الطريقة النقشبندية مبنية على العمل باحدى عشرة كلمة وقاعدة صوفية استمدت
من التجربة السلوكية لمشايخ الطريقة ثمان منها مأثورة عن الشيخ عبد الخالق
الغجدواني ( 575 هـ) وثلاث منها مأثورة عن الشيخ الاكبر محمد بهاء الدين
النقشبند ( 717 ـ 791 هـ).
و قد علم ان النقشبندية اسست على القلب،
والذكر هو التأمل هو في اسمه تعالى حتى يبدأ القلب وكل الجسد بالذكروثمرته
تطهير القلب من الرذائل ودوام الحضور. والحقيقة ان المقصود هو المذكور
والقرب من الحق والذكر وسيلة للقرب وحين يتجلى نور الله في القلب ويتحقق
الحضور لا يبقى الذكر اذ يكون المذكور حاضرا وهذا القرب كما قلنا ليس بقرب
الذات من الذات وليس بقرب الجسد من ذات الله سبحانه بل بقرب الباطن من نور
الله سبحانه وهذا القرب يدرك بعين القلب لا بعين الراس أي بالبصيرة لا
بالبصر. و كما قلنا ان المثال على ذلك هو الرؤية في المنام . فبأي عين نرى
في المنام ؟ وبذلك نقرب المعنى في نفوسنا.
وهذه الكلمات هي:

1 ـ اليقظة عند النفس
2 ـ النظر الى القدم
3 ـ السفر في الوطن
4 ـ الخلوة في الجلوة
5 ـ الذكر الدائم
6 ـ العودة من الذكر الى الذات
7 ـ حراسة القلب من الغفلات والخواطر، او الحضور الدائم
8 ـ حفظ اثار الذكر في القلب
9 ـ الوقوف الزماني
10 ـ الوقوف العددي
11 ـ الوقوف القلبي
1 ـ اليقظة عند النفس : " هوش دردم " حفظ الأنفاس
ومعنا حفظ النفس عن الغفلة عند دخوله وخروجه وبينهما ليكون قلبه حاضرا مع
الله في جميع الانفاس فلا تتوزع خيالاته على امور دنيوية . قال النقشبند :
إن عمل السالك متعلق بنفسه، فعليه أن يعلم فيما اذ أمر نفسه مع الحضور او
مع الغفلة لكي يبقى السالك في الذكر ولايتوزع باله على الماضي او المستقبل
في حال الغفلة.
قال الشيخ عبيد الله الاحرار 809 ـ 895 هـ وهو احد
كبار النقشبندية : اهم عمل في الطريقة النقشبندية هو مراقبة النفس حتى
لايخرج في الغفلة ، ومن لم يفكر فيها يقال له انه ( فقد نفسه ) .
وقال
الشيخ سعد الدين الكاشغري وهو معاصر الشيخ عبيدالله : معنى اليقظة عند
النفس هو ان لايغفل السالك من نفس الى نفس وان يتنفس مع الحضور وان لايخلو
النفس عن الحق . وباختصار تعنى هذه الكلمة عند رجال الطريقة النقشبندية
اليقظة والدقة والفكر عند التنفس وهو درجة من درجات الطريقة واذا اضاع
السالك نفسا له فكأنه ارتكب ذنبا، ان ضياع النفس هو ضرر له .



2 ـ النظر الى القدم : " نظر بر قدم "
حفظ النَّظَرات
يرى
البعض ان معناه : على الصوفي في حال مشيه في الطريق ان يكون نظره مركزا
على موضع قدمه حتى لايتوزع باله وعقله على انحاء كثيرة ، وحتى يكون عقله
وفكره مع الله فلا يغتر بجمال ومتاع الدنيا وهذا عمل محمود ولكن الامام
الرباني يقول : النظرعلى القدم هي حال"السفر في الوطن" وهما معنويان
والمقصود بهذه الكلمة : هو ان السالك قبل ان يسير من مقام الى مقام أعلى
عليه أن ينظر بعين البصيرة الى هذا المقام قبل أن يخطوعلى قدمه المعنوي.
وفي مبحث الدوائر اشرنا الى ان المسيرة بالقدم تصل الى نهاية مقامات
الحقائق واخرها حقيقة الصلاة ثم تبدا الرحلة النظرية . وقال الامام الرباني
،
إن السير النظري كالاستطلاع للسير على القدم لعروج المقامات وقبل ان
يخطو بقدمه الى المقام الجديد فعليه ان يتحقق فيه ويعرف مكانه، فيخطو الى
المقام الجديد ، ويقال لهذا التحقق في المقام الجديد" النظر الى القدم "
لذلك يشبه حالة السفر في الوطن
ذلك ان النظرعلى القدم يعنى الرحلة من
مقام الى مقام وهي نفس معنى السفر في الوطن . والتحقق في موضع القدم في حال
السفر يعني النظر على القدم وهو تبصيرالسالك بدرجته ومنزلته في مستقبله .
وبعد مرحلة الرحلة على القدم تبدا مرحلة نظر السالك ، والسالك يرى المقامات
الكبرى بالنظر فقط.
يقول فخر الدين الكاشفي في الرشحات : النظرعلى
القدم يشيرالى مدى تقدم السالك في مسلك التصوف للعروج الى مقامات الوجود ،
وتجاوزعقدة الانانية. وله كتاب مهم موسوم بـ ( الاصول النقشبندية) محفوظ في
المكتبة الوطنية الفرنسية.
3 ـ السفر في الوطن : " سفر در وطن "
حفظ الأخلاق وله معان:
المعنى الاول :
لانشك في ان السفر بالمعنى المعروف مفيد لرفد الخبرة وتوسعة الادراك ،
والسير في الارض يورث العبرة في النظر الى المخلوقات، ويوجه أبصار الانسان
الى عظمة خالقه. فالسفر باعث للتفكر وقد مدح الله سبحانه المتفكرين في خلق
السموات والارض وقرنهم بالذاكرين قال تعالى" الذين يذكرون الله قياما
وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق
السموات والارض" آل عمران 191 ثم
مدح السائحين في الارض وقرنهم بالتائبين العابدين . فقال سبحانه" التائبون
العابدوين الحامدون السائحون الراكعون الساجدون الآمرون بالمعروف والناهون
عن المنكر والحافظون لحدود الله " التوبة 112 وفي سورة التحريم" تائبات
عابدات سائحات " .
وفي القرآن الكريم عناية خاصة بالسائرين في الارض
للاعتبار بما جرى على الارض عقابا للمعتدين، أو دلالة على التغيرات في
امورالحياة . يقول سبحانه في اربعة مواضع من القرآن الكريم" أفلم يسيروا في
الارض " .
وفي ثلاثة مواضع" قل سيروا في الارض " .
وفي موضعين" أو لم يسيروا في الارض " .
وهي حث للمسلمين على السفر وعلى التجول في الارض ليزداد إيمانهم بالله
سبحانه. الا يعنى ذلك ان اساس هذه القاعدة الصوفية النقشبندية هو الخلق
الاسلامي القرآني ؟؟
المعنى الثاني:
هو البحث عن المرشد الصالح
فقد أوصى كبار المشايخ بسفر المريدين للبحث عن مرشد كامل ولكنهم قالوا فعند
ذلك على السالك أن يطيع كل مايأمر به المرشد وان رحلة مولانا خالد
النقشبندي من العراق الى الشام والحجاز، ومن الحجازالى كردستان ومنها الى
ايران والافغان وكابل وقندهار الى ان يصل الى حضرة الشيخ عبد الله الدهلوي
ويحظى بامنيته في حضرة هذا المرشد الكامل تعتبر من الرحلات الصوفية المهمة
في هذا المجال وكذلك رحلة الامام الغزالي من طوس الى بغداد ومنها الى الشام
والحجاز للبحث عن مرشد مثال اخر لهذه الرحلات .
المعنى الثالث:
وهو المعنى المعنوي في المصطلح النقشبندي: يقول النقشبنديون ان المعنى
المعنوي لهذه الكلمة عبارة عن محاولة السالك للانتقال من الصفات البشرية
الخسيسة الى الصفات الملكية الفاضلة وهو سفر من عالم الخلق الى الحق وهو
ابتعاد عن مغريات الدنيا والتقرب من مالك الدارين وهو سفر من حال ومقام الى
حال ومقام احسن و اعل

4 ـ الخلوة في الجلوة : "خلوت در انجمن " حفظ الخلوة ومعناه ان جسده مع الخلق وقلبه مع ربه. والخلوة نوعان:
خلوة مادية ، وهي عبارة عن انتقال السالك الى زاوية معزولة للتعبد والتأمل
وهذه نافعة للسالك لضبط حواسه وامكان التركيز على قلبه والانهماك في حال
قلبه ومن المعلوم انه كلما استطاع تعطيل الصفات الخارجية من العمل تزداد
الصفات الباطنية نشاطاوعملا وبهذا يقرب من عالم الملكوت بشكل احسن.
والنوع الثاني:
خلوة القلب بحيث لا يغفل عن ذكر ربه حتى اذا كان مع الناس ومشغولا بالكسب
والذهاب والاياب فيبقى قلبه ذاكرا ولايغفل عن ربه قال تعالى "رجال لاتلهيهم
تجارة ولابيع عن ذكر الله" النور37 والمقصود هنا المعنى الثاني . قال
الشيخ محمد امين الكردي في كتابه تنويرالقلوب" فمعناه ان يكون قلب السالك
حاضرا مع الحق في الاحوال كلها غائبا عن الخلق مع كونه بين الناس" .
ويستحسن معظم كبار علماء التصوف ان يبقى قريبا من الناس ، عاملا بالكسب
الحلال بعد ان يستقر السالك ويتقدم في سلوكه . قال الشيخ ابو سعيد الخراز
المتوفى 279 هـ:
ليس الكامل من صدر عنه انواع الكرامات وانما الكامل
الذي يقعد بين الخلق يبيع ويشتري معهم ويتزوج ويختلط بالناس ولا يغفل عن
الله لحظة واحدة .ويقولون ( الصوفي كائن بائن ) اي بالظاهر والجسم كائن مع
الخلق والباطن والقلب بائن عنهم.

قال الامام الرباني :
الخلوة في الجلوة فرع للسفر في الوطن ذلك انه متى يتيسر السفر في الوطن
يسافر في خلوة الوطن ايضا في نفس الجلوة ولاتتطرق تفرقة الافاق الى حجرة
الانفس . وقال : هذا العمل في البداية صعب ولكنه سرعان مايسهل وقال: هذه
الموهبة في طريقتنا للمتبدئين اما في الطرق الاخرى فهي للمنتهين.
ذلك
انها تحصل في السير في الانفس وهي بداية الطريقة النقشبندية والسير الافاقي
يحصل مع السير في الانفس والسالكون من الطرق الاخرى عليهم ان يكملوا السير
الافاقي ثم يبدأوا بالسير في الانفس .
وللتوضيح اقول : أن السير الافاقي هو سير في عالم المادة وفي عالم الخلق .
إما السير في الانفس فهو عبور المقامات القلبية الباطنية وتسمى اللطائف
وهي من عالم الامر ، والاسرار والانوار التي تكشف خارج القلب هي من عالم
الخلق اي الافاقي وماتكشف في القلب وترى فهي للانفس وعالم الامر . والتحلي
بهذه الصفات والقدرة على تحقيق هذه الاعمال هي من مواهب هؤلاء السالكين
الذين ملكوا هذه الدرجات بما قدموا من الذكر والعبودية والصدق والمجاهدة .
5 ـ الذكر الدائم( يادكرد ) حفظ الذِّكر
:
والذكر بالمعنى العام الذي يشمل ذكر اسم الجلالة والتأمل ، والصلاة وقراءة
القرآن الكريم والدعاء هو اساس السلوك الصوفي ، والغالب الشائع من معانية
هو ذكر اسم الجلالة "الله" والتأمل . والذكر قد يكون جهرا وقد يكون سرا
والسلوك النقشبندي يعتمد الذكر السري وله صورتان : ذكر "الله" عز وجل ، و
النفي والاثبات "لااله الا الله" وفي الحديث الشريف (افضل ما قلت انا و
النبيون من قبلي ، لااله الا الله )
وهذه الطريقة كانت تسمى الطريقة
الخواجية ، باسم مرشدها الاكبر المعروف بخواجه عبد الخالق الغجدواني، وهو
الذي اسس الذكر السري في الطريقة النقشبندية وروجه وابتكر هذه النصائح التي
نحن بصدد بيانها، وقد ظل الذكرالجهري معمولا به بجانب الذكر الخفي عند
السالك الى عهد الشيخ محمد بهاء الدين النقشبندي وهو رئيس الطريقة
النقشبندية اذ قرر ان الطريقة هي الذكر القلبي لا غير، واضاف ثلاث نصائح
اخرى الى كلمات الغجدواني وهي : الوقوف القلبي والوقوف العددي والوقوف
الزماني فاصبحت (11) كلمة او نصيحة .
والمقصود بالذكر هنا هو مداومة
الذكر والتذكر، والفائدة في الذكر القلبي انه لايحتاج الى صوت او حرف اي
القول باللسان فيستطيع ان يذكرالسالك حتى في خضم العمل ولكن الذكر اللساني
لايتحقق في حال العمل ولاسيما في حال الكلام مع الناس .
وهذا الذكر
القلبي يتطلب المداومة حتى يتحقق للذاكر السالك الحضور الدائم مع المذكور
وهو الله سبحانه وهدفه هو هذا الحضور وحينذاك يدرك السالك بحسه الباطني
وبعين بصيرته أنه حاضر امام ربه ويرى البركات وهي حالة المشاهدة .

وقد
ذكرنا ان منهم من يذكر الله في يوم واحد (25) الف مرة واقل الذكر بالنسبة
للمبتدئين(5) الاف مرة، وبعد ان يبلغ مرحلة الحضور لا يبقى للعدد مفهوم
وكذلك الذكراللساني ذلك ان المذكور، وهو الله قد احاط بقلبه والسالك يقطع
المقامات .
6 ـ العودة من الذكر الى الذات " بازكشت " حفظ الطَّلب
:
ومعناها رجوع الذاكر من النفي والاثبات "لااله الاالله" بعد اطلاق نفسه
الى المناجاة بهذه الكلمة الشريفة باللسان او بالقلب "الهي انت مقصودي
ورضاك مطلوبي" وذلك لطرد كل الخيالات من قلبه حتى يفنى من نظره وجود جميع
الخلق .
7 ـ حراسة القلب من الغفلات او الحضور الدائم ." نكاه داشت " حفظ الخواطر
:
ومعناه ان يحفظ المريد قلبه من دخول الخواطر ولو لحظة فان خطرعلى قلبه شيء
حق ام باطلا فعليه يوقف ذكره حتى ينتهي من طرد الخواطرفيبدا بالذكر من
جديد . وجاء في كتاب( مناهج السير) للسيد ابي الحسن زيدالمجددي الفاروقي
مطبوع في دلهي 1957 : ان هذا التوقف معناه انه على السالك ان يحافظ على
الثمار من البركات التي حصل عليها بمداومة الذكر اوعلى درجة الحضور
والمشاهدة التي حصل عليها باستقامته على الذكر فلا يسمح بتسلل الخطرات الى
قلبه .
وفي كتاب رشحات عين الحياة ( المطبوع 1912 في كانبيرا) ينقل
فخرالدين على الكاشفي عن سعد الدين الكاشغري : على السالك أن يتمرن ساعة او
ساعتين او ثلاث ساعات يوميا حسب طاقته على حبس ذهنه وفكره القلبي بحيث لا
يخطر في قلبه شيء ولايبقى في قلبه غير الله سبحانه ويرى بعضهم ان التوقف
خاص بذكر النفي والاثبات ( لا اله الا الله) وهو ان يرسخ معنى الذكر في
قلبه ويحبسه لكي يدوم المعنى وهو انه "لا اله الا الله" فان لم يستطع فلا
يحصل له الحضور القلبي .
وان هذه المحاولة كما يبدو تهدف الى دوام
الحضور، ذلك ان حضور القلب وحفظ الباطن عن كل الخطرات والخيالات من اهم
مقاصد الصوفية يرعاها المتصوفون، وهي درجة من درجات التصوف . وللمشايخ
اقوال ونصائح عديدة في هذا المجال . ويجب ان نعلم بانه ليس المقصود ان
لايمراي خاطر في القلب ولكن معناه هو ان لايستقر ويكون كالاوراق التي تمر
سريعا على الماء الجاري ولاتتوقف .
وفي كتاب الحدائق الوردية للسيد عبد
المجيد الخاني رواية عن علاء الدين العطار يقول "ان منع الخطرات والخيالات
عن التسلل الى القلب صعب وشاق ولكن عليكم العمل على طردها وعدم ابقائها" .
وقال : اني حرست قلبي عشرين سنة من الخطرات والخيالات ومع ذلك تسللت الى
قلبي بعد كل هذه المدة ولكنها لم تستقر .

8 ـ المشاهدة " ياد داشت " حفظ الحُضور:
التوجه الخاص لمشاهدة انوار الذات ، وتسمى ايضا عين اليقين، والشهود .
قال الشيخ محمد امين الكردي : هي كناية عن حضورالقلب مع الله تعالى على
الدوام في كل حال من غير تكلف ولامجاهدة وهذا الحضور في الحقيقة لايتيسر
الا بعد طي مقامات الجذبة وقطع منازل السلوك .
وقال ايضا : والحق انه
لايستقيم الا بعد الفناء التام والبقاء السابغ فالمشاهدة " يادداشت" هي
ثمرة عمل السالك وهي عبارة عن حال المريد بعد الوصول الى غايته وقد تكون
ثمرة الذكر او المراقبة او مساعدة المرشد ، ويصلها السالك بعد قطع كل
الحواجز .
قال الشيخ عبيدالله الاحرار : تعني هذه الكلمة " المشاهدة
ياددايت" مشاهدة الحق بالحب الذاتي ، وهو حضورلاغياب فيه، يغطي الحب السالك
بصورة دائمة وقيل ايضا( يادكرد) هو الدوام على الذكر و"الرجوع" بمعنى انه
بعد اي توقف من الذكر يعود السالك الى قلبه ليقول : ( الهي انت مقصودي
ورضاك مطلوبي) و"التوقف" ( حراسة القلب ) هي حراسة هذه الحالة دون ان يذكر
شيئا .
فالمشاهدة هي دوام حراسة هذه الحالة والمحافظة على الحضور .
اما الكلمات الثلاث التي اضافها الشيخ النقشبند الى القواعد الثماني فهي :
9 ـ الوقوف الزماني :
وهو المحاسبة القلبية ومعناه انه ينبغي على السالك بعد مضي كل ساعتين او
ثلاث ان يلتفت الى حال نفسه كيف كان في هاتين الساعتين او الثلاث فان كانت
حالة الحضور مع الله تعالى شكر الله تعالى على هذا التوفيق وان كانت حالة
الغفلة استغفر منها واناب.
وجاء في كتاب الرشحات ان الشيخ بهاء الدين
النقشبند قال : الوقوف الزماني هو ان يكون السالك واعيا لحاله عارفا بما هو
فيه هل يستحق الشكر عليه او يجب عليه الاعتذار فان كان حسنا شكر الله عليه
وان كان غير ذلك اعتذر قال مولانا يعقوب الجرخي هو احد المريدين الكبار
للشيخ النقشبند : ان الشيخ محمد بهاء الدين النقشبند كان ينصح السالك الذي
ابتلي بحال القبض
بالاستغفار وينصح السالك الذي اسعده الله بحال البسط
بان يشكر الله سبحانه . فالوقوف الزمني هو مراقبة الحالين القبض والبسط
ويفهم ايضا ان حالة البسط اساسها اليقظة وحالة القبض اساسها الغفلة .
10 ـ الوقوف العددي:
وهوالمحافظة علىعدد الوترفي النفي والاثبات ثلاثا او خمسا "لاا اله الا
الله" ومنهم من يستطيع الذكر (21) مرة بنفس واحد ، فهذه المراقبة العددية
تسمى الوقوف العددي فالسالك واقف متيقظ بضبط نفسه على الذكر بالوتر وهذا
الذكربالقلب وبالباطن وكذلك عده بالقلب وبالباطن وليس باللسان ولهذا الوقوف
ثمرة معنوية كبيرة وقد جربه المشايخ والمريدون وهو من بديهيات الطريقة.
قال الشيخ عبدالرحمن الجامي (817 ـ 898 هـ) ( وهو مؤلف نفحات الانس) في رسالته النورية ( وهي مخطوطة في دار الكتب المصرية ) :
حكمة الوقوف العددي هي معرفة السالك متى وفي اي عدد من الذكر تحصل له
ثمرته؟ فان بلغ ( 21) مرة ولم يشعر بالثمرة المعنوية فان علامة واضحة
لنقصان شروطه وانه يراقب العدد ليعرف فيما اذ حصلت له البركة ام لا ....
فان لم تحصل البركة من ( 21) مرة فعليه ان يبحث عن سر نقص عمله .
قال الشيخ النقشبند :
ان هذا الوقوف العددي هدفه ضبط فكر السالك وعقله لكي لايشتط ويذهب الى هناك او هنا.
قال علاء الدين العطار :
ليس المهم من الثمرة كثرة الذكر بل المهم هو التيقظ والمراقبة ويتحقق في الوقوف الزمني والعددي .
11 ـ الوقوف القلبي:
قال الشيخ عبدالله الدهلوي : انه عبارة عن تنبه السالك لحال قلبه بمراقبته
ومحاولة الاطلاع على انه ذاكر ام لا وعليه ان يتوجه بقلبه الى ذاته سبحانه
دون ان يتصور القلب ، او الاسم .
فالوقوف القلبي هو حراسة القلب لكي
يذكر الله دائما ولايغفل عنه ويكون القصد من الذكر ، ( المذكور) لا الكلمة
وينتظر السالك البركة متوجها الى السماء ومع ان الله سبحانه في كل مكان فان
السماء بالاعتبار الانساني هي مركز العلو والبركة .
ويرى الشيخ محمد بهاء الدين النقشبند :
ان الوقوف القلبي افضل من الوقوف الزماني والوقوف العددي ، ذلك انه مع
اهمية الوقوفين الزمني والعددي لاستحصال البركات فان فقد انهما لايؤثر في
السلوك الصوفي ، ولكن الوقوف القلبي ضروري فان فقده السالك الذاكر واصبح
ذكره مجرد حركة اللسان اوالقلب دون الوعي فانه لا يحصل على شيء.