ألاو إن في الجسد مضغة اذا صلحت صلح الجسد كله

الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه ، و صلى الله على سيدنا محمد النبي الامي و على آله و صحبه و سلم تسليما .

هذا مثل نسوقه من خواطرنا .

قال رسول الله صلى الله عليه و سلم * ألا و إن في الجسد مضغة اذا صلحت صلح الجسد كله ، و أذا فسدت فسد الجسد كله ، ألا و هي القلب *

ان مثل النفس بين جنبي الانسان ، كمثل بلد بها ملك اليه الامر يرجع و هو القلب ، و حوله حاشية من الوزراء و أصحاب المصالح و الاقطاعات ، قائمون في مدائنهم . و قد استولت على البلد هذه الطغمة الحاكمة فسيّرت مصالحها و عاثت في الارض فسادا و تجبرا . و الملك عن ذلك كله غافل انما يصله تلبيس حاشيته و تزويقهم للحقائق على خلاف ما هي عليه ، فهو معهم حليف على بلده و شعبه .

و مثل أمداد الله على القلب أو أمداد الشيخ الصادق ، كملك عادل قويّ مكين له جنود و عدّة .

فلمّا تحرّك القلب ، قلب المريد ، طمعا في رحمة الله به ، و الهداية ، وصل البريد الى الملك الرباني العادل ، فبعث الى الملك المريد رسالة يستعلمها فيه عن مدده و نصرته ، فردّ الملك المريد انّه يسرّه أن يقوم الملك العادل بزيارته و تقويم ما في بلدته من مخالفات و اعوجاج حال .

فعلم الوزراء برسالة الملك فيهم ، فاجتمعوا من ورائه يتدبّرون هذا الامر الطارئ عليهم ، ليفسد عليهم حالهم و مصالحهم القائمة . فأحكموا حدود البلاد ، و شدّدوا الحراسة فلا يدخلها الا من يرضون .

فاستعلم الملك العادل الملك المريد ، عن نيته هل هي ما تزال قائمة في النصرة و المدد ??

أرسل الملك المريد الصادق الى الملك العادل أن أرسل جيشك و جنودك . فعلم الوزراء و الحاشية بما فعل ملكهم فانقلبوا عليه ، و شددوا عليه الحراسة ، و جيّشوا جيشا و اقاموه على الحدود يردّ تقدّم الملك العادل .

فلما وصلت الملك العادل رسالة الملك المريد و علم صدق نيته ، و حاجته اليه في استرداد عرشه و ملكه و اصلاح بلده ، بعث بجنده و قامت الحروب بين جيش النفس - جيش الحاشية - و جيش الملك العادل - جنود الرحمن أو امداد الشيخ الصادق من الله - فما زالت الحروب قائمة ، حتى ضاق الحال على الملك المريد ، و حاشيته يضغطون عليه و حلفاؤه المجاورون - جنود الشيطان - أن أنظر الى ما حلّ ببلدك من حروب و دمار بسبب ما استقدمته ، و قد كنت بالامس في سلام و خير كبير ... فارجع عن قرارك و اكتب لهذا الملك - اي الملك العادل - أن ارجع الى حيث كنت . و هو في حيرة من أمره - هذا الملك المريد - بين ضغط الواقع عليه و الحروب القائمة في بلده - نفسه - و ما فيها من دمار ، و حصاره الذي طال ، و بين أن يصمد و يسلّم امره كلّه بيقين أنّ بلده لن ينالها فساد و دمار بهذا الفتح من جند الرحمن ، بل عند هذا الملك العادل من الامكانيات ما يعيد الى بلده رونقهاو ازدهارها أحسن مما كانت عليه .

فهناك يظهر صدق المريد ، فان كان صادقا حقا يصبر على ما هو فيه ، و يسلّم امره للملك العادل - للشيخ - ، حتى يظهر جند الرحمن على جند النفس و الشيطان . بل حتى اذا و صلوا عاصمة البلد و حاصروها . بعث الملك المريد ببعض عيونه و جنوده المخلصين ففتحوا السراديب ليدخل منها أتباع الملك العادل ، ففتحوا ابواب العاصمة و دخلوا فاتحين ، و هناك يتحرّر الملك المريد - القلب - من اسر الحاشية و ضغط العدو - الشيطان - و يصبح حرّا مكينا و قد وصلته أمداد الرحمن و نصرته . فلا يزال في مكنة و غلبة على عدوّه و حاشيته حتى يستولي على سائر البلد . فتصبح قلعة حصينة ، و بلدا امينا مكينا من بلدان الرحمن .

فتلك قصة النفس في الانسان ، فما تقبل حقا و لا تقبل نورا ، و قد عشّش فيها الفساد . فما بالك بنفوس هذا الزمان التي تجرع الفتن كل يوم و ليلة بما لا يعدّ و لا يحصى . فوجب ارادة صادقة ، و وجب استقدام جنود الرحمن بوجود شيخ صادق .

و الله اعلم .

و صلى الله على سيدنا محمد و على اله و صحبه و سلم كثيرا .
منقوووووووووووووووووول