كلما
نقص من العبد صفة الاختيار والإرادة الطبيعية انتفى عنه الوجود البشرى
بقدر ذلك فيحصل قرب العبد من الحق بذلك النفى ، وتكون موافقة العبد فى
التدبير والتقدير لحضرة الألوهية على قدر انتفاء اختياره ، فيكون أقرب من
مقام الرضا والسعادة ... ويرتقى فى درجات القرب حتى يصل إلى أعلى درجة
الأخيار بسبب تركه شهواته وإرادته ومحوه صفاته الطبيعية وهيئاته البشرية
فلا يبقى له إرادة ولا شهوة فيمكن له إذن الارتقاء عن حضيض البشرية إلى
ذروة العبودية ، فتوصله تصرفات جذبات الألوهية إلى رتبة الفناء فى الله ،
والبقاء بالله ، التى هى أولى درجات الولاية الخاصة ، وأيضا هى منتهى السير
إلى الله ، ومبدأ السير فى الله ، ولا نهاية لعجائب هذا الطور ... فالسير
إلى الله هو سير العاشق فى سير المعشوق ، والسير فى الله هو سير المعشوق فى
سير العاشق ، فتتيسر هذه السعادة بعد فناء الصفات البشرية وانتفاء الإرادة
الطبيعية حقيقة فلا يبقى للسالك فى الدارين مراد ، ولا مطلوب غير الحق
سبحانه (الخواجه محمد بارسبا ، الرسالة القدسية ، ص 29 – 31 باختصار) .
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]