّلعَةِ التي مشـــْكاتها الكشفُ والتجلّي
قد قامَ بعضي ببعضِ بعضي وهامَ كُلّي بكُلِّ كُلّي
104 ـ ضمن رسالة من السجن
هَمِّي بِهِ وَلهٌ عليكْ يا من إشارَتُنا إليكْ
روحانِ ضمَّهُما الهوى فيما يَليكَ وفي يَديكْ
105 ـ كيف السبيل إليك
لا كُنتُ إن كنتُ أدري كيفَ السبيلُ إليكا
أفنيتَني عن جميعي فصرتُ أبكي عليكا
106 ـ النفوذ إلى الأسرار
يا سرَّ سرٍّ، يَدُقُّ حتى يخفى على وهم كلِّ حَيِّ
وظاهراً باطناً تجلّى لكلِّ شيءٍ بكلِّ شيِّ
إنَّ اعتذاري إليكَ جَهلٌ وعُظْمُ شَكٍّ وفَرطُ عَيِّ
يا جُملةَ الكُلِّ، لستَ غيري فما اعتذاري إذنْ إليِّ
107 ـ عيون القلوب
فيكَ معنى يدعو النفوسَ إليكا ودليلٌ يدلُّ مِنْكَ عليكا
ليَ قلبٌ لهُ إليك عيونٌ ناظراتٌ وكلُّهُ في يديكا
108 ـ في التجلي والاستتارْ
سرائرُ الحقِّ لا تبدو لمحتَجِبِ أخفاهُ عنك، فلا تعرِضْ لمُخفيهِ
لا تُعْنِ نفسكَ فيما لستَ تدركُهُ حاشا الحقيقة أن تبدو فتوفيهِ
109 ـ في حقائق المعرفة
راعيتني بالحفاظِ حتّى حُميتُ عن مَرْبَعٍ وبيِّ
فأنت عند الخصامِ عُذري وفي ظمآئي فأنتَ ريّيِّ
إذا امتطى العارفُ المُصَلّى أسْرى إلى منظَرٍ عليِّ
وغاصَ في أبحرٍ غِزارٍ تَفيضُ بالخاطِرِ الوَحيِّ
فضَّ ختامَ الغُيوبِ عمّا يُحيي فؤادَ الشجيِّ الوَليِّ
مَنْ حارَ في دهشةِ التلاقي أبصَرتَهُ ميِّتاً كحيِّ
1 ـ الذكرُ القاتل
ما إنْ ذَكَرْتُكَ إلا همَّ يَقْتُلُني ذكري، وسرّي وقلبي عند ذكراكا
حتّى كأن رقيباً منكَ يَهتِفُ بي : إيّاكَ، إيّاكَ والتَّذكارَ إيّاكا
أما ترى الحقَّ قد لاحتْ شواهِدُهُ وواصَلَ الكُلُّ من معناهُ معناكا
[ لأبي الحسين النوري ]
2 ـ إصرار على اللقاء
كم حسرةٍ فيكَ لي غَصَّتْ مَرارَاتُها جعَلَتُ قلبي لها وقْفاً لبلواكا
وحقِّ ما منك يُضنيني ويُنعِشُني لأبكينّكَ أو أحظى بلقياكا
[ على لسان مجهول ]
3 ـ المحبُّ الملازم
ليسَ تخلو جوارحي منك وقتاً هي مشغولةٌ بحملِ هواكا
ليس يجري على لسانيَ شيءٌ ـ عَلِمَ اللهُ ذا ـ سوى ذكراكا
[ على لسان مجهول ]
4 ـ لذّةُ الصدِّ
رماني بالصدودِ كما تَراني وألبسني الغرامَ وقدْ بَراني
ووقتي كُلُّهُ حُلوٌ لذيذٌ إذا ماكان َمولائي يَراني
رضِيتُ بصُنعهِ في كلِّ حالٍ ولستُ بِكارهٍ ما قدْ رماني
فيا من ليسَ يَشهَدُ ما أراهُ لقدْ غُيِّبْتَ عن عينٍ تراني
5 ـ استجماع الهوى بعد التفرّق
كانت لقلبيَ أهواءٌ مفرَّقَةٌ فاستجمَعَتْ، مُذْ رأتكَ العينُ، أهوائي
فصارَ يحسُدُني مَنْ كُنتُ أحسُدُهُ وصِرتُ مَولى الوَرى مُذ صِرتَ مولائي
تركتُ للناسِ دنياهُمْ ودينَهُمُ شُغلاً بحبِّكَ، يا ديني ودُنيائي
ما لامني فيكَ أحبابي وأعدائي إلا لغفلَتِهِمْ عن عُظْمِ بَلوائي
أشعَلْتَ في كبدي نارينِ : واحِدَةً بينَ الضلوعِ وأخرى بينَ أحشائي
[ لأبي بكر محمد بن داود الأصفهاني الظاهري ]
6 ـ سكرُ المحبَّة
سَكِرتُ من المعنى الذي هُوَ طيِّبٌ ولكَّن سُكري بالمحبَّةِ أعجَبُ
وما كلُّ سكرانٍ يُحدُّ بواجبٍ ففي الحبِّ سكرانٌ ولا يتأدَّبُ
تقومُ السُّكارى عن ثمانينَ جلدَةٍ صحاةٍ، وسَكرانُ المحبَّةِ يُصْلَبُ
[ على لسان مجهول ]
7 ـ حنين المحبّ كأنين العليل
حنينُ المُريدِ لشوقٍ يزيدُ أنينُ المريضِ لِفَقدِ الطبيبِ
قد اشتدَّ حالُ المريدينَ فيهِ لفَقدِ الوصالِ وبُعْدِ الحبيبِ
[ على لسان مجهول ]
8 ـ تمنيات
فليتَكَ تحلو، والحياةُ مريرةٌ وليتَكَ تَرْضى والأنامُ غضابُ
وليتَ الذي بيني وبينَكَ عامرٌ وبيني وبينَ العالمينَ خرابُ
إذا نِلتُ منكَ الوُدَّ فالكلُّ هيَّنٌ وكلُّ الذي فوقَ التُّرابِ تُرابُ
فياليتَ شُربي من وِدادِكَ صافياً وشُربيَ من ماءِ الفُراتِ سَرابُ
[ الأبيات لأبي فراس الحمداني، ما عدا البيت الثالث فهو لأبي الطيب المتنبي ]
9 ـ عَذِّبني !
أُريدكَ لا أُريدُكَ للثوابِ ولكنّي أُريدكَ للعقابِ
فكلُّ مآربي قدْ نِلتُ منها سوى ملذوذِ وجدي بالعذابِ
أبو يزيد البسطامي
10 ـ النسمة المسكرة
نسمةٌ من جَنابِهِ أوقَفَتني ببابِهِ
جَذَبتْني لِوَصلِهِ أبداً واقترابِهِ
واستراحَ الفؤادُ من هجرهِ واحتجابِهِ
طابَ لي ما سَمِعْتُهُ في الدُّجى من عتابِهِ
وعلى كُلِّ حالةٍ سكرتي من شرابِهِ
11 ـ السماع وعقابيله
طابَ السَّماعُ وهبَّتِ النسَماتُ وتواجَدَتْ في حانِها السّاداتُ
سمعوا بذكر حبيبهم فتهتَّكوا خلعوا العذارَ ودارتِ الكاساتُ
طرِبوا فطابتْ باللِّقا أرواحُهمْ كتموا فبانَتْ منهُمُ حالاتُ
شرِبوا بأقداحٍ الصفا لمّا صَفَوا سَكروا فلاحتْ منهم رقصاتُ
ظهرتْ عليهم منْ بواطِنِ سِرِّهِ كاساتُ بِشرٍ كُلُّها راحاتُ
هطَلَتْ مَدامِعُهُمْ على وَجناتِهمْ وتصاعدَتْ من شَوقِهِ زَفراتُ
زادَ الغرامُ بهم وفي أحشائهم نارٌ وفي أكبادِهم جَمراتُ
فتعطّرَتْ ريحُ الصِّبا من عطرهم وسَرَتْ بنشرِ روائحٍ نَفحاتُ
[ على لسان مجهول ]
12 ـ السَّماعُ و عقابيلهُ
طابَ السَّماعُ وهبَّتِ النسماتُ وتواجدَتْ في حانها السّاداتُ
سمِعوا بذكرِ حبيبهمْ فَتَهَتَّكوا خلعوا العِذارَ ودارتِ الكاساتُ
طَرِبوا فطابتْ باللقا أرواحُهم كتموا فبانتْ منهُمُ حالاتُ
شربوا بأقداحِ الصَّفا لمَّا صَفَوا سَكِروا فلاحتْ مِنهمُ رقصاتُ
ظهرتْ عليهمْ من بواطنِ سرِّه كاساتُ بِشرٍ كُلُّها راحاتُ
هَطَلتْ مَدامعُهمْ على وَجناتِهم وتصاعدتْ من شوقهِ زَفراتُ
زادَ الغرامُ بهم وفي أحشائهم نارٌ وفي أكبادهم جَمَراتُ
فتعطَّرتْ ريحُ الصِّبا من عطرهم وسَرَتْ بنشرِ روائحٍ نَفَحاتُ
[ على لسان مجهول ]
13 ـ عهد بالسهر وبالبكاء
متى سَهِرتْ عيني لغيرِكَ أو بَكَتْ فلا أُعْطِيَتْ ما مُنِّيَتْ وتمنَّتِ
وإنْ أضمَرَتْ يوماً سواكَ فلا رَعَتْ رياضَ المُنى منْ وجنتيكَ وَجَنَّةِ
[ لسمنون المحب ]
14 ـ كيف لا أغني
سَقوني وقالوا : لا تغنِّ ولو سَقَوا جبالَ حُنينٍ ما سُقيْتُ لَغَنَّتِ
تمنَّتْ سُليمى أن أموتَ بحبِّها وأسهلُ شيءٍ عندنا ما تمنَّتِ
[ للسمْهري العُكلي اللص ]
15 ـ سلطان القلوب
يا بديعَ الدَّلِّ الغُنُجِ لكَ سُلطانٌ على المُهَجِ
إنَّ بيتاً أنتَ ساكنُهُ غيرُ محتاجٍ إلى السُرُجِ
وجهُكَ المأمولُ حُجَّتُنا يومَ يأتي الناسُ بالحُجَجِ
[ ديك الجن، عبد السلام بن رغبان الكلبي ]
16 ـ عقوبة البوح بالأسرار
بالسِّرِّ إن باحوا تُباحُ دماؤُهمْ وكذا دماءُ البائحينَ تُباحُ
[ للسهروردي المقتول، شهاب الدين يحيى بن حبش ]
17 ـ ما التصوُّفُ ؟
لا تسأمنَّ مقالتي، يا صاحِ، وأقبَلْ نصيحةَ ناصحٍ نصَّاحِ
ليس التصوفُ حيلةً وتكلُّفاً وتقشُّفاً وتواجداً بصياحِ
ليسَ التصوُّفُ كذبةً وبَطالةً وجَهالةً ودُعابةً بمزاحِ
بل عِفَّةٌ ومروءةٌ وفتوَّةٌ وقناعةٌ وطَهارةٌ بصلاحِ
وتُقىً وعلمٌ واقتداءٌ والصَفا ورِضى وصدقٌ والوفا بسماحِ
من قامَ فيه بحقّهِ وحقوقهِ وخلا من الحدثانِ والاشباحِ
متيقّناً متبصّراً متشمّراً مستمطراً متقصَّدَ السيّاحِ
متعزِّزاً مُتحرّزاً متواضِعاً متبدّلَ الأشباحِ والأرواحِ
تتشعشعُ الأنوارُ من أسراره كتشعشع المشكاةِ في المصباحِ
تاءُ التقى صادُ الصفا واو الوفا فاءُ الفتوّةِ، فاغتَنِمْ يا صاحِ
18 ـ لا يصلح قلبي لغيركَ
وكان فؤادي خالياً قبلَ حُبِّكُمْ وكان بذكرِ الخلقِ يلهو ويمزحُ
فلما دعا قلبي هواكَ أجابَهُ فلستُ أراهُ عن وِدادِكَ يَبْرَحُ
حرامٌ على جفني الكرى، يا مُعذِّبي وأنتَ على الهجران تمسي وتُصبِحُ
بُليتُ ببينٍ مِنْكَ إنْ كنتُ كاذِباً وإنْ كنتُ في الدُّنيا بغيرِكَ أفرَحُ
وإن كانَ شيءٌ في البلادِ بأسرها إذا غِبتَ عن عيني بعينيَّ يَملحُ
فإن شئتَ واصِلني، وإن شئتَ بالجفا فلستُ أرى قلبي بغيركَ يُصلُحُ
[ ربما كانت لسمنون المحب، والحق فيها نفس محمد بن داوود الأصفهاني ]
19 ـ الوجدُ و الفقدُ مطلوبان
لقد أعجبني الوجدُ بمن أهواهُ والفَقدُ
فلا بُعدٌ ولا قُربٌ ولا وَصلٌ ولا صدُّ
ولا فوقٌ ولا تحتٌ ولا قبلٌ ولا بَعْدُ
ولا عُرفٌ ولا نُكرٌ ولا يأسٌ ولا وَعْدُ
فهذا مُنتهى سؤلي [ وأنت ] الواحدُ الفردُ
[ على لسان مجهول ]
20 ـ لا وجد مع وجود الحق
الوجدُ يُطرِبُ مَنْ في الوَجدِ راحَتُهُ والوجدُ عندَ وجودِ الحقِّ مفقودُ
قد كانَ يُوحِشُني وجدي ويؤنِسُني برؤيةِ الوجدِ مَنْ في الوَجدِ موجودُ
21 ـ القريبُ البعيدُ
فقلتُ : أخلاّئي هي الشمسُ ضوؤها قريبٌ، ولكنْ في تناولها بُعدُ
[ للعباس بن الأحنف ]
22 ـ عقيدتي
عقَدَ الخلائقُ في الإلهُ عقائداً وأنا أعتَقَدْتُ جميعَ ما عَقَدوه
[ لابن عربي ]
23 ـ صوفيٌّ كامل
موجيدُ أهلِ الحقِّ تصدُقُ عن وجدي وأسرارُ أهلِ السرِّ مكشوفَةٌ عندي
[ على لسان مجهول ]
24 ـ كفى شكاةً
وكم تشتكي ضُرَّ إشتياقكَ في الهوى وأنتَ قريبٌ والمرادُ بعيدُ ؟
فكُنْ للأسى والسُّقمِ والحزنُ والبُكا حليفاً وإنْ آذاكَ مِنْهُ لَدودُ
سلامٌ على قلبٍ وروحٍ ومهجةٍ سُقينَ بكأسِ الودِّ فهي تريدُ
25 ـ نفي الصفات الإنسانية
ما في صفاتكِ عندَّ السرِّ منه يُرى لا شيءَ عندَكِ موجودٌ إذا وُجِدا
فبادري قبلَ أن تبقَي، مُشرَّدَةً، عنْ التقدُّسِ والعَفوِ الذي حُمِدا
فأنتِ جوهَرُ ذاكَ الأصلِ فانتهجي مَناهجَ الحقِّ والخيرِ الذي قصدا
لا تصحِبَنَّ منَ الأشباحِ سائمةً ولا تعودي إلى إنسيَّةٍ أبدا
26 ـ حكمةُ الأقدمين
تعوَّدتُ مسَّ الضُرِّ حتّى ألِفتُهُ وأسلمني حسنُ العزاءِ إلى الصَّبرِ
[ عبد الله بن معاوية الطالبي ]
27 ـ سندبادُ التجاريب
طلبتُ المستقرَّ بكلٍّ أرضٍ فلمْ أرَ لي بأرضٍ مستقرَّا
وذُقت ُمن الزمانِ وذاقَ مني وجدُتُ مذاقَهُ حُلواً ومُرَّا
أطعتُ مطامعي فاستعبَدَتني ولو أني قَنعتُ لكنتُ حُرَّا
28 ـ قصة رمزية
وطائرٍ، حلَّ أرضَ الشامِ، أقلَقَهُ فقدُ الأليفِ لهُ نُطقٌ بإضمارِ
قد كان إلفَ قصورٍ، صارَ مسكنُهُ في غيضةِ الأيكِ في أغصانِ أشجارِ
يقول : ” أخطأتُ ! ” حتى الصبح، يُسعِدُهُ صوتٌ شجيٌّ ويبكي وقتَ أسحارِ
في نُطقِهِ زُفَرٌ تُنبيكَ عن حُرَقٍ فينثني نوحُهُ نُطقاً بإضمارِ
29 ـ المكاشفة بعد نفاد الصبر
أيا من طَرفُهُ سحرُ ويامن ريقُهُ خَمرُ
تجاسرتُ فكاشَفْتــُكَ لمّا غُلِبَ الصبرُ
وما أحسنَ في مثلـِكَ أن ينتَهكَ السِّترُ
وإن لامني الناسُ ففي وجهكَ لي عُذرُ
لأنَّ البدرَ محتاجٌ إلى وجهِكَ يا بدرُ
[ للحسين بن الضحاك الخليع ]
30 ـ رؤية القلب
العينُ تبصرُ من تَهوى وتَفْقِدُهُ وناظرُ القلبِ لا يخلو من النظرِ
إن كانَ ليسَ معي، فالذكرُ منه معي يراهُ قلبي وإنْ قدْ غابَ عن بصري
[ لقُطْرُب اللغوي ]
31 ـ أقربُ من كُلِّ قريب
شغلتُ قلبي بما لديكَ فما ينفكُّ طولَ الحياةِ من فكري
آنستني بالودادِ منكَ وقدْ أوحشتني من تخلُّطِ البشرِ
ذِكرُكَ لي مؤنِسٌ يُعارِضُني يؤذِنُني منكَ عنكَ بالظَفَرِ
وحيثما كنتُ يا مَدَ[ى] هِمَمي فأنت مني بموضعِ النظرِ
[ على لسان مجهول ]
32 ـ الجار قّبْلَ الدار
سكنتَ قلبي وفيه منكَ أسرارُ فلتَهنِكَ الدّارُ أو فلْيّهنِكَ الجارُ
ما فيه غيرُك من سرٍّ علمتُ بهِ فانظر بعينكَ : هل في الدارِ ديَّارُ
وليلةُ الهجرِ ـ إن طالتْ وإن قصُرتْ ـ فمؤنسي أمَلٌ فيها وتِذكارُ
إني لَراضٍ بما يرضيكَ من تلفي يا قاتلي، ولما تختارُ أختارُ
البهاء زهير
33 ـ دين المحبين ودين الناس
والله، ما طلعت شمسٌ ولا غربُتْ إلاَّ وحبُّكَ مقرونٌ بأنفاسي
ولا جلستُ إلى قومٍ أُحدِّثهُم إلاّ وأنتَ حديثي بينَ جَُّلاسي
ولا ذكرتُكَ محزوناً ولا فَرِحاً إلا وأنتَ بقلبي بينَ وسواسي
ولا هَمَمتُ بشُرْبِ الماءِ من عَطَشٍ إلا رأيتُ خيالاً منكَ في الكاسِ
” ولو قَدَرتُ على الإتيانِ جئتَكُمُ سعياً على الوجه أومشياً على الراسِ “
ويا فتى الحيِّ إن غنَّيْتَ لي طرَباً فغنِّني واسِفاً من قلبِكِ القاسي
” مالي وللناسِ كمْ يَلحَوْنني سَفَهاً ديني لنفسي ودينُ الناسِ لناسِ “
لمجهول
34 ـ القلب والقفل
يا وعوضي من عِوضي وصحَّتي من مرَضي
يا من هواهُ دائماً في مُهجتي لا يَنقَضي
هيَّمتَ قلبي سيّدي والقلبُ بالقفلِ رَضي
أفنيتَني أضنيتَني قَلْبي بذكراكَ رضي
35 ـ ضعف النفس الإنسانية
النفسُ بالشيءِ المُمنَّعِ مولَعَهْ والحادِثاتُ أصولُها متفرِّعَهْ
والنفسُ للشيءِ البعيدِ مريدَةٌ ولكلِّ ما قَرُبَتْ إليهِ مضيَّعَهْ
كلٌّ يحاول حيلةً يرجو بها دفعَ المضرَّةِ واجتلابَ المنفعَهْ
36 ـ ماذا حدث ؟
ما لي جُفيتُ وكنتُ لا أُجفَى ؟ ودلائلُ الهِجرانِ لا تُخفى
ما لي أراكَ نَسيتَني بَطَراً ولقدْ عَهدتُكَ تذكرُ الإلفا
وأراكَ تمزجُني وتشربُني ولقدْ عهدتُكَ شاربي صِرفا
لمجهول
37 ـ إيّاكَ والتنينَ
نديمي غيرُ منسوبٍ إلى شيءٍ من الحيفِ
سقاني مثلما يشرَ بُ، فعلَ الضيفِ بالضيفِ
فلما دارَتِ الكأسُ دعا بالنَّطعِ والسيفِ
كذا من يشرَبُ الرَّا حَ مع التنينِ بالصيفِ
[ للحسين بن الضحاك الخليع ]
38 ـ خضاب الدم
لا تعرِّض لنا فهذا بنانُ قد خضبناهُ من دم ِالعشَّاقِ
39 ـ الكأسُ شيعةُ العاشقين
الكأسُ سهَّلَتِ الشكوى فَبحتُ بكمْ وما على الكأسِ من شُرَّابها دَرَكُ
هَبني ادَّعيتُ بأني مُدنَفٌ سَقِمٌ فما لمضجعِ جنبي كلُّهُ حَسَكُ
هجرٌ يسوءُ ووصلٌ لا أُسرُّ بهِ ما لي يدورُ بما لا أشتهي الفَلَكُ ؟!
فكلَّما زادَ دمعي زادني قَلَقاً كأنني شمعةٌ تبكي فتنسَبِكُ
لمجهول
40 ـ لا تخش غدراً
أُدنُ مني ولا تخافنَّ غدري ليسَ يخشى الخليلُ غدرَ الخليلِ
إنَّ أدنى الذي ينالك مني سترُ ما يُتَّقى وبثُّ الجميلِ
41 ـ لا غنى عنك
إذا هجرتَ فمَنْ لي ؟ ومن يُجَمِّلُ كُلّي
ومن لروحي وراحي، يا أكثري وأقلّي
أحَبَّكَ البعضُ مني وقد ذهَبتُ بكُلّي
يا كُلِّ كُلّي، فكنْ لي إنْ لم تكنْ لي فمن لي
يا كُلَّ كُلي، وأهلي عندَ انقطاعي ووصلي
ما لي سوى الروحِ، خذها والرُّوحُ جُهدُ المقلِّ
[ من المجتث][ لمجهول، وربما كانت للحلاج ]
42 ـ الموت حبّاً
أما ـ والذي لِدمي حلَّلا، ومَنْ خصَّ أهلَ الولا بالبلا ـ
لئنْ ذُقتُ فيكَ كؤوسَ الحِما مِ لَما قال قَلبي لساقيهِ : لا
وما كنتُ مِمَّنْ تَشاكى الهَوى ولو قدّني مفصلاً مِفصلا
رضيتُ ـ وحقِّكَ ـ كُلَّ الرضا إذا كانَ يُرضيكَ أن أُقتلا
فلا عيبَ إنْ مِتُّ مَوْتَ الكِرامِ كما ما َفي الحبِّ منْ قَدْ خَلا
[ عز الدين بن عبد السلام المرسي الأنصاري ]
43 ـ الهوى الوحيد
كلُّ حُبٍ [ حشوَ ] قلبي غيرَ حُبَّيكَ، حَرامُ
أنتَ لي روحٌ وراحٌ [ أنتَ ] زهرٌ ومدامُ
وسرورٌ وهمومٌ وشفاءٌ وسَقامُ
فعلى كلِّ هوىً بعـــدَ هوىً فيكَ سَلامُ
[ لمجهول ]
44 ـ حجابُ القلبِ
بدا لكَ سرٌّ طالَ عنكَ اكتَتامُهُ ولاح صباحٌ كنتَ أنتَ ظلامَهُ
وأنتَ حجابُ القلبِ عن سرِّ غيبِهِ ولولاكَ لم يَطبَعْ عليهِ خَتامَهُ
[ لابن العريف، أبي العباس أحمد بن محمد الصنهاجي ]
45 ـ تُهدى الأضاحي وأُهدي مهجتي ودمي
إن الحبيبَ الذي يرضيه سفكَ دمي دمي حلالٌ لهُ في الحلِّ والحرمِ
إن كانَ سفكُ دمي أقصى مرادِكُمُ فلا عَدتْ نظرةٌ منكم بِسفكِ دمي
واللهِ، لو علمتْ روحي بمن علِقَتْ قامتْ على رأسها ـ فضلاً عن القدمِ
يا لائمي، لا تلُمْني في هواهُ فلو عاينتَ منهُ الذي عاينتُ لَمْ تَلُمِ
يطوف بالبيتِ قومٌ لا بجارِحَةٍ : بالله طافوا فأغناهم عن الحرمِ
ضحَّى الحبيبُ بنفسٍ يومَ عيدِهمُ والناسُ ضحُّوا بمثل الشاءِ والنعمِ
” للناس حجٌّ ولي حجٌ إلى سكني : تُهدى الأضاحي وأُهدي مُهجتي ودمي
لمجهول
46 ـ نعيُّ المثل العليا
أنعي إليكَ نُفوساً طاحَ شاهدُها فيما ورا الحيثُ يَلقى شاهدَ القِدَمِ
أنعي إليكَ قُلوباً طالما هَطَلَتْ سحائبُ الوحي فيها أبحُرَ الحِكَمِ
أنعي إليكَ لسانَ الحقِّ مذ زمنٍ أودى وتذكارُهُ في الوَهمِ كالعَدَمِ
أنعي إليكَ بياناً تستكينُ لَهُ أقوالُ كلِّ فصيحٍ مقولٍ فَهِمِ
أنعي إليكَ إشارتِ القلوبِ معاً لمْ يبقَ منهنَّ إلا دارسُ الرِّمَمِ
أنعي ـ وحقِّكَ ـ أخلاقاً لطائفةٍ كانت مطاياهُمُ من مَكمَدِ الكَظمِ
مضى الجميعُ، فلا عينٌ ولا أثرٌ مَضِيَّ عادٍ وفقدانَ الأُلى إرمِ
وخلَّفوا معشراً يُجرونَ لُبسَتَهُمْ أعيى منَ البَهْمِ بل أعيى من النِّعِمِ
[ لأبي الحسين النوري ]
47 ـ لا معنىً لليأس
لئن أمسيتُ في ثوبَيْ عَديمِ لقد بَلِيا على حُرٍّ كريمِ
فلا يحزُنكَ أنْ أبصرْتَ حالاً مغيَّرةً عنِ الحالِ القديمِ
فلي نفسٌ ستتلفُ أو ستَرْقى ـ لعمرُكَ ـ بي إلى أمرٍ جسيمِ
[ لسمنون المحبّ ]
48 ـ إلى حتفي سعى قدمي
إلى حتفي سعى قدمي أرى قدمي أراقَ دمي
فما أنْفَكُّ من نَدَمِ وهانَ دمي فهانَ دمي
[ مجزوء الوافر ][ لأبي الفتح البستي ]
49 ـ أستحق القتل
أنتَ في حِلً وفي سَعَةٍ من دَمي، يا مَن أراق دمي
عُظمُ حُبّي واحتراقي جوىً جعلاني لا أرى قدمي
50 ـ عُد إلى السلام
يا ذا الذي تَرَكَ السَّلامَ تجنُّباً ليسَ السَّلامُ بضائرٍ مَنْ سَلَّما
إنَّ السلامَ تحيّةٌ مَبرورةٌ ليستْ لتكسِبَ قائليها مأثما
51 ـ الثباتُ عَلَى العَهد
لم تغيّرهُ رسومٌ لا ولا عهد ٌقديمُ
سمةُ الوجدِ عليهِ وهوَ بالوجدِ يهيمُ
[ مجزوء الرمل ]
52 ـ كتمان العلم عن غيرِ أهلهِ
إني لأكتمُ من علمي جواهرَهُ كي لا يرى العلمَ ذو جهلٍ فيفتَتِنا
وقد تقدَّمَ في هذا أبو حسنٍٍ إلى الحسينِ ووصّى قبلَهَ الحسَنا
يا ربَّ جوهَرِ علمٍ، لو أبوحُ به لقيلَ لي : أنتَ ممن يَعبِدُ الوَثنا
ولاستحلَّ رجالٌ مسلمونَ دمي يرونَ أقبحَ ما يأتونَهُ حَسَنا
[ للعتابي، أبي عمر كلثوم بن عمرو ]
53 ـ الحياة بعد الموت
قل لمن يبكي علينا حَزَنا : إفرحوا لي قد بلغنا الوطَنا
إنَّ موتي هُو حياتي إنني أنظرُ الله جِهاراً عَلَنا
مَنْ بَنَى لي دارْ في دنيا البقا ليسَ بيتي دارْ في دنيا الفنا
إنما الموت عليكم راصِدٌ سوف ينقلْكُم جميعاً من هنا
أنا عصفور وهذا قفصي كان سجني وقميصي كَفَنا
فاشكروا الله الذي خلّصنا وبنى لي في المعالي سكنا
فافهموا قولي ففيه نبأ أي معنىً تحت قولي كَمَنا
وقميصي قطّعوهُ قِطَعاً ودعوا الكلّ دفينا زمَنا
لا أرى روحي إلا أنتُمُ واعتقادي إنكم أنتُم أنا
[ شعر عامي ]
54 ـ حال الأسير
وبدا له من بعدِ ما اندمَلَ الهوى برقٌ تألَّقَ موهِناً لمعَانُهُ
يبدو كحاشيةِ الرداءِ، ودونه صعبُ الذُّرى متَمنِّعٌ أركانُهُ
فدنا لينظُرَ كيف لاح، فلم يُطِقْ نظراً إليه، وصدَّهُ سَجَّانُهُ
فالنارُ ما اشتملتْ عليهِ ضُلوعُهُ والماءُ ما سحَّتْ بهِ أجفانُهُ
[ لأبي عبد الله العلوي ]
55 ـ دعاء
كُنْ لي كما كُنتَ لي في حينَ لمْ أكُنِ
يا من بهِ صِرتُ بيــنَ الرُزءِ والحَزَنِ
[ مجزوء المجتث ] [ لسمنون المحب ]
56 ـ كيفما شئت فامتحني
كلُّ بلاءٍ عليَّ منّي فليتَني قد أُخِذْتُ عَنّي
أردتَ مِنّي اختبارَ سرّي ؟ وقدْ عَلِمْتُ المرادَ منّي
وليس لي في سواكَ حَظٌّ فكيفما شئتَ فامتحنّي
[ مجزوء الخفيف ] [ لسمنون المحب ]
57 ـ الرؤية من الجهاتِ الستّ
ذكرتُكَ لا أنّي نسيتُكَ، سيّدي وأيسَرُ ما في الذّكرِ ذكرُ لساني
وكِدْتُ من الأسرارِ أخفى عن الورى وهاجَ عليَّ القلبُ بالخفقانِ
فلما أراني الشَّوقَ أنّكَ حاضري شَهدتُكَ موجوداً بكلّ مكانِ
وخاطبتُ موجوداً بغيرِ تكلُّمٍ ولاحظتُ معلوماً بغير عيانِ
وإخوانُ صدقٍ قد سمِعْتُ حديثَهُمْ وأقصَيتُ عنهُم خاطري وجَناني
وما الدهرُ أسلَى عنهمُ غيرَ أنَّني أراكَ على كلِّ الجهات ِتَراني
[ للشبلي ]
58 ـ ذكرك طبيعة في تكويني
أنتَ في القلبِ والجوانِحِ تجري مثلَ جَريِ الدمُّوعِ في الأجفانِ
كلُّ عضوٍ منّي يراكَ على القُرْ بِ بعيني عِيانِهِ عن عَيانِ
فإذا اشتقتُ أن أراكَ تمثَّلـــــــتُكَ عندي بغير كُلِّ مكانِ
لا لأني أنساكَ أُكثِرُ ذكرا كَ ولكن بذاكَ يجري لساني
[ الشبلي ]
59 ـ الحق لا يدرك بالعقل
وقصرتُ عقلي بالهُويّةِ صالياً فعادَ ضعيفاً بالمطالبِ هاويا
وكنتُ لربِّ العالمينَ لنصرَةٍ فلا تتعجَّلْ في التطلُّبِ جاريا
تحقَّقْ بأنَّ الحقَّ ليسَ بمُدرَكٍ فلا [ تَلُهُ عنه ] جاهلاً ومُرائيا
ولكنَّهُ يبدو مراراً ويختفي فيعرفُهُ مَنْ كانَ بالعلمِ حاليا
[ لمجهول ]
60 ـ الفناءُ محبَّب
أجريتُ فيكَ دُموعي والدَّمعُ مِنْكَ إليكَ
وأنتَ غايةُ سؤلي والعينُ وسنى عليكَ
فإنْ فنى فيكَ بعضي حُفِظْتُ منكَ لديكَ
[ لمجهول ]
61 ـ لا طاقةَ لي على الهجرِ
كم يَنشُرُني الهوى وكمْ يَطويني يا مالكَ دُنيايَ ومَولى ديني
يا مَنْ [هُو] جنّتي ويا روحي أنا إن دامَ عليَّ هجركمْ يُعييني
[ من الدوبيت ][ لمجهول ]
62 ـ أنتَ فقط
كم دمعةٍ فيكَ لي ما كنتُ أجريها وليلةٍ ـ لستُ أفني فيكَ ـ أُفنيها
لمْ أُسلِمِ النفسَ للأسقامِ تُتلِفُها إلا لعلمي بأنَّ الوصلَ يُحييها
ونظرةٍ منكَ يا سؤلي ويا أملي أشهى إليَّ من الدُّنيا وما فيها
نفسُ المحبِّ على الآلامِ صابرةٌ لعلّ مُسقِمُها يوماً يُداويها
اللهُ يعلمُ : ما في النفسِ جارحةٌ إلا وذكراكِ فيها قبلَ ما فيها
ولا تنفَّستُ إلا كنتَ في نَفَسي تجري بكَ الروحُ منّي في مجاريها
إن كُنتُ أضمرتُ غَدراً أو هَمَمْتُ به يوماً، فلا بلغتْ روحي أمانيها
أو كانت العينُ مذْ فارَقتُكُمْ نظرتْ شيئاً سواكُمْ فخانَتْها أمانيها
[ لمجهول ]
أو كانت ِالنفسُ تدعوني إلى سكنٍ سواك فاحتكمت فيها أعاديها !
حاشا فأنتَ محلُّ النّورِ منْ بَصَري تجري بكَ النفسُ منها في مجاريها
[ لمجهول ]
63 ـ الإخفاء والإبداء
كادت سرائر ُسرّي أن تُسَرَّ بما أولَيْتَني من جميلٍ لا أُسمّيهِ
وصاح بالسرٍّ سرُّ منكَ يَرقُبُهُ: كيفَ السرورُ بسرٍّ دونَ مبديهِ ؟
فظلَّ يلحَظُني سِرّي لألحَظَهُ والحقُّ يلْحَظُني أن لا أُ خلّيهِ
وأقبلَ الوجدُ يُفني الكُلَّ من صِفَتي وأقبلَ الحقُّ يُخفيني وأبديهِ
[ لأبي الحسين النوري ]