منتدى الطريقه النقشبنديه
الحكم العطائية 412252
عزيزى الزائر/ عزيزتى الزائره
يرجى التكرم بتسجيل الدخول اذا كنت
عضو معنا
أو التسجيل ان لم تكن عضو وترغب فى الانضمام الى أسرة المنتدى
سنتشرف بتسجيلك
الحكم العطائية 862936
الحكم العطائية 22-4-99
ادارة المنتدى
منتدى الطريقه النقشبنديه
الحكم العطائية 412252
عزيزى الزائر/ عزيزتى الزائره
يرجى التكرم بتسجيل الدخول اذا كنت
عضو معنا
أو التسجيل ان لم تكن عضو وترغب فى الانضمام الى أسرة المنتدى
سنتشرف بتسجيلك
الحكم العطائية 862936
الحكم العطائية 22-4-99
ادارة المنتدى
منتدى الطريقه النقشبنديه
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى الطريقه النقشبنديه

تصوف اسلامى تزكية واداب وسلوك احزاب واوراد علوم روحانية دروس وخطب كتب مجانية تعليم برامج طب و اسرة اخبار و ترفيه
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الحكم العطائية

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
قمرالليل
المراقب العام
المراقب العام
قمرالليل


الساعه :
ذكر
عدد المساهمات : 676
مزاجك : ركوب الخيل
تاريخ التسجيل : 19/03/2011
العمر : 46
الموقع : هنا
العمل/الترفيه : !!!
الأوسمه عضو مجلس الإداره

الحكم العطائية Empty
مُساهمةموضوع: الحكم العطائية   الحكم العطائية Icon_minitimeالإثنين يونيو 06, 2011 7:23 pm

الحكم العطائية

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم قال الشيخ الإمام المحقق أبو الفضل تاج الدين أحمد بن محمد بن عبد الكريم بن عطاء الله السكندري من علامة الاعتماد على العمل نقصان الرجاء عند وجود الزلل اراداتك التجريد مع إقامة الله إياك في الأسباب من الشهوة الخفية وارادتك الأسباب من الشهوة الخفية. وارادتك الأسباب مع إقامة الله إياك في التجريد انحطاط عن الهمة العلية سوابق الهمم لا تخرق أسوار الأقدار أرح نفسك من التدبير. فما قام به غيرك عنك لا تقم به لنفسك اجتهادك فيما ضمن لك وتقصيرك فيما طلب منك. دليل على انطماس البصيرة منك لا يكون تأخر أمد الأعطاء مع الإلحاح في الدعاء موجباً ليأسك. فهو ضمن لك الإجابة فيما يختاره لك لا فيما تختاره لنفسك. وفي الوقت الذي يريد لا في الوقت الذي تريد لا يشككنك في الوعد عدم وقوع الموعود وأن تعين زمنه لئلا يكون ذلك قدحاً في بصيرتك واخماداً لنور سريرتك إذا فتح لك وجهة من التعرف فلا تبال معها أن قل عملك. فإنه ما فتحها لك إلا وهو يريد أن يتعرف إليك ألم تعلم أن التعرف هو مورده عليك والأعمال فأنت مهديها إليه مما هو مورده عليك مورده عليك تنوعت أجناس الأعمال لتنوع واردات الأحوال الأعمال أنت مهديها إليهن وأين ما تهديه إليه مما هو مورده عليك تنوعت أجناس الأعمال لتنوع واردات الأحوال الأعمال صور قائمة وأرواحها وجود سر الإخلاص فيها ادفن وجودك في أرض الخمول. فما نبت مما لم يدفن لا يتم نتاجه ما نفع القلب شئ مثل عزله يدخل بها ميدان فكرة كيف يشرق قلب صور الأكوان منطبعة في مرآته. أم كيف يرحل إلى الله وهو مكبل بشهواته. أم كيف يطمع أن يدخل حضرة الله ولم يتطهر من جنابه غفلاته. أم كيف يرجو أن يفهم دقائق الأسرار وهو لم يتب من هفواته. الكون كله ظلمة وإنما أناره ظهور الحق فيه. فمن رأى الكون ولم يشهده فيه أو عنده أو قبله أو بعده فقد أعوزه وجود الأنوار. وحجبت عنه شموس المعارف بسحب الآثار. مما يدلك على وجود قهره سبحانه أن حجبك عنه بما ليس بموجود معه كيف يتصور أن يحجبه شئ وهو الذي أظهر كل شئ كيف يتصور أن يحجبه شئ وهو الذي ظهر بكل شئ كيف يتصور أن يحجبه شئ وهو الذي أظهر كل شئ وكيف يتصور أن يحجبه شئ وهو الذي ظهر لكل شئ كيف يتصور أن يحجبه شئ وهو الواحد الذي ليس معه شئ كيف يتصور أن يحجبه شئ وهو أقرب إليك من كل شئ كيف يتصور أن يحجبه شئ وهو الواحد الذي ليس معه شئ كيف يتصور أن يحجبه شئ وهو أقرب إليك من كل شئ وكيف يتصور أن يحجبه شئ ولولاه ما كان وجود كل شئ يا عجباً كيف يظهر الوجود في العدم. أم كيف يثبت الحادث مع من له وصف القدم ما ترك من الجهل شيأ من أراد أن يحدث في الوقت غير ما أظهره الله فيه. إحالتك الأعمال على وجود الفراغ من رعونات النفس. لا تطلب منه أن يخرجك من حالة ليستعملك فيما سواها. فلو أراد لاستعملك من غير إخراج. ما أرادت همة سالك أن تقف عندما كشف لها إلا ونادته هو اتف الحقيقة الذي تطلب أمامك. ولا تبرجت ظواهر المكونات إلا ونادتك حقائقها إنما نحن فتنة فلا تكفر طلبك منه اتهام له. وطلبك له غيبة منك عنه. وطلبك لغيره لقلة حيائك منه. وطلبك من غيره لوجود بعدك عنه. ما من نفس تبديه إلا وله قدر فيك يمضيه لا تترقب فروع الأغيار فإن ذلك يقطعك عن وجود المراقبة له فيما مقيمك فيه. لا تستغرب وقوع الأكدار. ما دمت في هذه الدار. فإنها ما أبرزت إلا ما هو مستحق وصفها وواجب نعتها. ما توقف مطلب أنت طالبه بربك. ولا تيسر مطلب أنت طالبه بنفسك. من علامات النجح في النهايات. الرجوع إلى الله في البدايات. من أشرقت بدايته. أشرقت نهايته، ما استودع في غيب السرائر. ظهر في شهادة الظواهر. شتان بين من يستدل به أو يستدل عليه يستدل عليه. ومتى بعد حتى تكون الآثار هي التي توصل إليه لينفق ذو سعة من سعته الواصلون إليه. ومن قدر عليه رزقه السائرون إليه اهتدى الراحلون إليه بأنوار التوجه والواصلون لهم أنوار المواجهة. فالأولون للأنوار وهؤلاء الأنوار لهم لأنهم لله لا لشئ دونه قل الله ثم ذرهم في خوضهم يلعبون تشوفك على ما بطن فيك من العيوب. خير من تشوفك إلى ما حجب عنك من الغيوب الحق ليس بمحجوب. وإنما المحجوب أنت عن النظر إليه اذ لو حجبه شئ لستره ماحجبه ولو كان له ساتر لكان لوجوده حاصراً وكل محاصر لشئ فهو له قاهر وهو القاهر فوق عباده اخرج من أوصاف بشريتك عن كل وصف مناقض لعبوديتك لتكون لنداء الحق مجيباً ومن حضرته قريباً أصل كل معصية وغفلة وشهوة الرضا عن النفس. وأصل كل طاعة ويقظة وعفة عدم الرضا منك عنها. ولأن تصحب جاهلاً لا يرضى عن نفسه خير لك من أن تصحب عالما يرضى عن نفسه فأي علم لعالم يرضى عن نفسه وأي جاهل لجاهل لا يرضى عن نفسه شعاع البصيرة يشهدك قربه منك. وعين البصيرة يشهدك عدمك لوجوده. وحق البصيرة يشهدك وجوده لا عدمك ولا وجودك كان الله ولا شئ معه وهو الآن على ما عليه كان. لا تتعد نية همتك إلى غيره فالكريم لا تتخاطاه الآمال لا ترفعن إلى غيره حاجة هو موردها عليك. فكيف يرفع غيره ما كان هو له واضعاً. من لا يستطيع أن يرفع حاجة عن نفسه. فكيف يستطيع أن يكون لها عن غيره رافعاً أن لم تحسن ظنك به لأجل حسن وصفه فحسن ظنك به لوجود معاملته معك. فهل عودك إلا حسناً وهل أسدى إليك الامننا العجب كل العجب ممن يهرب ممن انفكاك له عنه ويطلب مالا بقاء له معه. فإنها لا تعمى الأبصار الآية لا ترحل من كون إلى كون فتكون كحمار الرحا يسير المكان الذي ارتحل إليه هو الذي ارتحل منه. ولكن ارحل من الأكوان إلى المكون وأن إلى ربك المنتهى. وانظر إلى قوله صلى الله عليه وسلم فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه فافهم قوله عليه الصلاة والسلام وتأمل هذا الأمر أن كنت ذافهم لا تصحب من لا ينهضك حاله. ولا يدلك على الله مقاله ربما كنت مسيأ فأراك الإحسان منك صحبتك إلى من هو أسوأ حالاً منك ما قل عمل برز من قلب زاهد ولا كثر عمل برز من قلب راغب حسن الأعمال نتائج حسن الأحوال وحسن الأحوال من التحقيق في مقامات الأنزال لا تترك الذكر العدم الذكر لعدم حضورك مع الله فيه للأن غفلتك عن وجود ذكره أشد من غفلتك في وجود ذكره. فعسى أن يرفعك من ذكر مع وجود غفلة إلى ذكر مع وجود يقظة ومن ذكر مع وجود يقظة إلى ذكر مع وجود حضور ومن ذكر مع وجود حضور إلى ذكر مع وجود غيبة عما سوى المذكور وما ذلك على الله بعزيز من علامات موت القلب عدم الحزن على ما فاتك من الموافقات. وترك الندم على ما فعلته من وجود الزلات لا يعظم الذنب عندك عظمة تصدك عن حسن الظن بالله تعالى فإن من عرف ربه. استصغر في جنب كرمه ذنبه لا صغيرة إذا قابلك عدله. ولا كبيرة إذا واجهك فضله لا عمل أرجى للقلوب من عمل يغيب عنك شهوده ويحتقر عندك وجوده إنما أورد عليك الوارد لتكون به عليه وارداً أورد عليك الوارد ليتسلمك من يد الأغيار. وليحررك من رق الآثار أورد عليك الوارد ليخرجك من سجن وجودك إلى فضاء شهودك. الأنوار مطايا القلوب والأسرار النور جند القلب كما أن الظلمة جند النفس. فإذا أراد الله أن ينصر عبده أمده بجنود الأنوار وقطع عنه مدد الظلم والأغيار النور له الكشف. والبصيرة لها الحكم. والقلب له الإقبال والإدبار لا تفرحك الطاعة لأنها برزت منك وافرح بها لأنها برزت من الله إليك. قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون قطع السائرين له والواصلين إليه عن رؤية أعمالهم وشهود أحوالهم. أما السائرون فلأنهم لم يتحققوا الصدق مع الله فيها وأما الواصلون فلانه غيبهم بشهوده عنها ما بسقت أغصان ذل إلا على بذر طمع ما قادك شئ مثل الوهم أنت حر مما أنت عنه آيس. وعبد لما أنت له طامع من لم يقبل على الله بملاطفات الإحسان قيد إليه بسلاسل الإمتحان من لم يشكر النعم فقد تعرض لزوالها ومن شكرها فقد قيدها بعقالها خف من وجود إحسانه إليك ودوام إساءتك معه أن يكون ذلك استدراجاً لك سنستدرجهم من حيث لا يعلمون من جهل المريد أن يسئ الأدب فتؤخر العقوبة عنه فيقول لو كان هذا اسوء أدب لقطع الأمداد وأوجب الأبعاد. فقد يقطع المدد عنه من حيث لا يشعر ولو لم يكن إلا منع المزيد. وقد يقام مقام البعد وهو لا يدري. ولو لم يكن إلا إن يخليك وما تريد. إذا رأيت عبداً أقامه الله تعالى بوجود الأوراد وأدامه عليها مع طول الأمداد. فلا تستحقرن ما منحه مولاه لأنك لم تر عليه سيما العارفين ولا بهجة المحبين. فلولا وارد ما كان ورد. قوم أقامهم الحق لخدمته وقوم اختصهم بمحبته كلا نمد هؤلاء. وهؤلاء من عطاء ربك وما كان عطاء ربك محظوراً. قلما تكون الواردات الإلهية إلا بغتة لئلا يدعيها العباد بوجود الاستعداد. من رأتيه مجيباً عن كل ما سئل ومعبراً عن كل ما شهد وذاكراً كل ما علم. فاستدل بذلك على وجود جهله. إنما جعل الدار الآخرة محلاً لجزاء عباده المؤمنين لأن هذه الدار لا تسع ما يريد أن يعطيهم. ولأنه أجل أقدارهم عن أن يجازيهم في دار لا بقاء لها من وجد ثمرة عمله عاجلاً فهو دليل علوى وجود القبول آجلاً. إذا أردت أن تعرف قدرك عنده فانظر فيماذا يقيمك متى رزقك الطاعة والغنى به عنها. فاعلم أنه قد أسبغ عليك نعمة ظاهرة وباطنة خير ما تطلب منه ما هو طالبه منك الحزن على فقدان الطاعة مع عدم النهوض إليها من علامات الاغترار ما العارف من إذا أشار وجد الحق أقرب إليه من اشارته. بل العارف من لا إشارة له لفنائه في وجوده وانطوائه في شهوده الرجاء ما قارنه عمل. وإلا فهو أمنية مطلب العارفين من الله تعالى الصدق في العبودية. والقيام بحقوق الربوبية بسطك كي لا يبقيك مع القبض. وقبضك كي لا يتركك مع البسط. وأخرك عنهما كي لا تكون لشئ دونه. العارفون إذا بسطوا أخوف منهم إذا قبضوا. ولا يقف على حدود الأدب في البسط إلا قليل البسط تأخذ النفس مه حطها بوجود الفرح والقبض لاحظ للنفس فيه ربما أعطاك فمنعك وربما منعك فأعطاك متى فتح لك باب الفم في المنع عاد المنع عين العطاءه الأكوان ظاهرها غرة وباطنها عبرة. فالنفس تنظر إلي ظاهر غرتها. والقلب ينظر إلى باطن عبرتها أن أردت أن يكون لك عز لا يفنى فلا تستعزن بعز يفنى الطي الحقيقي أن تطوي مسافة الدنيا عنك حتى ترى الاخرة أقرب إليك منك. العطاء من الخلق حرمان. والمنع من الله إحسان. جل ربنا أن يعامله العبد نقداً فيجازيه نسيئه. كفى من جزائه إياك على الطاعة أن رضيك لها أهلاً. كفى العاملين جزاء ما هو فاتحه على قلوبهم في طاته. وما هو مورده عليهم من وجود مؤانسته. من عبده لشئ يرجوه منه أو ليدفع بطاعته ورود العقوبة عنه. فما قام بحق أوصافه. متى أطاعك أشهدك بره. ومتي منعك أشهدك قهره. فهو في كل ذلك متعرف إليك ومقبل بوجود لطفه عليك. إنما يؤلمك المنع لعدم لعدم فهمك عن الله فيه. ربما فتح لك باب الطاعة وما فتح لك باب القبول. وربما قضى عليك بالذنب فكان سببان في الوصول معصية أورثت ذلاً وافتقاراً خير من طاعة أورثت عزاً واستكباراً. نعمتان ما خرج موجود عنهما ولا بد لكل مكون منهما. نعمة الإيجاد ونعمة الإمداد. أنعم عليك أولاً بالإيجاد وثانياً بتولي الإمداد. فاقتك لك ذاتية وورود الأسباب مذكرات لك بما خفى عليك منها والفاقة الذاتية لا ترفعها العوارض. خير أوقاتك وقت تشهد فيه وجود فاقتك. وترد فيه إلى وجود ذلتك. متى أوحشك من خلقه. فاعلمم أن يريد أن يفتح لك باب الإنس به متى أطلق السانك بالطلب فاعلم انه يريد أن يعطيك. العارف لا يزول اضطراره ولا يكون مع غير الله قراره. أثار الظواهر بانوار آثار. وأنار السرائر بانوار أوصافه لأجل ذلك أفلت أنوار الظواهر ولم تأفل أنوار القلوب والسرائر ولذلك قيل بمحبته كلا نمد هؤلاء. وهؤلاء من عطاء ربك وما كان عطاء ربك محظوراً. قلما تكون الواردات الإلهية إلا بغتة لئلا يدعيها العباد بوجود الاستعداد. من رأتيه مجيباً عن كل ما سئل ومعبراً عن كل ما شهد وذاكراً كل ما علم. فاستدل بذلك على وجود جهله. إنما جعل الدار الآخرة محلاً لجزاء عباده المؤمنين لأن هذه الدار لا تسع ما يريد أن يعطيهم. ولأنه أجل أقدارهم عن أن يجازيهم في دار لا بقاء لها من وجد ثمرة عمله عاجلاً فهو دليل علوى وجود القبول آجلاً. إذا أردت أن تعرف قدرك عنده فانظر فيماذا يقيمك متى رزقك الطاعة والغنى به عنها. فاعلم أنه قد أسبغ عليك نعمة ظاهرة وباطنة خير ما تطلب منه ما هو طالبه منك الحزن على فقدان الطاعة مع عدم النهوض إليها من علامات الاغترار ما العارف من إذا أشار وجد الحق أقرب إليه من اشارته. بل العارف من لا إشارة له لفنائه في وجوده وانطوائه في شهوده الرجاء ما قارنه عمل. وإلا فهو أمنية مطلب العارفين من الله تعالى الصدق في العبودية. والقيام بحقوق الربوبية بسطك كي لا يبقيك مع القبض. وقبضك كي لا يتركك مع البسط. وأخرك عنهما كي لا تكون لشئ دونه. العارفون إذا بسطوا أخوف منهم إذا قبضوا. ولا يقف على حدود الأدب في البسط إلا قليل البسط تأخذ النفس مه حطها بوجود الفرح والقبض لاحظ للنفس فيه ربما أعطاك فمنعك وربما منعك فأعطاك متى فتح لك باب الفم في المنع عاد المنع عين العطاءه الأكوان ظاهرها غرة وباطنها عبرة. فالنفس تنظر إلي ظاهر غرتها. والقلب ينظر إلى باطن عبرتها أن أردت أن يكون لك عز لا يفنى فلا تستعزن بعز يفنى الطي الحقيقي أن تطوي مسافة الدنيا عنك حتى ترى الاخرة أقرب إليك منك. العطاء من الخلق حرمان. والمنع من الله إحسان. جل ربنا أن يعامله العبد نقداً فيجازيه نسيئه. كفى من جزائه إياك على الطاعة أن رضيك لها أهلاً. كفى العاملين جزاء ما هو فاتحه على قلوبهم في طاته. وما هو مورده عليهم من وجود مؤانسته. من عبده لشئ يرجوه منه أو ليدفع بطاعته ورود العقوبة عنه. فما قام بحق أوصافه. متى أطاعك أشهدك بره. ومتي منعك أشهدك قهره. فهو في كل ذلك متعرف إليك ومقبل بوجود لطفه عليك. إنما يؤلمك المنع لعدم لعدم فهمك عن الله فيه. ربما فتح لك باب الطاعة وما فتح لك باب القبول. وربما قضى عليك بالذنب فكان سببان في الوصول معصية أورثت ذلاً وافتقاراً خير من طاعة أورثت عزاً واستكباراً. نعمتان ما خرج موجود عنهما ولا بد لكل مكون منهما. نعمة الإيجاد ونعمة الإمداد. أنعم عليك أولاً بالإيجاد وثانياً بتولي الإمداد. فاقتك لك ذاتية وورود الأسباب مذكرات لك بما خفى عليك منها والفاقة الذاتية لا ترفعها العوارض. خير أوقاتك وقت تشهد فيه وجود فاقتك. وترد فيه إلى وجود ذلتك. متى أوحشك من خلقه. فاعلمم أن يريد أن يفتح لك باب الإنس به متى أطلق السانك بالطلب فاعلم انه يريد أن يعطيك. العارف لا يزول اضطراره ولا يكون مع غير الله قراره. أثار الظواهر بانوار آثار. وأنار السرائر بانوار أوصافه لأجل ذلك أفلت أنوار الظواهر ولم تأفل أنوار القلوب والسرائر ولذلك قيل
أن شمس النهار تغرب بالليل

وشمس القلوب ليست تغيب


ليخفف ألم البلاء عليك علمك بانه سبحانه هو المبلي لك. فالذي واجهتك منه الأقدار هو الذي عودك حسن الاختيار من ظن انفكاك لطفه عن قدره فذلك لقصور نظره. لا يخاف عليك أن تلتبس الطريق عليك وإنما يخاف عليك من غلبة الهوى عليك. سبحان من ستر سر الخصوصية بظهور البشرية وظهر بعظمة الربوبية في إظهار العبودية. لا تطالب ربك بتأخر مطلبك ولكن طالب نفسك بتأخر أدبك. متى جعلك في الظاهر ممتثلاً لأمره ورزقك في الباطن الاستسلام لقهره. فقد أعظم المنة عليك. ليس لك لمن ثبت تخصيصه كمل تخليصه. لا يستحقر الورد إلا جهول. الوارد يوجد في الدار الآخر والورد ينطوي بانطواء هذه الدار. وأولى ما يعتني به مالا يخلف وجوده. الورد هو طالبه منك والوارد انت تطلبه منه وأين ما هو طالبه منك مما هو مطلبك منه. ورود الأمداد بحسب الاستعداد. وشروق الأنوار على حسب صفاء الأسرار. الغافل إذا أصبح ينظر ماذا يفعل والعاقل ينظر ماذا بفعل الله به. إنما يستوحش العباد والزهاد من كل شئ لغيبتهم عن الله في كل شئ فلو شهدوه في كل شئ لم يستوحشوا من شئ. أمرك في هذه الدار بالنظر في مكنوناته وسيكشف لك في تلك الدار عن كمال ذاته. علم منك أنك لا تصبر عنه فأشهدك ما برز منه لما علم الحق منك وجود الملل لون لك الطاعات وعلم ما فيك من وجود الشرة فحجرها عليك في بعض الأوقات ليكون ههمك إقامة الصلاة لا وجود الصلاة فما كل مصل مقيم الصلاة طهرة للقلوب من أدناس الذنوب واستفتاح لباب الغيوب. الصلاة محل المناجاة ومعدن المصافاة تتسع فيها ميادين الأسرار وتشرق فيها شوارق الأنوار. وعلم وجود الضعف منك فقلل أعدادها وعلم احتياجك إلى فضله فكثر أمدادها. متى طلبت عوضاً على عمل طولبت بوجود الصدق فيه ويكفي المريب وجدان السلامة. لا تطلب عوضاً على عمل لست له فاعلاً. يكفي من الجزاء لك على العمل أن كان له قابلاً. إذا أراد أن يظهر فضله عليك خلق ونسب إليك لا نهاية لمذامك أن أرجعك إليك ولا تفرغ مدائحك أن أظهر جوده عليك. كن بأوصاف ربوبيته متعلقاً وباوصاف عبوديتك متحققاً. منعك أن تدعى ما ليس لك مما للمخلوقين. أفيبيح لك أن تدعى وصفه وهو رب العالمين. كيف تخرق لك العوائد وأنت لم تخرق من نفسك العوائد. ما الشأن وجود الطلب إنما الشأن أن ترزق حسن الأدب
ما طلب لك شئ مثل الاضطرار ولا أسرع بالمواهب إليك مثل الذلة والافتقار لو أنك لا تصل إليه إلا بعد فناء مساويك ومحو دعويك لمتصل إليه أبداً. ولكن إذ أراد أن يوصلك إليه غطى وصفك بوصفه ونعتك بنعته فوصلك إليه بما منه إليك لا بما منك إليه. لولا جميل ستره لم يكمن عمل أهلاً للقبول أنت إلى حلمه إذا أطعته أحوج منك إلى حلمه إذا عصيته. الستر على قسمين ستر عن المعصية وستر فيها فالعامة يطلبون من الله الستر فيها خشية سقوط مرتبتهم عند الخلق والخاصة يطلبون من الله الستر عنها خشية سقوطهم من نظر الملك الحق من أكرمك إنما أكرم فيك جميل ستره فالحمد لمن ستره فالحمد لمن سترك ليس الحمد لمن أكرمك وشكرك. ما صحبك إلا من صحبك وهو بعييك عليم وليس ذلك إلا مولاك الكريم. خير من تصحب من يطلب لا لشئ يعود منك إليه لو أشرق لك نور اليقين لرأيت الآخرة أقرب إليك من أن ترحل إليها ولرأيت محاسن الدنيا قد ظهرت كسفة الفناء عليها ما حجبك عن الله وجود موجود معه إذ لا شئ معه ولكن حجبك عنه توهم موجود معه. لولا ظهوره في المكونات ما وقع عليها وجود الصفات ولو ظهرت صفاته اضمحلت مكوناته أظهر كل شئ لأنه الباطن وطوى وجود كل شئ لأنه الظاهر أباح لك أن تنظر ما في المكونات وما أذن لك أن تقف مع ذوات المكونات. قل انظروا ما في السموات والأرض ولم يقل انظروا السموات والأرض. قل انظروا ماذا فيها فتح لك باب الإفهام ولم يقل انظروا السموات لئلا يدلك على وجود الإجرام. الأكوان ثابتة بإثباته وممحوة بأحدية ذاته. الناس يمدحونك لما يظنونه فيك فكن أنت ذاماً لنفسك لما تعلمه منها. المؤمن إذا مدح استحيا من الله تعالى أن يثنى عليه بوصف لا يشهده من نفسه. أجهل الناس من ترك يقين ما عنده لظن ما عند الناس. إذا أطلق الثناء عليك ولست بأهل فائن عليه بما هو له أهل. الزهاد إذا مدحوا القبضوا لشهودهم الثناء من الخلق والعارفون إذا مدحوا انبسطوا لشهودهم ذلك من الملك الحق متى كتب إلى اعطيت بطل إذا أعطيت بسطك العطاء وإذا منعت قبضك المنع فاستدل بذلك على ثبوت طفوليتك وعدم صدقك في عبوديتك. إذا وقع منك ذنب فلا يكن سبباً ليأسك من حصول الاستقامة مع ربك فقد يكون ذلك آخر ذنب قدر عليك. إذا أردت أن ينفتح لك باب الرجاء فاشهد ما منه إليك. وإذا أردت أن ينفتح لك باب الخوف فاشهد ما منك إليه. ربما أفادك في ليل القبض ما لم تستفده في اشراق نهار البسط لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعاً. مطالع الأنوار القلوب والأسرار نور مستودع في القلوب مدده من النور الوارد من خزائن الغيوب. نور يكشف لك به عن آثاره ونرو يكشف لك به عن أوصافه ربما وقفت القلوب مع الأنوار كما حجبت النفوس بكثائف الأغيار.
ستر أنوار السرائر بكثائف الظواهر اجلالاً لها أن تبتذل بوجود الإظهار وأن ينادي عليها بلسان الاشتهار. سبحان من لم يجعل الدليل على أوليائه إلا من حيث الدليل عليه. ولم يوصل إليهم إلا من أراد أن يوصله إليه ربما أطلعك على غيب ملكوته وحجب عنك الاستشراف على أسرار العباد. من اطلع على أسرار العباد ولم يتخلق بالرحمة الإلهية كان اطلاعه فتنة عليه وسبباً لجر الوبال إليه حظ النفس في المعصية ظاهر جلي وحظها في الطاعات باطن خفى ومداواة ما يخفى صعب علاجه. ربما دخل الرياء عليك من حيث لا ينظر الخلق إليك استشرافك أن يعلم الخلق بخصوصيتك دليل على عدم صدقك في عبوديتك غيب نظر الخلق إليك بنظر الله إليك وغب عن اقبالم عليك بشهود إقباله إليك. من عرف الحق شهده في كل شئ ومن فنى به غاب عن كل شئ. ومن أحبه لم يؤثر عليه شيأ. إنما حجب الحق عنك شدة قربه منك. وإنما احتجب لشدة ظهوره وخفى عن الأبصار لعظم نوره. لا يكن طلبك تسباً للعطاء منه فيقل فهك عنه ليكن طلبك لأظهار العبودية وقياماً بحقوق الربوبية كيف يكون طلبك اللاحق سبباً لعطائه السابق جل حكم الأزل أن ينضاف إلى العلل عنايته فيك لا لشئ منك وأين كنت حين واجهتك عنايته وقابلتك رعايته. لم يكن في ازله إخلاص أعمال ولا وجود أحوال. بل لم يكن هناك إلا محض الإفضال وعظيم النوال. علم أن العباد يتشوفون إلى ظهور سر العناية. فقال يختص برحمته من يشاء وعلم أنه لو خلاهم وذلك لتركوا العمل اعتماداً على الأزل. فقال أن رحمة الله قريب من المحسنين. إلى المشيئة يستند كل شيء لأن وقوع ما لم يشأ الحق محال ولا تستند هي إلى شئ. ربما دلهم الأدب على ترك الطلب اعتماد على قسمته واشتغالاً بذكره عن مسئلته. إنما يذكر من يجوز عليه الاعفال. وإنما ينبه من يمكن منه الإهمال ورود الفاقات أعياد المريدين. العيد الوقت الذي يعود على الناس بالمسرة والسرور. ربما وجدت من المزيد في الفاقات ما لم تجده في الصوم والصلاة. الفاقات بسط المواهب. أن أردت ورود المواهب عليك صحح الفقر والفاقة لديك. إنما الصدقات للفقراء. تحقق بأوصاف يمدك بأوصافه. وتحقق بذلك يمدك بعزه. وتحقق بعجزك يمدك بقدرته. تحقق بضعفك يمدك بحوله وقوته وبارزق الكرامة من لم تكمل له الاستقامة. من علامات إقامة الحق لك في الشئ إدامته إياك فيه مع حصول النتائج. من عبر من بساط إحسانه أصمتته الاساءة، ومن عبر من بساط إحسان الله لم يصمت إذا أساءه. تسبق أنوار الحكماء أقوالهم فحيث صار التنوير وصل التعبير. كل كلام يبرز وعليه كسوة القلب الذي منه برز. من أذن له في التعبير فهمت في مسامع الخلق عبارته وجلبت إليهم إشارته. ربما برزت الحقائق مكسوفة الأنوار إذا لم يؤذن لك فيها بالاظهار. عياراتهم أما لفيضان وجد أو لقصد هداية مريد. فالأول حال السالكين. الثاني حال أرباب المكنة والمحققين. العبارة قوة لعائلة المستمعين وليس لك إلا ما أنت له آكل. ربما عبر عن المقام من استشرف عليه. وربما عبر عنه من وصل إليه وذلك يلتبس الأعلى صاحب البصيرة لا ينبغي للسالك أن يعبر عن وارداته فإن ذلك يقل عملها في قلبه ويمنعه وجود الصدق مع ربه. لا تمدن يدك إلى الأخذ من الخلائق إلا أن ترى أن المعطي فيهم مولاك. فإن كنت كذلك فخذ ما وافق العلم. ربما استحيا العارف أن يرفع حاجته إلى مولاه اكفاء بمشيئته. فكيف لا يستحي أن يرفعها إلى خليقته. إذا التبس عليك أمران. انظر أيهما أثقل على النفس فاتبعه. فإنه لا يثقل عليها إلا ما كان حقاً. من علامات ابتاع الهوى المسارعة إلى نوافل الخيرات. والتكاسل عن القيام بالواجبات. قيد الطاعات بأعيان الأوقات كي لا يمنعك عنها وجود التسويف ووسع عليك الأوقات كي لا تبقى لك حصة الأختيار. علم قلة نهوض العباد إلى معاملته فاوجب عليهم وجود طاعته فساقهم إليها بسلاسل الإيجاب. عجب ربك من قوم يساقون إلى الجنة بالسلاسل أوجب عليك وجود خدمته. وما أوجب عليك لا دخول جنته. من استغرب أن ينقذه الله من شهوته وأن يخرجه من وجود غفلته. فقد استعجز القدرة الإلهية وكان الله على كل شئ مقتدرا. ربما وردت الظلمة عليك ليعرفك قدر ما من به عليك. من لم يعرف قدر النعم بوجدانها عرف بوجود فقدانها. لا تدهشك واردات النعم عن القيام بحقوق شكرك. فإن ذلك مما يحط من وجود قدرك. تمكن حلاوة ستر أنوار السرائر بكثائف الظواهر اجلالاً لها أن تبتذل بوجود الإظهار وأن ينادي عليها بلسان الاشتهار. سبحان من لم يجعل الدليل على أوليائه إلا من حيث الدليل عليه. ولم يوصل إليهم إلا من أراد أن يوصله إليه ربما أطلعك على غيب ملكوته وحجب عنك الاستشراف على أسرار العباد. من اطلع على أسرار العباد ولم يتخلق بالرحمة الإلهية كان اطلاعه فتنة عليه وسبباً لجر الوبال إليه حظ النفس في المعصية ظاهر جلي وحظها في الطاعات باطن خفى ومداواة ما يخفى صعب علاجه. ربما دخل الرياء عليك من حيث لا ينظر الخلق إليك استشرافك أن يعلم الخلق بخصوصيتك دليل على عدم صدقك في عبوديتك غيب نظر الخلق إليك بنظر الله إليك وغب عن اقبالم عليك بشهود إقباله إليك. من عرف الحق شهده في كل شئ ومن فنى به غاب عن كل شئ. ومن أحبه لم يؤثر عليه شيأ. إنما حجب الحق عنك شدة قربه منك. وإنما احتجب لشدة ظهوره وخفى عن الأبصار لعظم نوره. لا يكن طلبك تسباً للعطاء منه فيقل فهك عنه ليكن طلبك لأظهار العبودية وقياماً بحقوق الربوبية كيف يكون طلبك اللاحق سبباً لعطائه السابق جل حكم الأزل أن ينضاف إلى العلل عنايته فيك لا لشئ منك وأين كنت حين واجهتك عنايته وقابلتك رعايته. لم يكن في ازله إخلاص أعمال ولا وجود أحوال. بل لم يكن هناك إلا محض الإفضال وعظيم النوال. علم أن العباد يتشوفون إلى ظهور سر العناية. فقال يختص برحمته من يشاء وعلم أنه لو خلاهم وذلك لتركوا العمل اعتماداً على الأزل. فقال أن رحمة الله قريب من المحسنين. إلى المشيئة يستند كل شيء لأن وقوع ما لم يشأ الحق محال ولا تستند هي إلى شئ. ربما دلهم الأدب على ترك الطلب اعتماد على قسمته واشتغالاً بذكره عن مسئلته. إنما يذكر من يجوز عليه الاعفال. وإنما ينبه من يمكن منه الإهمال ورود الفاقات أعياد المريدين. العيد الوقت الذي يعود على الناس بالمسرة والسرور. ربما وجدت من المزيد في الفاقات ما لم تجده في الصوم والصلاة. الفاقات بسط المواهب. أن أردت ورود المواهب عليك صحح الفقر والفاقة لديك. إنما الصدقات للفقراء. تحقق بأوصاف يمدك بأوصافه. وتحقق بذلك يمدك بعزه. وتحقق بعجزك يمدك بقدرته. تحقق بضعفك يمدك بحوله وقوته وبارزق الكرامة من لم تكمل له الاستقامة. من علامات إقامة الحق لك في الشئ إدامته إياك فيه مع حصول النتائج. من عبر من بساط إحسانه أصمتته الاساءة، ومن عبر من بساط إحسان الله لم يصمت إذا أساءه. تسبق أنوار الحكماء أقوالهم فحيث صار التنوير وصل التعبير. كل كلام يبرز وعليه كسوة القلب الذي منه برز. من أذن له في التعبير فهمت في مسامع الخلق عبارته وجلبت إليهم إشارته. ربما برزت الحقائق مكسوفة الأنوار إذا لم يؤذن لك فيها بالاظهار. عياراتهم أما لفيضان وجد أو لقصد هداية مريد. فالأول حال السالكين. الثاني حال أرباب المكنة والمحققين. العبارة قوة لعائلة المستمعين وليس لك إلا ما أنت له آكل. ربما عبر عن المقام من استشرف عليه. وربما عبر عنه من وصل إليه وذلك يلتبس الأعلى صاحب البصيرة لا ينبغي للسالك أن يعبر عن وارداته فإن ذلك يقل عملها في قلبه ويمنعه وجود الصدق مع ربه. لا تمدن يدك إلى الأخذ من الخلائق إلا أن ترى أن المعطي فيهم مولاك. فإن كنت كذلك فخذ ما وافق العلم. ربما استحيا العارف أن يرفع حاجته إلى مولاه اكفاء بمشيئته. فكيف لا يستحي أن يرفعها إلى خليقته. إذا التبس عليك أمران. انظر أيهما أثقل على النفس فاتبعه. فإنه لا يثقل عليها إلا ما كان حقاً. من علامات ابتاع الهوى المسارعة إلى نوافل الخيرات. والتكاسل عن القيام بالواجبات. قيد الطاعات بأعيان الأوقات كي لا يمنعك عنها وجود التسويف ووسع عليك الأوقات كي لا تبقى لك حصة الأختيار. علم قلة نهوض العباد إلى معاملته فاوجب عليهم وجود طاعته فساقهم إليها بسلاسل الإيجاب. عجب ربك من قوم يساقون إلى الجنة بالسلاسل أوجب عليك وجود خدمته. وما أوجب عليك لا دخول جنته. من استغرب أن ينقذه الله من شهوته وأن يخرجه من وجود غفلته. فقد استعجز القدرة الإلهية وكان الله على كل شئ مقتدرا. ربما وردت الظلمة عليك ليعرفك قدر ما من به عليك. من لم يعرف قدر النعم بوجدانها عرف بوجود فقدانها. لا تدهشك واردات النعم عن القيام بحقوق شكرك. فإن ذلك مما يحط من وجود قدرك. تمكن حلاوة الهوى من القلب هو الداء العضال. لا يخرج الشهوة من القلب إلا خوف مزعج أو شوق مقلق. كما لا يجب العمل المشترك لا يحب القلب المشترك. العمل المشترك هو لا يبقله والقلب المشترك لا يقبل عليه. أنوار أذن لها في الوصول وأنوار أذن لها في الدخول ربما وردت عليك الأنوار فوجدت القلب محشواً بصور الآثار فارتحلت من حيث نزلت. فرغ قلبك من الأغيار تملأه بالمعارف والأسرار.
لا تستبطئ من النوال ولكن استبطئ من نفسك وجود لا قبال. حقوق في الأوقات يمكن قضاؤها وحقوق الأوقات لا يمكن قضاؤها. إذ ما من وقت يرد إلا ولله عليك فيه حق جديد وأمر أكيد. فكيف تقضي فيه حق غيره وأنت لم تقض حق الله فيه. ما فاتك من عمرك لا عوض له وما حصل لك منه لا قيمة له. ما أحببت شيئاً إلا كنت له عبدا وهو لا يحب أن يكون عبداً لغيره. لا تنفعه طاعتك ولا تضره معصيتك. فإنما أمرك بهذه ونهاك عن هذه لما يعود عليك لا يزيد في عزة إقبال من أقبل ولا ينقص من عزه أدبار من أدبر وصولك إلى الله وصولك إلى العلم به وإلا فجل ربنا أن يتصل به شئ أو يتصل هو بشئ قربك منه أن تكون مشاهد القربه وإلا فمن أين أنت ووجود قربه. الحقائق ترد في حال التجلي مجملة وبعد الوعي يكون البيان. فإذا اقرأناه فاتبع قرآنه ثم أن عليا بيانه. متى وردت الواردات الإلهية إليك هدمت العوائد عليك أن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدواها. الوارد يأتي من حضرة قهار لأجل ذلك لا يصادمه شئ إلا دمغه. بل نقذف بالحق علي الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق كيف يحتجب الحق بشئ والذي يحتجب به هو فيه ظاهر وموجود حاضر لا تبأس من قبول عمل لم تجد فيه وجود الحضور. فربما قبل من العلم ما لم تدرك ثمرته عاجلاً لا تزكين وارداً لا تعلم ثمرته عاجلاً لا تزكين وارداً لا تعلم ثمرته فليس المراد من السحابة الأمطار وإنما المراد منها وجود الأثمار. لا تطلبن بقاء الواردات بعد أنبسطت أنوارها. وأودعت أسرارها فلك في الله غنى عن كل شئ وليس يغنيك عنه شئ تطلعك إلى غيره دليل على عدم وجدانك له. استيحاشك لفقدان ما سواه دليل على عدم وصلتك به. النعيم وأن تنوعت مظاهره إنما هو بشهوده واقترابه. والعذاب وأن تنوعت مظاهره إنما هو لوجود حجابه فسبب العذاب وجود الحجاب واتمام النعيم بالنظر إلى وجه الله الكريم. ما تجده القلوب من الهموم والأحزان فلأجل ما منعت من وجود العيان. من تمام النعمة عليك أن يرزقك ما يكفيك ويمنعك ما يطغيك ليقل ما تفرح به يقل ما تحزن عليه. أن أردت أن لا تعزل فلا تتلوى ولاية لا تدوم لك، أن رغبتك البدايات زهدتك النهايات. أن دعاك إليها ظاهر نهاك عنها باطن. إنما جعلها محلا للأغيار ومعدناً لوجود الأكدار تزهيداً لك فيها. علم أنك لا تقبل النصح المجرد فذوقك من ذواقها ما يسهل عليك وجود فراقها.
العلم النافع الذي ينبسط في الصدر شعاعه ويكشف عن القلب قناعه. خير علم ما كانت الخشية معه. العلم أن قارنته الخشية فلك وإلا فعليك متى آلمك عدم إقبال الناس عليك أو توجههم بالذم إليك فارجع إلى علم الله فيك فإن كان لا يقنعك علم فمصيبتك بعدم قناعتك بعلمه أشد من مصيبتك بوجود الأذى مهم. إنما أجرى الأذى على أيديهم كي لا تكون ساكناً إليهم إن أراد أن يزعجك عن كل شئ حتى لا يشغلك عنه شئ. إذا علمت أن الشيطان لا يغفل عنك فلا تغفل أنت عمن ناصيتك بيده. جعله لك عدواً ليحوشك به إليه وحرك عليك النفس لتديم إقبالك عليه. من أثبت لنفسه تواضعاً فهو المتكبر حقاً إذ ليس التواضع إلا عن رفعه. فمتى أثبت لنفسك تواضعاً فأنت المتكبر ليس المتواضع الذي إذا تواضع أى أنه فوق ما صنع. ولكن المتواضع الذي إذا تواضع رأى انه دون ما صنع. التواضع الحقيقي هو ما كانا ناشئاً عن شهود عظمته وتجلى صفته وتجلى صفته. لا يخرجك عن الوصف إلا شهود الوصف. المؤمن يشغله الشاغل لله عن أن يكون لنفسه شاكراً وتشغله حقوق الله عن أن يكون لحظوظه ذاكراً. ليس المحب الذي يرجو من محبوبه عوضاً أو يطلب منه غرضاً فإن المحب من يبذل لك ليس المحب من تبذل له لولا ميادين النفوس ما تحقق سير السائرين. لا مسافة بينك وبينه حتى تطويها رحلتك. ولا قطيعة بينك وبينه تمحوها وصلتك. جعلك في العلم المتوسط بين ملكه وملكوته ليعلمك جلالة قدرك بين مخلوقاته وأنك جوهرة تنطوي عليك أصداف مكوناته. وسعك الكون من حيث جثمانيتك ولم يسعك من حيث ثبوت روحانيتك الكائن في الكون لم يفتح له ميادين الغيوب مسجون بمحيطاته. ومحصور في هيكل ذاته. انت مع الأكوان ما لم تشهد المكون فإذا شهدته كانت الأكوان معك. لا يلزم من ثبوت الخصوصية عدم وصف البشرية إنما مثل الخصوصية كإشراق شمس النهار ظهرت في الأفق وليست مه. تارى تشرق شموس أوصافه على ليل وجودك. وتارة يقبض ذلك عنك فيردك إلى حدودك فالنهار ليس منك إليك. ولكنه وارد عليك دل بوجود آثاره على وجود أسمائه. وبوجود أسمائه على ثبوت أوصافه وبوجود أوصافه على وجود ذاته. إذ محال أن يقوم الوصف بنفسه. فارباب الجذب يكشف لهم عن كمال داته ثم يردهم إلى شهود صفاته ثم يرجعهم إلى التعلق بأسمائه ثم يردهم إلى شهود آثاره. والسالكون على عكس هذا فنهاية السالكين بداية المجذوبين وبداية السالكين نهاية المجذوبين فإن مراد السالكين شهود الأشياء لله ومراد السالكين شهود الأشياء لله ومراد المجذوبين بين شهود تالأشياء بالله المجذوبين والسالكون عاملون على تحقيق الفناء والمحو والمجذومين مسلوك بهم طريق البقاء المجذوبون مسلوك بهم طريق البقاء والصحو لكن لا يمعنى واحد فربما التقيا في الطريق هذا في ترقية وهذا في تدلية لا يعلم قدر أنوار القلوب والأسرار إلا في غيب الملكوت. كما لا تظهر أنوار السماء إلا في شهادة الملك. وجد أن ثمرات الطاعات عاجلاً بشائر العاملين بوجود الجزاء عليها آجلاً كيف تطلب العوض على عمل هو متصدق به عليك أم كيف تطلب الجزاء على صدق هو مهديه إليك قوم تسبق أنوارهم أذكارهم وقوم تسبق أذكارهم وقوم تتساوى إذكارهم وأنوارهم وقوم لا إذ كار ولا أنوار نعوذ بالله من ذلك أنوارهم ذاكر ذكر ليستنير قلبه فكان ذاكراً استنار قلبه فكان ذاكراً والذي استوت إذ كاره وأنواره فبذكره يهتدي وبنوره يقتدي ما كان ظاهر ذكر إلا عن باطن شهود وفكر. أشهدك من قبل أن استشهدك فنعطفت بالهيته الظواهر وتحققت بأحديته القلوب والسرائر. أكرمك ثلاث كرامات جعلك ذاكراً له ولولا فضله لم تكن أهلاً لجريان ذكره عليك وجعلك مذكوراً به إذ حقق نسبته لديك وجعلك مذكوراً عنده ليتم نعمته عليك رب عمر اتسعت آماده وقلت امداده ورب عمر قليلة آماده كثيرة امداده. من بورك له في عمره أذكرك في يسير من الزمن من منن الله تعالى مالا يدخل تحت دوائر العبارة ولا تلحقه الآشارة. الخذلان كل الخذلان أن تتفرغ من الشواغل ثم لا تتوجه إليه وتقل عوائقك ثم لا ترحل إليه. الفكرة سير القلب في ميادين الأغيار الفكرة سراج القلب فإذا ذهبت فلا إضاءة له. الفكرة فكرتان، فكرة تصديق وإيمان وفكرة شهود وعيان، فالأولى لا رباب الاعتبار، والثانية لا رباب الشهود والاستبصار ومما كتب به إلى بعض اخوانه أما بعد فإن البدايات مجلاة النهايات. وأن من كانت بالله بدايته كانت إليه نهايته والمشتغل به هو الذي أحببته وسارعت إليه والمشتغل عنه هو المؤثر عليه. فإن من أيقن أن الله يطلبه صدق الطلب إليه ومن علم أن الأمور بيد الله انجمع بالتوكل عليه وأنه لا بد لبناء هذا الوجود أن تنهدم دعائمه. وأن تسلب كرائمه. فالعاقل من كان بما هو أبقي أفرح منه بما هو يفنى. قد أشرق نوره وظهرت تباشيره فصرف عن هذه الدار مغضياً وأرعض عنها مولياً. فلم يتخذها وطناً ولا جعلها سكناً. بل أنهض الهمة فيها إلى الله وصار فيها مستعيناً به في القدوم عليه. فما زالت مطية عزمه لا يقر قرارها دائماً تسيارها إلى أن أناخت بحضرة القدس وبساط الأنس محل المفاتحة والمواجهة والمجالسة والمحادثة والمشاهدة والمطالعة فصارت الحضرة معشش قلوبهم إليها يأوون وفيها يسكنون. فإن نزلوا إلى سماء الحقوق أو أرض الحظوظ فبالأذن والتمكن والرسوخ في اليقين. فلم ينزلوا إلى الحقوق بسوء الأدب والغفلة ولا إلى الحظوظ بالشهوة والمتعة. بل دخلوا في ذلك بالله ولله ومن الله وإلى الله. وقل رب أدخلتني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق ليكون نظري إلى حولك وقوتك إذا أدخلتني واستسلامي إليك إذا أخرجتني واجعل لي من لدنك سلطاناً نصيراً ينصرني وينصر بي ولا ينصر على ينصرني على شهود نفسي ويفنيني عن دائرة حسي ومما كتب إلى بعضهم أن كانت عين القلب تنظر إلى أن الله واحد في منته فالشريعة تقتضي أنه لا بد من شكر خليقته. وإن الناس في ذلك على ثلاثة أقسام.
غافل منهمك في غفلته قويت دائرة حسه وانطمست حضرة قدسه فنظر الإحسان من المخلوقين ولم يشهد من رب العالمين. أما اعتقادا فشركه جلى. وأما استناداً فشركه خفى. وصاحب حقيقة غاب عن الخلق بشهود الملك الحق وفنى عن الأسباب بشهود مسبب الأسباب. فهذا عبد مواجه الحقيقة ظاهر عليه سناها سالك للطريقة قد استولى علي مداها غير أنه غريق الأنوار ومطموس الآثار قد غلب سكره على صحوه وجمعه على فرقه وفناءه على بقائه وغيبته على حضوره. وأكمل منه عبد شرب فازداد صحوا وغاب فزاداد حضوراً. فلا جمعة يحجبه عن فرقه. ولا فرقة يحجبه عن جمه. ولا فناؤه. عن بقائه بصده ولا بقاؤه يصده عن فنائه يعطي كل ذي قسط قسطه ويوفي كل ذي قسط قسطه ويوفي كل ذي حق حقه. وقد قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه لعائشة رضي الله عنها لما نزلت براءتها من الإفك على لسان رسول الله يا عائشة اشكري رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقالت. والله لا أشكر إلا الله دلها أبو بكر على المقام الأكمل مقام البقاء المقتضي لأثبات الآثار. وقد قال الله تعالى أن اشكر لي ولوالديك. وقال صلوات الله وسلامه عليه لا يشكر الله من لا يشكر الناس وكانت هي في ذلك الوقت مصطلمة عن شاهدها غائبة عن الآثار فلم تشهد إلا الواحد القهار وقال رضي الله نه لما سئل عن قوله صلوات الله وسلامه عليه وجعلت قرة عيني في الصلاة هل ذلك خاص به أم أمر لغيره منه مشرب ونصيب فأجاب أن قرة العين بالشهود على قدر المعرفة بالمشهود فالرسول صلى الله عليه وسلم ليس معرفة غيره كمعرفته وليس قرة عين كقرة عينه وإنما قلنا أن قرة عينه في صلاته بشهوده جلال مشهوده لأنه قد أشار إلى ذلك بقوله في الصلاة ولم يقل بالصلاة إذ هو صلوات الله وسلامه عليه لا تقر عينه بغير ربه وكيف وهو يدل على هذا المقام ويامر به من سواه بقوله. أعبد الله كأنك تراه. ومحال أن يراه ويشهد معه سواه فإن قال قائل قد تكون قرة العين بالصلاة لأنها فضل من عين وبارزه من عين الله فكيف لا يفرح بها وكيف لا تكون قرة العين بها وقد قال سبحانه قل بفضل الله وبرحمته فبذلك انقض فليفرحوا الآية فاعلم أن الآية فاعلم أن الآية قد أومأت إلي الجواب لمن تدبر سر الخطاب وإذ قال فبذلك فليفرحوا وما قال فبذلك فافرح يا محمد قل لهم فليفرحوا بالإحسان والتفضل وليكن فرحك أنت بالمتفضل كما قال في الآية الأخرى. قل الله ثم ذرهم في خوضهم يلعبون الناس في ورود المنن على ثلاثة أقسام فرح بالمنن لا من حيث مهديها ومنشئها ولكن بوجود متعته فيها فهذا من الغافلين يصدق عليه قوله تعالى حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بعنة وفرح بالمنن من حيث شهدها منة ممن أرسلها ونعمة ممن أوصلها يصدق عليه قوله تعالى قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون وفرح بالله ما شغله من المنن ظاهر متعتها ولا باطن منتها بل شغله النظر إلى الله عما سواه والجمع عليه فلا يشهد إلا إياه يصدق عليه قوله تعالى قل الله ثم ذرهم في خوفهم يلعبون. وقد أوحى الله تعالى إلى داود عليه السلام يا داوود قل للصديقين بي فليفرحوا وبذكري فليتنعموا والله تعالى يجعل فرحنا وإياكم به والرضى منه وإن يجعلنا من أهل الفهم عنه وأن لا يجعلنا من الغافلين وأن يسلك بنا مسلك المتقين بمنة وكرمه وقال رضي الله عنه في مناجاته إلهي أنا الفقير في غناي. فكيف لا أكون فقيراً في فقري. إلهي أنا الجاهل في عملي فكيف لا أكون جهولاً في جهلي. إلهي إن اختلاف تدبيرك وسرعة حلول مقاديرك منعاً عبادك العارفين بك عن السكون إلى عطاء واليأس منك في بلاء. إلهي مني ما يليق بلؤمي ومنك ما يليق بكرمك. إلهي وصفت نفسك باللطف والرأفة بي قبل وجود ضعفي أفتمنعني منهما بعد وجود ضعفي، إلهي إن ظهرت المحاسن مني فبفضلك ولك المنة على. وإن ظهرت المساوي مني فبعد لك ولك الحجة علي، إليه كيف تكلني إلى نفسي وقد توكلت لي. وكيف أضام وأنت الناصر لي أم كيف أخيب وأنت الخفي بي ها أنا أتوسل إليك بفقري إليك، وكيف أتوسل إليك بما هو محال أن يصل إليك. أم كيف أشكو إليك حالي وهو لا يخفي عليك. أم كيف أترجم لك بمقالي وهو منك برز إليك. أم كيف تخيب آمالي وهي قد وفدت إليك. أم كيف لا تحسن أحوالي وبك قامت إليك. إلهي ما ألطفك بي مع عظيم جهلي وما أرحمك بي مع قبيح فعلي، إليه ما أقربك مني غافل منهمك في غفلته قويت دائرة حسه وانطمست حضرة قدسه فنظر الإحسان من المخلوقين ولم يشهد من رب العالمين. أما اعتقادا فشركه جلى. وأما استناداً فشركه خفى. وصاحب حقيقة غاب عن الخلق بشهود الملك الحق وفنى عن الأسباب بشهود مسبب الأسباب. فهذا عبد مواجه الحقيقة ظاهر عليه سناها سالك للطريقة قد استولى علي مداها غير أنه غريق الأنوار ومطموس الآثار قد غلب سكره على صحوه وجمعه على فرقه وفناءه على بقائه وغيبته على حضوره. وأكمل منه عبد شرب فازداد صحوا وغاب فزاداد حضوراً. فلا جمعة يحجبه عن فرقه. ولا فرقة يحجبه عن جمه. ولا فناؤه. عن بقائه بصده ولا بقاؤه يصده عن فنائه يعطي كل ذي قسط قسطه ويوفي كل ذي قسط قسطه ويوفي كل ذي حق حقه. وقد قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه لعائشة رضي الله عنها لما نزلت براءتها من الإفك على لسان رسول الله يا عائشة اشكري رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقالت. والله لا أشكر إلا الله دلها أبو بكر على المقام الأكمل مقام البقاء المقتضي لأثبات الآثار. وقد قال الله تعالى أن اشكر لي ولوالديك. وقال صلوات الله وسلامه عليه لا يشكر الله من لا يشكر الناس وكانت هي في ذلك الوقت مصطلمة عن شاهدها غائبة عن الآثار فلم تشهد إلا الواحد القهار وقال رضي الله نه لما سئل عن قوله صلوات الله وسلامه عليه وجعلت قرة عيني في الصلاة هل ذلك خاص به أم أمر لغيره منه مشرب ونصيب فأجاب أن قرة العين بالشهود على قدر المعرفة بالمشهود فالرسول صلى الله عليه وسلم ليس معرفة غيره كمعرفته وليس قرة عين كقرة عينه وإنما قلنا أن قرة عينه في صلاته بشهوده جلال مشهوده لأنه قد أشار إلى ذلك بقوله في الصلاة ولم يقل بالصلاة إذ هو صلوات الله وسلامه عليه لا تقر عينه بغير ربه وكيف وهو يدل على هذا المقام ويامر به من سواه بقوله. أعبد الله كأنك تراه. ومحال أن يراه ويشهد معه سواه فإن قال قائل قد تكون قرة العين بالصلاة لأنها فضل من عين وبارزه من عين الله فكيف لا يفرح بها وكيف لا تكون قرة العين بها وقد قال سبحانه قل بفضل الله وبرحمته فبذلك انقض فليفرحوا الآية فاعلم أن الآية فاعلم أن الآية قد أومأت إلي الجواب لمن تدبر سر الخطاب وإذ قال فبذلك فليفرحوا وما قال فبذلك فافرح يا محمد قل لهم فليفرحوا بالإحسان والتفضل وليكن فرحك أنت بالمتفضل كما قال في الآية الأخرى. قل الله ثم ذرهم في خوضهم يلعبون الناس في ورود المنن على ثلاثة أقسام فرح بالمنن لا من حيث مهديها ومنشئها ولكن بوجود متعته فيها فهذا من الغافلين يصدق عليه قوله تعالى حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بعنة وفرح بالمنن من حيث شهدها منة ممن أرسلها ونعمة ممن أوصلها يصدق عليه قوله تعالى قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون وفرح بالله ما شغله من المنن ظاهر متعتها ولا باطن منتها بل شغله النظر إلى الله عما سواه والجمع عليه فلا يشهد إلا إياه يصدق عليه قوله تعالى قل الله ثم ذرهم في خوفهم يلعبون. وقد أوحى الله تعالى إلى داود عليه السلام يا داوود قل للصديقين بي فليفرحوا وبذكري فليتنعموا والله تعالى يجعل فرحنا وإياكم به والرضى منه وإن يجعلنا من أهل الفهم عنه وأن لا يجعلنا من الغافلين وأن يسلك بنا مسلك المتقين بمنة وكرمه وقال رضي الله عنه في مناجاته إلهي أنا الفقير في غناي. فكيف لا أكون فقيراً في فقري. إلهي أنا الجاهل في عملي فكيف لا أكون جهولاً في جهلي. إلهي إن اختلاف تدبيرك وسرعة حلول مقاديرك منعاً عبادك العارفين بك عن السكون إلى عطاء واليأس
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
قمرالليل
المراقب العام
المراقب العام
قمرالليل


الساعه :
ذكر
عدد المساهمات : 676
مزاجك : ركوب الخيل
تاريخ التسجيل : 19/03/2011
العمر : 46
الموقع : هنا
العمل/الترفيه : !!!
الأوسمه عضو مجلس الإداره

الحكم العطائية Empty
مُساهمةموضوع: رد: الحكم العطائية   الحكم العطائية Icon_minitimeالإثنين يونيو 06, 2011 7:26 pm

إلهي إن اختلاف تدبيرك وسرعة حلول مقاديرك منعاً عبادك العارفين بك عن السكون إلى عطاء واليأس منك في بلاء. إلهي مني ما يليق بلؤمي ومنك ما يليق بكرمك. إلهي وصفت نفسك باللطف والرأفة بي قبل وجود ضعفي أفتمنعني منهما بعد وجود ضعفي، إلهي إن ظهرت المحاسن مني فبفضلك ولك المنة على. وإن ظهرت المساوي مني فبعد لك ولك الحجة علي، إليه كيف تكلني إلى نفسي وقد توكلت لي. وكيف أضام وأنت الناصر لي أم كيف أخيب وأنت الخفي بي ها أنا أتوسل إليك بفقري إليك، وكيف أتوسل إليك بما هو محال أن يصل إليك. أم كيف أشكو إليك حالي وهو لا يخفي عليك. أم كيف أترجم لك بمقالي وهو منك برز إليك. أم كيف تخيب آمالي وهي قد وفدت إليك. أم كيف لا تحسن أحوالي وبك قامت إليك. إلهي ما ألطفك بي مع عظيم جهلي وما أرحمك بي مع قبيح فعلي، إليه ما أقربك مني وما أبعدني عنك. إلهي ما أرافك بي فما الذي يحجبني عنك، إلهي قد علمت باختلاف الآثار وتنقلات الأطوار أن مرادك مني أن نتعرف إلى في كل شئ حتى لا أجهلك في شئ، إلهي كلما أخرسني لؤمي أنطقني كرمك وكلما آيستني أوصافي أطمعتني منتك. إلهي من كانت محاسنه مساوي فكيف لا تكون مساوية مساوي. ومن كانت حقائقه دعاوي فكيف لا تكون دعاويه دعاوي. إلهي حكمك النافذ ومشيئتك القاهرة لم يتركا لذي مقال مقالاً ولا لذي حال حالاً، إلهي كم من طاعة بنيتها وحالة شيدتها هدم اعتمادي عليها عدلك بل أقالني منها فضلك، إلهي أنت تعلم وأن لم تدم الطاعة مني فعلاً جزماً ما فقد دامت محبة وعزماً، إلهين كيف أعزم وأنت القاهر. وكيف لا أعزم وأنت الآمر، إلهي ترددي في الآثار يوجب بعد المزار فاجمعني عليك بخدمة توصلني إليك، إلهي كيف يستدل عليك بما هو في وجوده مفتقر إليك. أيكون لغيرك من الظهور ما ليس بك حتى يكون هو المظهر لك. متى غبت حتى تحتاج إلى دليل يدل عليك. ومتى بعدت حتى تكون الآثار هي التي توصل إليك عميت عين لا تراك عليها رقيباً وخسرت صفقة عبد لم يجعل له من حبك نصيباً، إلهي أمرت بالرجوع إلى الآثار فاجعلني إليها بكسوة الأنوار وهداية الاستبصار حتى أرجع إليك منها كما دخلت إليك منها مصون السر عن النظر إليها ومرفوع الهمة عن الاعتماد عليها إنك على كل شئ قدير، إلهي ها ذلي ظاهر بين يديك. وهذا حالي لا يخفي عليك. منك أطلب الوصول إليك وبك أستدل عليك، فاهدني بنورك إليك وأقلني بصدق العبودية من يديك، إليه علمني من علمك المخزون وصني بسر اسمك المصون، إلهي حققني بحقائق أهل القرب واسلك بي مسالك أهل الجذب، إلهي اغنني بتدبيرك عن تدبيري وباختيارك لي عن اختياري وأوقفني على مراكز اضطراري، إلهي أخرجني من ذل نفسي، وطهرني من شكى وشركى قبل حلول رمسي، بك انتصر فانصرني وعليك أتوكل فلا تكلني وإياك أسأل فلا تخيبني وفي فضلك أرغب فلا تحرمني ولجنابك أنتسب فلا تبعدني وببابك أقف فلا تطردني، إلهي تقدس رضاك أن تكون له علة منك فكيف تكون له علة مني أنت الغني بذاتك عن أن يصل إليك النفع منك فكيف لا تكون غنياً عني، إلهي إن القضاء والقدر غلبني وان الهوى بوثائق الشهوة أسرني فكن أنت النصير لي حتى تنصرني وتنصر بي. واغنني بفضلك حتى أستغني بك عن طلبي. أنت الذي أشرقت الأنوار في قلوب أوليائك حتى عرفوك ووحدوك. وأنت الذي أزلت الأغيار من قلوب أحبابك حتى لم يحبوا سواك ولم يلجؤا إلى غيرك أنت المؤنس لهم حيث أوحشتهم العوالم. وأنت الذي هديتهم حتى استبانت لهم المعالم. ماذا وجد من فقدك وما الذي فقد من وجدك لقد خاب من رضى دونك بدلاً. ولقد خسر من بغي عنك متحولاً إلهي كيف يرجى سواك وأنت ما قطعت الإحسان. وكيف يطلب من غيرك وأنت ما بدلت عادة الامتنان يا من أذاق احباءه حلاوة مؤانسته. فقاموا بين يديه متملقين ويا من ألبس أولياؤه ملا بس هيبته فقاموا بعزته مستغزين. أنت الذاكر من قبل الذاكرين. وأنت البادئ بالإحسان من قبل توجه العابدين وأنت الجواد بالعطاء من قبل طلب الطالبين. وأنت الوهاب ثم أنت لما وهبتنا من المستقرضين، إليه اطلبني برحمتك حتى أصل إليك واجذبني بمننك حتى أقبل عليك، إلهي إن رجائي لا ينقطع عنك وأن عصيتك كما أن خوفي لا يزايلني وإن أطعنك، إلهي قد دفعتني العوالم إليك. وقد أوقفني علمي بكرمك عليك، إلهي كيف أخيب وأنت أملي، أم كيف أهان عليك متكلي، إليه كيف أستعز وأنت في الذلة أركزتني أم كيف لا أستعز وإليك نسبتني، أم كيف لا أفتقر وأنت الذي في الفقر أقمتني.

أم كيف أفتقر وأنت الذي الذي بجودك اغنيتني. وأنت الذي لا اله غيرك. تعرفت لكل شيء فما جهلك شيء وانت الذي تعرفت إلى في كل شئ فرأيتك ظاهراً في كل شئ فانت الظاهر لكل شئ. يا من استوى برحمانيته على عرشه فصار العرش غيباً في رحمانيته كما صارت العوالم غيباً في عرشه محقت الآثار بالآثار.ومحوت الأغيار بمحيطات أفلاك الأنوار. يا من احتجب في سرادقات عزه عن أن تدركه البصار.يا من تجلى بكمال بهائه فتحققت عظمته الأسرار. كيف تخفى وأنت الظاهر أم كيف تغيب وأنت الرقيب الحاضر والله الموفق وبه أستعين
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
قمرالليل
المراقب العام
المراقب العام
قمرالليل


الساعه :
ذكر
عدد المساهمات : 676
مزاجك : ركوب الخيل
تاريخ التسجيل : 19/03/2011
العمر : 46
الموقع : هنا
العمل/الترفيه : !!!
الأوسمه عضو مجلس الإداره

الحكم العطائية Empty
مُساهمةموضوع: رد: الحكم العطائية   الحكم العطائية Icon_minitimeالإثنين يونيو 06, 2011 7:27 pm

تفسير الإمام القشيري لبسملة سورة الفاتحة:

قوله جل ذكره : بسم الله الرحمن الرحيم.
الباء في بسم الله حرف تضمين ، أي بالله ظهرت الحادثات وبه وُجدت المخلوقات ، فما من حادث مخلوق وحاصل منسوق من عين وأثر وغبر وغير من حجر أو مدر ونجم وشجر ورسم وطلل وحكم وعلل __ إلا بالحق وجوده ، والحق مَلِكه ومن الحق بدؤه وإلى الحق عوده ، فبه وَجَد من وحد وبه جحد من ألحد وبه عرف من اعترف وبه تخلف من اقترف.

وقال باسم الله ولم يقل بالله على وجه التبرك بذكر اسمه عند قوم ، وللفرق بين هذا وبين القسم عند الآخرين، ولأن الاسم هو المسمى عند العلماء، ولاستصفاء القلوب من العلائق ولاستخلاص الأسرار من العوائق عند أهل العرفان، ليكون ورود قوله الله على قلب منقى وسر مصفى.

وقوم عند ذكر هذه الآية يتذكرون من الباء بره بأوليائه ومن السين سره مع أصفيائه ومن الميم منته على أهل ولايته ، فيعلمون أنهم ببره عرفوا سره ، وبمنته عليهم حفظوا أمره وبه سبحانه وتعالى عرفوا قدره.
وقوم عند سماع بسم الله تذكروا بالباء (براءة الله سبحانه وتعالى من كل سوء) وبالسين(سلامته سبحانه عن كل عيب) وبالميم (مجده سبحانه بعز وصفه) .

وآخرون يذكرون عند الباء (بهاءه) وعند السين (سناءه) وعند الميم ( ملكه)
انتهى تفسير بسملة الفاتحة.


تفسير بسملة سورة البقرة:

بسم الله الرحمن الرحيم

الاسم مشتق من السمو والسمة فسبيل من يذكر هذا الاسم أن يتسم بظاهره بأنواع المجاهدات ويسمو بهمته إلى محال المشاهدات فمن عدم سمة المعاملات على ظاهره وفقد سمو الهمة للمواصلات بسرائره لم يجد لطائف الذكر عند قالته ولا كرائم القرب في صفاء حالته.
معنى الله : الذي له الإلهية ، والإلهية استحقاق نعوت الجلال فمعنى بسم الله : بسم من تفرد بالقوة والقدرة .
الرحمن الرحيم:
من توحد في ابتداء الفضل والنصرة ، فسماع الإلهية يوجب الهيبة والاصطلام وسماع الرحمة يوجب القربة والإكرام، وكل من لاطفه الحق سبحانه عند سماع هذه الآية رده بين صحو ومحو وبقاء وفناء ،فإذا كاشفه بنعت الإلهية أشهده جلاله فحاله محو، وإذا كاشفه بنعت الرحمة أشهده جلاله فحاله صحو.

أغيب إذا شهدتك ثم أحيا
فكم أحيا لديك وكم أبيدُ!!
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
قمرالليل
المراقب العام
المراقب العام
قمرالليل


الساعه :
ذكر
عدد المساهمات : 676
مزاجك : ركوب الخيل
تاريخ التسجيل : 19/03/2011
العمر : 46
الموقع : هنا
العمل/الترفيه : !!!
الأوسمه عضو مجلس الإداره

الحكم العطائية Empty
مُساهمةموضوع: رد: الحكم العطائية   الحكم العطائية Icon_minitimeالإثنين يونيو 06, 2011 7:28 pm

المريد والسلوك

جمع عبد القادر الجيلي

1408



بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الحمد لله الحمد لله رب العالمين. وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد طب القلوب ودوائها وشفاء الصدور من أعلا لها وعلى آله وصحبه الذين لم يتأخر أحدهم عن مجاهدة النفس إلا وزكاها، لهم السلام والتحية وعليهم الرضى والرضوان وسلم يا مولانا تسليما كثيرا.

المريد السالك

المريد السالك موافق القدرة والإرادة في كل الأحوال.

الطريق

الطريق هو كلمة لا إله إلا الله والعمل بمقتضاها فتلك كلمة الطريق وتلك الكلمة هي كلمة أهل الطريقة ومن أقوال والدنا الشيخ: الطريق محبة واعتقاد لا كد ولا اجتهاد وكم قريب بعيد وكم بعيد قريب وانظر قرب أبا جهل وبعد النجاشي مسافة وقرابة، قرب المسافة وقرابة الرحم، ولكن الله يصطفي من عباده من يشاء وفوق كل ذي علم عليم.

موضوعه

أفعال القلب والحواس من حيث التزكية والتصفية، صفا يصفو سمي الصوفي الإتصاف بكل عمل حميد وترك كل عمل ذميم.

وثمرته تهذيب القلوب ومعرفة علام الغيوب ذوقا ووجدانا، والنجاة في الآخرة والفوز برضاء الله تعالى ونيل السعادة الأبدية، وتنوير القلب وصفاؤه بحيث ينكشف له أمور جليلة ويشهد أحوال عجيبة ويعاين ما عميت عنه بصيرة غيره.

فضله

إنه أشرف العلوم المتعلقة بمعرفة الله تعالى وحبه وهي أفضل العلوم على الإطلاق.

نسبته

إلى غيره من العلوم أنه أصل له شرط إذ لا علم ولا عمل إلا بقصد التوجه إلى الله فنسبته لها كالروح للجسد.

وضعه الله تبارك وتعالى وأوصا رسوله (ص) والأنبياء قبله عليهم السلام بروح الشرائع والأديان المنـزلة كلها، واعلم أن له ثلاثة ألفاظ تشتبه على الجاهل معانيها ويقع اللبس فيها فنبيِّنُها لك حتى لا تقع فيما وقع فيه المفترون، وهي: الشريعة والطريقة والحقيقة.

فالشريعة هي الأحكام المنـزّلة على رسول الله (ص) التي فهمها العلماء من الكتاب والسنة نصاً واستنباطا أعني الأحكام المبينة في علم التوحيد وعلم الفقه وعلم التصوف.

والطريقة هي العمل بالشريعة والأخذ بعزائمها والبعد عن التساهل فيما لا ينبغي التساهل فيه وإن شئت قلت إجتناب المنهيات ظاهرا وباطنا وامتثال الأوامر الإلهية بقدر الطاقة، أو هي اجتناب المحرمات والمكروهات وفضول المباحات وأداء الفرائض وما استطاع من النوافل تحت رعاية عارفٍ بالله من أهل النهايات.

الأصول

1 تقوى الله في السر والعلانية وتتحقق بالورع والاستقامة.

2 اتباع السنة المطهرة في الأقوال والأفعال وتتحقق بالصبر والتوكل.

3 الرضاء عن الله في القليل والكثير ويتحقق بالقناعة والتفويض.

4 الرجوع إلى الله في السراء والضراء ويتحقق بالشكر في السراء والإلتجاء في الضراء واستمداده من كتاب الله وسنة رسوله الأعظم (ص).

الصبر على الطاعة والصبر عن المعصية، فللقلب آفاته وأمراضه فلا بد للمريد من مربي وطبيب للروح كما و أن للجسد طبيبه فإن للروح طبيبها، إذاً لا بد للمريد من أستاذ مربي شيخا عارفا بالله.

يقول عبد الواحد بن عاشر الفقيه المالكي:

واصحبنَّ شيخاً عارف المسالك يقيك في طريقك من المهالك

يذكرك الله من راه ويوصل العبد إلى مولاه

وقال بعض أسيادنا الصوفية رضي الله عنهم: المشايخ على ثلاثة أصناف شيخ تعليم وشيخ تربية وشيخ إفادة وترقية.

فشيخ التعليم يحتاج إلى ثلاثة أشياء: عقل رجيح وعلم صحيح ولسان فصيح. فبالعقل يهتدي وبالعلم يقتدي وبالفصاحة يبين ومتى بطل واحد فلا عبرة به.

وأما شيخ التربية يحتاج إلى ثلاثة أمور: العمل الثابت والذهن الثاقب والسياسة التامة فبالعمل يهتدي، وبالذهن يدرك الكمائن من النفوس وغيرها، وبالسياسة يتصرف ويضع كل شيء في محله ولا يخرج شيئا عن وقته.

وأما شيخ الإفادة والترقية فعلامته ثلاثة: كلامه ممزوج بنور معرفته، وحركاته مؤثرة بوجود رؤيته، وإمداده واصل بقدر رؤيته وصحبته.

قال بعضهم: لا تصحب من يؤثر نفسه عليك فإنه لئيم ولا من يؤثرك على نفسه فإنه قلما يدوم، واصحب من إذا رؤي ذكر الله برؤيته والله يغني به إذا شُهد وينوب عنه إذا فقد، وسبب ذلك أن عليه سمات من الله ظاهرة قد علاهم بها القرب ونور الجمال وهيبة الكبرياء وأنس الوقار، فإذا نظر إليهم ذُكر الله لما يرى من آيات الملكوت عليهم، فإن القلب معدن هذه الأنوار ومستقرها وقد شرب الوجه من ماء القلب فظهر أثره فيه وعلا بسبب ذلك بهاء وجمال، وقال صاحب الحكم: لا تصحب من لا ينهضك حاله ولا يدلك على الله مقاله، ولإن تصحب جاهلا لا يرضى عن نفسه ويظن في نفسه التقصير والذل والإنكسار خير من أن تصحب عالماً يرضى عن نفسه.

وقال بعضهم:

خذ ممن نفسه مسايسه إذ النفس في هذا الزمان آيسه

واعلم أن طريق القوم دارسه وحال من يدعيها اليوم كيف يرى

حقق ودققق ممن يكن فطن لأن بالعلم كل العيب مستور

واعلم أنه لا بد للمريد من صحبة شيخ محقق مرشد قد فرغ من تأديب نفسه، فليسلم نفسه إليه وليلزم طاعته والانقياد له في كل ما يشير به عليه من غير ارتياب ولا تأويل ولا تردد.

وصحبة الشيخ العارف بالله نعمة عظيمة من الله لك أيها المريد ولا بد مثل هذه الصحبة شيخا يأخذ بيدك إلى بر الأمان، فمن جعل شيخه كتابه أضل الله صوابه، فالكتاب ليس بشيخ، بل هو أنيس وحدة وهو ما نقل المشايخ إن كان فقها أو تفسيرا أو نحوه، ولكن قراءة مثل هذه الكتب بدون الاستاذ العارف بها تكون هناك مشكلة للقارئ، وقد قيل خير العلم وأنفعه ما نقل من صدور الرجال كابراً عن كابر.

وأخذ العهد من شيخ عارف بالله، دليل على رغبتك أيها المريد في السلوك والسير والشيخ العارف بالله خبير بعيوب النفس وأمراضها ومداواتها حتى يتم الشفاء من أمراض القلوب والنفس والشيخ هو طبيب الروح ومربيها ومرشدها وهو بمثابة الوالد كما أن للجسم من والدٍ مربي، كذلك الروح إن لم تجد المربي المؤدب لها تسير يمين وشمال بدون لجام ولا راعي وموجه، والعارف بالله بصير بالروح والنفس وهو يتلقى دائما من الله الفيوضات والمدد والشيخ العارف بالله أمين الإلهام ومقتدي بالكتاب والسنة المطهرة والشرع القويم في كل الأمور، وللروح مراحل تمرُّ بها والشيخ العارف بالله يعرف هذه المراحل فيكون مراقباً لهذا المريد يدعوا الله له ويرشده بحسب حاله. قال تبارك وتعالى #64831; إنما يخشى الله من عباده العلماء #64830;، فالمشايخ هنا الذين عرفوا الله حق معرفته حتى وصلوا مقام الخشية والخوف من الله تعالى والرجاء منه. فكن أيها المريد مع هؤلاء القوم واسلك الطريق القويم على أيديهم تفوز يوم البعث والناس في أشدهم وأنت على أعلى الدرجات، والشيخ الواصل السالك العارف بالله هو دليل الطريق وخبيره ومثلك مع الشيخ كمن تاهٍ في الأرض لا يعرف أين الطريق الذي يوصله إلى أهله ووطنه فتحير وحار به الدليل فلا بد له أن يسأل أهل هذه المنطقة فيدلوه على الطريق والشيخ حين أخذك العهد منه كمن تسأل أين الطريق الموصل إلى الله فيقول لك اسلك كذا كذا تصل إن شاء الله. فهم الوسيلة وبهم المريد يرتقي ويملك بجاههم عند الله زمام النفس الهالكة. والشيخ العارف بالله يأخذ بيدك إلى برِّ الأمان وإلى طريق الفوز والنجاة والشيخ العارف بالله مقتدي برسول الله (ص) في جميع أحواله:

وكلهم من رسول الله ملتمس غرفا من البحر أو رشفا من الديم.

فمن هنا يتبين لنا أنه لابد من الشيخ المرشد المعالج والراشد إلى طريق الله عزوجل، فيتبعه المريد الراغب لطريق الهدى ويسير بسيره ويسلك الطريق على يديه.

والطريق هو هذه الكلمة العظيمة كلمة الحق كلمة الصدق كلمة اليقين والعروة الوثقى، القول الفصل، كلمة السكينة، كلمة الإيمان، كلمة التقوى، كلمة الإحسان، كلمة الإسلام، كلمة لا إله إلا الله محمد رسول الله والعمل بمقتضى الكلمة قولا وفعلا قلبا وقالبا وطريق الصوفية هو الإستسلام لله بالجوارح والانقياد له بالطاعة وقصدي بصحبة الشيخ أي أخذ العهد منه ومبايعته على السير قدما في الطريق المستقيم. قال تعالى #64831; واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا #64830;، وقال تعالى #64831; إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجراً عظيما #64830; والشيخ العارف بالله مقتدي برسول الله (ص) في السير إلى الله على طريق الهدى والنور الذي ارتضاه الله تبارك وتعالى وأمر العباد بسلوكه حتى يحصل لهم رضاه والقرب منه جل في علاه قال (ص): (والذي نفس محمد بيده لئن شئتم لأقسمنَّ لكم أن أحب عباد الله إلى الله الذين يحببون الله إلى عباده ويحببون عباد الله إلى الله ويمشون على الأرض بالنصيحة).

ورتبة الشيخ من أعلى رتب التصوف ونيابة النبوة بالدعوة إلى الله والشيخ يسلك بالنفس طريق التزكية، وإذا تزكت النفس انجلت مرآة القلوب وانعكست فيه أنوار المعرفة والعظمة الإلهية ولاح جمال التوحيد قال تعالى #64831; قد أفلح من زكاها #64830;. وقال تعالى #64831; أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتدي #64830;، وفي هذا المعنى يقول شيخ الطائفة الصوفية الإمام الجنيد (رضى): من سنة الله في أزله أن لا يجد السبيل إليه إلا من قيض الله له أستاذا عارفاً فيسوقه إلى مناهج عبوديته ومعارج روحه وقلبه إلى مشاهدة ربوبيته ويكون واسطة بينه وبين الله فإن لم يجده فأخاً صالحا يجعله رقيبا على أحواله وأعماله فإن لم يجدهما فليتعرف أحواله من أعدائه ومن مخالطة الناس إذ يطلع بذلك على مساويه فيتنـزه في نفسه فإن المؤمن مرآه أخيه المؤمن، فعلى المريد الطالب طريق الحق والرشد ملازمة مجالس الذكر وحضور مجتمعات الخير والدروس وصلاة الجماعة مع جموع المسلمين فذلك أنفع لروحه وغذاء لها وقوة على الغفلة والوسواس إذ أن العزلة لا تكن للمريد إلا بأمر الشيخ لأن الشيخ يعرف ما لهذا المريد خير ونفع له في دينه وخلقه ومراقبته، ففي العزلة سلامة لأهل النهايات، أما المبتدئ فعليه لزوم الجماعة والمجالسة لأهل الذوق والإرشاد.

قال بعضهم:

إن التصوف علم ليس يدركه

إلا ذكي الحجا بالجود موصوف

يرضى القليل من الدنيا ويبذله

عند الوجود بتقوى الله معروف

فهذا حال المريد الراغب المشمر عن ساعد الجد والاجتهاد فهنيئا له هذا المسلك العظيم الذي يجد فيه المريد التزكية والصفا من الأكدار وإتباع الحق والدين وخشوع القلب لله رب العالمين وطلب المدد من الله والغوث والعون فالأمر كله بيد الله تعالى ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
قمرالليل
المراقب العام
المراقب العام
قمرالليل


الساعه :
ذكر
عدد المساهمات : 676
مزاجك : ركوب الخيل
تاريخ التسجيل : 19/03/2011
العمر : 46
الموقع : هنا
العمل/الترفيه : !!!
الأوسمه عضو مجلس الإداره

الحكم العطائية Empty
مُساهمةموضوع: رد: الحكم العطائية   الحكم العطائية Icon_minitimeالإثنين يونيو 06, 2011 7:29 pm

التصوف

التصوف هو الإتصاف بكل عمل حميد وترك كل عمل ذميم وإن شئت قلت هو صفاء النية فيظهر ذاك الصفاء على الأخلاق والسلوك وفي هذا يقول سيدي الجنيد (رضى): أن يميتك الحق عنك ويحييك به. وقال أيضا أن تكون مع الله بلا علاقة. وقيل: الدخول في كل خلق سني والخروج من كل خلق دني. وقيل أيضاً: هو أخلاق كريمة ظهرت في زمان كريم مع قوم كرام. وقيل: أن لا تملك شيء ولا يملكك شيء. وقيل: هو استرسال النفس مع الله على ما يريد مولانا. وقيل أيضاً: التصوف مبني على ثلاثة خصال: التمسك بالفقر والافتقار، والتحقق بالبذل والإيثار، وترك التدبير والإختيار. وقيل: الأخذ بالحقائق واليأس مما في أيدي الخلائق.

يقول ابن عجيبة: الصوفي الصادق علامته أن يفتقر بعد الغنى ويذل بعد عز ويخفى بعد شهرة. و قال أبو حمزة البغدادي: الصوفي الكاذب أن يستغنى بعد الفقر ويعز بعد الذل ويشتهر بعد الخفاء.

وقيل: الصوفي كالأرض يوضع عليه كل مليح وقبيح ولا يخرج منه إلا كل مليح.

وقيل: من أقبح كل قبيح صوفي شحيح. وقال الشبلي (رضى): الصوفي منقطع عن الخلق متصل بالحق لقوله تعالى #64831; واصطنعتك لنفسي #64830;.

وقال زروق: قد حوا التصوف ورسم وفسر بوجوه نحو ألفين ترجع كلها إلى الصدق التوجه إلى الله تعالى وإنما هي وجه فيه

تخالف الناس في التصوف واختلفوا جهلاً وظنوا أنه مشتق من الصوفِ

ولست أمنح هذا الإسم إلى فتى صافي فصوفي حتى سمي الصوفي

وهذا العلم دال بأوله على خشية الله تعالى وبوسطه على معاملته وبآخره على معرفته والإنقطاع إليه تعالى. وفي هذا يقول الجنيد (رضى): لو تعلم أن تحت أديم السماء أشرف من هذا العلم الذي تتكلم فيه مع أصحابنا لسعيت إليه.

وكل من صدق بهذا العلم فهو من الخاصة وكل من فهمه فهو من خاصة الخاصة. وكل من عبر عنه وتكلم فيه فهو النجم الذي لا يدرك والبحر الذي لا ينـزف. وقال بعضهم: إذا رأيت من فتح له في التصديق بهذه الطريقة فبشره، وإذا رأيت من فتح له في فهمه فاغتبطه، وإذا رأيت من فتح له في النطق فيه فعظمه، وإذا رأيت منتقد عليه ففر منه فرارك من الأسد واهجره، وما من علم إلا وقد يقع الإستغناء عنه في وقت ما، إلا علم التصوف فلا يستغنى عنه أحد في وقت من الأوقات.

قال الشيخ زروق: أن نسبة التصوف من الدين نسبة الروح من الجسد لأنه مقام الإحسان الذي فسره النبي (ص) لجبريل عليه السلام بأنه: أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك، إذ لا معنى له سوى ذلك، ومراده هو مراقبة بعد مشاهدة أو مشاهدة بعد مراقبة وإلا لم يقم له وجود ولم يظهر له موجود فافهم أرشدك الله.

أحوال الصوفي

قال الشيخ زروق في بعض شروحه (رضى): ولما كان علم التصوف إنما هونتائج الأعمال الصحيحة وثمرات الأحوال الصافية.

من عمل بما علم أورثه الله علم ما لم يعلم، بدءا بالكلام على العمل فقال: من علامة الإعتماد على العمل نقصان الرجاء عند وجود الزلل. إذ أن الإيمان ما وفقر في القلب ونطق به اللسان وصدقه العمل. واصلاح الجوارح بثلاثة أمور: التوبة والتقوى والإستقامة. وإصلاح القلوب بثلاثة أمور: الإخلاص والصدق والطمأنينة. وإصلاح السرائر بثلاثة أمور: المراقبة والمشاهدة والمعرفة.

أو تقول إصلاح الظواهر بإجتناب النواهي وامتثال الأوامر وإصلاح الضمائر بالتخلي من الرذائل والتحلي بأنواع الفضائل، والسرائر هنا الأرواح بذلُّها وانكسارها حتى تتهذب وترتاض بالأدب وحسن الخلق والتواضع.

ولا بد للمريد الراغب للسلوك إتباع الشريعة قولا وفعلا ثم ينتقل إلى الحقيقة عن طريق العارف بالله وما نراه اليوم من حال الناس حين إلى التصوف بالقول لا بالفعل وبزي الظاهر لا بزي الباطن بل يجتهدون في إعمار الظاهر سواءا كان لباسا أو حلاوة اللسان بالكلام وهو ألد الخصام ولا عجب من أهل هذا الزمان إن كان ذلك المبتدع منسوب لشيخ كإبن، ومن نسب نفسه لشيخا بطريق أو بآخر ظان أن انتسابه لذلك الشيخ ستغني عنه شيئا هيهات هيهات...

ليس التصوف لبس صوف ترقعه ولا بكاؤك إن تغنى المغنونا

ولا صياح ولا رقص ولا طرب ولا اختباط كأن قد صرت مجنونا

بل التصوف أن تصفو بلا كدر وتتبع الحق والقرآن والدينا

وإن ترى خاشعا لله مكتئبا على ذنبك طول الدهر محزونا

ونجد في كتاب الله ما يصدق ذلك القول في قوله تعالى #64831; ولا تزر وازرة وزر أخرى #64830;. #64831; وأن ليس للإنسان إلا ما سعى وأن سعيه سوف يُرى #64830;.

فلا بد لك أيها المريد أن تركن ويكون منهجك الشريعة المطهرة وأن تكون أعمالك موافقة للشريعة الغراء نصاً واستنباطاً، فإن الشريعة هي الحد القاطع والسيف اللامع لعصمتها، وفي هذا يقول المصطفى (ص) ( تركتكم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك ). وفي حديث المصطفى (ص) ( تركت فيكم ما أن تمسكتم به لن تضلوا كتاب الله وسنتي ).

يقول سيدي إبراهيم الدسوقي (رضى): من أحب أن يكون صادقا في إرادته وجميع أعماله وأقواله فليحبس نفسه في قمقم الشريعة المطهرة وليختم عليه بخاتم الحقيقة وليقتل نفسه بسيف المجاهدة وتجرع المرارات.

قال الإمام عبد الكريم القشيري رحمه الله تعالى: اعلموا رحمكم الله إن شيوخ هذه الطائفة بنوا قواعدهم على أصول صحية في التوحيد صانوا بها عقائدهم عن البدع ودانوا بما وجدوا عليه السلف وأهل السنة من توحيد ليس فيه تمثيل ولا تعطيل وعرفوا ما هو حق القدم وتحققوا بما هو نعت الموجود عن العدم.

ولذلك قال سيد هذه الطائفة سيدي الجنيد (رضى): التوحيد هو إفراد القدم من الحدث. واحكموا أصول العقائد بوضع الدلائل ورائع الشواهد، كما قال أبو محمد الجريري رحمه الله: من لم يقف على علم التوحيد بشاهد من شواهده زلت به قدمه الغرور في مهواة من التلف، يريد بذلك أن من الركن أو التقليد ولم يتأمل دلائل التوحيد سقط عن سنن النجاة ووقع في أسر الهلاك.

ومن تأمل ألفاظهم وتصفح كلامهم وجد في مجموع أقاويلهم ومتفرقاتها ما يثق بتأمله بأن القدم لم يقصر، وفي التحقيق والمعرفة والغوص في المعاشر الدقيقة وتمام المعرفة.

ومن أقوالهم: حظ النفس في المعصية ظاهر جلي وحظها في الطاعة باطن خفي ومداواة ما يخفى صعب علاجه وقالو أيضا تمكن حلاوة الهوى من القلب هو الداء العضال وقالوا أيضا رضي الله عنهم أجمعين لايخرج الشهوة من القلب إلاخوف مزعج أو شوف مقلق فمداوات الأمراض الظاهرة التزام التوبة والتقوى والإستقامة فإن صعب عليه فاليلزم حمية الشيخ العارف بالله ومداومة الجلوس بين يديه أو تكرارالمعن إليه فإن النظر إليه ترياق فإن صحبه ولم يشف من مرض فاليعلم أن صدقه قليل فإن الشيخ إذا كان له نور يمشي به في الناس جامعا بين سلوك وجذب لايمكن أن يصحبه العليل بالصدق ولم يشفى من ساعته.

وقال بعض الصالحين طريقتنا كالسكين وهذا تشبيه لقطعه كل ماهو خارج عن الشريعة والطريقة والحقيقة فعلى المريد الإقبال على الشيخ بكليته وحسن صحبته ويترك حظوظ النفس وإتباع الهوى والرضى عليه وأنشدوا:

تذلل لمن تهو فليس الهوى سهل إذا رضى المحبوب صح لك الوصل

تذلل له تحظى برؤيا جماله ففي وجه من تهوى الفرائض والنفل

ثم إن الإقامة على دوام الأوراد وهي خدمة الجوارح والإنتقال منهاإلى عمد القلوب من شأن أهل المحبة والمعرفة. قال بعضهم:

قوم أقامهم الحق لخدمته وقوم اختصهم بمحبته، #64831; كلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وما كان عطاء ربك محظورا #64830;. قال صاحب الحكم: العباد المخصصون بالعناية على قسمين قسم وجههم الحق لخدمته وأقامهم قيمها وهم أنواع فمنهم من انقطع في الفيافي والقفار لقيام الليل وصيام النهار، وهم العباد والزهاد، ومنهم من وجهه الحق لإقامة الدين وحفظ لشرائع المسلمين، وهم العلماء والصلحاء، ومنهم من أقامه الحق لنصرة الدين وإعلاء كلماته وهم المجاهدون في سبيل رب العالمين، ومنهم من أقامه الحق لتمهيدالبلاد وتسكين العباد، وهم الأمراء والسلاطين.

قال سيدي إبراهيم بن أدهم لرجل في الطواف يعظه: اعلم أنك لا تنال درجة الصالحين حتى تجوز ست عقبات: أولها تغلق باب النعمة وتفتح باب الشدة، والثانية تغلق باب العز وتفتح باب الذل، والثالثة تغلق باب الراحة وتفتح باب الجهد، والرابعة تغلق باب الغنى وتفتح باب الفقر، والخامسة تغلق باب النوم وتفتح باب السهر، والسادسة تغلق باب الأمل وتفتح باب الاستعداد للموت.

ومثل هذه الموعظة تجدها كثيرة في كتب القوم وكلها لها أصل من الكتاب والسنة وأقوال السلف الصالح وخير التابعين.

وشرحاً لما تقدم من كلام سيدي ابراهيم بن أدهم (رضى) في أول نصائحه للفقير، نصحه بإغلاق باب النعمة وفتح باب الشدة فنقول: الدنيا وضعها ربنا تبارك وتعالى في كتابه العزيز #64831; وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور #64830; وفي موضع آخر وصف الدنيا بأنها لعب ولهو وزينة وتفاخر وطول الأمل يعني التكاثر، ووصفها ربنا تبارك وتعالى كمثل غيث أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يكون حطاما.

فيشير الشيخ للمريد بأن يسد باب النعمة ويفتح باب الشدة فالدنيا ليست بنعمة وإنما النعمة هي العمل الصالح في الحياة، وفي الحديث ( اخشوشنوا فإن النعم لا تدوم ) والشدة المقصودة هي مكابدة الليل بالعبادة والنهار بالمراقبة فتورث الصبر والتحمل، وإن شئت قلت إنما بصبرهم على البلايا واردات العطايا، وإن شئت قلت إنما يقويهم على حمل أقداره شهود حسن اختياره.

ولعلمهم أنه ما نزل قدر إلا سبقه لطف وحكمة فلذلك صبروا على الشدة حتى مقام حمل الأسرار ولعلمهم بوجود علمه ولطفه ونصره وعونه.

وأما باب الذل بعد العز فعلموا أن ليس في الدنيا عز إنما العز عز الدين والآخرة وتحققوا بقول الله تعالى #64831; فإن العزة لله جميعا #64830;، فلا يطلبوا عزة الدنيا بل يطلبوا عزة الدين، وفي هذا أرشدنا أمير المؤمنين عمر بن الخطاب (رضى) في قوله: لئن ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله (أي الدين) وتمام قوله كنا أذل قوم فأعزنا الله بالإسلام فإن ابتغينا العزة بغير الإسلام أذلنا الله.

وحديث أمير المؤمنين عمر بن الخطاب يرشدنا إلى حقيقة عظمة العزة هي عزة الدين والعمل بكتاب الله وسنة رسوله (ص) فمن ابتغى العزة بغير الإسلام أذله الله وكان من الخاسرين.

ويرشدنا سيدي إبراهيم بن أدهم (رضى) في نصحه للفقير أن يسد باب الراحة ويفتح باب الجهد فنقول أي راحة هذه ينشدها الإنسان، راحة البدن أم راحة البال، ففي كل يسأل الله الإنسان، فحياة المسلم كلها جد واجتهاد في بدنه وروحه، وأوامر الإسلام بالنسبة لعمل البدن فهي أعمال فيها صحة ورياضة لهذا البدن الذي خلقه الله ويعلم مولانا ما له وما عليه فكلفه بأعمال بدنية كالصلاة والصيام والحج تزكية لهذا البدن وعافية له وخير، وهناك الإجتهاد الباطني وهنا يرشدنا الشيخ إلى الإجتهاد.

قال سيدي أبو علي الدقاق (رضى): من زين ظاهره بالمجاهدة زين الله باطنه بالمشاهدة ومن لم يجاهد نفسه في بدايته لا يشم من الطريق رائحة، لأن من خصائص طريق أهل الله تعالى أن العبد إذا لم يعطي الطريق كله لا تعطه الطريق بعضها.

وفي هذا المعنى يقول سيدي أبوعثمان المغربي (رضى): من ظن أنه يفتح عليه بشيء من هذه الطريق بغير مجاهدة فقد رام المحال.

ويقول أيضا أسيادنا من لم يكن له في بدايته قومة لم يكن له في نهايته جلسة.

جزى الله خيرا أسيادنا هم يريدوا بهذه المعاني التحمل بأن يغلقوا باب الراحة ويفتحوا باب الشدة والمجاهدة أخف عليهم من احتمال الغفلة عن الله لأن الغفلة أكبر داء. ولأن الغفلة فيها ضرر وتبعد المريد عن الله وعن الدين.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
قمرالليل
المراقب العام
المراقب العام
قمرالليل


الساعه :
ذكر
عدد المساهمات : 676
مزاجك : ركوب الخيل
تاريخ التسجيل : 19/03/2011
العمر : 46
الموقع : هنا
العمل/الترفيه : !!!
الأوسمه عضو مجلس الإداره

الحكم العطائية Empty
مُساهمةموضوع: رد: الحكم العطائية   الحكم العطائية Icon_minitimeالإثنين يونيو 06, 2011 7:30 pm

بيت الولاية قسمت أركانه ساداتنا فيه من الأبدال

ما بين صمت واعتزال دائما والجوع والسهر النـزيه الغالِ

ويرشدنا الشيخ إلى سد باب الغنى وفتح باب الفقر فحب الدنيا رأس كل خطيئة والزهد هو الصواب لمن عرفها وابتعد عنها وغرورها.

يقول الإمام علي (رضى):

فعش قانعا إن القناعة للفتى

غنى وهذا مقتضى ما أشيره

وإن الغنى غنى النفس والمريد الصادق غني بالله تعالى فهو تعالى غني عن كل ما سواه ومفتقر إليه كل ما عداه. ومن دعاء المصطفى (ص): ( اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة ).

يقول سيدي محي الدين بن العربي (رضى): الناس تقضى حوائجهم بالحرص فيها والجري عليها، ونحن تقضى حوائجنا بالزهد فيها والاشتغال بالله عنها. أ.ه.

وأهل الصفة تخلقوا من أخلاق الرسول الأعظم (ص)، فهو (ص) أكمل الناس زهداً وورعا وخوفاً ورجاءً وجداً وتوكلاً ورضاءً وتسليماً ومحبة ورحمة وشفقة وحلم وكرما وشجاعة وكمال المعرفة، وقد نزل في حقهم قوله تعالى #64831; واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه #64830;.

يقول سيدي ابن عجيبة (رضى) في وصف أهل الصفة أنهم تركوا الدنيا لأهلها وانقطعوا إلى الله بالكلية وقد فهموا ذلك من مطلوبات الشرع ومقتضياته إذ قد سمعوا كلام ربهم وأحاديث نبيهم (ص) في ذم الدنيا والإشتغال بها ومدح التفرغ للعبادة والإجتهاد فيها وما أعد الله فيها للزاهدين والقانتين فتركوا الأسباب التي هي شريعة الضعفاء بالتجريد الذي هو شريعة الأقوياء وحقيقة الأصفياء.

قد خرجوا لله عما اكتسبوا فكل صوفي إليهم ينسب

وأهل الصفة في الحقيقة كانوا أصحاب أموال وتجارة فلما هاجروا إلى المدينة تركوا كل ذلك ابتغاء مرضات الله فبنى لهم رسول الله (ص) صفة في طرف المسجد فنـزلوا فيها يصلون بالليل ويصومون النهار ويجاهدون مع رسول الله (ص) في أول الجيش، فقتل أكثرهم ومن بقي منهم بعد الرسول (ص) جاءته الدنيا، فمنهم من لم يقبلها ولم يأخذ منها شيئا كأبي ذر الغفاري وأبو الدرداء وأبو عبيدة ومعاذ وغيرهم ممن لا يحصى، ومنهم من أخذها بالله ودفعها لله فكان فيها كالأمين على مال مولاه يقوم فيها بواجب الحقوق دون تقصير، وكذلك سار على النهج الصوفية المحققون لا يملكون مع سيدهم شيئا ولا يملكهم شيء، فهذا نهج القوم في هذه الحياة عرفوا الله حقيقة المعرفة وساروا على نهجه وطريقه القويم ومن عرف القديم عرف الحادث، ووقفوا لذكر الله فكابدوا الليل بالسهاد وأسهروا العين في طاعة مليكهم وقصروا الأمل في الدنيا واشتغلوا بالله ولازموا ذكره ومراقبته، فلا الغفلة تجد لهم طريق ولا طول الأمل تجد طريقة إليهم، فقلوبهم عامرة بالله الواحد القهار.

ويرشد الشيخ إلى إغلاق باب النوم وفتح باب السهر لأن كثرة النوم مضيعة للوقت وقسوة للقلب فمن كثر أكله كثر شربه ومن كثر شربه كثر دمه ومن كثر دمه كثر نومه وقسى قلبه فكل عمل يجعل القلب ذو طبيعة لينة تجد القوم يسارعون إليه، لهذا يغلقوا باب النوم ويفتحوا باب السهر بالمجاهدة والمراقبة.

ويرشدنا الشيخ سيدي ابراهيم بن أدهم (رضى) إلى طول الأمل وهو من داء القلوب الذي تكلم العارفون فيه كثيرا، وطول الأمل في الدنيا يفقد القلب اليقين والتوكل، وطول الأمل يدخل في آفات النفس، فلك أيها المريد ساعتك التي أنت فيها ليس ما فات وما آت وما عند الله خير للأبرار.

القلب

قال الله تعالى #64831; يوم لا ينفع مال ولا بنون، إلا من أتى الله بقلب سليم #64830; وقال تعالى #64831; وإن من شيعته لإبراهيم، إذا جاء ربه بقلب سليم #64830;.

ومن دعاء رسول الله (ص): ( يا مقلب القلوب والأبصار ثبت قلبي على دينك ).

وقالوا للقلب معنيان، أحدهما اللحم الصنوبري الشكل المودع في الجانب الأيسر من الصدر للبهائم أيضا بل للميت كذلك، وثانيهما لطيفة ربانية روحانية لها تعلق بالقلب الجسماني كتعلق الأعراض بالأجسام والأوصاف بالموصوفات وهو حقيقة الإنسان والمعنى المراد كلما ذكر القلب في القرآن والسنة وإلى هذا المعنى أشار الله تعالى بقوله #64831; إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد #64830; فهو النور الأزلي والسر العلي المنـزل في عين الأكوان لينظر الله تعالى به للإنسان ويعبر عنه في الكتاب بروح الله المنفوخ في روح آدم حيث قال تعالى #64831; ونفخت فيه من روحي #64830; ويسمى هذا النور بالقلب لمعانٍ منها أنه لبابة المخلوقات وزبدة الموجودات جميعها فسمي بهذا الإسم لأن قلب الشيء خلاصته وزبدته ومنها سريع التقلب ذلك لأنه نقطة يدور عليها محيط الأسماء والصفات ومنها أن القلب لحقائق الوجود كالمرآة للوجه، ولما كان العالم سريع التغير في كل نفس انطبعت صورته في القلب فهو كذلك سريع التغير، وقيل كذلك أن العالم هو مرآة القلب وليس العكس، فالأصل هو القلب والفرع هو العالم ولهذا قال الله تعالى #64831; ما وسعني أرض ولا سماء ولكن وسعني قلب عبدي المؤمن #64830; ولوكان العالم هو الأصل لكان أولى بالوسع من القلب، فعلم أن القلب هو الأصل وأن العالم هو الفرع وهذا الوسع على ثلاثة أنواع: الأول وسع العلم، وذلك هو المعرفة بالله.

والثاني هو وسع المشاهدة، وذلك هو الكشف الذي يطلع القلب به على محاسن جمال الله تعالى.

والثالث هو وسع الخلافة، وهو التحقق بأسمائه وصفاته حتى يرى أنه ذاته فتكون هوية الحق عين هوية العبد فيصرف في الوجود تصرف الخليفة في ملك المستخلف، وهذا هو وسع المحققين وأرباب القلوب هم أصل الحقائق من المريدين والعارفين والمحققين وأهل المجاهدات والرياضات وأهل القرب بأنواع الطاعات ظاهراً وباطناً.

آداب المريد

قال سيدي العارف بالله الشيخ عبد المحمود نور الدائم (رضى): حقيقة الأدب إجتماع خصال الخير وارتكاب المستحسن من الأقوال والأفعال.

قال (ص): إن الله عزوجل أدبني فأحسن تأديـبي.

قال أبو علي محمد عبد الوهاب الثقفي (رضى): من لم يأخذ أدبه من آمر له وناهٍ يريه عيوب أفعاله ورعونات نفسه لا يجوز الإقتداء به في تصحيح المعاملات.

وقال سيدي يوسف بن الحسين المرازي (رضى): بالأدب يفهم العلم وبالعلم يصح لك العمل وبالعمل تنال الحكمة وبالحكمة تغنم الزهد وبالزهد تترك الدنيا وبترك الدنيا ترغب الآخرة وبالرغبة في الآخرة تنال رضاء الله عزوجل.

وقال أبوعلي الدقاق (رضى): يصل العبد بطاعته إلى الجنة وبأدبه في الطاعة إلى الله عزوجل.

واعلم أن للمريد آدابا في نفسه ومع شيخه وإخوانه والعامة ولنختصر على البعض منها أما آدابه في نفسه أن يكون ناهض الهمة صادق العزم زائد الحزم قوي الجد كامل الوجد محافظ على السنن والنوافل وأن يسد على نفسه باب مراعاة الخلق فلا يلتفت لأحد من المخلوقين أقبل كله أو أدبر، وأن يوبخ نفسه وأن يحتمها على السير وكلما تعبت عن العبادة يقول لها راحتك الآخرة، وأن يكابد خواطره ويعالج أخلاقه الذميمة كالعجب والرياء والغضب وعز النفس وأن لا يستبطئ الفتح بل يعبد الله لوجهه الكريم فتح عليه أم لا.

قال سيدي محي الدين بن العربي (رضى): إياك أن تترك المجاهدة إن لم ترى أمارة الفتح بعدها، ففي هذا أمر لازم لابد منه ولكن للفتح وقت لا يتعداه، فلا تتهم ربك فإنه لابد لأعمالك من ثمرة إن كنت مخلصا.

ومن الآداب أن يخفي أعماله وأحواله ما أمكن حتى يرسخ، وأن لا يترفه في الأكل والمشرب والملبس والمركب مادام سالكا إلا عند ضرورة، وأن لا يلهج بغير ذكر الله عز وجل في أوقاته ولا يجيب قط من عدله إلى غيره من زوائد العلوم ونوافل العبادات، فإن ذكر الله لا يقبل الشراكة لكل شئ أشركه المريد معه يتخلف عن الفتح بقدره كثرة أو قلة، وأن يعرف من العلم ما تجب معرفته ليدخل طريق الله على نور فلا يخاف عليه الخروج من السنة إلى البدعة.

وأما آداب المريد مع الشيخ فكثيرة جداً، وقد ندرس غالبها في هذا الزمان لقلة أهلها ومن يستعملها مع أن مراعاتها من أوكد الأمور منها أن لا يدخل على الشيخ إلا متطهراً ظاهراً وباطناً، ظاهراً بالطهارة الشرعية، وباطناً بالتوبة من كل ذنب وأن يطرق عليه باب خلوته إذا كان فيها بل يذكر الله جهراً فإذا سمعه وأمره بالدخول دخل وإلا انصرف راشداً ولا يتكلم بحضرته إجواباً وليخفض صوته وليطرق برأسه إذا جلس إلى الشيخ، ولا يكتم عنه شيئا من خواطره محمودة أو مذمومة كانت، فالشيخ طبيب النفس كما وأن للجسم طبيبه فيشتكي الإنسان المريض إلى الطبيب كل شيء يحس به ويشعر ليسهل للطبيب المداواة ووصف العلاج، فكلما كان وصفك للعلة أبلغ وأوضح كلما سهل على الطبيب وصف العلاج كذلك الشيخ طبيب الروح يداويها من علاتها ويراقب أحوالها وهنا حق الشيخ على المريد وحق المريد على الشيخ.

ومن الآداب مع الشيخ أن لا يمشي أمامه إلا ليلاً أو بإذن الشيخ، فإن أذن وجب على المريد بأن يأتمر بأمر الشيخ ولا يذهب من عنده إلا بإذن ولا يتخلف عن مجلسه ولا يفعل شيئا إلا بمشورته وليقم لقيامه ويقبل عليه إذا جاء ولا يوله ظهره بل يقوم مواجها له حتى يتوارى ولا يتربع بحضرته إلا بإذنه أو عن ضرورة، ولا يتأول كلامه بل يحمله على ظاهره، وإن لبس عليه أمر فليسأل الشيخ فوراً ولا يطأ بقدمه على مكان جلوس الشيخ وعلى سجادته ولا ينم على وسادته ولا يلبس ثوبه ولا يرتدي بردائه ولا يسبح بسبحته فإذا الشيخ وهبه شيئا من ذلك فليظهر توقيره لذلك.

ومن الآداب إدامة النظر للشيخ إذ ربما يهون عنده وتسقط حرمته من قلبه بذلك فيحرم بركته، وعليه إكرام أولاده وأصحابه وسائر مريديه وعشيرته وغير ذلك.

ومن آداب المريد مع إخوانه أن يكون محبا لهم جميعا وأن يكون ذلك لله تعالى. وأن لا ينظر إلى عورة لهم ظهرت ولا إلى ذلة سبقت إذا لا يأمن الوقوع في مثلهاوإذا بلغه عنهم شيء كذَّب الناقل، وأن يحب لهم من الخير ما يحب لنفسه فينبههم على الوضوء قبل الوقت وعلى النشاط في العبادة والقيام في الأسحار، وأن لا يكون سببا لأحد منهم في سوء الأدب مع الشيخ ولا في التكاسل عن حضور مجالس الذكر بالكلية أو في أول المجلس أو عن صلاة الجماعة أو مجالس العلم والآداب وإلا فقد أساء معهم وكان عليه وزر من اتبعه، وإذا وبَّخه إخوانه على التخلف لا يقيم عليهم الحجة بل يقول لهم جزاكم الله خير هذا دليل صدق محبتكم.

وأما آدابه مع عامة الناس أن لا يكون عنده حقد ولاحسد ولا مشاحنة ولا غش ولا خيانة لأحد ولا استهزاء بأحد من الخلق، وأن يتواضع للصغير والكبير وأن يصل من قطعه ويعفو عمن ظلمه ويحسن لمن أساء إليه وأن لا يعترض على أحد من الخلق إلا إذا كان فعله يناقض الشريعة، وعلى المريد إتباع الشريعة في كل أحواله باطنا وظاهرا، فإن المريد على قدر تقيده بالشرع يكون فلاحه ويثبت عندك ثبوتا حقيقيا لا مجازيا إذ لا وصول إلى تحقيقه عند كافة الصوفية إلا بالشرع.

قال الإمام النووي رحمه الله: من رأيته يدعي مع الله حاله تخرجه عن حد العلم الشرعي فلا تقربن منه فإنه مبتدع.

وقال سيدي أبو زيد البسطامي (رضى): لو نظرتم إلى رجل أعطي من الكرامات حتى يرتقي في الهواء فلا تغتروا به حتى تنظروا كيف تجدونه عند الأمر والنهي وحفظ الحدود وأداء الشريعة.

وقال النصر أباذي (رضى): أصل التصوف ملازمة الكتاب والسنة وترك الإهداء والبدع.

وقال سيدي أبو القاسم الجنيد (رضى): مذهبنا هذا مقيد بالكتاب والسنة، وقال إذا رأيتم الرجل يمشي في الهواء فلا تلتفتوا إليه فإن الشيطان يطير من المشرق إلى المغرب ويمشي على الماء، ولكن انظروا في اتباعه الكتاب والسنة فإن الشيطان لا يقدر على ذلك أبدا.

وقال سيدي ابن عطاء الله السكندري (رضى): من ألزم نفسه آداب الشريعة نور الله قلبه بنور المعرفة ولا مقام أشرف من مقام متابعة الحبيب (ص) في أوامره وأفعاله وأخلاقه، فمن زعم أن له مع الله حالاً يخرجه عن حد العلم الشرعي فهو ضال عن الحق.

قال الإمام الغزالي (رضى): من زعم أن له حالاً أسقط عنه نحو الصلاة أو تحريم شرب الخمر وجب قتله.

قيل للجنيد (رضى) إن جماعة يزعمون أنهم يصلوا إلى حالة يسقط عنهم التكليف بها، قال: وصلوا ولكن إلى سقر.

فمن هذا تبين لنا أن طريق القوم مشروط بالأدب لأن الأدب هو قاعدة يكون عليها حال المريد.

من أقوالهم أيضا رضي الله عنهم أجمعين

من أقوال الشيخ عبدالقادر الجيلاني (رضى)

· كل حقيقة لا تشهد لها الشريعة فهي زندقة.

· طر إلى الحق بجناحي الكتاب والسنة.

· يا غلام إياك والحسد فإنه بئس القرين وهو الذي خرب بيت إبليس وأهلكه وجعله من أهل النار وجعله ملعون الحق عز وجل وملائكته وأنبيائه وخلقه.

· اغسل ثيابك من الوسخ واغسل قلبك من الذنوب.

· لا تغتر بشيء فإن ربك فعال لما يريد.

· التقوى أساس كل خير وسبب لمجئ الدنيا والحكمة والعلوم وصفاء القلوب والأسرار.

· يا غلام لا تهرب من البلاء والصبر عليه لا بد منه ومن الصبر عليه كيف تتغير جبلة الدنيا وما خلق عليها لأجلك، ما يزال الأنبياء الذين هم خير الخلق مبتلين، وهكذا أتباعهم المقتدون بهم والماشون في جادتهم والمقتفون آثارهم.

· إذا وجدت في قلبك بغض شخص أو حبه فاعرض أعماله على الكتاب والسنة فإن كانت محبوبة فيهما فأحبه وإن كانت مكروهة فاكرهه لئلا تحبه بهواك أو تبغضه بهواك.

· لا يصلح لمجالسة الحق إلا المتطهرون من وثن الزلات، ولا تفتح أبوابه تعالى إلالمن خلا عن الرعونات والدعاوي.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
قمرالليل
المراقب العام
المراقب العام
قمرالليل


الساعه :
ذكر
عدد المساهمات : 676
مزاجك : ركوب الخيل
تاريخ التسجيل : 19/03/2011
العمر : 46
الموقع : هنا
العمل/الترفيه : !!!
الأوسمه عضو مجلس الإداره

الحكم العطائية Empty
مُساهمةموضوع: رد: الحكم العطائية   الحكم العطائية Icon_minitimeالإثنين يونيو 06, 2011 7:31 pm

0من أقوال سيدي أحمد الرفاعي (رضى)

· صونوا عقائدكم عن التمسك بظاهر ما تتشابه من الكتاب والسنة.

· نزهوا الله عن سمات المحدثين وصفات المخلوقين، وطهروا عقائدكم من تفسير معنى الإستواء في حقه تعالى بالإستقرار كإستواء الأجسام على الأجسام المستلزم للحلول، تعالى الله عن ذلك.

· عظموا شأن العلم تعظيما يقوم بواجباته لأنه درك حقائق الأشياء مسموعا ومعقولاً.

· العبد إذا انتصر لنفسه تعب وإذا سلم الأمر إلى الله تعالى نصره الله من غير عشيرة ولا أهل.

· الخلق كلهم لا يضرون ولا ينفعون، حجب نصبها لعباده فمن رفع تلك الحجب وصل إليه.

· من أدرع بدرع الصبر سلم من سهام العجلة.

· من علامة العارف كتمان الحال، وصمت المقال، والتخلص من الآمال.

· الشيخ باطنه الشرع، وظاهره الشرع.

· ما شم رائحة المعرفة من افتخر بأبيه وأمه وخاله وعمه وماله ورجاله، ليس عند الله على شيء من رأى نفسه.

· الشيخ من يلزمك الكتاب والسنة ويبعدك عن المحدثة والبدعة.

· أكذب الناس على الله والخلق من رأى نفسه خير من الخلق.

من أقوال سيدي إبراهيم الدسوقي (رضى)

· من ليس عنده ولا رحمة للخلق، لا يرقى مراتب أهل الله.

· ما دام لسانك يذوق الحرام فلا تطمع أن تذوق شيئا من الحكم والمعارف شيئاً.

· رأس مال المريد المحبة والتسليم.

· ما قطع مريد ورده إلا قطع الله عنه إمداده في ذلك اليوم فإن مدده يأتي منه .

· الطريق كلها ترجع لكلمتين: تعرف ربك وتعبده.

· إذا أحبك ربك أحبك أهل السماء والأرض وأطاعك الجن والإنس والماء والهواء.

· لا يكمل الرجل حتى يفر عن قلبه وسره وعلمه وهمه وفكره وكل ما خطر بباله غير ربه.

من أقوال سيدي أبوالقاسم الجنيد (رضى)

· الطريق كلها مسدودة على الخلق إلا على من اقتفى أثر الرسول (ص).

· وقال من لم يحفظ القرآن الكريم ولم يكتب الحديث لا يقتدى به في هذا الأمر لأن علمنا مقيد بالكتاب والسنة.

· وقال ما أخذنا التصوف عن القيل والقال لكن عن الجوع وترك الدنيا وقطع المألوفات والمستحسنات.

· المروءة إحتمال زلل الإخوان.

· الزهد خلو القلب عما خلت من اليد، واستصغار الدنيا ومحو آثارها من القلب.

من أقوال سيدي أبوالحسن الشاذلي (رضى)

· من علامة النفاق ثقل الذكر على اللسان، فتب إلى الله يخف الذكر على لسانك.

· لا يشم رائحة الولاية من لا يزهد في الدنيا وأهلها.

· نحن لا نقيد على مريدنا أنه لا يجتمع بغيرنا، بل نقول له إن وجدت منهلا أعذب منا فعليك به.

· ليس هذا الطريق بالرهبانية وأكل الشعير بل بالصبر والحضور مع الله.

· من لم يزدد بعلمه وعمله تواضعا للخلق فهو هالك.

· لا تركن إلىعلم ولا عمل ولا مدد وكن مع الله بالله لله.

· لا كبيرة عندنا أكبر من حب الدنيا وإيثارها على الآخرة والمقام على الجهل بأحكام الدين.

من أقوال الشيخ ابو مدين شعيب المغربي

بسم الله الرحمن الرحيم

ما لذة العيش إلا صحبة الفقراء هم السلاطين والسادات والأمراء

فاصحبهم وتأدب في مجالسهم وخل حظك مهما قدموك وراء

واستغنم الوقت واحضر دائما معهم واعلم بأن الرضا يخص من حضرا

ولا ترى العيب إلا فيك معتقدا عيبا بدا بيننا لكنه استترا

وحط رأسك واستغفر بلا سبب وقم على قدم الإنصاف معتذرا

وقل عبيدكم أولى بصفحكم فسامحوا وخذوا بالعفو يا فقرا

هم بالتفضل أولى وهو شيمتهم فلا تخف دركا منهم ولا ضررا

وراقب الشيخ في أحواله فعسى يرى عليك من استحسانه أثرا

وقدِّم الجدَّ وانهض عند خدمته عساه يرضى وحاذر أن تكن ضجرا

ففي رضاه رضى الباري وطاعته يرضى عليك فكن من تركها حذرا

واعلم بأن طريق القوم دراسة وحال من يدعيها اليوم كيف ثرى

متى أراهم وأنى لي برؤيتهم أو تسمع الأذن مني عنهم خبرا

من لي وأنى لمثلي أن يزاحمهم على موارد لم ألف بها كدرا

احبهم واداريهم وأوثرهم بمهجتي وخصوصا منهم نفرا

قوم كرام السجايا حيث ما جلسوا يبقى المكان على آثارهم عطرا

يهدي التصرف من أخلاقهم طرفا حسن التآلف منهم راقني نظرا

هم أهل وُدِّي وأحبابي الذين هم ممن يجرُّ ذيول العز مفتخرا

لا زال شملي بهم في الله مجتمعا وذنبنا فيه مغفورا ومفتخرا

ثم الصلاة على المختار سيدنا محمد خير من وفى ومن نذرا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
قمرالليل
المراقب العام
المراقب العام
قمرالليل


الساعه :
ذكر
عدد المساهمات : 676
مزاجك : ركوب الخيل
تاريخ التسجيل : 19/03/2011
العمر : 46
الموقع : هنا
العمل/الترفيه : !!!
الأوسمه عضو مجلس الإداره

الحكم العطائية Empty
مُساهمةموضوع: رد: الحكم العطائية   الحكم العطائية Icon_minitimeالإثنين يونيو 06, 2011 7:32 pm

عنوان التوفيق في آداب الطريق

للإمام العارف بالله سيدي تاج الدين أحمد بن محمد عبد الكريم بن عطاء الله السكندري

قال الشيخ العارف بالله القدوة المحقق، تاج العارفين، ولسان المتكلمين، إمام وقته، ووحيد عصره، تاج الدين أبو الفضل أحمد ابن محمد بن عبدالكريم بن عطاءالله السكندري رضي الله عنه ونفعنا به، آمين:

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله المنفرد بالخلق والتدبير، الواحد في الحكم والتقدير، الملك الذي ليس له في مُلكه وزير، المالك الذي لا يخرج عن مُلكه صغير ولا كبير، المتقدس في كمال وصفه عن الشبيه والنظير، المنزَّه في كمال ذاته عن التمثيل والتصوير، العليم الذي لا يخفى عليه ما في الضمير، { ألاَ يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الخَبِيرْ } العَالِم الذي أحاط عِلمه بمَبادِئ الأمور ونهاياتها، السميع الذي فضل في سمعه بين ظاهر الأصوات وخفاياها، الرازق وهو المُنعم على الخليقة بإيصال أقواتها القيوم المتكفل بها في جميع حالاتها، الوهاب وهو الذي منَّ على النفوس بوجود حياتها، القدير وهو المعيد لها بعد وفاتها، الحسيب وهو المُجازي لها يوم قدومها عليه بحسناتها وسيئاتها، فسبحانه من إله مَنَّ على العباد بالجُودِ قبل الوُجود، وقام بهم بأرزاقهم على كلتا حالاتهم من إقرار وجحود، ومَدَّ كل مـوجودٍ بوجودِ عطائِهِ، وحفظ وجود العالم بإمداد بقائه، وظهر بحكمته في أرضه وقدره في سمائه.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة عبدٍ مفوِّضٍ لقضائه ومسلِّمٍ له في حُكمِهِ وإمضائِهِ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله المفَضَّل على جميع أنبيائه، المخصوص بجزيل فضله وعطائه، الفاتح الخاتم وليس ذلك لسواه، الشافع لكل العباد حين يجمعهم الحق لِفصلِ قضائه.

صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه المستمسكيـن بولائه، وسلم تسليما كثيــراً .

اعلم يا أخي جعلك الله من أهل حُــبِّه، وأتحفك بوجود قربه، وأذاقك من شراب أهل وُدِّهِ، وأمِنكَ بدوام وصْلتِهِ من إعراضه وصَدِّهِ، ووصَلك بعباده الذين خَصَّهم بمراسلاته، وجَبَرَ كسرَ قلوبهم لما علموا أنه لا تدركه الأبصار لنور تجلياته، وفتح لهم رياض القرب وهبَّ منها على قلوبهم واردات نفحاته، أشهدهُم سابقَ تدبيرِهِ فيهم فسلمُوا إليه القياد وكشَفَ عن خفي لطفه في منعه فتركوا المنازعة والعناد، فهم مستسلمون إليه، ومتوكـلون عليه .

أما بعد، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( يُحشَر المَرءُ عَِلى دِينِ خَلِيلِهِ فليَنظُر أحُدُكم مَن يُخَالِل ) . فإذا علمت أيها الأخ الشقيق، فلا تخالل إلا من ينهضك حالهُ، ويَدُلك على الله مقالهُ، وذلك هو الفقير المتجرِّد عن السِّوى، المقبل على المولى، فليست اللذة إلا مخاللته، ولا السعادة إلا خدمته ومصاحبته، فلذلك قال الشيخ العارف المتمكن أبو مدين رضي الله تعالى عنه.

( مـا لـذة الـعيش إلا صحبة iiالفقرا هم السلاطين و السادات والأمرا )



أي ما لذة عَيشِ السالك في طريق مولاه إلا صحبة الفقراء .

والفقراء جمع فقير، والفقير هو المتجرد عن العلائق، المعرض عن العوائق، لم يبق له قبلة ولا مقصد إلا الله تعالى، وقد أعرض عن كل شيء سواه، وتحقق بحقيقة ( لا إله إلا الله محمد رسول الله ) فمثل هذا مصاحبته تذيقك لذة الطريق، وتريق في جميع فؤادك من شراب القوم أهنى رحيق، ويعرفك الطريق، ويقطع لك العقاب ويزيل عن قلبك التعويق، وينهضك بهمَّـتِهِ ويرفعك إلى أعلى الدرجات، ومن كان كذلك فهو السلطان على الحقيقة، والسيد على أهل الطريقة، والأمير على أهل البصيرة .

فلا تخالف أيها السالك طريقه، واجتهد أيها السالك المُجِدُّ في تحصيل هذا الرفيق، وأصحبه وتأدب في مجالسه، ويزيل عنك ببركة صحبته كل تعويق .

كما قال رضي الله تعالى عنه :

( فاصحبهموا وتأدب في مجالسهم وخــل حـظـك مـهما قـدموك iiورا )



أي اصحب الفقراء، وتأدب معهم في مجالستهم فإن الصحبة شبح، والأدب روحها، فإذا اجتمع لك بين الشبح والروح حُزتَ فائدة صحبته، وإلا كانت صحبتك ميتة فأي فائدة ترجوها من الميت.

ومن أهم آداب الصحبة أن تخلف حظوظك وراءك ولا تكن همتك مصروفة إلا لإمتثال أوامرهم فعند ذلك يشكر مسعاك، فإذا تخلقت بذلك فبادر واستغنم الحضور وأخلص في ذلك ترفع درجتك وتعلو همتك والقصور، كما قال رضي الله عنه :

( واستغنم الوقت واحضر دائما معهم واعلم بأن الرضا يختص من حضرا ii)



أي واسـتغنم وقت صحبة الفقراء واحضر دائما معهم بقلبك وقالبك تسري إليك زوائدهم، وتغمرك فوائدهم، وينصح ظاهرك بالتأدب بآدابهم، ويشرق باطنك بالتحلي بأنوارهم، فإن من جالس جانس، فإن جلست مع المحزون حزنت، وإن جلست مع المسرور سُرِرت، وإن جلست مع الغافلين سَرَت إليك الغفلة، فإنهم القوم لا يشقى جليسهم، فكيف يشقى خادمهم ومحبهم وأنيسهم وما أحسن ما قيل :

لـي سادة من عزهم أقدامهم فوق الجباه
إن لم أكن منهم فلي فـي حبهم عِزٌ iiوجاه



واعلم أن هـذا الرضا، وهذا المقام يخص من حضر معهم بالتأدب، وخرج عن نفسه، وتحلى بالذلة والإنكسار، فاخرج عنك إذا حضرت بين أيديهم، وانطرح وانكسِر إذا حللت بناديهم فعند ذلك تذوق لذة الحضور، واستعن على ذلك بملازمة الصَّمت، تشرق لك أنوار الفرح، ويغمرك السرور كما قال رضي الله عنه :

( ولازم الـصـمت إلا إن سـئلت فـقل لا علم عندي وكن بالجهل مستترا )



الصَّـمت عند أهل الطريقة من لازمه ارتفع بنيانه، وتمَّ غِراسه، وهو نوعان : صمت باللسان وصمت بالجَنان وكلاهما لا بدَّ منه في الطريق فمن صمت قلبه ونطق لسانه نطق بالحكمة، ومن صمت لسانه وصمت قلبه تجلـى له سره، وكلمه ربه، وهذا غاية الصمت وكلام الشيخ قابل لذلك فالزم الصمت أيها السالك إلا إن سُـئـِلت فإن سُـئـِلتَ فارجع إلى أصلِك ووصلك وقل لا علم عندي واسـتتر بالجهل تشرق لك أنوار العلم اللدني، فإنك مهما اعترفت بجهلك ورجعت إلى أصلِك لاحت لك معرفة نفسك، فإذا عرفتها عرفت ربك، كما روي في الحديث { مَن عَرفَ نفسَهُ عَرفَ رَبَّهُ }، تعليق:هذا ليس بحديث، وإنما هو من كلام يحيى بن معاذ الرازي، وللإمام السيوطي فيه رسالة اسمها: القول الأشبه في من عرف نفسه فقد عرف ربه.اهـ موقع المسلم وكل ذلك من فوائد الصمت ولزوم آدابه، فاصمـت وتأدب ولازم الباب تكن من أحبابه، وما أحسن ما قيل :

لا أبرح الباب حتى تصلحوا عوجي وتـقـبلوني عـلـى عـيبي ونـقصاني
فـإن رضـيتم فـيا عـزي ويا iiشرفي وإن أبـيـتم فـمـن أرجــو iiلـعصياني



فانهــض أيها الأخ ـ إلى باب مـولاك بهمَّـة علية، وتحقق بعبـوديتك تشـرق عليك أنواره السنية، كما أشار إلى ذلك الشيخ رضي الله عنه بقوله :

( ولا تَرَ العيب إلا فيك معتقداً عـيباً بـدا بـيِّناً لـكنه استترا ii)



أي تحقق بأوصافك من فقـرك وضعفك وعـجزك وذلتك، فإذا تحققت بأوصافك وشَهِدتْ لنفسك عيوباً لكنها مستترة، فعند ذلك تحظى بظهـور أوصاف مولاك فيك، كما قيل ( سُبحانَ مَن سَترَ سِرَّ العُبُودية )، وأفهم من هنا سر معنى قوله تعالى { سُبْحَانَ الذِي أسْرَى بِعَبدِهِ } ولم يَقل برسوله ولا بنبيِّـهِ، أشار إلى ذلك المعنى الرفيع الذي لا ينال إلا من العبودية لذلك قيل :

لا تدعني إلا بيا عبدها فـإنه أشـرف iiأسـمائي



فانكسِـر - أيها الأخ ـ وانطرح بالطريق ولا تــَرَ لك حالا، ولا مقالا يزل عنك كل تعويق، واستغفر من كل ما يخطر بقلبك في عبوديتك وقـُمْ على قدمِ الاعتراف وأنـصِفْ من نفسـك تبلغ أعـلى درجات المنازل وتغـنى بشـريتك كما قال رضي الله عنه :

( وحـط رأسك واستغفر بلا iiسبب وقف على قدم الإنصاف معتذرا )



أي تواضع وانكسر، وحُطَّ أشرف ما عندك، وهو رأسك في أخفض ما يكـون وهي الأرض لتحـوز مقام القرب، كما ورد في الحديث{ أقرَبُ ما يَكـُونُ العَبدُ إلى اللهِ تعَالى وَهو سَاجـِد }، لأن قـُرب العبد، بتواضعه وانكساره وخروجه عن أوصاف بشريته، وأشهد نفسك دائماً مُذنباً، ولو لم يظهر عليك سبب الذنب، فإن العبد لا يخلو من تقصير، وقـِف على قدَمِ الإنصاف من ذنوبك خجـلا من سيئاتك وعيوبك، فإن من عامل المخلوق هذه المعاملة أحـبَّهُ ولم يشهد له ذنباً وكانت مساويه عنده محاسن، فكيف إذا عامل بهذه المعاملة بهذه المعاملة صاحبه الحقيقي الذي إذا تحققه ليس له صاحب سواه، كما ورد في الحديث { اللهم أنتَ الصَّاحِبُ في السَّـفر، والخلِيفة فِي الأهلْ والمَال والولَد } .

فتأهب ـ أيها الأخ ـ لهذه المعاملة مع إخوانك الفقراء، لتصير لك معراجاً تتوصل بها إلى معاملة ربِّ السماء، وتكون مقبولاً عند الخلق والخالق وتصفو لك المعاملة، وتشرق عليك أنوار الحقائق قال رضي الله عنه :

( إن بــدا مـنك عـيب فـاعتذر iiوأقـم وجه اعتذارك عما فيك منك جرى )
( وقـل عـبيدكموا أولى iiبصفحكموا فـسامحوا وخـذوا بـالرفق يا فقرا )
( هـم بـالتفضل أولى وهو iiشيمتهم فـلا تـخف دركـا مـنهم ولا ضررا ii)



أي لِيكن شأنك دائماً التواضع والإنكسار وطلب المعـذرة والإستغفار، سواء وقع منك ذنب أو لم يقع، وإن بدا منك عيبٌ أو ذنب فاعترف واستغفر، فإن التائب من الذنب كمن لا ذنب له، وليس الشأن أن لا تذنب، إنما الشأن أن لا تصِرَّ على الذنب كما ورد { أنِينُ المُذنِبينَ عِندَ الله خَيرٌ مِن زَجلُ المُسَبحِين عَجَباً وافتخَارا },تعليق:هذا ليس بحديث.اهـ موقع المسلم، ولذلك قلتُ في الحِكَمْ ( ربما فتح لك باب الطاعة وما فتح لك باب القبول وقضى عليك بالذنب وكان سبباً للوصول ). ( رُبَّ معصِيةٍ أورثتْ ذلا وانكِسَاراً خير من طاعةِ أورثت عِـزا واستكبَاراً ) . ومع اعترافك واستغفارك أقـِم وجه اعتذارك عما جرى منك فيكون ذلك مُمْحِياً للذنب وأدخل في القبول .

وذُلَّ وتواضَع وانكسِر وقل عبيدكم أولى بصفحِكُم لأن العبد ليس له إلا باب مولاه وما أحسن ما قيل :

ألـقيت فـي بـابكم iiعـناني ولـــم أبــال بـمـا عـنـاني
فزال قبضي وزاد بسطي وانـقلب الـخوف بالأماني



فسامحـوا عُبَيـدُكم يا فقرا، وخذوا بالرفق وعاملوني به، فإني عبد فقير لا يصلحني إلا المعاملة بالرفق والفضل، ولا اعتماد لي إلا على الفضل ـ لا بحـولي و لا بقوتي، مذهبي العجز والسلام.

ثم قال رضي الله تعالى عنه ـ إنهم أولى بهذا الشيء، وهو شِيمتهم ولم يزالوا متفضلين، وهذه معاملتهم مع أصحابهم ـ وهي سجيتهم وكيف لا تكون سجيتهم وهم متخلقون بأخلاق مولاهم، كما ورد {تخَـلقوا بأخْـلاقِ الله} .

فلا تخف منهم ضـررا ـ أيها السالك المصاحب لهم ـ وتمسَّك بأذيَالهم {فإنَّهُمُ القومُ لا يَشقَى جَلِيسَهُم}، فإذا عرفت ذلك أيها السالك ـ فتخلـق بأخلاقهم الكريمة، وجُد بالتغـني عن الأخوان، وغض الطرف عن عثرتهم تكن آخذ من أوصافهم أحسن هيئة . قال رضي الله عنه :

( وبـالـتغني عـلـى الإخـوان جـد أبـداً حساً ومعنى وغض الطرف إن عثرا)



أي: وتكـرَّم على إخوانك، وجُد عليهم أبدا، أما في الحِسِّ فببَذل الأمـوال، وأما في المَعنى فبصرف همَّـة الأحوال، ولا تبخل عليهم بشيء يمكنك إيصاله إليهم، فإن السماحة لبُّ الطريق، ومن تخلق بها فقد زال عن قلبه كل تعويق .

قال الشيخ عبد القادر رضي الله عنه: إخواني، ما وصَلتُ إلى الله تعالى بقيام ليل، ولا صيام نهار، ولا دراسة علم، ولكن وصلت إلى الله بالكرم والتواضع وسلامة الصَّدر .

فدَلَّ كلام الشيخ رضي الله عنه، أن الكرم هو الأساس، وأن التواضع يتم للسالك به الغراس، فإذا أتمَّ له هذان سلم صدره من العلائق، وزال عن طريقه كل عائق، ولذلك ورد في الحديث { إنَّ في الجنة لغُرَفاً، يُرى ظاهِرها مِن باطِنها، وباطنُها من ظاهِرها، أعدَّها الله تعالى لِمَنْ ألانَ الكَلام، وأطعَمَ الطعام وتابَعَ القِيام وصَلى بالليل والناسُ نِيام } .

فتأمـل هـذا الحديث ـ يا أخي ـ حيث بدأ صلى الله عليه وسلم بإلانة الكـلام وهو إشارة إلى التواضع، ثم ثنى بإطعام الطعام، وهو إشارة إلى الكرم، ثم أتى بعد ذلك بالصَّلاة والصِّيام كما أشار إليه الشيخ عبدالقادر، فانهض أخي إلى هذه المآثر وبادر واجمع معها حُسْنَ مكارم الأخلاق، وغُضَّ الطرف عن مساوئ الإخوان إن وقفت منهم على عثرة ولا تشهد إلا محاسنهم، كما قال رضي الله عنه في حكمـه الفتوحية ( رؤية محاسن العبيد والغيبة عن مساويهم ذلك شيء من كمال التوحيد ).

كما قيل :

إذا ما رأيت الله في الكل فاعلاً رأيــت جـميع الـكائنات iiمـلاحا



فإذا تخلـقت ـ أيها الأخ ـ بهـذه الخصال الشريفة، فقد تأهـلتَ للإقبال على الشيخ فانهض إلى عتبة بابه، وراقبه بهمَّـة منيفة، كما أشار إلى ذلك الشيخ رضي الله عنه بقوله :

( وراقب الشيخ في أحواله فعسى يـرى عـليك مـن استحسانه أثرا ii)



أي: إذا تخـلقـتَ بما تقـدم من الآداب، ووصلت بافتقارك وانكسارك إلى الشيخ، وتمسـَّكت بأثر تلك الأعتاب فراقب أحواله، واجتهد في حصول مراضيه، وانكسِر واخضع له في كل حين، فإنه الترياق والشفاء، وإن قلوب المشايخ ترياق الطريق، ومن سَعِد بذلك تمَّ له المطلوب وتخلص من كل تعويق، واجتهد ـ أيها الأخ ـ في مشاهدة هذا المعنى فعسى يرى عليك من استحسانه لحالك أثراً، قال بعضهم : من أشد الحرمان أن تجتمـع مع أولياء الله تعالى ولا تُرزق القبول منهم، وما ذلك إلا لسوء الأدب منك، وإلا فـلا بُخـل من جانبهم ولا نقص من جهتهم . كما قلتُ في الحكم :

ما الشأن وجود الطلب، إنما الشأن أن تورث حُسن الأدب .

زار بعض السلاطين ضريح أبي يزيد رضي الله عنه وقال هل هنا أحد ممن اجتمع بأبي يزيد ؟ فأشير إلى شيخ كبير في السِّن كان حاضراً هناك، فقال له : هل سمعت شيئا من كلامه ؟ قال : نعم، قال ( من زارني لا تحرقه النار )، فاستغرب السلطان ذلك الكلام . فقال: كيف يقول أبو يزيد ذلك وأبو جهل رأى النبي صلى الله عليه وسلم، وهـو تحرقه النار . فقال ذلك الشيخ للسطان: أبو جهل لم ير النبي صلى الله عليه وسلم، إنما رأى يتيم أبي طالب، ولو رآه ـ صلى الله عليه وسلم ـ لم تحرقه النار . ففهم السلطان كلامه وأعجبه هذا الجواب منه . أي إنه لم يره بالتعظيم والإكرام واعتقاد أنه رسول الله، ولو رآه بهذا المعنى لم تحرقه النار، ولكنه رآه باحتقار واعتقاد أنه يتيم أبي طالب، فلم تنفعه تلك الرؤية . وأنت يا أخي، لو اجتمعت بقـُطبِ الوقت ولم تتأدب لم تنفعك تلك الرؤية، بل كانت مضرَّتها عليك أكثر من منفعتها . فتأدب بين يدي الشيخ، واجتهد أن تسلك أحسن المسالك، وخذ ما عرفت بجـد واجتهاد، وانهض في خدمته، واخلص في ذلك لتسود مع من ساد، كما قال :

( وقَــدِّمِ الـجِدِّ وانـهض عـند iiخـدمته عساه يرضى وحاذر أن تكن ضجرا )
( فـفي رضـاه رضـا الـباري iiوطـاعته يـرضى عـليك فـكن مـن تركه حذرا ii)



أي انهض في خـدمة الشيخ بالجد فعساك تحوز رضاه فتسُود مع من ساد، واحذر أن تضجر، ففي الضَّجر الفساد . ولازم أعتاب بابه في الصباح والمساء لتحـوز منه الوداد . وما أحسن ما قيل:

اصبر على مضض الإدلاج في السحر ولــلـنـذور عــلـى الـطـاعـات iiبـالـبـكر
وقـــل مـــن جـــدَّ فـــي أمــر iiيـؤمـله مـا اسـتصحب الـصبر إلا فـاز iiبـالظفر



فإن ظفرت ـ أيها السالك ـ برضاه رضي الله تعالى عنك ونلت فوق ما تمنيت .

فاستقم في رضاء شيخك وطاعته تظفر بطاعة مولاك ورضاه، وتفوز بجزيل كرامته .

وعُضَّ بالنواجذ على خِـدمة الشيخ إن ظفرت بالوصـول إليه، واعلم أن السعادة قد شملتك من جميع جهاتك، إذا عرفك الله تعالى به، وأطلعك تعالى عليه فإن الظفر به .

لكن إذا ساعدتك العناية ظفرتَ وشمَمْتَ من نفحة طيبة ما يفوق المِسك الأذفر، ولذلك قال رضي الله تعالى عنه وعنا به، آمين :

( واعـلم بـأن طـريق الـقوم iiدارسـة وحال من يدعيها اليوم كيف ترى ii)
( مـتـى أراهــم وأنـى لـي iiبـرؤيتهم أو تسمع الأذن مني عنهموا خبرا )
( مـن لـي وأنـى لمثلي أن iiيزاحمهم عـلـى مــوارد لـم آلـف بـها كـدرا ii)
( أحــبـهـم وأداريــهــم iiوأوثــرهــم بـمـهجتي وخـصوصا مـنهم نـفرا ii)



شرع الشيخ رضي الله تعالى عنه يشوق السالك إلى طريق أهله، ويخبرهم أن طريقهم دارسة، وحال من يدعيها اليوم كما ترى في الفترة حتى كادت الهمم تكون من الطلب آيسة، وهكذا شأن طريق القوم لعزتها، كأنها في عصر مفقودة، ولا يظفر بها إلا الفرد بعد الفرد، وهذه سنة معهودة، وذلك أن الجوهر النفيس لا يزال عزيز الوجود، يكاد لعزته يُحكَم بأنه ليس موجود، والطريق أهلها مخفية في العالم خفاء ليلة القدر في شهر رمضان، وخفاء ساعة الجمعة في يومها حتى يجتهـد الطالب في طلبه بقدر الإمكان، فإن من جـَـدَّ وَجَـدَ، ومن قرع الباب ولـَـج .

شرع الشيخ رضي الله تعالى عنه يشوق السالك إلى طريق أهله ، ويخبرهم أن طريقهم دارسة ، وحال من يدعيها اليوم كما ترى في الفترة حتى كادت الهمم تكون من الطلب آيسة ، وهكذا شأن طريق القوم لعزتها ، كأنها في عصر مفقودة ، ولا يظفر بها إلا الفرد بعد الفرد ، وهذه سنة معهودة ، وذلك أن الجوهر النفيس لا يزال عزيز الوجود ، يكاد لعزته يُحكَم بأنه ليس موجود ، والطريق أهلها مخفية في العالم خفاء ليلة القدر في شهر رمضان ، وخفاء ساعة الجمعة في يومها حتى يجتهـد الطالب في طلبه بقدر الإمكان ، فإن من جـَـدَّ وَجَـدَ ، ومن قرع الباب ولـَـجَّ وَلـَجَ .

قلتُ : بعد أن ذكر لا بد من الشيخ في الطريق على سبيل السؤال والجواب، كيف تأمرنا بذلك وقد قيل إن وجود الشيخ كالكبريت الأحمر وكالعنقاء ، من ذا الذي بوجودها يظفر ، كيف تأمرني بتحصيلِ مَن هذا شأنُهُ ، فقال : لو صدقتَ في الطلب وكنتَ في طلبه كالطفل والظمآن لا يقرُّ لهم قرار ولا تسكن لوعتهم حتى يظفروا بمقصودهم ، فأشار الشيخ رضي الله عنه إلى أن الشيخ موجود ، وكيف لا يكون موجودا وعمارة العالم بأمثاله ، فإن العالَمَ شخصٌ والأولياء روحه ، فما دام العالَم مـوجوداً لا بدَّ من وجودهم ، لكن لشدَّة خفائهم وعدم ظهورهم حـُـكِم بفقدانهم .

فاجتهـد واصدق في الطلب تجـدِ المطلوب ، واستعِن على ذلك الطلب بمَدَدِ علام الغيوب ، فإن الظفر لا يحصـل إلا بمجـَّرد فضله . وإذا أوصلك إلى الشيخ فقد أوصلك إليه كما قلت في الحكم ( سبحان من لم يجعل الدليل على أوليائه إلا من حيث الدليل عليه ، ولم يوصل إليهم إلا من أراد أن يوصله إليه ) .

ثم إن الشيخ رضي الله عنه ، كما ذكر عزة الطريق ، وفقدان أهلها شرع يتأسف على الإجتماع بهم ويتمناه ، ويستبعـد من نفسه حصول ذلك ، والتشرف بلقائه تواضعا منه وانكساراً وهضماً لنفسه واحتقاراً . وهذا شأن العارف لنفسه بنفسه ، الممتلىء من معرفة ربه ، المتحلي بواردات قدسه ، لأنه لا يرى لنفسه حالا ولا مقالا ، بل يرى نفسه أقل من كل شيء وهو هو النظر التام ، كما قيل :

إذا زاد عـلم المــرء زاد تواضعــا وإن زاد جـهل المـرء زاد ترفعــا

وفي الغصن عن حمل الثمار مناله فإن يَعـْرُ من حمـل الثمار تمنـُّـعـا

فانظر إلى الشيخ أبي مدين ورفعته في الطريق مع أنه وصل من تربيته اثنا عشر ألف مريد ، وانظر إلى هذا التنزل منه والتدلي بأغصان شجرة معرفته إلى أرض الخضوع والانكسار حتى أنه لم ير نفسه أهلا للاجتماع بأهل هـذه الطريقة ، ويزيده هذا الانخفاض من الارتفاع ، لأن الشجرة لا يزيدها انخفاضها في عروقها إلا ارتفاعا في رأسها .

فتواضع في الطريق ، وخذ هذا الأصل العظيم من هذا العارف المتمكـن يزل عنك كل تعويق .

ثم قال رضي الله عنه ـ بعد ذلك ( أحبهم إلى آخره ) ، أي وإن لم أكن أنا منهم فإني أحبهم ، ومن أحب قوما فهو منهم ، كما ورد في الحديث { المَرءُ مَعَ مَنْ أحَبَّ } . كما قيل :

أحب الصالحين ولســـــت منهم لعـلي أن أنا بهـــــم شــفــــاعـة

وأكـــره من بضاعته المعاصي وإن كنا ســــواء في البضاعـــة

وهذه خصال القوم وصفاتهم ، ولذلك ارتفعت رتبهم ، وجزلت عطيتهم كما وصفهم رضي الله عنه بقوله :

( قوم كرام الســجايا حيــث ما جلسـوا يبـقى المكـــان على آثارهم عـطرا )

( يهـدي التصوف من أخلاقهم طرفـــا حسـن التألف منهم راقني نظـــــرا )

( هم أهل ودي وأحبابي الذين همــــوا ممـــن يجـر ذيول العـز مفتخــــرا )

( لا زال شمـلي بهم في الله مجــتمـعـا وذنبنــا فيــه مغــفورا ومغــــــتفرا )

( ثم الصلاة عــلى المخـــتار سيدنـــــا محمــد خيـــر من أوفى ومن نذرا )

أي قوم سجاياهم كريمة وهمتهم عظيمة ، حيثما جلسوا تبقى آثار نفحات عطرهم في المكان ظاهرة ، وأينما توجهـوا سطع شمس معارفهم فتشرق القلوب ، وتصلح بهم الدنيا والآخـرة ، يهدي التصوف للسالك المشتاق من أخلاقهم طرقا مجيدة تدل على الطريق ويسـير في سلوكه سيرة حميدة ، فلذلك جمعوا أحسن تأليف ، حتى راق كل ناظر وجَـدُّوا في أكمل معنى لطيف ، حتى اكتحلت بكحل إثمـدهم أنوار البصائر .

وكذلك قال الشيخ رضي الله عنه بعد ذلك (هم أهل ودي وأحبابي ) إلى آخره ، فإن الشخص لا يحب إلا من جانسه ولا يَوَد إلا من كان بينه وبينه مؤانسة .

وفي هذا الكلام إشارة إلى أنه رضِي الله عنه من جملتهم وطينته من طينتهم ، وما تقدم منه في التواضع والإنكسار دليل على التحقيق في هذا المجد والفخار كما تقدمت الإشارة إلى ذلك ، فنسأل الله تبارك وتعالى أن يسلك بنا أحسن المسالك ، ثم دعا وسأل أنه لا يزال شمله بهم في الله تعالى ، وذنبه مغفورا ، ونحن نسأله أيضا إتمام الصلاة والسلام على سيدنا محمد المختار خير من أوفى ومن نذر ، ومن أكرم الجار وعلى آله وصحبه السادة الأبرار والتابعين وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين ، وهذا الرقم لمن تعـطش ليله في معاني هذه الأبيات ، وإلا فنحن معترفون بالعجز والتقصير عن معانيها وإنما الأعمال بالنيات ، والله تبارك وتعالى أعلم .



انتهى الكتاب والحمد لله أولاً وآخراً

وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم

III

وإليك نص قصيدة سيدي أبي مدين الغوث :

(مــا لــذة الـعـيش إلا صـحبة الـفـقرا هــم الـسـلاطين و الـسـادات والأمـرا)
( فـاصـحبهموا وتـأدب فـي مـجالسهم وخــــل حــظـك مـهـمـا قــدمـوك ورا)
( واستغنم الوقت واحضر دائما معهم واعلم بأن الرضا يختص من حضرا )
( ولازم الـصـمـت إلا إن سـئـلت فـقـل لا عـلم عـندي وكـن بالجهل مستترا )
( ولا تَــــرَ الـعـيـب إلا فــيـك مـعـتـقداً عــيـبـاً بــــدا بـيِّـنـاً لـكـنـه اسـتـتـرا )
( وحــط رأســك واسـتـغفر بــلا سـبب وقــف عـلـى قـدم الإنـصاف مـعتذرا )
( إن بــدا مـنـك عـيـب فـاعـتذر وأقــم وجـه اعـتذارك عـما فيك منك جرى )
( وقــل عـبـيدكموا أولــى بصفحكموا فـسـامحوا وخــذوا بـالرفق يـا فـقرا )
( هــم بـالـتفضل أولـى وهـو شـيمتهم فــلا تـخـف دركــا مـنـهم ولا ضـررا)
( وبـالـتغني عـلـى الإخــوان جـد أبـداً حـساً ومعنى وغض الطرف إن عثرا)
( وقَــدِّمِ الـجِـدِّ وانـهـض عـنـد خـدمته عـساه يرضى وحاذر أن تكن ضجرا )
( فـفـي رضـاه رضـا الـباري وطـاعته يـرضى عـليك فـكن مـن تـركه حذرا )
( واعـلـم بــأن طـريـق الـقـوم دارسـة وحـال مـن يـدعيها الـيوم كيف ترى )
( مــتـى أراهــم وأنــى لــي بـرؤيـتهم أو تـسمع الأذن مـني عـنهموا خبرا )
( مــن لـي وأنـى لـمثلي أن يـزاحمهم عـلـى مــوارد لــم آلــف بـهـا كــدرا )
( أحــبــهــم وأداريـــهـــم وأوثـــرهــم بـمـهـجتي وخـصـوصـا مـنـهم نـفـرا )

( قوم كرام الســجايا حيــث ما جلسـوا يبـقى المكـــان على آثارهم عـطرا )

( يهـدي التصوف من أخلاقهم طرفـــا حسـن التألف منهم راقني نظـــــرا )

( هم أهل ودي وأحبابي الذين همــــوا ممـــن يجـر ذيول العـز مفتخــــرا )

( لا زال شمـلي بهم في الله مجــتمـعـا وذنبنــا فيــه مغــفورا ومغــــــتفرا )

( ثم الصلاة عــلى المخـــتار سيدنـــــا محمــد خيـــر من أوفى ومن نذرا )

III

ولهذه القصيدة تخميس للشيخ الأكبر محيي الدين بن عربي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الحكم العطائية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» ما الحكم فى وضع الطيب فى رمضان
» من فصوص الحكم(حكمة علوية في كلمة موسوية )
» ما الحكم إذا دخل الرجل المسجد فصلى السنة فأقيمت الصلاة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الطريقه النقشبنديه  :: الطريقه النقشبنديه للتزكيه والاداب  :: التزكيه والآداب والسلوك-
انتقل الى:  
المواضيع الأخيرة
» للخلاص من كل مرض وبليه ومجرب
الحكم العطائية Icon_minitimeالخميس أبريل 27, 2023 4:07 pm من طرف mechri

» الأربعون النووية
الحكم العطائية Icon_minitimeالأحد سبتمبر 19, 2021 7:38 am من طرف احمد محمد النقشبندي

» مجموعة كتب فى الفقه العام و أصول الفقه.
الحكم العطائية Icon_minitimeالسبت سبتمبر 04, 2021 10:57 pm من طرف احمد محمد النقشبندي

» السيرة النبوية لإبن هشام
الحكم العطائية Icon_minitimeالسبت سبتمبر 04, 2021 10:51 pm من طرف احمد محمد النقشبندي

»  الجن و دياناتهم
الحكم العطائية Icon_minitimeالثلاثاء أبريل 04, 2017 5:46 pm من طرف الموجه النقشبندي

» برنامج لكسر حماية ملفات الـ pdf لطباعته
الحكم العطائية Icon_minitimeالثلاثاء أبريل 04, 2017 5:46 pm من طرف الموجه النقشبندي

» حمل كتب الامام محي الدين بن عربي
الحكم العطائية Icon_minitimeالثلاثاء أبريل 04, 2017 5:46 pm من طرف الموجه النقشبندي

» رياض الصالحين .
الحكم العطائية Icon_minitimeالثلاثاء أبريل 04, 2017 5:46 pm من طرف الموجه النقشبندي

»  دعآء آلهم و آلحزن و آلكرب و آلغم
الحكم العطائية Icon_minitimeالثلاثاء أبريل 04, 2017 5:45 pm من طرف الموجه النقشبندي

» للوقايه من شر الإنس والجن
الحكم العطائية Icon_minitimeالثلاثاء أبريل 04, 2017 5:45 pm من طرف الموجه النقشبندي

» خواص عظيمه للزواج
الحكم العطائية Icon_minitimeالثلاثاء أبريل 04, 2017 5:44 pm من طرف الموجه النقشبندي

» اختصاص الامام علي كرم الله وجهه بالطريقة
الحكم العطائية Icon_minitimeالثلاثاء أبريل 04, 2017 5:38 pm من طرف الموجه النقشبندي

» النقشبندية...منهجها وأصولها وسندها ومشائخها
الحكم العطائية Icon_minitimeالثلاثاء أبريل 04, 2017 5:36 pm من طرف الموجه النقشبندي

» الشريف موسى معوض النقشبندى وذريته وأبنائه 9
الحكم العطائية Icon_minitimeالثلاثاء أبريل 04, 2017 5:35 pm من طرف الموجه النقشبندي

» االرحلة الالهية
الحكم العطائية Icon_minitimeالثلاثاء أبريل 04, 2017 5:34 pm من طرف الموجه النقشبندي

أقسام المنتدى

جميع الحقوق محفوظة لـ{منتدى الطريقه النقشبنديه} ®
حقوق الطبع والنشر © مصر 2010-2012
@ الطريقه النقشبنديه للتعارف والاهداءات والمناسبات @المنتدى الاسلامى العام @ الفقه والفتاوى والأحكام @ منتدى الخيمه الرمضانيه @ قسم الصوتيات والمرئيات الاسلاميه @ الطريقه النقشبنديه للثقافه والموضوعات العامه   منتدى الطريقه النقشبنديه للحديث الشريف @ منتدى الطريقه النقشبنديه للعقيده والتوحيد @ منتدى الطريقه النقشبنديه للسيره النبويه @ منتدى مناقب ال البيت @ منتدى قصص الأنبياء @ شخصيات اسلاميه @   الطريقه النقشبنديه والتصوف الاسلامى @ الطريقه النقشبنديه @ صوتيات ومرئيات الطريقه النقشبنديه @ رجال الطريقه النقشبنديه @ @  قصائد نقشبنديه @  منتدى قصائد أهل التصوف والصالحين @ منتدى سيرة ألأولياء والصالحين @ شبهات وردود حول التصوف الاسلامى @ التزكيه والآداب والسلوك @ أذواق ومشارب الساده الصوفيه @ الصلوات المحمديه على خير البريه @ أحزاب وأوراد @ أدعيه وتوسلاات @   تفسير الروىء وألأحلام @  منتدى الروحانيات العامه @  منتدى الجن والسحر والعفاريت @  منتدى الكتب والمكتبات العامه @ منتدى الكتب والمكتبات الصوفيه @ منتدى كتب الفقه الاسلامى @ كتب التفاسير وعلوم القران @ كتب الحديث والسيره النبويه الشريفه @ منتدى الابتهالاات الدينيه @ منتدى المدائح المتنوعه @ منتدى مدائح وأناشيد فرقة أبو شعر @ منتدى مدح الشيخ ياسين التهامى @ منتدى مدح الشيخ أمين الدشناوى @ منتدى القصائد وألأشعار @ منتدى الأزهر الشريف التعليمى @ منتدى معلمى الأزهر الشريف @ منتدى رياض الأطفال @ منتدى تلاميذ المرحله الابتدائيه @ منتدى طلاب وطالبات المرحله الاعداديه @ منتدى التربيه والطفل @ منتدى الاسره والمجتمع @ منتدى المرأه المسلمه @ منتدى الترفيه والتسليه @ منتدى الطريقه النقشبنديه للصور الاسلاميه @ منتدى صور الصالحين @ منتدى غرائب وعجائب الصور @ الصور والخلفيات العامه والمتحركه @ منتدى الطب النبوى @ أمراض وعلاج @ منتدى الوقايه خير من العلاج @ قسم الجوال والستالاايت @ قسم البرامج العامه للحاسوب @ دروس وشروحات فى الحاسوب @ تطوير مواقع ومنتديات @ انترنت وشبكات @ منتدى الشكاوى والمقترحات @ منتدى التبادل الاعلانى @
الدخول السريع
  • تذكرني؟
  • اليكسا
    التسجيل
    حفظ البيانات؟
    متطلبات المنتدى
    أرجو قفل الموضوع


    هذه الرسالة تفيد أنك غير مسجل .

    و يسعدنا كثيرا انضمامك لنا ...

    للتسجيل اضغط هـنـا

    تنويه
    لا يتحمّل منتدى الطريقه النقشبنديه الصوفيه أيّة مسؤوليّة عن المواد الّتي يتم عرضها أو نشرها من قبل الساده الأعضاء أو المشرفين أو الزائرين
    ويتحمل المستخدمون بالتالي كامل المسؤولية عن كتاباتهم وإدراجاتهم   التي تخالف القوانين
    أو تنتهك حقوق الملكيّة أو حقوق الآخرين أو أي طرف آخر.
    مواضيع مماثلة
    rss
    Preview on Feedage: free Add to My Yahoo! Add to Google! Add to AOL! Add to MSN
    Subscribe in NewsGator Online Add to Netvibes Subscribe in Pakeflakes Subscribe in Bloglines Add to Alesti RSS Reader
    Add to Feedage.com Groups Add to Windows Live iPing-it Add to Feedage RSS Alerts Add To Fwicki
    تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية
    تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية reddit      

    الطريقه النقشبنديه

    قم بحفض و مشاطرة الرابط منتدى الطريقه النقشبنديه على موقع حفض الصفحات