بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على محبوب رب العالمين وعلى اله وصحبه والاولياء والصالحين


( بيان حقيقة الحضرة )


تعريف:
الحضرة: هي حضور القلب مع الله .
وهي الركن الهام في طريق القوم.
وهذا الركن هو الاجتماع على ذكر الله عز وجل تحت إمارة الشيخ أو وكيله
المسمى بالمقدم يبدأ بتلاوة القرآن الحكيم ، ثم تنشد أناشيد من أقوال
العارفين بالله المأخوذة بما فيها من القرآن والسنة وأفهام العلماء بالله
مثل الشيخ عبدالغني النابلسي وابن الفارض ثم تقوم الجماعة للذكر ويبقون على
حالة الذكر حتى يأذن الشيخ أو المقدم بختامها وبعد ذلك يقرأ أحد الإخوة
بعض الآيات من القرآن الحكيم ويتم تفسيرها من قبل الشيخ أو وكيله.
وإن الحضرة منقولة ومتوارثة عن كبار الأشياخ العاملين فهي مقررة في كتبهم
ومظهر من مظاهر التصوف في سلوك طريقهم عند سيدي أحمد الرفاعي (انظر البرهان
المؤيد) والجنيد والجيلاني والشاذلي والشعراني والحاتمي والقشيري وغيرهم
رضي الله عنهم.

حكمها: الحضرة هي اساسا امر مباح شرعا اما واذا دخل فيها امر منكر لا تحرم بذاتها ولكن يحرم هذا المنكر.
وحضرة سيدنا محمد كانت دائمة طوال حياته حيث قالت السيدة عائشة : (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يذكر الله في كل احواله).
والصحابة كانوا يجتمعون في حلقات ذكر ويذكرون الله تعالى ولكن لم تكن بالشكل الحالي
اما الحضرة الحالية فهي ليست بدعة محدثة لان لها ادلة واساس فالذكر الجماعي
والنشيد والدف وقراءة القران وتفسيره كلها لها ادلة وليست بدعا وتجميعها
ايضا ليس بامر محدث لانه يجوز تجميع العبادات ان كانت جائزة بالاصل مثل ان
يؤدي المسلم عمرة وفي نفس الوقت يصلي نوافل ويصوم ويزكي ويصل الارحام.

بعض الادلة من القران الكريم:
{فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ }البقرة152
{وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ
ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ
الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ
يَعْلَمُونَ }آل عمران135
{الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ
وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا
خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ }آل عمران191

{فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاَةَ فَاذْكُرُواْ اللّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً
وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنتُمْ فَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ إِنَّ
الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَّوْقُوتاً }النساء103

{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ
قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً
وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ }الأنفال2
{الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ }الرعد28
وغيرها وجميعها اتت بصيغة الجماعة.

بعض الادلة من السنة:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «ليبعثن الله أقواما يوم القيامة
في وجوههم النور على منابر اللؤلؤ يغبطهم الناس ليسوا بأنبياء ولا شهداء
فجثا أعرابي على ركبتيه وقال: يا رسول الله حلهم لنا نعرفهم فقال عليه
الصلاة والسلام هم المتحابون في الله من قبائل شتى ومن بلاد شتى يجتمعون
على ذكر الله» أخرجه الطبراني بإسناد حسن وانظر الترغيب والترهيب (2/406
-4/21).
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم «إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا
فقالوا : يا رسول الله وما رياض الجنة؟ قال: حلق الذكر» أخرجه أحمد (3/150)
والترمذي (3510) وقال حديث حسن غريب وذكره المنذري في الترغيب والترهيب
(2/407 - 408).
وورد في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول«إن لله ملائكة
سيارين يتطلبون حلق الذكر فإذا أتوا عليها حفوا بها فيقول الله: غشوهم
برحمتي فهم الجلساء لا يشقى بهم جليسهم».
وفي الرواية المطولة: «إن لله تبارك وتعالى ملائكة سيارة فُضْلاً يتبعون
مجالس الذكر، فإن وجدوا مجلسا فيه ذكر قعدوا معهم وحف بعضهم بعضا بأجنحتهم
حتى يملؤوا ما بينهم وبين سماء الدنيا فإذا تفرقوا عرجوا وصعدوا إلى السماء
قال فيسألهم الله عز وجل وهو أعلم بهم: من أين جئتم؟ فيقولون: جئنا من عند
عباد لك في الأرض يسبحونك ويهللونك ويحمدونك وفي رواية البخاري ويمجدونك
ويسألونك...» أخرجه البخاري (6408) ومسلم (6780) والترمذي (3600) وأحمد
(1/251).
وقد اثنى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم على حلقات الذكر ولم ينكرها او يبدعها.

اهمية الحضرة:
كما قال العلماء الحضرة هي حضور القلب مع الله واستحضار شهود الله ويتم ذلك
من خلال الذكر بالاسم الاعظم او بكلمة التوحيد لا اله الا الله
حيث انه بالذكر يكون تاكيد على النفس باسم الله ونفي سواه.
وفيها خشوع للقلب وراحة للنفس وغذاء لها.
وهدفها ان تذكر الله ليس رقصا ولا لهوا ولا لعبا.
حيث ان بذكر الله تكسب الاجر وتبدل السيئات حسنات وتتقرب الى الله.
اما اللهو والرقص واللعب لا يكسبك الا خسارة وضياع وقت.

مخالفات شرعية من فعل الجهلة: كما قلنا الحضرة امر مباح وهي ليست بدعة في الاساس لكن بعض الدخلاء عليها ادخلوا فيها المخالفات والبدع.
1- الاعتقاد بالحضرة انها وقت تسلية ولعب ولهو ورقص وهذا اهانة للحضرة ومكانتها وتشويه لها.
2- الحركة الزائدة والمقصودة في الحضرة: حيث ان معظم اهل السنة والطرق
اجازوا الحركة في الذكر وبالادلة, لان الذكر هو الذي يحرك الذاكر اما
الحركة الزائدة فهذه فقط من مظاهر حب الظهور وان فاعلها يعتقد انه من اصحاب
الاحوال والكرامات بدل ان يتواضع ويعلم بانه عبارة عن تراب والسبب في
انتشار هذا الامر لان شيوخ الطرق يقسمون الا ثلاث انواع في حلقات الذكر:
شيخ تربية في الذكر وهو يضبط الحضرة ويمنع اي حركة زائدة عن حركة الاخوان
ومعظم الصوفية المعتدلين الصحيحين من هذا النوع, و شيخ تسليم وهو يترك
المريد يفعل ما يشاء وهذه ليست سيئة في الشيخ لان اسلوب وطريقة الشيخ هكذا ,
وشيخ يحب ان يزيد المريدين من حركتهم وشطحاتهم لانه يعتقد بان الحضرة اجمل
هكذا في عيون الناس وهذا النوع هو الذي ساهم في هذا الامر ومعظم هذا النوع
من ادعياء الصوفية.
3- الشطحات المكروهة والصراخ الزائد المقصود وهو مثل الحالة السابقة.
4- التلفظ قصدا بالفاظ ليست ذكرا مثل (أا أا) , (هي) وغيرها وهي تشويه وتحريف لاسم الله اما اذا خرجت بلا قصد فلا حرج.
5- الاختلاط : وهو من المصائب ومن اول الاسباب التي سمحت لاعداء اهل الله
بمحاربة الحضرة وهو لا يجوز شرعا وفاعلها زاد على الاثم اثم حيث انه اولا
اختلط ثم شوه طاعة وعبادة لله وادخل فيها الاثم.
6- ادخال الالات الموسيقية في الحضرة سوى الدف المجمع على جوازه لان الهدف
من الحضرة هي الذكر كما قلنا ليس الطرب او الغناء او الرقص.
7- حب الظهور في الحضرة والاشتغال بالخلق بدل الاشتغال بالخالق خصوصا من بعض المنشدين حتى تصل بين بعضهم الا الحقد والكره والغيرة.
8- انشاد بعض الكلمات والاناشيد المخالفة للشرع والتي ظهرت من بعض المبتدعة كقول (انا الله) والعياذ بالله.
9- ان تصبح الحضرة عادة لا عبادة وطاعة كما هو منتشر في بعض الدول.
10- بعد الفروغ من الحضرة يكون هنالك جلسة وحلقة تدخين والذي افتى نصف
العلماء بتحريمه ونصفهم الاخر بكراهته والتصوف هدفه ان يبتعد المسلم حتى عن
الصغائر فكيف بالمحرمات والخبائث.


والحمد لله رب العالمين و صلى الله على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم.
من الموسوعة اليوسفية للشيخ يوسف الخطار محمد حفظه الله