الحديث السابع
(( إذا انفلتت دابة أحدكم بأرض فلاة فليناد يا عباد الله احبسوا علي ، فإن لله في الأرض حاضراً سيحبسه عليكم )) .
قال الطبراني في المعجم الكبير (10/267) :
حدثنا إبراهيم بن نائلة الأصبهاني ، ثنا الحسن بن عمر بن شقيق ، ثنا
معروف بن حسان السمرقندي عن سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن عبد
الله بن بريدة ، عن عبد الله بن مسعود ، قال رسول الله (ص) :
(( إذا انفلتت دابة أحدكم بأرض فلاة فليناد يا عباد الله احبسوا علي ، فإن لله في الأرض حاضراً سيحبسه عليكم )) .
ورواه من هذا الوجه أبو يعلى في مسنده (9/177) ، وابن السني في عمل
اليوم والليلة(ص162) قال الهيثمي في مجمع الزوائد(10/132) بعد أن عزاه
لأبي يعلى والطبراني: فيه معروف بن حسان وهو ضعيف. اهـ .
وكذا قال الحافظ البوصيري في مختصر إتحاف السادة المهرة (حاشية المطالب العالية 3/239) .
وقال الحافظ ابن حجر في تخريج الأذكار (شرح ابن علان 5/150) بعد أن
عزاه لابن السني والطبراني : وفي السند انقطاع بين ابن بريدة وابن
مسعود . اهـ .
ومع ذلك فللحديث طرق تقوية وترفعه من الضعف إلى الحسن المقبول المعمول به .
الأول : ما أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (17/117) من طريق عبد
الرحمن بن شريك قال: حدثني أبي عن عبد الله بن عيسى عن يزيد بن علي عن
عتبة بن غزوان عن نبي الله(ص)قال: إذا أضل أحدكم شيئاً أو أراد أحدكم
عوناً، وهو بأرضٍ ليس بها أنيسُ فليقل: يا عباد الله أعينوني
أغيثوني، فإن لله عباداً لا نراهم . وقد جرب ذلك .
قلت : في سنده ضعف وانقطاع .
قال الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد (10/132) : رواه الطبراني ورجاله
وثقوا على ضعف في بعضهم إلا أن يزيد بن علي لم يدرك عتبة . اهـ .
واقتصر الحافظ على إعلاله بالانقطاع فقط في تخريج الأذكار : أخرجه الطبراني بسند منقطع عن عتبة بن غزوان مرفوعاً . اهـ .
الثاني : ما أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (10/424،425) :
حدثنا يزيد بن هارون قال : أخبرنا محمد بن إسحاق عن أبان بن صالح أن
رسول الله(ص) قال : "إذا نفرت دابة أحدكم أو بعيره بفلاةٍ من الأرض لا
يرى بها أحداً فليقل : أعينوني عباد الله ، فإنه سيعان" .
قلت : هذا مرسل ، ولولا عنعنة محمد بن إسحاق لكان حسن الإسناد ،
وأعله الألباني في ضعيفته (2/109) بالإعضال وهو خطأ لأن أبان بن صالح
من صغار التابعين ، والله أعلم .

الثالث: وما أخرجه البزار في مسنده (كشف الأستار :4/33-34) :
حدثنا موسى بن إسحاق ، ثنا منجاب بن الحارث ، ثنا حاتم بن إسماعيل عن
أسامة بن زيد عن أبان بن صالح عن مجاهد عن ابن عباس أن رسول الله (ص)
قال : "إن لله ملائكة في الأرض سوى الحفظة يكتبون ما يسقط من ورق
الشجر ، فإذا أصاب أحدكم عرجة بأرض فلاة فليناد : أعينوا عباد الله" .
قال الهيثمي في مجمع الزوائد (10/132) : رواه البزار ورجاله ثقات اهـ .
قال الحافظ في تخريج الأذكار (شرح ابن علان 5/151) حسن الإسناد غريب
جداً ، واقتصار الحافظ على تحسينه سببه وجود أسامة بن زيد الليثي في
إسناده فقد اختلف فيه .
وأخرجه البيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس أيضاً – لكنه موقوف – من
طريق جعفر بن عون ثنا أسامة بن زيد عن أبان بن صالح عن مجاهد عن ابن
عباس به .
وأعل الألباني في ضعيفته (2/112) الطريق المرفوعة عن ابن عباس بهذه
الموقوفة فقال : جعفر بن عون أوثق من حاتم بن إسماعيل … ولذلك فالحديث
عندي معلول بالمخالفة ، والأرجح أنه موقوف . اهـ .
قلت : هذا خطأ من وجهين :
أولهما: تقرر في علم الحديث أنه إذا تعارض الرفع والوقوف فالحكم فيه للرفع .
قال الإمام النووي في مقدمة شرح مسلم (1/32) :
إذا رواه بعض الثقات الضابطين متصلاً وبعضهم مرسلاً أو بعضهم موقوفاً
وبعضهم مرفوعاً أو وصله هو أو رفعه في وقت وأرسله أو وقفه في وقت ،
فالصحيح الذي قاله المحققون من المحدثين وقاله الفقهاء وأصحاب الأصول
وصححه الخطيب البغدادي: أن الحكم لمن وصله أو رفعه، سواء كان المخالف
له مثله أو أكثر وأحفظ لأنه زيادة ثقة وهي مقبولة. اهـ .
وقد صرح بذلك ابن الهادي في التنقيح (1/350) طبعة مصر .
ثانيهما : إن حاتم بن إسماعيل لم ينفرد برفع الحديث بل وافقه على
الرفع محمد ابن إسحاق كما تقدم بالإضافة إلى شاهد عبد الله بن مسعود
المذكور أولاً .
والصواب هنا أن يقال : إن أبان بن صالح كان يرفعه أحياناً ، وأحياناً أخرى لا ينشط لرفعه ونظائره كثيرة جداً . والله أعلم .
وعليه فإعلال الألباني للطريق المرفوعة بالموقوفة تمحل لا معنى له ،
وعلة لا تساوي سماعها يريد بها دفع الحديث والتخلص منه بأي وسيلة كانت
ولو بمخالفة قواعد الحديث ، فاللهم غفرانك .
ومما سبق بيانه يعلم أن الحديث جيد مقبول ولا بد خاص وأن الشاهد الثالث حسن الإسناد لذاته ، والله أعلم .
فائـدة
إذا ورد حديث بسند ضعيف يصير من قسم المقبول الذي هو أعلم من
الصحيح والحسن إذا تلقته الأمة بالقبول ، أما إذا عمل به بعض الأئمة –
كحديثنا هذا – ففي عملهم تقوية له .
قال الحافظ البيهقي في السنن الكبرى (3/52) بعد أن روى حديث صلاة
التسبيح ما نصه:وكان عبد الله بن المبارك يفعلها وتداولها الصالحون
بعضهم عن بعض وفيه تقوية للحديث المرفوع . اهـ .
ونحوه لشيخه الحاكم في المستدرك (1/320) .
والحديث عمل به الأئمة وجربوه :
1- ففي المسائل ، وشعب الإيمان للبيهقي : قال عبد الله بن الإمام
أحمد : سمعت أبي يقول: حججت خمس حجج منها اثنتين راكباً ، وثلاثة
ماشياً ، أو ثنتين ماشياً وثلاثة راكباً ، فضللت الطريق في حجة وكنت
ماشياً فجعلت أقول : يا عباد الله دلونا على الطريق ، فلم أزل أقل ذلك
حتى وقعت على الطريق ، أو كما قال أبي . اهـ .
2- وبعد أن أخرج أبو القاسم الطبراني الحديث في معجمه الكبير (17/117) قال : وقد جرب ذلك .
4- قال الإمام النووي في الأذكار (ص133) بعد أن ذكر الحديث ما نصه:حكى
لي بعض شيوخنا الكبار في العلم أنه انفلتت له دابة أظنها بغلة
وكان يعرف هذا الحديث فقاله، فحسبها الله عليهم في الحال، وكنت أنا
مرةً مع جماعة فانفلتت منا بهيمة وعجزوا عنها فقلته فوقفت في الحال
يغير سوى هذا الكلام . اهـ .
والحاصل أن للناقد مسلكين في تقوية هذا الحديث :
أحدهما : تقويته بالشواهد فيصير حسناً ، ولا ريب في ذلك .
ثانيهما : تقويته بعمل الأمة به .
وأحد المسلكين أقوى من الآخر والله أعلم .
*********************
الحديث الثامن
(( ليأتين على الناس زمان يخرج الجيش من جيوشهم فيقال : هل
فيكم أحد صحب محمداً فتستنصرون به فتنصروا ؟ ثم يقال : هل فيكم من صحب
محمداً فيقال: لا . فمن صحب أصحابه ؟ فيقال لا . فيقال: من رأى من
صحب أصحابه ؟ فلو سمعوا به من وراء البحر لأتوه )) .
قال أبو يعلى الموصلي في مسنده (4/132) :
حدثنا عقبة ، حدثنا يونس ، حدثنا سليمان الأعمش ، عن أبي سفيان، عن جابر ، أن رسول الله (ص) قال :
(( ليأتين على الناس زمان يخرج الجيش من جيوشهم فيقال : هل فيكم أحد
صحب محمداً فتستنصرون به فتنصروا ؟ ثم يقال : هل فيكم من صحب محمداً
فيقال : لا . فمن صحب أصحابه ؟ فيقال لا . فيقال من رأى من صحب أصحابه
؟ فلو سمعوا به من وراء البحر لأتوه )) .
إسناده صحيح .
والأعمش وإن كان مدلساً فهو معدود في المرتبة الثانية منهم ، وحديثهم مقبول صرحوا بالسماع أو لم يصرحوا .
ورواه أبو يعلى في مسنده ( 4 / 200) بلفظ مقارب :
حدثنا ابن نمير ، حدثنا محاضر ، عن الأعمش ، عن أبي سفيان ، عن جابر قال : سمعت رسول الله (ص) يقول :
" يبعث بعثٌ فيقال لهم : هل فيكم أحد صحب محمداً ؟ فيقال : نعم.
فيلتمس فيوجد الرجل فيستفتح فيفتح عليهم . ثم يبعث بعث فيقال: هل فيكم
من رأى أصحاب محمد ؟ قيلتمس فلا يوجد حتى لو كان من وراء البحر
لأتيتموه . ثم يبقى قوم يقرؤن القرآن لا يدرون ما هو " .
وهو سند صحيح أيضاً .
وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (10/18) :
رواه أبو يعلى من طريقين ورجالهما رجال الصحيح . اهـ .
وهذا الحديث الصحيح فيه استحباب التوسل بذوات الصالحين .
*******************
الحديث التاسع
(( كان رسول الله (ص) يستفتح بصعاليك المهاجرين ))
قال الطبراني في معجمه الكبير (1/292) :
حدثنا محمد بن إسحاق بن راهويه ، ثنا أبي ، ثنا عيسى بن يونس ، حدثني
أبي عن أبيه ،عن أمية بن عبد الله بن خالد بن أسيد ، قال :
( كان رسول الله (ص) يستفتح بصعاليك المهاجرين ) .
ثم قال : وحدثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي ثنا عبيد
الله بن عمر القواريري ، ثنا يحيى بن سعيد عن أبي إسحاق عن أمية بن
خالد قال :
( كان رسول الله (ص) يستفتح بصعاليك المهاجرين ) .
ثم رواه من طريق قيس بن الربيع ، عن أبي إسحاق ، عن المهلب بن أبي صفرة ، عن أمية بن خالد مرفوعاً نحوه .
قال الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد (10/262) : رواه الطبراني ورجال الرواية الأولى رجال الصحيح . اهـ .
قلت : أمية بن عبد الله بن خالد (تابعي) ، ولم يخرج له في الصحيح
لكنه ثقة ، وللا عنعنة أبي إسحاق السبيعي – فإنه مذكور في المرتبة
الثالثة من المدلسين (ص42) – لكان الحديث مرسلاً صحيح الإسناد والله
أعلم.
*******************
الحديث العاشر
((لا تبكوا على الدين إذا وليه أهله ، ولكن ابكوا عليه إذا وليه غير أهله )) .
قال الإمام أحمد في مسنده : (5/422) :
ثنا عبد الملك بن عمرو ، ثنا كثير بن زيد ، عن داود بن أبي صالح قال :
أقبل مروان يوماً فوجد رجلاً واضعاً وجهه على القبر فقال : أتدري ما
تصنع؟ فأقبل عليه فإذا هو أبو أيوب فقال: نعم جئت رسول الله (ص) ولم
آت الحجر،سمعت رسول الله(ص)يقول: (لا تبكوا على الدين إذا وليه أهله ،
ولكن ابكوا عليه إذا وليه غير أهله )).
وأخرجه من هذا الوجه الحاكم في المستدرك (4/515) وقال صحيح الإسناد ، وسلمه الذهبي .
عبد الملك بن عمرو هو القيسي أبو عامر العقدي ، ثقة احتج به الجماعة وكثير بن زيد ، حسن الحديث .
وداود بن أبي صالح قال عنه الذهبي في الميزان (2/9) : "لا يعرف" ، وسكت عنه ابن أبي حاتم الرازي (الجرح 3/416 ) .
وذكره الحافظ بن حجر تمييزاً وقال في التقريب : "مقبول" .
فإذا تشددت وأعرضت عن تصحيح الحاكم وموافقة الذهبي له لأن التصحيح
هو توثيق للراوي فهذا الاسناد فيه ضعف يسير يزول بالمتابعة ، وداود
بن أبي صالح قد تابعه المطلب بن عبد الله بن حنطب فيما أخرجه الطبراني
في المعجم الكبير (4/189) والأوسط (1/199) ، وأبو الحسين يحيى بن
الحسن في أخبار المدينة ( كما في شفاء السقام ص 152 ) .
والمطلب بن عبد الله بن حنطب صدوق ويدلس ، ومثله يصلح للمتابعة صرح بالسماع أو لم يصرح ، أدرك أبا أيوب أو لم يدركه .
فغاية هذا الإسناد أنه فيه انقطاع يسير قد زال بالمتابع المتقدمة .
وبهذه المتابعة يثبت الحديث ويصير من قسم الحسن لغيره ، والله أعلم .
تنبيه :
أما الألباني فكان ولا بد أن يضعف الحديث ، فماذا فعل في تضعيفه ؟! .
اقتصر على رواية أحمد والحاكم التي فيها داود بن أبي صالح وضعف الحديث به ، وهذا قصور وقد علمت وجود متابع لداود بن أبي صالح .
ثم أخطأ على الحافظ العلم نور الدين الهيثمي فقال الألباني : وذهل عن
هذه العلة – ( أي داود بن أبي صالح ) – الحافظ الهيثمي فقال في
المجمع (5/245) :
رواه أحمد والطبراني في الكبير ، والأوسط ، وفيه كثير بن يزيد ، وثقة أحمد وغيره ، وضعفه النسائي وغيره . اهـ .
وخطأ الألباني أنه اعتبر الجودة ذهولاً ، ذلك أن الحافظ الهيثمي
عندما نظر لإسنادي أحمد والطبراني وجد متابعاً لداود بن أبي صالح وهو
المطلب بن عبد الله بن حنطب فلم يجد ما يستحق الكلام عليه إلا كثير بن
زبيد فبين أنه مختلف، ومثله يحسن حديثه .
فحصر الهيثمي ، الكلام على كثير بن زيد هو الصواب .
ومنشأ خطأ الألباني هو عدم وقوفه على المتابعة ، وهو قصور بلا شك .
وبيان هذا القصور أنه عندما علم تخريج الطبراني للحديث كان ينبغي
المسارعة والبحث عن إسناد الطبراني والنظر فيه ، وهذا هو مسلك
المحدثين الناقدين ، أما الاقتصار على طريق واحد للحديث ثم تضعيف
الألباني له مع وجود طريق آخر فهو خطأ بلا ريب . ولعمل الألباني هذا
نظائر في كتبه .
والحديث فيه التجاء أحد الصحابة رضي الله تعالى عنهم إلى القبر الشريف .
*****************
الحديث الحادي عشر
(( اللهم أنت أحق من ذكر ، وأحق من عبد ، وأنصر من ابتغى
وأروف من ملك ، وأجود من سئل ، وأوسع من أعطى ، أنت الملك لا شريك لك،
والفرد لا تهلك، كل شيء هالك إلا وجهك، لن تطاع إلا بإذنك ، ولم تعص
إلا بعلمك، تطاع فتشكر، وتعصى فتغفر، أقرب شهيد ، وأدنى حفيظ ، حلت
دون الثغور وأخذت بالنواصي ، وكتبت الآثار ، ونسخت الآجال ، القلوب لك
مفضية ، والسر عندك علانية ، الحلال ما أحللت ، والحرام ما حرمت،
والدين ما شرعت، والأمر ما قضيت ، والخلق خلقك ، والعبد عبدك ، وأنت
الله الرؤوف الرحيم ، أسألك بنور وجهك الذي أشرقت له السماوات والأرض ،
بكل حق هو لك ، وبحق السائلين عليك أن تقبلني في هذه الغداة أو في
هذه العشية ، وأن تجيرني من النار بقدرتك )) .
قال الطبراني في المعجم الكبير (8/264) :
حدثنا أحمد بن علي بن الأبار البغدادي ، ثنا العباس بن الوليد النرسي
، ثنا هشام بن هشام الكوفي ، ثنا فضال بن جبير ، عن أبي أمامة
الباهلي قال : كان رسول الله (ص) إذا أصبح وأمسى دعا بهذه الدعوات:
((اللهم أنت أحق من ذكر، وأحق من عبد ، وأنصر من ابتغى وأروف من ملك،
وأجود من سئل، وأوسع من أعطى، أنت الملك لا شريك لك، والفرد لا تهلك،
كل شيء هالك إلا وجهك ، لن تطاع إلا بإذنك، ولم تعص إلا بعلمك ، تطاع
فتشكر ، وتعصى فتغفر ، أقرب شهيد ، وأدنى حفيظ، حلت دون الثغور وأخذت
بالنواصي ، وكتبت الآثار ، ونسخت الآجال ، القلوب لك مفضية ، والسر
عندك علانية ، الحلال ما أحللت ، والحرام ما حرمت، والدين ما شرعت،
والأمر ما قضيت ، والخلق خلقك ، والعبد عبدك ، وأنت الله الرؤوف
الرحيم ، أسألك بنور وجهك الذي أشرقت له السماوات والأرض ، بكل حق هو
لك ، وبحق السائلين عليك أن تقبلني في هذه الغداة أو في هذه العشية،
وأن تجيرني من النار بقدرتك)).
قلت : فيه فضال بن جبير .
قال ابن عدي في الكامل (6/2047) : لفضال بن جبير عن أبي أمامة قدر عشرة أحاديث كلها غير محفوظة . اهـ .
وقال ابن حبان في المجروحين (2/204) : يروى عن أبي أمامة ما ليس من حديثه ، لا يحل الاحتجاج به بحال . اهـ .
ولذلك قال الهيثمي في مجمع الزوائد (10/117) :
رواه الطبراني، وفيه فضال بن جبير، وهو ضعيف، مجمع على ضعفه . اهـ .
الحديث الثاني عشر
(( إذا طنت أذن أحدكم فليذكرني ، وليصل علي ))
قال الطبراني في معجمه الصغير (2/120) :
حدثنا نصر بن عبد الملك السنجاري بمدينة سنجار سنة 278 ثمان وسبعين
ومائتين ، حدثنا معمر بن محمد بن عبيد الله بن أبي رافع صاحب النبي
(ص) ، حدثنا أبي محمد عن أبيه عبيد الله عن أبيه أبي رافع قال : قال
رسول الله (ص) :
(إذا طنت أذن أحدكم فليذكرني ، وليصل علي )) لا يروى عن أبي رافع إلا بهذا الاسناد تفرد به معمر بن محمد .
قلت : لم يتفرد به معمر بن محمد كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى .
وقد أخرجه من هذا الوجه البزار في مسنده (كشف الأستار 4/32)، والبيهقي
في الدعوات ، وأبو يعلى ، وابن عدي في الكامل (6/ 2443) ، والعقيلي
في الضعفاء (4/261) .
وقال العقيلي (4/104) : ليس له أصل .
ولذا أورده من طريقه ابن الجوزي في الموضوعات (3/76 ) .
وذكره ابن طاهر المقدسي في تذكرة الموضوعات (ص32) .
فمعمر كذب، وقال البخاري: منكر الحديث . ومحمد بن عبيد الله بن أبي
رافع قال عنه البخاري: منكر الحديث. وقال أبو حاتم: ضعيف الحديث منكر
منكر الحديث جداً ، ذاهب . وقال الدارقطني : متروك ومع ذلك ذكره ابن
حبان في الثقات .
واقتصر الحافظ على تضعيفه في التقريب .
ومعمر بن محمد بن عبيد الله بن أبي رافع لم يتفرد به كما قال
الطبراني ، بل له طرق أخرى لكن مدارها على أبيه محمد بن عبيد الله بن
أبي رافع وقد علمت قوته في الضعف .
أخرجها ابن خزيمة في صحيحه ، والخرائطي في مكارم الأخلاق (ص80) وابن
السني في عمل اليوم والليلة (ص66) ، والطبراني في المعجم الكبير
(1/321-322)، وابن عدي في الكامل (6/2126)، وابن حبان في المجروحين
(2/250) . وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (10/138) : إسناد الطبراني في
الكبير حسن .اهـ .
وهذا منه غريب لما قد تبين من ضعف النتفرد به ، بل قوته في الضعف .
وأغرب منه إخراج ابن خزيمة له في صحيحه .
وقد انتقده الحفاظ على ذلك .
فقال السخاوي في (القول البديع في الصلاة على الحبيب الشفيع ) (ص 225 ) :
وقد أخرجه ابن خزيمة في صحيحه ، وذلك عجيب لأن إسناده غريب وفي ثبوته نظر .
وقال نحوه ابن كثير في تفسيره (6/467) ، وقلد المناوي في فيض القدير
(1/399) ابن خزيمة والهيثمي فبعد عن الصواب، والله تعالى أعلم.
******************
الحديث الثالث عشر
(( لما اقترف آدم الخطيئة قال : يا رب أسألك بحق محمد لما
غفرت لي، فقال الله: يا آدم وكيف عرفت محمداً ولم أخلقه، قال : يا رب
لأنك لما خلقتني بيدك ونفخت في من روحك رفعت رأسي فرأيت على قوائم
العرش مكتوباً لا إله إلا الله، محمد رسول الله ، فعلمت أنك لم تضف
إلى إسمك إلا أحب الخلق إليك ، فقال الله صدقت يا آدم إنه لأحب الخلق
إلي ادعني بحقه فقد غفرت لك ولولا محمد ما خلقتك )) .
قال الحاكم في المستدرك (2/615) :
حدثنا أبو سعيد عمرو بن محمد بن منصور العدل ، ثنا أبو الحسن محمد بن
إسحاق بن إبراهيم الحنظلي ، ثنا أبو الحارث عبد الله بن مسلم الفهري ،
ثنا إسماعيل ابن مسلمة ، أنبأ عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، عن أبيه
عن جده عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : قال رسول الله (ص) :
(( لما اقترف آدم الخطيئة قال : يا رب أسألك بحق محمد لما غفرت لي
فقال الله : يا آدم وكيف عرفت محمداً ولم أخلقه ، قال : يا رب لأنك
لما خلقتني بيدك ونفخت في من روحك رفعت رأسي فرأيت على قوائم العرش
مكتوباً لا إله إلا الله ، محمد رسول الله، فعلمت أنك لم تضف إلى إسمك
إلا أحب الخلق إليك، فقال الله صدقت يا آدم إنه لأحب الخلق إلي
ادعني بحقه فقد غفرت لك ولولا محمد ما خلقتك )) .
هذا حديث صحيح الإسناد(1) ، وهو أول حديث ذكرته لعبد الرحمن ابن زيد بن أسلم في هذا الكتاب . اهـ .
ورواه الآجري في الشريهة (ص 427) من هذا الوجه مع زياد رجل بين الفهري وشيخه لكنه موقوف .
وأخرجه البيهقي عن الحاكم في دلائل النبوة (5/489) وقال :تفرد به عبد الرحمن بن زيد بن أسلم من هذا الوجه عنه ،وهو ضعيف .
ولكن الذهبي في تلخيص المستدرك (2/615) كان حكمه أشد فقال :
موضوع، وعبد الرحمن واهٍ، رواه عبد الله بن مسلم الفهري ولا أدري من ذا عن إسماعيل بن مسلمة عنه .
لكنه قال في ترجمة عبد الله بن مسلم من الميزان (2/504) :
روى عن إسماعيل بن مسلمة بن قعنب عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم خبراً
باطلاً فيه: يا آدم لولا محمد ما خلقتك، رواه البيهقي في ( دلائل
النبوة ) .
وأقره الحافظ في اللسان (3/360)
(1) وهو حديث حسن باعتبار طريق ميسرة الفجر ، الذي سيأتي ذكره في نهاية الكلام على هذا الحديث إن شاء الله .
ولكن لم ينفرد عبد الله بن مسلم به فقد توبع .
قال الطبراني في المعجم الصغير (2/82) :
حدثنا محمد بن داود بن أسلم الصدفي المصري ، حدثنا أحمد بن سعيد
المدني الفهري، حدثنا عبد الله بن إسماعيل المدني عن عبد الرحمن بن
زيد بن أسلم عن أبيه عن جده عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : قال
رسول الله (ص) :
(( لما أذنب آدم صلى الله عليه وسلم الذنب الذي أذنبه رفع رأسه إلى
العرش فقال: أسألك بحق محمدٍ إلا غفرت لي، فأوحى الله إليه وما محمد
ومن محمد ؟ فقال: تبارك اسمك لما خلقتني رفعت رأسي إلى عرشك، فإذا فيه
مكتوب لا إله إلا الله محمد رسول الله فعلمت أنه ليس أحد أعظم عندك
قدراً ممن جعلت ايمه مع اسمك ، فأوحى الله عز وجل إليه يا آدم إنه آخر
النبيين من ذريتك ، وإن أمته آخر الأمم من ذريتك ولولاه يا آدم ما
خلقتك )) .
قال الطبراني : لا يروى عن عمر إلا بهذا الإسناد ، تفرد به أحمد بن سعيد .
قلت : والأمر ليس كما قال فأحمد بن سعيد توبع كما تقدم عند الحاكم ، لكن هذا السند فيه من لم أجد تراجمهم .
وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (8/153) :
رواه الطبراني في الأوسط والصغير ، وفيه من لم أعرفهم . اهـ .
والحاصل ان الحديث تفرد به عبد الرحمن بن زيد بن أسلم من الرجه
المتقدم وهو ضعيف كما قال البيهقي : ضعفه الكل ، إلا ابن عدي فإنه رغم
روايته لمنكرات له في الكامل قال (4/1585) :
له أحاديث حسان … وهو ممن احتمله الناس وصدقه بعضهم وهو ممن يكتب حديثه . اهـ .
وشدد بعضهم فيه .
وبسبب تساهل الحاكم في تصحيح هذا الحديث قال الحافظ في النكت على ابن الصلاح (1/328) :
ومن عجيب ما وقع للحاكم أنه أخرج لعبد الرحمن بن زيد بن أسلم وقال _ بعد روايته :
هذا صحيح الإسناد ، وهو أول حديث ذكرته لعبد الرحمن مع أنه قال في
كتابه الذي جمعه في الضعفاء : عبد الرحمن بن زيد بن أسلم روى عن أبيه
أحاديث موضوعة لا يخفى على من تأملها من أهل الصنعة أن الحمل فيها
عليه .
وقال آخر هذا الكتاب : فهؤلاء الذين ذكرتهم قد ظهر عندي جرحهم لأن الجرح لا أستحله تقليداً . اهـ .
وله شاهد موقوف ولكنه ضعيف . أخرجه الآجري في الشريعة
(ص422-425) : أخبرنا أبو أحمد هارون بن يوسف بن زياد التاجر قال :
حدثنا أبو مروان العثماني قال : حدثني ابن عثمان بن خالد ، عن عبد
الرحمن بن أبي الزناد ، عن أبيه قال :
(( من الكلمات التي تاب الله عز وجل بها على آدم عليه السلام أنه قال
: اللهم إني أسألك بحق محمد عليك ، قال الله عز وجل : يا آدم وما
يدريك بمحمد ؟ قال: يا رب رفعت رأسي فرأيت مكتوباً على عرشك لا له إلا
الله محمد رسول الله فعلمت أنه أكرم خلق الله عليك )) .
قلت : أبو مروان العثماني فيه كلام ، وأبوه عثمان بن خالد متروك ،
ومع ذلك فهو معضل وموقوف . وله شاهد آخر مرسل موقوف ولكن ألفاه فيها
نكارة .
فقد أخرج ابن المنذر في تفسيره ( كما في الدر المنثور : 1/60) عن
محمد الباقر بن علي بن الحسين عليهم السلام قال : لما أصاب آدم
الخطيئة عظم كربه واشتد ندمه فجاء جبريل فقال : يا آدم هل أدلك على
باب توبتك الذي يتوب الله عليك منه ، قال : بلى يا جبريل ، قال : فقم
في مقامك الذي تناجي فيه ربك فمجد وامدح فليس شيء أحب لله من المدح ،
قال : فأقول ماا يا جبريل ؟ قال : فقل لا إله إلا الله وحده لا شريك
له ، له الملك وله الحمد يحيى ويميت ، وهو حي لا يموت بيده الخير ،
وهو على كل شيء قدير ، ثم تبوء بخطيئتك فتقول : سبحانك اللهم وبحمدك
لا إله إلا أنت ربِ إني ظلمت نفسي وعملت السوء فاغفر لي إنه لا يفر
الذنوب إلا أنت ، اللهم إني أسألك بجاه محمد عبدك وكرامته عليك أن
تغفر لي خطيئتي، قال: ففعل آدم ، فقال الله : يا آدم من علمك هذا ،
فقال : يا رب إنك لما نفخت في الروح فقمت بشراً سوياً أسمع وأبصر
وأعقل وأنظر رأيت على ساق عرشك مكتوباً : بسم الله الرحمن الرحيم لا
إله إلا الله وحده لا شريك له محمد رسول الله ، فلما لم أر على أثر
إسمك اسم ملك مقرب ، ولا نبي مرسل غير اسمه علمت أنه أكرم خلقك عليك،
قال: صدقت وقد تبت عليك وغفرت لك خطيئتك، قال: فحمد آدم ربه وشكره
وانصرف بأعظم سرور لم ينصرف به عبد من عند ربه ، وكان لباس آدم النور ،
قال الله ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوآتهما ثياب النور ، قال :
فجاءته الملائكة أفواجاً تهنئة يقولون : لتهنك توبة الله يا أبا محمد
)) .
لم أقف على إسناده إلى محمد الباقر عليه السلام ، وهو رغم كونه
إماماً جليل القدر من أئمة التابعين وثقاتهم ، إلا أن في متنه نكارة
بينة ، وهو أجل من أن تنسب إليه هذه النكارة ، ولكنها من الرواة عنه ،
والله أعلم .
وبعد كتابة ما تقدم ، وجدت لحديث توسل آدم بالنبي (ص) شاهداً قوياً .
قد أخرج الحافظ أبو الحسن بن بشران قال : حدثنا أو جعفر محمد ابن
عمرو، حدثنا أحمد بن سحاق بن صالح، ثنا محمد بن صالح، ثنا محمد ابن
سنان العوقي، ثنا إبراهيم بن طهمان، عن بديل بن ميسرة، عن عبد الله بن
شقيق(1)، عن ميسرة قال: قلت: يا رسول الله، متى كنت نبياً ؟ قال: ((
لما خلق الله الأرض واستوى إلى السماء فسواهن سبع سماوات ، وخلق
العرش،كتب على ساق العرش: محمد رسول الله خاتم الأنبياء، وخلق الله
الجنة التي أسكنها آدم وحواء، فكتب اسمي على الأبواب، والأوراق
والقباب، والخيام،وآدم بين الروح والجسد،فلما أحياه الله تعالى: نظر
إلى العرش فرأى اسمي فأخبره الله أنه سيد ولدك، فلما غرهما الشيطان ،
تابا واستشفعا باسمي إليه ) .
وأخرجه ابن الجوزي في الوفا بفضائل المصطفى من طريق ابن بشران، نقله عن ابن تيمية في الفتاوي (2/159) مستشهداً به .
وذكره شيخنا العلامة المحقق السيد عبد الله بن الصديق الغماري – نور
الله مرقده – في الرد المحكم المتين (ص138 – 139 ) وقال : ( إسناد هذا
الحديث قوي، وهو أقوى شاهد وقفت عليه لحديث عبد الرحمن بن زيد) . اهـ
. وكذا قال الحافظ بن حجر .
قلت: إسناده مسلسل بالثقات ، ما خلا راوٍ واحد صدوق .
(1) وقد وقع في فتاوي ابن تيمية (2/150) (عبد الله بن سفيان ) ،
والصواب (عبد الله بن شقيق) هكذا جاء عند من أخرج أصل الحديث كالحاكم
(2/608) ، والبيهقي في الدلائل (1/85 ، 2/129) ، وأبو نعيم في الحلية
(9/53) ، والتاريخ الكبير للبخاري (7/374 ، ترجمة رقم 1606) ، والسنة
لابن أبي عاصم (1/179) وقد ذكره شيخنا المحقق العلامة السيد عبد الله
الصديق الغماري رحمه الله تعالى على الصواب في الرد المحكم المتين (ص
139) .
فأبو جعفر محمد بن عمرو ، وهو ابن البختري الرزاز ، ثقة ثبت ، وله ترجمة في تاريخ بغداد (3/132) .
وأحمد بن إسحاق بن صالح ، هو أبو بكر الوزان ، صدوق على الأقل ، وله ترجمة في تاريخ بغداد أيضاً (4/28) .
ومحمد بن صالح هو أبو بكر الأنماطي المعروف بكيلجة ، ثقة حافظ من
رجال التهذيب ، ويمكن أن يكون هو محمد بن صالح الواسطي كعب الذراع،
ثقة أيضاً، ومترجم في تاريخ الخطيب (5/360)، والاختلاف في تعيين الثقة
لا يضر .
ومحمد بن سنان العوقي فمن فوقه ثقات من رجال التهذيب .
فالصواب أن هذا الإسناد من شرط الحسن على الأقل ، ويصححه من يدخل الحسن في الصحيح من الحفاظ كابن حبان والحاكم .
****************
الحديث الرابع عشر
(( من أراد يؤتيه الله حفظ القرآن وحفظ العلم فيكتب هذا
الدعاء في إناء نظيف بعسل ، ثم يغسله بماء مطر ، يأخذه قبل أن يقع إلى
الأرض، ثم يشربه على الريق ثلاثة أيام ، فإنه يحفظ بإذن الله: اللهم
إني أسألك بأنك مسؤوول لم يسأل مثلك ، أسألك بحق محمد رسولك ونبيك ،
وإبراهيم خليلك وصيفك، وموسى كليمك ونجيك ، وعيسى كلمتك وروحك … )
الحديث بطوله .
قال الخطيب البغدادي في الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع(2/2661) :
أنا محمد بن الحسين بن محمد المتوه ، نا عثمان بن أحمد الدقاق ، نا
محمد بن خلف بن عبد السلام ، نا موسى بن إبراهيم المروزي ، نا وكيع،
عن عبيدة ، عن شقيق ، عن ابن مسعود ، عن النبي (ص) قال :
((من أراد يؤتيه الله حفظ القرآن وحفظ العلم فيكتب هذا الدعاء في
إناء نظيف بعسل ، ثم يغسله بماء مطر ، يأخذه قبل أن يقع إلى الأرض، ثم
يشربه على الريق ثلاثة أيام ، فإنه يحفظ بإذن الله : اللهم إني أسألك
بأنك مسؤوول لم يسأل مثلك ، أسألك بحق محمد رسولك ونبيك ، وإبراهيم
خليلك وصيفك، وموسى كليمك ونجيك، وعيسى كلمتك وروحك…) الحديث بطوله .
قلت : هذا موضوع ، والمتهم به موسى بن إبراهيم أبو عمران المروزي .
كذبه يحيى بن معين ، وقال الدارقطني ويره : متروك ، وقد عد الحافظ
الذهبي في الميزان (4/199) هذا الحديث من بلايا موسى بن إبراهيم .
وقد سرقه منه عمر بن صبح الخراساني الكذاب وركب له إسناداً آخر وهو الذي أخرجه ابن الجوزي في الموضوعات ( 3/174- 175) .
ورواه أبو الشيخ في الثواب ( كما في اللآلئ : 2/357) من طريق الحسن
بن عرفة ، حدثنا زيد بن حباب ، حدثنا عبد الملك بن هارون بن عنترة ،
عن أبيه أن أبا بكر الصديق رضي الله تعالى عنه أتى النبي (ص) فقال :
إني أتعلم القرآن فينفلت مني، فقال النبي (ص): (قل : اللهم إني أسألك
بحق محمد نبيك، وإبراهيم خليلك ، وموسى نجيك ، وعيسى روحك ..) الحديث
.
وفي الوسيلة والتوسل ( ص 89 ) :
ورواه أبو موسى المديني من حديث زيد بن الحباب ، عن عبد الملك بن
هارون بن عنترة، وقال: هذا حديث حسن مع أنه ليس بالمتصل ، قال أبو
موسى: ورواه محرز بن هشام، عن عبد الملك، عن أبيه، عن جده، عن الصديق
رضي الله عنه، وعبد الملك ليس بذاك القوي وكان بالري، وأبوه وجده
ثقتان . اهـ .
قلت : هذا مثل أسانيد الحديث على وهائه .
فهارون بن عنترة بن عبد الرحمن ، تابعي ثقة ، وزعم بعضهم أن له صحبة
فإسناده متصل ، لكن آفته عبد الملك بن هارون بن عنترة هالك .
قال عنه يحيى بن معين : كذاب ، وقال أبو حاتم : متروك ذاهب الحديث .
والحاصل أن الحديث موضوع .
وهو مما أصاب ابن الجوزي بذكره في الموضوعات ، والله أعلم