وكان عليه السلام يزور المقابر فربما وجد امرأة أو أمرا يخالف الشرع
أو آداب زيارة القبر فينكر عليه ، وكذلك عندما يرى أحدا يصدر منه شيء
يتنافى مع الشرع حين دفن قريب له فإنه ينبه إلى تجنب ذلك .
فعن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال : (( مر النبي صلى الله عليه وسلم
بامرأة تبكي عند قبر فقال : اتقي الله واصبري . قال : إليك عني ، فإنك لم
تصب بمصيبتي ، ولم تعرفه . فقيل لها : إنه النبي صلى الله عليه وسلم فأتت
النبي صلى الله عليه وسلم فلم تجد عنده بوابين . فقالت : لم أعرفك ، فقال :
إنما الصبر عند الصدمة الأولى )) [1] متفق عليه .



وفي هذا الحديث جواز إنكار المحتسب على المرأة إذا رأى منها ما يخالف الشرع
، ويعطها في ذلك ، ولهذا بوب البخاري على هذا الحديث فقال : ( باب قول
الرجل للمرأة عند القبر اصبري ) [2] . اهـ .
ونقل الحافظ في الفتح عن الزبن بن المنير قوله : وعبر بقوله الرجل ليوضح أن
ذلك لا يختص بالنبي صلى الله عليه وسلم وعبر بالقول دور الموعظة ونحوها
لكون ذلك الأمر يقع على القدر المشترك من الوعظ وغيره ، واقتصر على ذكر
الصبر دون التقوى لأنه المتيسر حينئذ المناسب لما هي فيه ، قال : وموضع
الترجمة من الفقه جواز مخاطبة الرجال النساء في مثل ذلك بما هو أمر بمعروف
أو نهي عن منكر أو موعظة أو تعزية أو ذلك لا يختص بعجوز دون شابة لما يترتب
عليه من المصالح الدينية والله أعلم . [3]. اهـ .



وقال الحافظ ابن حجر ـ رحمه الله ـ : ومناسبة هذه الترجمة لمـا قبلها لجامع
ما بينهما من مخاطبة الرجل المرأة بالموعظة لان في الأول جواز مخاطبتها
بمـا يرغبها في الأجر إذا احتسبت مصيبتها ، وفي هذا مخاطبتها بمـا يرهبها
من الإثم لمـا تضمنه الحديث من الإشارة إلى أن عدم الصبر ينافي التقوى