قال
سيدى بهاء الدين شاه نقشبند قدس الله سره : ((إذا ربى السالك صفتا الجلال
والجمال دفعة واحدة – أى : إذا كانتا متلازمتين تأثير وتربية – انقلب جلاله
جمالا وصار جماله جلالا ، ومتى كان جماله جلالا استولى عليه الخوف والرجاء
، وكان الغلبة للخوف على الرجاء ، فيمكن له إظهار صفة الجمال فى عين
الزمان الذى يكون فيه مظهر لصفة الجلال)) ، قال سيدى محمد بارسبا شارحا :
قال أهل التحقيق : لما يتربى السالك بصفتى الجلال والجمال يصل إلى الحقيقة ،
والمحبة الذاتية ، فمن علامات الوصول إليهما أن تكون الصفات الأربع
المتقابلة سواء ، ومحبوبة عنده ، وهى الإعزاز والإذلال والضر والنفع ،
وقالوا أيضا : إن حضرة الحق سبحانه يعطى بعض من أحب من أوليائه فى الدنيا
أول ما يعطيهم فى الجنة وهو قوله {كن فيكون} - إشارة إلى قوله تعالى {لهم
ما يشاءون عند ربهم} وقوله تعالى {وفيها ما تشتهى أنفسهم} – فكلمة كن هى
صورة الإرادة الكلية فهى من صفات هذا المقام ، وأما كمال الأدب والمعرفة
فإنه يقتضى أن يجعل الولى المحبوب إرادته تابعة لإرادة الحق لا إرادة الحق
تابعة لإرادته ، ويعلم أن حضرته ليست لائقة بالتبعية ، وأن ظهور هذه الصفة
فيه ليس بإرادته بل هو بإرادة الحق ، وقيل : إن ظهور مثل هذه الصفة فى
أولياء الله لكون مشربهم عيسويا ، (الخواجه محمد بارسبا ، مع بعض توضيح من
معربه الشيخ محمد صادق الحيرانى مذكورة فيما بين المعترضات ، الرسالة
القدسية ، ص 23 - 26) .