منتدى الطريقه النقشبنديه
 الرازى : الطب الرُّوحانى  الفصل الخامس : فى العشق والإلف وجملة الكلام فى اللذة 412252
عزيزى الزائر/ عزيزتى الزائره
يرجى التكرم بتسجيل الدخول اذا كنت
عضو معنا
أو التسجيل ان لم تكن عضو وترغب فى الانضمام الى أسرة المنتدى
سنتشرف بتسجيلك
 الرازى : الطب الرُّوحانى  الفصل الخامس : فى العشق والإلف وجملة الكلام فى اللذة 862936
 الرازى : الطب الرُّوحانى  الفصل الخامس : فى العشق والإلف وجملة الكلام فى اللذة 22-4-99
ادارة المنتدى
منتدى الطريقه النقشبنديه
 الرازى : الطب الرُّوحانى  الفصل الخامس : فى العشق والإلف وجملة الكلام فى اللذة 412252
عزيزى الزائر/ عزيزتى الزائره
يرجى التكرم بتسجيل الدخول اذا كنت
عضو معنا
أو التسجيل ان لم تكن عضو وترغب فى الانضمام الى أسرة المنتدى
سنتشرف بتسجيلك
 الرازى : الطب الرُّوحانى  الفصل الخامس : فى العشق والإلف وجملة الكلام فى اللذة 862936
 الرازى : الطب الرُّوحانى  الفصل الخامس : فى العشق والإلف وجملة الكلام فى اللذة 22-4-99
ادارة المنتدى
منتدى الطريقه النقشبنديه
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى الطريقه النقشبنديه

تصوف اسلامى تزكية واداب وسلوك احزاب واوراد علوم روحانية دروس وخطب كتب مجانية تعليم برامج طب و اسرة اخبار و ترفيه
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

  الرازى : الطب الرُّوحانى الفصل الخامس : فى العشق والإلف وجملة الكلام فى اللذة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
الناظر النقشبندى
إدارى المنتدى
إدارى المنتدى
الناظر النقشبندى


الساعه :
الدوله : مصر
ذكر
عدد المساهمات : 3363
مزاجك : المطالعه
تاريخ التسجيل : 24/01/2011
العمر : 55
الموقع : الطريقه النقشبنديه
العمل/الترفيه : القراءه والأطلاع الصوفى
الأوسمه عضو مجلس الإداره

 الرازى : الطب الرُّوحانى  الفصل الخامس : فى العشق والإلف وجملة الكلام فى اللذة Empty
مُساهمةموضوع: الرازى : الطب الرُّوحانى الفصل الخامس : فى العشق والإلف وجملة الكلام فى اللذة    الرازى : الطب الرُّوحانى  الفصل الخامس : فى العشق والإلف وجملة الكلام فى اللذة Icon_minitimeالثلاثاء فبراير 26, 2013 7:18 pm


الرازى : الطب الرُّوحانى
الفصل
الخامس : فى العشق والإلف وجملة الكلام فى اللذة

أما الرجال
المذكورون الكبار الهمم والأنفس ، فإنهم يبعدون من هذه البلية من نفس طبائعهم
وغرائزهم . وذلك أنه لا شئ أشد على أمثال هؤلاء من التذلل والخضوع والاستكانة
وإظهار الفاقة والحاجة واحتمال التجنى والاستطالة . فهم إذا فكروا فيما يلزم
العشَّاق من هذه المعانى نفروا منه وتصابروا وأزالوا الهوى عنه وإن بُلوا به ،
وكذلك الذين تلزمهم أشغال وهموم بليغة اضطرارية دنيائية أو دينية . فأما
الخنثون من الرجال والغزلون والفرّاع والمترفون والمؤثرون للشهوات الذين لا
يهمهم سواها ولا يريدون من الدنيا إلا إصابتها ، ويرون فوتها فوتاً وأسفاً ،
وما لم يقدروا عليه منها حسرةً وشقاءً ؛ فلا يكادون يتخلصون من هذه البلية ، لا
سيما إن أكثروا النظر فى قصص العشاق ، ورواية الرقيق الغزِل من الشعر ، وسماع
الشجى من الألحان والغناء . فلنقل الآن فى الاحتراس من هذا العارض والتنبيه على
مَخاتله ومكامنه بقدر ما يليق بغرض كتابنا هذا . ونقدم قبل ذلك كلاماً نافعاً
معيناً على بلوغ غرض ما مرَّ من هذا الكتاب وما يأتى بعده ، وهو الكلام فى
اللذة.


فنقول : إن اللذة
ليست بشئ سوى إعادة ما أخرجه المؤذى عن حالته إلى حالته تلك التى كان عليها ،
كرجل خرج من موضع كنين ظليل إلى صحراء ، ثم سار فى شمس صيفية حتى مسه الحر ، ثم
عاد إلى مكانه ذلك ، فإنه لا يزال يستلذُّ ذلك المكان حتى يعود بدنه إلى حالته
الأولى ، ثم يفقد الاستلذاذ مع عود بدنه إلى الحالة الأولى ، وتكون شدة التذاذه
بهذا المكان بمقدار شدة إبلاغ الحر إليه وسرعة هذا المكان فى تبريده . وبهذا
المعنى حدَّ الفلاسفة الطبيعيون اللذة ، فإن حد اللذة عندهم هو أنها رجوع إلى
الطبيعية . ولأن الأذى والخروج عن الطبيعة ربما حدث قليلاً قليلاً فى زمان طويل
، ثم حدث بعقبه رجوع إلى الطبيعة دفعةً فى زمان قصير ، صار فى مثل هذه الحال
يفوتنا الحس بالمؤذى ، ويتضاعف بيان الإحساس بالرجوع إلى الطبيعة ، فنسمى هذا
الحال لذة .


ويظن بها من لا رياضة
له أنها حدثت من غير أذى تقدمها ، ويتصورها مفردةً خالصةً بريةً من الأذى .
وليست الحال على الحقيقة كذلك ، بل ليس يمكن أن تكون لذة بتةً إلا بمقدار ما
تقدمها من أذى الخروج عن الطبيعة . فإنه بمقدار أذى الجوع والعطش يكون الالتذاذ
بالطعام والشراب ، حتى إذا عاد الجائع والعطشان إلى حالته الأولى ، لم يكن شئ
أبلغ فى عذابه من إكراهه على تناولهما بعد أن كانا ألذ الأشياء عنده وأحبها
إليه . وكذلك الحال فى سائر الملاذِّ ، فإن هذا الحد بالجملة لازم لها محتوٍ
عليها ، إلا أن منها ما نحتاج فى تبيين ذلك منه إلى كلام أدقَّ وألطف وأطول من
هذا . وقد شرحنا هذا فى مقالة كتبناها "فى مائية اللذة"، وفى هذا المقدار الذى
ذكرناه هاهنا كفاية لما نحتاج إليه . وأكثر المائلين مع اللذة المنقادين لها هم
الذين لم يعرفوها على الحقيقة ولم يتصوروا منها إلا الحالة الثانية ، أعنى التى
من مبدأ انقضاء فعل المؤذى إلى استكمال الرجوع إلى الحالة الأولى . ومن أجل ذلك
أحبوها وتمنوا أن لا يخلوا فى حال منها ، ولم يعلموا أن ذلك غير ممكن ؛ لأنها
حالة لا تكون ولا تعرف إلا بعد تقدُّم الأولى لها .


وأقول : إن اللذةَ
التى يتصورها العشاق وسائر من كلف بشئ وأغرم به – كالعشاق للترؤس والتملك وسائر
الأمور التى يفرط ويتمكن حبها من نفوس بعض الناس حتى لا يتمنوا إلا إصابتها ولا
يروا العيش إلا مع نيلها – عند تصورهم نيل مرادهم عظيمةٌ مجاوزة للمقدار جداً .
وذلك أنهم يتصورون إصابة المطلوب ونيله مع عظم ذلك فى أنفسهم من غير أن يخطر
ببالهم الحالة الأولى التى هى كالطريق والمسلك إلى نيل مطلوبهم . ولو فكروا
ونظروا فى وعورة هذا الطريق وخشونته وصعوبته ومخاطره ومهاويه ومهالكه ، لمرَّ
عليهم ما حلا ، وعظُم ما صغر عندهم فى جنب ما يحتاجون إلى مُقاساته ومكادحته .
وإذ قد ذكرنا جملة مائية اللذة وأوضحنا من أين غلط من تصورها محضة برية من
الألم والأذى ، فإنا عائدون إلى كلامنا ومنبهون على مساوي هذا العارض ، أعنى
العشق وخساسته ، فنقول : إن العشاق يجاوزون حدَّ البهائم فى عدم ملكة النفس وزم
الهوى وفى الانقياد للشهوات . وذلك أنهم لم يرضوا أن يصيبوا هذه الشهوة ، أعنى
لذة الباه – على أنها من أسمج الشهوات وأقبحها عند النفس الناطقة التى هى
الإنسان على الحقيقة – من أى موضع يمكن إصابتها منه ، حتى أرادوها من موضع ما
بعينه ، فضموا شهوة إلى شهوة، وركبوا شهوة على شهوة ، وانقادوا وذلوا للهوى ذلاً
على ذل ، وازدادوا له عبودية إلى عبودية . والبهيمة لا تصير من هذا الباب إلى
هذا الحد ولا تبلغه ، ولكنها تصيب منه بقدر ما لها فى الطبع مما تطرح به عنها
ألم المؤذى المهيج لها عليه لا غير ، ثم تصير إلى الراحة الكاملة منه . وهؤلاء
لما لم يقتصروا على المقدار البهيمى من الانقياد للطباع ، بل استعانوا بالعقل –
الذى فضَّلهم الله به على البهائم وأعطاهم إياه ليروا مساوى الهوى ويزموه
ويملكوه – فى التسلق على لطيف الشهوات وخفيها والتحيز لها والتنوّق فيها ، وجب
عليهم وحقَّ لهم ألا يبلغوا منها إلى غاية ولا يصيروا منها إلى راحة ، ولا
يزالوا متأذين بكثرة البواعث عليها ومتحسرين على كثرة الفائت منها غير معتبطين
ولا راضين- لنـزوع أنفسهم عنها وتعلّق أمانيهم بما فوقها وبما لا نهاية له منها
– بما نالوه أيضاً وقدروا عليه منها .


ونقول أيضاً : إن
العشاق مع طاعتهم للهوى وإيثارهم اللذة وتعبدهم لها ، يحزنون من حيث يظنون أنهم
يفرحون ، ويألمون من حيث يظنون أنهم يلذون . وذلك أنهم لا ينالون من ملاذهم
شيئاً ولا يصلون إليه إلا بعد أن يمسهم الهمُّ والجهد ويأخذ منهم ويبلغ إليهم .
وربما لم يزالوا من ذلك فى كُرب مُنصبة وغصص متصلة من غير نيل مطلوب بتة.
والكثير منهم يصير لدوام السهر والهم وفقد الغذاء إلى الجنون والوسواس وإلى
الدِّقِّ والذبول ، فإذا هم قد وقعوا من حبال اللذة وشباكها فى الردى والمكروه
، وأدّتهم عواقبها إلى غاية الشقاء والهلكة . وأما الذين ظنوا أنهم ينالون لذة
العشق كملاً ، ويصيبونه ممن ملكوه وقدروا عليه ؛ فقد غلطوا وأخطأوا خطأ بيِّناً
. وذلك أن اللذة إنما تكون إذا نيلت بمقدار بلاغ ألم المؤذى الباعث عليه الداعى
إليها ، ومن ملك شيئاً وقدر عليه ضعف فيه هذا الباعث الداعى وهدأ وسكن سريعاً .
وقد قيل قولاً حقاً صدقاً : إن كل موجود مملوك وكل ممنوع مطلوب .


ونقول أيضاً : إن
مفارقة المحبوب أمر لابد منه اضطراراً بالموت ، وإن سَلِم من سائر حوادث الدنيا
وعوارضها المبددة للشمل المفرّقة بين الأحبة . وإذا كان لابد من إساغة هذه
الغصة وتجرع هذه المرارة ، فإن تقديمها والراحة منها أصلح من تأخيرها والانتظار
لها ، لأن ما لابد من وقوعه متى قُدِّم أزيح مؤونة الخوف منه مدة تأخيره .
وأيضاً ، فإن منع النفس من محبوبها قبل أن يستحكم حبه ويرسخ فيها ويستولى عليها
أيسر وأسهل . وأيضاً ، فإن العشق متى انضم إليه الإلف عسر النـزوع عنه والخروج
منه، فإن بلية الإلف ليست بدون بلية العشق ، بل لو قال قائل إنه أوكد وأبلغ منه
لم يكن مخطئاًَ ، ومتى قصرت مدة العشق وقل فيه لقاء المحبوب ، كان أحرى أن لا
يخالطه ويعاونه الإلف . والواجب فى حكم العقل من هذا الباب أيضاً المبادرة فى
منع النفس وزمها عن العشق قبل وقوعها فيه ، وفطمها منه إذا وقعت قبل استحكامه
فيها . وهذه الحجة يقال إن فلاطن الحكيم احتج بها على تلميذ له بُلى بحب جارية
فأخل بمركزه من مجلس مدارس فلاطن . فأمر أن يُطلب ويؤتى به ، فلما مثل بين يديه
قال : أخبرنى يا فلان هل تشك فى أنه لابد لك من مفارقة حبتك هذه يوماً ما ؟ قال
ما أشك فى ذلك . فقال له فلاطن : فاجعل تلك المرارة المتجرعة فى ذلك اليوم فى
هذا اليوم ، وأزح ما بينهما من خوف المنتظر الباقى بحاله الذى لابد من مجيئه ،
وصعوبة معالجة ذلك بعد الاستحكام وانضمام الإلف إليه وعضده له . فيقال إن
التلميذ قال لفلاطن : إن ما تقول أيها السيد الحكيم حق ، لكنى أجد انتظارى له
سلوةً بمرور الأيام عنى أخف علىّ . فقال له فلاطن : وكيف وثقت بسلوة الأيام ولم
تَخَف إلفها ، ولمَ أمنت أن تأتيك الحالة المفرّقة قبل السلوة وبعد الاستحكام ،
فتشتد بك الغُصة وتتضاعف عليك المرارة ؟ فيقال إن ذلك الرجل سجد فى تلك الساعة
لفلاطن وشكره ودعا له وأثنى عليه ، ولم يعاود شيئاً مما كان فيه ، ولم يظهر منه
حزن ولا شوق ، ولم يزل بعد ذلك لازماً لمجالس فلاطن غير مخلٍّ بها بتة . ويقال
إن فلاطن أقبل بعد فراغه من هذا الكلام على وجوه تلامذته ، فلامهم وعذلهم فى
تركهم وإطلاقهم هذا الرجل وصرف كل همته إلى سائر أبواب الفلسفة قبل إصلاح نفسه
الشهوانية وقمعها وتذليلها للنفس الناطقة .


ولأن قوماً رُعناً
يعاندون ويناصبون الفلاسفة فى هذا المعنى بكلام سخيف ركيك كسخافتهم وركاكتهم –
وهؤلاء هم الموسومون بالظرف والأدب – فإنا نذكر ما يأتون به فى هذا المعنى
ونقول فيه من بعده . إن هؤلاء القوم يقولون إن العشق إنما يعتاده الطبائع
الرقيقة والأذهان اللطيفة ، وإنه يدعو إلى النظافة واللباقة والزينة والهيئة .
ويشيعون هذا ونحوه من كلامهم بالغزِل من الشعر البليغ فى هذا المعنى ، ويحتجون
بمن عشق من الأدباء والشعراء والسراة والرؤساء ، ويتخطونهم إلى الأنبياء . ونحن
نقول : إن رقة الطبع ولطافة الذهن وصفاءه يعرفان ويعتبران بإشراف أصحابهما على
الأمور الغامضة البعيدة والعلوم اللطيفة الدقيقة وتبيين الأشياء المشكلة
الملتبسة واستخراج الصناعات المجدية النافعة . ونحن نجد هذه الأمور مع الفلاسفة
فقط ، ونرى العشق لا يعتادهم ويعتاد اعتياداً كثيراً دائماً أجلاف الأعراب
والأكراد والأعلاج والأنباط . ونجد أيضاً من الأمر العام الكلى أنه ليست أمة من
الأمم أرق فطنة وأظهر حكمة من اليونانيين ، ونجد العشق فى جملتهم أقل مما فى
جملة سائر الأمم . وهذا يوجب ضد ما ادّعوه ، أعنى أنه يوجب أن يكون العشق إنما
يعتاد أصحاب الطبائع الغليظة والأذهان البليدة ، ومن قلّ فكره ونظره ورويته
بادر إلى الهجوم على ما دعته إليه نفسه ومالت به إليه شهوته . وأما احتجاجهم
بكثرة من عشق من الأدباء والشعراء والسراة والرؤساء ، فإنا نقول : إن السرو
والرياسة والشعر والفصاحة ليست مما لا يوجد أبداً إلا مع كمال العقل والحكمة ،
وإذا كان الأمر كذلك أمكن أن يكون العشاق من هؤلاء من أهل النقص فى عقولهم
وحكمتهم . وهؤلاء القوم لجهلهم ورعونتهم يحسبون أن العلم والحكمة ، إنما هو
النحو والشعر والفصاحة والبلاغة، ولا يعلمون أن الحكماء لا يعدّون ولا واحداً
من هذه حكمةً ولا الحاذق بها حكيماً ، بل الحكيم عندهم من عرف شروط البرهان
وقوانينه واستدرك وبلغ من العلم الرياضى والطبيعى والعلم الإلهى مقدار ما فى
وسع الإنسان بلوغه . ولقد شهدت ذات يوم رجلاً من متحذلقيهم عند بعض مشايخنا
بمدينة السلام ، وكان لهذا الشيخ مع فلسفته حظ وافر من المعرفة بالنحو واللغة
والشعر ، وهو يجاريه وينشده ويبذخ ويشمخ فى خلال ذلك بأنفه ويطنب ويبالغ فى مدح
أهل صناعته ويرذل مَن سواهم ، والشيخ فى كل ذلك يحتمله معرفةً منه بجهله وعجبه
ويتبسم إلىّ . إلى أن قال فيما قال : هذا والله العلم ، وما سواه ريح. فقال له
الشيخ : يا بنىّ هذا علم من لا علم له ويفرح به من لا عقل له . ثم أقبل علىّ
وقال : سل فتانا هذا عن شئ من مبادئ العلوم الاضطرارية ، فإنه ممن يرى أن مَن
مهر فى اللغة يمكنه الجواب عن جميع ما يُسأل عنه . فقلت : خبِّرنى عن العلوم
أَضطرارية هى أم اصطلاحية ؟ ولم أتمم التقسيم على تعمُّد ، فبادر فقال : العلوم
كلها اصطلاحية . وذلك أنه كان سمع أصحابنا يعيّرون هذه العصابة أن علمهم
اصطلاحى ، فأحب أن يعيبهم بمثل ما عابوه جهلاً منه بما لهم دونه فى هذا الباب .
فقلت له : فمن علم أن القمر ينكسف ليلة كذا وكذا ، وأن السقمونيا يطلق البطن
متى أُخذ ، وأن المرداسَنج يذهب بحموضة الخل متى سُحق وطُرح فيه ، إنما صح له
علم ذلك من اصطلاح الناس عليه ؟ فقال: لا . فقلت فمن أين عُلم ذلك ؟ فلم يكن
فيه من الفضل ما يبين عما به نحوت . ثم قال : فإنى أقول إنها كلها اضطرارية ،
ظناً منه وحسباناً أنه يتهيأ له أن يُدرج النحو فى العلوم الاضطرارية . فقلت له
: خبِّرنى عمن علم أن المنادى بالنداء المفرد مرفوع ، وأن المنادى بالنداء
المضاف منصوب ، أعلم أمراً اضطرارياً طبيعياً أم شيئاً مصطلحاً باجتماع من بعض
الناس عليه دون بعض ؟ فلجلج بأشياء يروم بها أن يثبت أن هذا الأمر اضطرارى مما
كان يسمعه من أستاذيه ، فأقبلت أريه تداعيه وتهافته مع ما لحق من استحياء وخجل
شديد واغتمام . وأقبل الشيخ يتضاحك ويقول له : ذق يابنى طعم العلم الذى هو على
الحقيقة علم .


وإنما ذكرنا من هذه
القصة ما ذكرنا ؛ ليكون أيضاً من بعض المنبهات والدواعى إلى الأمر الأفضل ، إذ
ليس لنا غرض فى هذا الكتاب إلا ذاك . ولسنا نقصد – بما مر من كلامنا هذا من
الاستجهال والاستنقاص – لجميع من عُنى بالنحو والعربية واشتغل بهما وأخذ منهما
، فإن فيهم من قد جمع الله له إلى ذلك حظاً وافراً من العلوم ، بل للجهال من
هؤلاء الذين لا يرون أن علماً موجود سواهما ، ولا أن أحداً يستحق أن يسمى عالماً
إلا بهما .


وقد بقى علينا من
حجاج القوم شئ لم نقل فيه قولاً ، وهو احتجاجهم لتحسين العشق بالأنبياء وما
بُلوا به منه . فنقول : إنه ليس من أحد يستجيز أن يعد العشق منقبةً من مناقب
الأنبياء ولا فضيلةً من فضائلهم ، ولا أنه شئ آثروه واستحسنوه ، بل إنما يُعد
هفوةً وزلةً من هفواتهم وزلاتهم . وإذا كان ذلك كذلك ، فليس لتحسينه وتزيينه
ومدحه وترويجه بهم وجه بتة ، لأنه إنما ينبغى لنا أن نحثّ أنفسنا ونبعثها من
أفعال الرجال الفاضلين على ما رضوه لأنفسهم واستحسنوه لها وأحبوا أن يقتدى بهم
فيه ، لا على هفواتهم وزلاتهم وما تابوا منه وندموا عليه ، وودوا أن لا يكون
ذلك جرى عليهم وكان منهم . فأما قولهم إن العشق يدعو إلى النظافة واللباقة
والهيئة والزينة ، فما يُصنع بجمال الجسد من قبح النفس ، وهل يحتاج إلى الجمال
الجسدانى ويجتهد فيه إلا النساء وذوو الخنث من الرجال ؟ ويقال إن رجلاً دعا بعض
الحكماء إلى منـزله ، وكان كل شئ له من آلة المنـزل على غاية السرور والحسن ،
وكان الرجل فى نفسه على غاية الجهل والبله والفدامة . ويقال إن ذلك الحكيم تأمل
كل شئ فى منـزله ، ثم إنه بصق على الرجل نفسه . فلما استشاط وغضب من ذلك قال له
: لا تغضب ، فإنى تأملت جميع ما فى منـزلك وتفقدته ، فلم أر فيه أسمج ولا أرذل
من نفسك ، فجعلتها موضعاً للبصاق باستحقاق منها لذلك . ويقال إن ذلك الرجل بعد
ذلك استخف بما كان فيه وحرص على العلم والنظر .


ولأنا قد ذكرنا فيما
مرَّ من كلامنا قبيل الإلف ، فإنا قائلون فى مائيته والاحتراس منه بعض القول ،
فنقول : إن الإلف هو ما يحدث فى النفس عن طول الصحبة من كراهة مفارقة المصحوب ،
وهى أيضاً بلية عظيمة تنمو وتزداد على الأيام ، ولا يُحس بها إلا عند مفارقة
المصحوب ، ثم يظهر منها حينئذٍ دفعةً أمرٌ مؤذٍ مؤلم للنفس جداً . وهذا العارض
يعرض للبهائم أيضاً ، إلا أنه فى بعضها أوكد منه فى بعض . والاحتراس منه يكون
بالتعرض لمفارقة المصحوب حالاً بعد حال ، وأن لا يُنسى ويُغفل البته ، بل
تُدرّج نفسه إليه وتُمرَّن عليه . وقد بيّنا من هذا الباب ما فيه كفاية ، ونحن
الآن قائلون فى العُجب .

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://abonor.ahlamountada.com
 
الرازى : الطب الرُّوحانى الفصل الخامس : فى العشق والإلف وجملة الكلام فى اللذة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» اللذة تزول.. والإثم يبقى
» في رحاب الحلّاج (قِدَمُ العشق)
» رش السكر على الكلام

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الطريقه النقشبنديه  :: الطريقه النقشبنديه والتصوف الاسلامى :: العاشق الثائر (الــــــــــــــحـــــــــــلاج )-
انتقل الى:  
المواضيع الأخيرة
» للخلاص من كل مرض وبليه ومجرب
 الرازى : الطب الرُّوحانى  الفصل الخامس : فى العشق والإلف وجملة الكلام فى اللذة Icon_minitimeالخميس أبريل 27, 2023 4:07 pm من طرف mechri

» الأربعون النووية
 الرازى : الطب الرُّوحانى  الفصل الخامس : فى العشق والإلف وجملة الكلام فى اللذة Icon_minitimeالأحد سبتمبر 19, 2021 7:38 am من طرف احمد محمد النقشبندي

» مجموعة كتب فى الفقه العام و أصول الفقه.
 الرازى : الطب الرُّوحانى  الفصل الخامس : فى العشق والإلف وجملة الكلام فى اللذة Icon_minitimeالسبت سبتمبر 04, 2021 10:57 pm من طرف احمد محمد النقشبندي

» السيرة النبوية لإبن هشام
 الرازى : الطب الرُّوحانى  الفصل الخامس : فى العشق والإلف وجملة الكلام فى اللذة Icon_minitimeالسبت سبتمبر 04, 2021 10:51 pm من طرف احمد محمد النقشبندي

»  الجن و دياناتهم
 الرازى : الطب الرُّوحانى  الفصل الخامس : فى العشق والإلف وجملة الكلام فى اللذة Icon_minitimeالثلاثاء أبريل 04, 2017 5:46 pm من طرف الموجه النقشبندي

» برنامج لكسر حماية ملفات الـ pdf لطباعته
 الرازى : الطب الرُّوحانى  الفصل الخامس : فى العشق والإلف وجملة الكلام فى اللذة Icon_minitimeالثلاثاء أبريل 04, 2017 5:46 pm من طرف الموجه النقشبندي

» حمل كتب الامام محي الدين بن عربي
 الرازى : الطب الرُّوحانى  الفصل الخامس : فى العشق والإلف وجملة الكلام فى اللذة Icon_minitimeالثلاثاء أبريل 04, 2017 5:46 pm من طرف الموجه النقشبندي

» رياض الصالحين .
 الرازى : الطب الرُّوحانى  الفصل الخامس : فى العشق والإلف وجملة الكلام فى اللذة Icon_minitimeالثلاثاء أبريل 04, 2017 5:46 pm من طرف الموجه النقشبندي

»  دعآء آلهم و آلحزن و آلكرب و آلغم
 الرازى : الطب الرُّوحانى  الفصل الخامس : فى العشق والإلف وجملة الكلام فى اللذة Icon_minitimeالثلاثاء أبريل 04, 2017 5:45 pm من طرف الموجه النقشبندي

» للوقايه من شر الإنس والجن
 الرازى : الطب الرُّوحانى  الفصل الخامس : فى العشق والإلف وجملة الكلام فى اللذة Icon_minitimeالثلاثاء أبريل 04, 2017 5:45 pm من طرف الموجه النقشبندي

» خواص عظيمه للزواج
 الرازى : الطب الرُّوحانى  الفصل الخامس : فى العشق والإلف وجملة الكلام فى اللذة Icon_minitimeالثلاثاء أبريل 04, 2017 5:44 pm من طرف الموجه النقشبندي

» اختصاص الامام علي كرم الله وجهه بالطريقة
 الرازى : الطب الرُّوحانى  الفصل الخامس : فى العشق والإلف وجملة الكلام فى اللذة Icon_minitimeالثلاثاء أبريل 04, 2017 5:38 pm من طرف الموجه النقشبندي

» النقشبندية...منهجها وأصولها وسندها ومشائخها
 الرازى : الطب الرُّوحانى  الفصل الخامس : فى العشق والإلف وجملة الكلام فى اللذة Icon_minitimeالثلاثاء أبريل 04, 2017 5:36 pm من طرف الموجه النقشبندي

» الشريف موسى معوض النقشبندى وذريته وأبنائه 9
 الرازى : الطب الرُّوحانى  الفصل الخامس : فى العشق والإلف وجملة الكلام فى اللذة Icon_minitimeالثلاثاء أبريل 04, 2017 5:35 pm من طرف الموجه النقشبندي

» االرحلة الالهية
 الرازى : الطب الرُّوحانى  الفصل الخامس : فى العشق والإلف وجملة الكلام فى اللذة Icon_minitimeالثلاثاء أبريل 04, 2017 5:34 pm من طرف الموجه النقشبندي

أقسام المنتدى

جميع الحقوق محفوظة لـ{منتدى الطريقه النقشبنديه} ®
حقوق الطبع والنشر © مصر 2010-2012
@ الطريقه النقشبنديه للتعارف والاهداءات والمناسبات @المنتدى الاسلامى العام @ الفقه والفتاوى والأحكام @ منتدى الخيمه الرمضانيه @ قسم الصوتيات والمرئيات الاسلاميه @ الطريقه النقشبنديه للثقافه والموضوعات العامه   منتدى الطريقه النقشبنديه للحديث الشريف @ منتدى الطريقه النقشبنديه للعقيده والتوحيد @ منتدى الطريقه النقشبنديه للسيره النبويه @ منتدى مناقب ال البيت @ منتدى قصص الأنبياء @ شخصيات اسلاميه @   الطريقه النقشبنديه والتصوف الاسلامى @ الطريقه النقشبنديه @ صوتيات ومرئيات الطريقه النقشبنديه @ رجال الطريقه النقشبنديه @ @  قصائد نقشبنديه @  منتدى قصائد أهل التصوف والصالحين @ منتدى سيرة ألأولياء والصالحين @ شبهات وردود حول التصوف الاسلامى @ التزكيه والآداب والسلوك @ أذواق ومشارب الساده الصوفيه @ الصلوات المحمديه على خير البريه @ أحزاب وأوراد @ أدعيه وتوسلاات @   تفسير الروىء وألأحلام @  منتدى الروحانيات العامه @  منتدى الجن والسحر والعفاريت @  منتدى الكتب والمكتبات العامه @ منتدى الكتب والمكتبات الصوفيه @ منتدى كتب الفقه الاسلامى @ كتب التفاسير وعلوم القران @ كتب الحديث والسيره النبويه الشريفه @ منتدى الابتهالاات الدينيه @ منتدى المدائح المتنوعه @ منتدى مدائح وأناشيد فرقة أبو شعر @ منتدى مدح الشيخ ياسين التهامى @ منتدى مدح الشيخ أمين الدشناوى @ منتدى القصائد وألأشعار @ منتدى الأزهر الشريف التعليمى @ منتدى معلمى الأزهر الشريف @ منتدى رياض الأطفال @ منتدى تلاميذ المرحله الابتدائيه @ منتدى طلاب وطالبات المرحله الاعداديه @ منتدى التربيه والطفل @ منتدى الاسره والمجتمع @ منتدى المرأه المسلمه @ منتدى الترفيه والتسليه @ منتدى الطريقه النقشبنديه للصور الاسلاميه @ منتدى صور الصالحين @ منتدى غرائب وعجائب الصور @ الصور والخلفيات العامه والمتحركه @ منتدى الطب النبوى @ أمراض وعلاج @ منتدى الوقايه خير من العلاج @ قسم الجوال والستالاايت @ قسم البرامج العامه للحاسوب @ دروس وشروحات فى الحاسوب @ تطوير مواقع ومنتديات @ انترنت وشبكات @ منتدى الشكاوى والمقترحات @ منتدى التبادل الاعلانى @
الدخول السريع
  • تذكرني؟
  • اليكسا
    التسجيل
    حفظ البيانات؟
    متطلبات المنتدى
    أرجو قفل الموضوع


    هذه الرسالة تفيد أنك غير مسجل .

    و يسعدنا كثيرا انضمامك لنا ...

    للتسجيل اضغط هـنـا

    تنويه
    لا يتحمّل منتدى الطريقه النقشبنديه الصوفيه أيّة مسؤوليّة عن المواد الّتي يتم عرضها أو نشرها من قبل الساده الأعضاء أو المشرفين أو الزائرين
    ويتحمل المستخدمون بالتالي كامل المسؤولية عن كتاباتهم وإدراجاتهم   التي تخالف القوانين
    أو تنتهك حقوق الملكيّة أو حقوق الآخرين أو أي طرف آخر.
    مواضيع مماثلة
    rss
    Preview on Feedage: free Add to My Yahoo! Add to Google! Add to AOL! Add to MSN
    Subscribe in NewsGator Online Add to Netvibes Subscribe in Pakeflakes Subscribe in Bloglines Add to Alesti RSS Reader
    Add to Feedage.com Groups Add to Windows Live iPing-it Add to Feedage RSS Alerts Add To Fwicki
    تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية
    تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية reddit      

    الطريقه النقشبنديه

    قم بحفض و مشاطرة الرابط منتدى الطريقه النقشبنديه على موقع حفض الصفحات