منتدى الطريقه النقشبنديه
برائة ابن عربى من عقيدة الإتحاد والحلول 412252
عزيزى الزائر/ عزيزتى الزائره
يرجى التكرم بتسجيل الدخول اذا كنت
عضو معنا
أو التسجيل ان لم تكن عضو وترغب فى الانضمام الى أسرة المنتدى
سنتشرف بتسجيلك
برائة ابن عربى من عقيدة الإتحاد والحلول 862936
برائة ابن عربى من عقيدة الإتحاد والحلول 22-4-99
ادارة المنتدى
منتدى الطريقه النقشبنديه
برائة ابن عربى من عقيدة الإتحاد والحلول 412252
عزيزى الزائر/ عزيزتى الزائره
يرجى التكرم بتسجيل الدخول اذا كنت
عضو معنا
أو التسجيل ان لم تكن عضو وترغب فى الانضمام الى أسرة المنتدى
سنتشرف بتسجيلك
برائة ابن عربى من عقيدة الإتحاد والحلول 862936
برائة ابن عربى من عقيدة الإتحاد والحلول 22-4-99
ادارة المنتدى
منتدى الطريقه النقشبنديه
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى الطريقه النقشبنديه

تصوف اسلامى تزكية واداب وسلوك احزاب واوراد علوم روحانية دروس وخطب كتب مجانية تعليم برامج طب و اسرة اخبار و ترفيه
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 برائة ابن عربى من عقيدة الإتحاد والحلول

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
الخادم النقشبندي
مشرف
مشرف
الخادم النقشبندي


الساعه :
الدوله : مصر
ذكر
عدد المساهمات : 961
مزاجك : المطالعه
تاريخ التسجيل : 13/02/2011
العمر : 49
الموقع : منتدى الطريقه النقشبنديه الاحمديه
العمل/الترفيه : القراءه والاطلاع وعشق التصوف
الأوسمه وسام التكريم

برائة ابن عربى من عقيدة الإتحاد والحلول Empty
مُساهمةموضوع: برائة ابن عربى من عقيدة الإتحاد والحلول   برائة ابن عربى من عقيدة الإتحاد والحلول Icon_minitimeالإثنين يوليو 16, 2012 4:23 am

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ولي الصالحين، وأشهد أن لا إله إلا
الله وحده لا شريك له، إله الأولين والآخرين، وأشهد أن نبينا محمدًا عبده
ورسوله سيد الخلق أجمعين، اللهم صلِّ وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه
والتابعين, وبعد
تنبيه كل متنور قد اجتبي من العباد إلى تبرئة ابن عربي من عقيدة الحلول والإتحاد
فهذا كتاب /تبرئة الشيخ الأكبر ابن عربي من عقيدة الحلول والاتحاد/ من كلامه ومقالاته في الفتوحات المكية.
والباعث
على هذه الرسالة أنّ كثيراً من الباحثين يقلد بعضهم بعضاً باتهام الشيخ
الأكبر بعقيدة الحلول والاتحاد فرجعت إلى كتابه/الفتوحات المكية/ فوجدت
الكلام فيه على ثلاثة أضرب :
1ً- كلام ينزه الله تعالى عن الحلول والاتحاد ويرد على القائلين بهذه العقيدة الباطلة.
2ً- كلام موهم لعقيدة الحلول والاتحاد قابل للتأويل على وجه مقبول يتوافق مع العقيدة الصحيحة.
3ً- كلام صريح في عقيدة الحلول والاتحاد.
وهذا
القسم الثالث أقطع بدسه على الشيخ الأكبر لأنه ليس من المعقول أن يكتب
الشيخ كلاماً متناقضاً في نفسه بين باب وآخر، وليس من المعقول أيضاً أن يدس
على الشيخ من قبل أعدائه كلام التنزيه، فلم يبق إلا الاحتمال الأخير وهو
دسُّه عليه من قبل أعدائه وحُسّاده.
وإنّ ثبوت نسبة أي كتاب إلى مؤلِّف
إما أن تكون قطعية الثبوت أو ظنية الثبوت وكذلك الحكم على كل كلمة فيه،
فإذا كان كتاب الفتوحات قطعي الثبوت إلى المؤلِّف فإنا لا نقطع لكل كلمة
فيه بذلك لاحتمال الدَّس وقد وقع، والكلام إما قطعي الدلالة فلا يقبل
التأويل أو ظني الدلالة فيكون قابلاً له وكلام المؤلف من هذا القبيل فيما
هو موهم وبناءً على ذلك :
قمت بجمع كلام الشيخ الأكبر من الفتوحات الدال
على تنزيه الله تعالى عن الحلول والاتحاد، وذكر كل باب ذكر فيه ليرجع إليه
من أحب،ويكون في ذلك تبرئة للشيخ مما افتراه عليه المفترون ونسبه إليه
الأفَّاكون الضالّون وعلى المسلم المحتاط لدينه المؤمن بوعد الله تعالى
ووعيده أن يُغلِّب سلامة القلب وحسن الظن لينفعه الله تعالى بذلك عند
منقلبه إليه وقدومه عليه.
والله يقول الحق وهو يهدي السبيل
كلمات الشيخ الأكبر الدالة على براءته من عقيدة الحلول والاتحاد :
قال في وصل في اعتقاد أهل الاختصاص من أهل الله :
1ً- مسألة : أية مناسبة بين الحق الواجب الوجود بذاته وبين الممكن، فلا يصح أن يجتمع الخلق والحق في وجهٍ أبداً من حيث الذات.

2ً-
مسألة : لو جَمع بين الواجب بذاته وبين الممكن وجه لجاز على الواجب ما جاز
على الممكن من ذلك الوجه من الدثور والافتقار وهذا في حق الواجب محال
فإثبات وجه جامع بين الواجب والممكن محال.
3ً- مسألة : افتقار الممكن للواجب بالذات والاستغناء الذاتي للواجب دون الممكن يسمى إلهاً.
وقال في وصل الفصل الأول في معرفة الحروف :
4ً-
فإنّ العبودية لا تشرك الربوبية في الحقائق التي بها يكون إلهاً، فلو وقع
الاشتراك في الحقائق لكان إلهاً واحداً أو عبداً واحداً أعني عيناً واحدة
وهذا لا يصح فلا بد أن تكون الحقائق متباينة ولهذا باينهم بقدمه كما باينوه
بحدوثهم.
5ً- ثم قال : والذات لا تعلم أبداً على ما هي عليه.
6ً- ثم
قال : فالله سبحانه لم يزل في أزله بذاته وصفاته وأسمائه لم يتجدد عليه
حال ولا يثبت له وصف من خلق العالم لم يكن قبل ذلك عليه بل هو الآن على ما
كان عليه قبل وجود الكون.
وقال : في فصل معرفة ألف اللام :
7ً- إنه
سبحانه منبئ عن عجز العباد عن درك كنهه فقال : (لا تدركه الأبصار وهو يدرك
الأبصار وهو اللطيف الخبير) لطيف بعباده بتجليه لهم على قدر طاقتهم، خبير
بضعفهم عن حمل تجليه الأقدس على ما تعطيه الألوهة إذ لا طاقة للمحدث على
حمل جمال القديم كما لا طاقة للأنهار بحمل البحار فإن البحار تُفني أعيانها
سواء وردت عليه أو ورد عليها أعني البحر لا يُبقي لها أثراً يشهد ولا
يميز.
ثم قال في الفصل الثاني :
8ً- واعلموا أنّ الله عزيز حكيم لا يتوصل أحد إلى معرفة كنه الألوهة أبداً ولا ينبغي لها أن تدرك عزت وتعالت علواً كبيراً،

9ً-
ثم قال : فقد قام الفقر والحاجة بجميع الذوات من حيث افتقار بعضها إلى بعض
وإن اختلفت الوجوه حتى لا يصح الغنى على الإطلاق إلا لله تعالى الغني
الحميد من حيث ذاته.
10ً- ثم قال : فقد تبين لك أنّ الأصل الثبوت لكل
شيء ألا ترى العبد حقيقة ثبوته وتمكنه إنما هو في العبودة فإن اتصف يوماً
ما بوصفٍ رباني فلا تقل هو معار عنده ولكن انظر إلى الحقيقة التي قبلت ذلك
الوصف منه تجدها ثابتة في ذلك الوصف كلما ظهر عينها تحلت بتلك الحلية فإياك
أن تقول قد خرج هذا عن طوره بوصف ربه فإنّ الله تعالى ما نزع وصفه وأعطاه
إيّاه، وإنما وقع الشبه في اللفظ والمعنى معاً عند غير المحقق فيقول هذا هو
هذا وقد علمنا أنّ هذا ليس هذا، وهذا ينبغي لهذا ولا ينبغي لهذا فليكن عند
من لا ينبغي له عارية وأمانة وهذا قصور وكلام من عمي عن إدراك الحقائق فإن
هذا ولا بد ينبغي له هذا فليس الرب هو العبد، وإن قيل في الله سبحانه إنه
عالم وقيل في العبد إنه عالم وكذلك الحي والمريد والسميع والبصير وسائر
الصفات والإدراكات فإياك أن تجعل حياة الحق هي حياة العبد في الحد فتلزمك
المحالات، فإذا جعلت حياة الرب على ما تستحقه الربوبية، وحياة العبد على ما
يستحقه الكون فقد انبغى للعبد أن يكون حياً، ولو لم ينبغ له ذلك لم يصح أن
يكون الحق آمراً ولا قاهراً إلا لنفسه، ويتنزه تعالى أن يكون مأموراً أو
مقهوراً، فإذا ثبت أن يكون المأمور والمقهور أمراً آخر وعيناً أخرى فلا بد
أن يكون حياً عالماًًً مريداً متمكناً مما يراد به هكذا تعطي الحقائق.
11ً-
ثم قال : ولنرجع إلى معرفة الكلمات التي ذكرناها مثل كلمة الاستواء والأين
وفي وكان والضحك والفرح والتبشبش والتعجب والملل والمعية والعين واليد
والقدم والوجه والصورة والتحول والغضب والحياء والصلاة والفراغ وما ورد في
الكتاب العزيز والحديث من هذه الألفاظ التي توهم التشبيه والتجسيم وغير ذلك
مما لا يليق بالله تعالى في النظر الفكري عند العقل خاصة، فنقول : لما كان
القرآن منزلاً على لسان العرب ففيه ما في اللسان العربي ولما كانت الأعراب
لا تعقل ما لا يعقل إلا حتى ينزل لها في التوصيل بما تعقله لذلك جاءت هذه
الكلمات على هذا الحد كما قال ((ثمَّ دنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى))
ولما كانت الملوك عند العرب تجلس عبدها المقرب المكرَّم منها بهذا القدر في
المساحة فعقلت من هذا الخطاب قرب محمد صلى الله عليه وسلم من ربه ولا
تبالي بما فهمت من ذلك سوى القرب فالبرهان العقلي ينفي الحد والمسافة.
12ً-
ثم قال : إن الحقائق أعطت لمن وقف عليها أن لا يتقيد وجود الحق مع وجود
العالم بقبلية ولا معية ولا بعدية زمانية فإن التقدم الزماني والمكاني في
حق الله ترمي به الحقائق في وجه القائل به على التحديد.

وقال في الفصل الثالث :
13ً-
وقد ثبت أنه لا مناسبة بين الله تعالى وبين خلقه من جهة المناسبة التي بين
الأشياء وهي مناسبة الجنس أو النوع أو الشخص فليس لنا علم متقدم بشيء
فندرك به ذات الحق لما بينهما من المناسبة.
فالله تعالى لا يعلم بالدليل
أبداً لكن يعلم أنه موجود وأنّ العالم مفتقر إليه افتقاراً ذاتياً لا محيص
له عنه ألبتة قال الله تعالى ((يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله
هو الغني الحميد)).

وقال في الباب الثالث :
14ً- فأي نسبة بين المحدَث والقديم أم كيف يشبه من لا يقبل المثل هذا محال.
فنحن
نعلم أنه موجود واحد في ألوهته وهذا هو العلم الذي طلب منا غير عالمين
بحقيقة ذاته التي يعرف سبحانه نفسه عليها وهو العلم بعدم العلم الذي طلب
منا لمّا كان تعالى لا يشبه شيئاً من المخلوقات في نظر العقل ولا يشبهه شيء
منها.
تقدس الحق تعالى عن أن يدرك بذاته كالمحسوس أو بفعله كاللطيف أو
المعقول لأنه سبحانه ليس بينه وبين خلقه مناسبة أصلاً لأنّ ذاته غير مدركة
لنا فتشبه المحسوس ولا فعلها كفعل اللطيف فيشبه اللطيف لأنّ فعل الحق تعالى
إبداع الشيء لا من شيء، واللطيف الروحاني فعل الشيء من الأشياء فأي مناسبة
بينهما، فإذا امتنعت المشابهة في الفعل فأحرى أن تمتنع المشابهة بالذات.
وقد
بطل تعلق الحس بالله عندنا فقد بطل تعلق الخيال به، ولا مناسبة بين الله
وبين خلقه فإذن لا يصح العلم به من جهة الفكر ولهذا منعت العلماء من الفكر
في ذات الله تعالى.
وليس من الله في أحد شيء ولا يجوز ذلك عليه بوجه من
الوجوه فلا يعرفه أحد من نفسه وفكره، هكذا فليكن التنزيه ونفي المماثلة
والتشبيه، وما ضلّ من ضلّ من المشبهة إلا بالتأويل وحمل ما وردت به الآيات
والأخبار على ما يسبق منها إلى الأفهام من غير نظر فيما يجب لله تعالى من
التنزيه فقادهم ذلك إلى الجهل المحض والكفر الصُّراح، وكان يكفيهم قول الله
تعالى ((ليس كمثله شيء)) فمتى جاءهم حديث فيه تشبيه فقد أشبه الله شيئاً
وهو قد نفى الشبه عن نفسه سبحانه فما بقي إلا أن ذلك الخبر له وجه من وجوه
التنزيه يعرفه الله تعالى، وما نجد لفظة في خبر ولا آية جملة واحدة تكون
نصاً في التشبيه أبدا وإنما تجدها عند العرب تحتمل وجوها منها ما يؤدي إلى
التشبيه ومنها ما يؤدي إلى التنزيه فحمل المتأول ذلك اللفظ على الوجه الذي
يؤدي إلى التشبيه جور منه على ذلك اللفظ إذ لم يوف حقه بما يعطيه وضعه في
اللسان وتعدٍّ على الله تعالى حيث حمل عليه سبحانه ما لا يليق بالله تعالى.

وقال في الباب الخامس في معرفة أسرار بسم الله الرحمن الرحيم :
15-
الله هو الاسم الجامع للأسماء كلها والرحمن صفة عامة فهو رحمن الدنيا
والآخرة بها رَحِمَ كلَّ شيءٍ من العالم في الدنيا ، ولما كانت الرحمةُ في
الآخرةِ لا تختصُ إلا بقبضةِ السعادةِ فإنها تنفرد عن أختها وكانت في
الدنيا ممتزجةً يولد كافراً ويموت مؤمناً أي ينشأ كافراً في عالم الشهادة
وبالعكس وتارةً وتارة ، وبعض العالم تميز بإحدى القبضتين بإخبار صادق فجاء
الاسم الرحيم مختصاً بالدار الآخرةِ لكل من آمن .
ثم قال : فما أشرف هذا
الوجود كيف انحصر في عابد ومعبود فهذا شرفٌ مطلقٌ لا يقابله ضد لأنّ ما
سوى وجود الحق تعالى ووجود العبد عدم محضٍ لا عين له .
ثم قال : فلا وله
إلا من حيث الاقتداء ولا ذكر إلا إقامة سنةٍ أو فرضٍ ، فهم يشاهدون الصنعة
والصانع مقاماً عمرياً كما يقعد أحدكم مع نجارٍ يصنع تابوتاً فيشاهد
الصنعة والصانع ولا تحجبه الصنعة عن الصانع إلا إن شغل قلبه حُسن الصنعة .
ثم
قال : فالجاهل إذا لم يعلم في الوجود منزَّهاً عن جميع النقائص إلا الله
تعالى نسي الروح القدسي الأعلى فقال : ما في الوجود إلا الله فلما سئل في
التفصيل لم يوجد لديه تحصيل .
ثم قال : ولذلك يتعلق العلم بالمعلومات
والإرادة الواحدة بالمرادات والقدرة الواحدة بالمقدورات فتقع القسمة
والتعداد في المقدورات والمعلومات والمرادات ويقع الاتحاد والتنزه عن
الأوصاف الباطنية من علمٍ وقدرةٍ وإرادةٍ .
ثم قال : لئلا تتوهم المقدورة أنها صفة ذات القدرة فوقع الفرق بين القديم والمحدث .
والباري منزّهٌ عن إدراك التوهم والعلم المحيط به جلَّ عن ذلك .
ثم قال : وصلاح الأمة بنظرها إليه صلى الله عليه وسلم وفسادها بإعراضها عنه .
ثم
قال : آدم عليه السلام أول موجود ولم يكن له منازع يدعي مقامه فدلَّ بذاته
من أول وهلةٍ على وجود موجده لمّا كان مفتتح وجودنا وذلك لمّا نظر في
وجوده تعرض له أمران هل أوجده موجود لا أول له أو هل أوجد هو نفسه ومحال أن
يوجد هو نفسه لأنه لا يخلو أن يوجد نفسه وهو موجود أو يوجدها وهو معدوم
فإن كان موجوداً فما الذي أوجد وإن كان معدوماً فكيف يصح منه إيجادٌ وهو
عدم فلم يبق إلا أن يوجده غيره .

وقال في وصل في أسرار أمّ القرآن :
أشار
النبي صلى الله عليه وسلم أن لا يسافر بالمصحف إلى أرض العدو لدلالة تلك
الحروف على كلام الله تعالى إذ قد سمَّاها الحق كلام الله ، والحروف الذي
فيه أمثالها ، وأمثال الكلمات إذا لم يقصد بها الدلالة على كلام الله يسافر
بها إلى أرض العدو .
ثم قال : ذات الحق ليست ذات العبد ، إذ لا طاقة للمحدَث على حمل القديم .

وقال في وصل في قوله رب العالمين :
ولو
أحطت علماً بي لكنت أنت أنا ولكنت محاطاً لك وكانت أنيتي أنيتك وليست
أنيتك أنيتي فأمدك بالأسرار الإلهية وأربيك بها وقد حجبتك عن معرفة كيفية
إمدادي لك بها إذ لا طاقة لك بحمل مشاهدتك إذ لو عرفتها لاتحدت الأنية
واتحاد الأنية محال فمشاهدتك لذلك محال ، هل ترجع أنية المركب أنية البسيط
لا سبيل إلى قلب الحقائق .

وصل في قوله ( إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ) :
قال
: أي لك نقر بالعبودية ، ونَؤوي وحدك لا شريك لك ، وإليك نؤوي في
الاستعانة لا إلى غيرك على من أنزلتهم مني منزلتي منك فأنا أمدهم بك لا
بنفسي فأنت الممد لا أنا ،
وأثبت له بهذه الآية نفي الشريك ، ثم قال : فكل عبد لم يحذر مكر الله فهو مخدوع .
ثم
قال : فصل قوله تعالى ( وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللّهِ
وَبِالْيَوْمِ الآخِر ) ظاهراً ( وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ ) باطناً (
يُخَادِعُونَ اللّهَ ) بلزوم الدعوى وبجهلهم القائم بهم بأنّ الله لا يعلم
وأني أردُ أعمالهم عليهم ( وَمَا يَشْعُرُونَ ) اليوم بذلك ( فِي
قُلُوبِهِم مَّرَضٌ ) شك مما جاءهم به رسولي ( فَزَادَهُمُ اللّهُ مَرَضاً )
شكاً وحجاباً ( وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ ) يوم القيامة وهم فيه ( بِمَا
كَانُوا يَكْذِبُونَ ) .
ثم قال : فسبحان من انفرد بالإيجاد والاختراع والإتقان والإبداع .

الباب السادس :
قال : الإنسان عالم صغير من طريق الجسم حقير من طريق الحدوث .
ثم
قال : الحق تعالى وهو الموصوف بالوجود المطلق لأنه سبحانه ليس معلولاً
لشيءٍ ولا علة بل هو موجود بذاته والعلم به عبارة عن العلم بوجوده ووجوده
ليس غير ذاته مع أنه غير معلوم الذات لكن يعلم ما ينسب إليه من الصفات أعني
صفات المعاني وهي صفات الكمال وأما العلم بحقيقة الذات فممنوع لا تعلم
بدليل ولا ببرهان عقلي ولا يأخذها حد فإنه سبحانه لا يشبه شيئاً ولا يشبهه
شيء فكيف يعرف من يشبه الأشياء من لا يشبهه شيء ولا يشبه شيئاً ، فمعرفتك
به إنما هي ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ) ( وَيُحَذِّرُكُمُ اللّهُ
نَفْسَهُ ) وقد ورد المنع من الشرع في التفكر في ذات الله .
ثم قال :
فمنها ما لا نعلم إلا وجوده وهو الحق تعالى وتعلم أفعاله وصفاته بضرب من
الأمثلة، ومنها ما لا يعلم إلا بالمثال كالعلم بالحقيقة الكلية ، ومنها ما
يعلم بهذين الوجهين وبالماهية والكيفية وهو العالم والإنسان .
ثم قال
وصل :كان الله ولا شيء معه ÷ ثم أدرج فيه _ وهو الآن على ما عليه كان _ لم
يرجع إليه من إيجاده العالم صفة لم يكن عليها ، بل كان موصوفاً لنفسه
ومسمّى قبل خلقه بالأسماء التي يدعونه بها خلقه .
ثم قال : وأما المثال
الذي عليه وجد العالم كله فهو العلم القائم بنفس الحق تعالى فإنه سبحانه
علمنا بعلمه بنفسه وأوجدنا على حدِّ ما علمنا ونحن على هذا الشكل المعيّن
في علمه ولو لم يكن الأمر كذلك لأخذنا هذا الشكل بالاتفاق لا عن قصد لأنه
لا يعلمه وما يمكن أن تخرج صورة في الوجود بحكم الاتفاق فلولا أن هذا الشكل
المعيّن معلوم لله سبحانه ومراد له ما أوجدنا عليه ، فمثالنا الذي هو عين
علمه بنا قديم بقدم الحق لأنه صفة له ولا تقوم بنفسه الحوادث جلَّ الله عن
ذلك .
ثم قال : لِم وجد العالم وما غايته ؟ الجواب : يقول الله عزَّ وجل
: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾
الذاريات/56 . فصرَّح بالسبب الذي لأجله أوجدنا وهكذا العالم كله .
فأوجد
العالم سبحانه ليظهر سلطان الأسماء فإنَّ قدرة بلا مقدور ، وجوداً بلا
عطاء ، ورازقاً بلا مرزوق ، ومغيثاً بلا مغاث ، ورحيماً بلا مرحوم ، حقائق
معطلة التأثير .
ثم قال في الباب السابع : الأجسام الإنسانية وإن كانت
واحدة في الحد والحقيقة والصور الحسية والمعنوية فإنَّ أسباب تأليفها
مختلفة لئلا يتخيل أنَّ ذلك لذات السبب تعالى الله بل ذلك راجع إلى فاعل
مختار يفعل ما يشاء كيف يشاء من غير تحجير ولا قصور على أمر دون أمر ﴿ لاَ
إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ آل عمران/6 .
ثم قال :
الإنسان هو العين المقصودة لله من العالم وإنه الخليفة حقاً وإنه محل ظهور
الأسماء الإلهية وهو الجامع لحقائق العالم كله من ملك وفلك وروح وجسم
وطبيعة وجماد ونبات وحيوان إلى ما خص به من علم الأسماء الإلهية .
فإنه
سبحانه ما سمّى نفسه باسم من الأسماء إلا وجعل للإنسان من التخلق بذلك
الاسم حظاً منه يظهر به في العالم على قدر ما يليق به ولذلك تأوَّل بعضهم
قوله عليه السلام : ( إنَّ الله خلق آدم على صورته ) على هذا المعنى .
وأنزله خليفة عنه في أرضه إذ كانت الأرض من عالم التغيير والاستحالات بخلاف
العالم الأعلى .
ثم قال : ولمَّا رجعوا إلى الأخذ عن قواهم المفكرة في
معرفة الله تعالى لم يجتمعوا قط على حكم واحد في معرفة الله وذهبت كل طائفة
إلى مذهب وكثرت القالة في الجناب الإلهيّ الأحمى واجترؤا غاية الجراءة على
الله وهذا كله من الابتلاء الذي ذكرناه من خلقه الفِكر في الإنسان ، وأهل
الله افتقروا إليه فيما كلفهم به من الإيمان به في معرفته وعلموا أن المراد
منهم رجوعهم إليه في ذلك وفي كل حال فمنهم القائل سبحان من لم يجعل سبيلاً
إلى معرفته إلا العجز عن معرفته ، ومنهم من قال : العجز عن درك إلا دراك
إدراك ، وقال صلى الله عليه وسلم : ( لا أحصي ثناءً عليك ) وقال تعالى : ﴿
وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً ﴾ طه/110 . فرجعوا إلى الله في المعرفة به
وتركوا الفكر في مرتبته ووفوه حقه لم ينقلوه إلى ما لا ينبغي له التفكر فيه
، وقد ورد النهي عن التفكر في ذات الله ، والله يقول : ﴿ وَيُحَذِّرُكُمُ
اللّهُ نَفْسَهُ ﴾ آل عمران/28 . فوهبهم الله من معرفته ما وهبهم وأشهدهم
من مخلوقاته ومظاهره ما أشهدهم .

وقال في الباب الثامن :
اعلم أن الله تعالى لما خلق آدم عليه السلام الذي هو أول جسم إنساني تكوَّن ، وجعله أصلاً لوجود الأجسام الإنسانية .
أقول في هذا رد على القائلين بوجود أوادم قبل أبينا آدم عليه السلام .

وقال في الباب العاشر :
فأول موجود ظهر من الأجسام الإنسانية كان آدم عليه السلام وهو الأب الأول من هذا الجن ،

قال عبد الهادي : فيه بيان عدم صحة نسبة القول إلى الشيخ بوجود أوادم قبل أبينا آدم عليه السلام .

وقال في الباب الحادي عشر :
في حرمة الزيادة على أربع في النكاح :
-
شرعنا أكمل الشرائع حيث جرى مجرى الحقائق الكلية فأوتي جوامع الكَلِم
واقتصر على أربع نسوة وحرَّم ما زاد عل ذلك بطريق النكاح الموقوف على العقد
.
- وقال فيه : إن العقل الأول الذي هو أول مبدَع خُلِق وهو القلم
الأعلى ولم يكن ثَمَّ محدث سواه ، وكان مؤثراً فيه بما أحدث الله فيه من
انبعاث اللوح المحفوظ عنه ليكون ذلك اللوح موضعاً ومحلاً لما يكتب فيه هذا
القلم الأعلى الِإلهي ، وتخطيط الحروف الموضوعة للدلالة على ما جعلها الحق
تعالى أدلة عليه ، فكان اللوح المحفوظ أول موجود انبعاثي وقد ورد في الشرع :
( إنَّ أول ما خلق الله القلم ثمَّ خلق اللوح وقال للقلم اكتب ، قال القلم
: وما أكتب ، قال الله له : اكتب مقادير كل شيء ) وهو علم الله تعالى في
خلقه الذي يخلق إلى يوم القيامة .
وجعل الحق في هذا اللوح العاقل عن
الله ما أوحى به إليه المسبّح بحمده الذي لا يفقه تسبيحه إلا من أعلمه الله
به وفتح سمعه لما يورده كما فتح سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن حضر
من أصحابه لإدراك تسبيح الحصى في كفه الطاهرة الطيبة صلى الله عليه وسلم ،
وإنما قلنا فتح سمعه إذ كان الحصى ما زال مذ خلقه مسبّحاً بحمد موجده فكان
خرق العادة في الإدراك السمعي لا فيه .
- وقال فيه : قال الله تعالى : ﴿
لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ
قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً ﴾ الطلاق/12 . فهو العليم سبحانه بما
يُوجد ، القدير على إيجاد ما يريد إيجاده لا مانع له .
إلى أن قال : فسبحان القادر على ما يشاء لا إله إلا هو ربُّ كل شيء ومليكه .
قال
تعالى : ﴿ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ ﴾ لقمان/14 . فشكرهم الذي
يسرون به ويفرحون بالثناء عليهم هو أن تنسبهم إلى مالكهم وموجدهم وتسلب
الفعل عنهم وتلحقه بمستحقه الذي هو خالق كل شيء فإذا فعلت ذلك فقد أدخلت
سروراً على آبائك بفعلك ذلك ، وإدخال هذا السرور عليهم هو عين برِّك بهم
وشكرك إيّاهم ، وإذا لم تفعل هذا ونسيت الله بهم فما شكرتهم ولا امتثلت أمر
الله في شكرهم فإنه قال : ﴿ أَنِ اشْكُرْ لِي ﴾ فقدّم نفسه ليعرفك أنه
السبب الأول والأولى ، ثم عطف وقال : ﴿ وَلِوَالِدَيْكَ ﴾ وهي الأسباب التي
أوجدك الله عندها لتنسبها إليه سبحانه ويكون لها عليك فضل التقدم بالوجود
خاصة لا فضل التأثير لأنه في الحقيقة لا أثر لها وإن كانت أسباباًَ لوجود
الآثار ، فبهذا القدر صح لها الفضل وطلب منك الشكر وأنزلها الحق لك وعندك
منزلته في التقدم عليك لا في الأثر ليكون الثناء بالتقدم والتأثير لله
تعالى ، وبالتقدم والتوقف للوالدين ولكن على ما شرطنا فلا تشرك بعبادة ربك
أحداً .
- ثم قال : والله الموفق لا رب غيره .
- ثم قال : ولمّا كانت
الصنعة تستدعي صانعاً ولا بد ، والمنفعل يطلب الفاعل بذاته ، فإنه منفعل
لذاته ولو لم يكن منفعلاً لذاته لما قبل الانفعال والأثر وكان مؤثراً فيه ،
بخلاف الفاعل فإنه يَفعل بالاختيار إن شاء فعل فيسمى فاعلاً وإن شاء ترك ،
وليس ذلك للمنفعل .
_ ثم قال : لقد جاء الله سيدنا محمَّداً صلى الله
عليه وسلم بعلوم ما نالها أحد سواه كما قال : ( فعلمت علم الأولين والآخرين
) في حديث الضرب باليد ، فالعلم الإلهي هو أصل العلوم كلها وإليه ترجع : ﴿
وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ ﴾ الأحزاب/4 .

الباب الثاني عشر :
وقال في الباب الثاني عشر في خصائص النبي صلى الله عليه وسلم ما نصه :
ومنها
: الكمال في العبودية ، فكان صلى الله عليه وسلم عبداً صِرفاً ، لم يقم
بذاته ربَّانية على أحد ، وهي التي أوجبت له السيادة وهي الدليل على شرفه
على الدوام .

وقال في الباب الثالث عشر :
ثم أوجد الله سبحانه
الظلمة المحصنة التي هي في مقابلة هذا بمنزلة العدم المطلق المقابل للوجود
المطلق فعندما أوجدها أفاض عليها النور فظهر الجسم المعبَّر عنه بالعرش
فاستوى عليه الاسم الرَّحمن بالاسم الظاهر فذلك أول ما ظهر من عالم الخلق ،
وخلق من ذلك النور الممتزج الذي هو مثل ضوء السَّحر الملائكة الحافّين
بالسرير وهو قوله : ﴿ وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ
الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ ﴾[الزمر:75] ، فليس لهم شغل إلا
كونهم حافّين من حول العرش يسبّحون بحمده .
ثم أوجد الكرسي في جوف هذا
العرش وجعل فيه ملائكة من جنس طبيعته ، وقسَّم في هذا الكرسي الكلمة إلى /
خبر وحكم / وهما القدمان اللّتان تدلتا له من العرش كما ورد في الخبر
النبوي .
ثم قال : النسب الثمانية التي يوصف بها الحق وهي : الحياة
والعلم والقدرة والإرادة والكلام والسمع والبصر وإدراك المطعوم والمشموم
والملموس بالصفة اللائقة به ، فإنّ لهذا الإدراك بها تعلقاً كإدراك السمع
بالمسموعات والبصر بالمبصرات .
ثم قال : وأما العرش الذي هو السرير فإنّ
لله ملائكة يحملونه على كواهلهم هم اليوم أربعة وغداً يكونون ثمانية لأجل
الحمل إلى أرض المحشر .

وقال في الباب الرابع عشر :
اعلم أيدك
الله أنّ النبي هو الذي يأتيه الملك بالوحي من عند الله يتضمن ذلك الوحي
شريعة يتعبده بها في نفسه فإن بعث بها إلى غيره كان رسولاً ، وهذا باب قد
أغلق برسول الله صلى الله عليه وسلم فلا سبيل أن يتعبد الله أحداً بشريعة
ناسخة لهذه الشريعة المحمدية ، وإنّ عيسى صلى الله عليه وسلم إذا نزل ما
يحكم إلا بشريعة محمد صلى الله عليه وسلم وهو خاتم الأولياء .
*****
وقال في الباب الخامس عشر :
قال
تعالى : ﴿ خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ
يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ
شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [الطلاق:12] ، والقدرة ما لها تعلق إلا بالإيجاد فعلمنا
أن المقصود بهذا التنزيل إنما هو التكوين .
ثم قال : قوله تعالى : ﴿
لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ﴾ [الشورى:11] ، سبب ذلك كون الأولية له إذ لو
تقدم له مثل لما صحت له الأولية وقوله تعالى : ﴿ لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ
أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي ﴾ [الكهف:109] ، وهو مقام العلم الإلهي
وتعلقه لا ينتهي ، وهو الثاني من الأوصاف فإنّ أول الأوصاف الحياة ويليه
العلم .
وقوله تعالى : ﴿ وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ ﴾
[الذاريات:21] ، وهي المرتبة الثالثة فإن الآيات الأول هي الأسماء الإلهية ،
والآيات الثواني في الآفاق ، والآيات التي تلي الثواني في أنفسنا ، قال
تعالى : ﴿ سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ ﴾
[فصلت:53] .

وقال في الباب السادس عشر :
علوم النور على قسمين
علوم كشف وعلوم برهان بصحيح فكر فيحصل له من طريق البرهان ما يرد به الشبه
المضلة القادحة في وجود الحق وتوحيده وأسمائه وأفعاله ، فالبرهان يرد على
المعطلة ، ويدل على إثبات وجود الإله وبه يرد على أهل الشرك ﴿ الَّذِينَ
يَجْعَلُونَ مَعَ اللّهِ إِلـهاً آخَرَ ﴾ [الحجر:53] ، ويدل على توحيد
الإله من كونه إلهاً ، وبه يرد على من ينفي أحكام الأسماء الإلهية وصحة
آثارها في الكون ويدل على إثباتها بالبرهان السمعي من طريق الإطلاق
وبالبرهان العقلي من طريق المعاني وبه يرد على نفاة الأفعال من الفلاسفة
ويدل على أنه سبحانه فاعل وأن المفعولات مرادة له سبحانه سمعاً وعقلاً .
ثم
قال : اعلم أنّ الكون لا تعلق له بعلم الذات أصلاً وإنما متعلقه العلم
بالمرتبة وهو مسمّى ﴿ الله ﴾ فهو الدليل المحفوظ الأركان السادُّ على معرفة
الإله وما يجب أن يكون عليه سبحانه من أسماء الأفعال ونعوت الجلال ، وبأية
حقيقة يصدر الكون من هذه الذات المنعوتة بهذه المرتبة المجهولة العين
والكيف ، وعندنا لا خلاف في أنها لا تعلم بل يطلق عليها نعوت تنزيه صفات
الحدث ، وأنّ القِدم والأزل الذي يطلق لوجودها إنما هي أسماء تدل على سلوب
من نفي الأولية وما يليق بالحدوث ، وهذا يخالفنا فيه جماعة من المتكلمين
الأشاعرة ويتخيلون أنهم قد علموا من الحق صفة نفسية ثبوتية ، وهيهات أنى
لهم بذلك ، وقال أبو سعيد الخراز وأبو حامد وأمثالهما ﴿ لا يعرف الله إلا
الله ﴾ .
وقد اختلف أصحابنا في رؤية الله تعالى إذا رأيناه في الدار الآخرة بالأبصار ما الذي نرى ؟
فإنه
مجال ضيِّق تقف العقول فيه لمناقضة أدلتها فهو المرئي سبحانه على الوجه
الذي قاله وقاله رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى ما أراده من ذلك .
الشيخ عبد الهادي الخرسة

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ولي الصالحين، وأشهد أن لا إله إلا
الله وحده لا شريك له، إله الأولين والآخرين، وأشهد أن نبينا محمدًا عبده
ورسوله سيد الخلق أجمعين، اللهم صلِّ وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه
والتابعين, وبعد
تنبيه كل متنور قد اجتبي من العباد إلى تبرئة ابن عربي من عقيدة الحلول والإتحاد
فهذا كتاب /تبرئة الشيخ الأكبر ابن عربي من عقيدة الحلول والاتحاد/ من كلامه ومقالاته في الفتوحات المكية.
والباعث
على هذه الرسالة أنّ كثيراً من الباحثين يقلد بعضهم بعضاً باتهام الشيخ
الأكبر بعقيدة الحلول والاتحاد فرجعت إلى كتابه/الفتوحات المكية/ فوجدت
الكلام فيه على ثلاثة أضرب :
1ً- كلام ينزه الله تعالى عن الحلول والاتحاد ويرد على القائلين بهذه العقيدة الباطلة.
2ً- كلام موهم لعقيدة الحلول والاتحاد قابل للتأويل على وجه مقبول يتوافق مع العقيدة الصحيحة.
3ً- كلام صريح في عقيدة الحلول والاتحاد.
وهذا
القسم الثالث أقطع بدسه على الشيخ الأكبر لأنه ليس من المعقول أن يكتب
الشيخ كلاماً متناقضاً في نفسه بين باب وآخر، وليس من المعقول أيضاً أن يدس
على الشيخ من قبل أعدائه كلام التنزيه، فلم يبق إلا الاحتمال الأخير وهو
دسُّه عليه من قبل أعدائه وحُسّاده.
وإنّ ثبوت نسبة أي كتاب إلى مؤلِّف
إما أن تكون قطعية الثبوت أو ظنية الثبوت وكذلك الحكم على كل كلمة فيه،
فإذا كان كتاب الفتوحات قطعي الثبوت إلى المؤلِّف فإنا لا نقطع لكل كلمة
فيه بذلك لاحتمال الدَّس وقد وقع، والكلام إما قطعي الدلالة فلا يقبل
التأويل أو ظني الدلالة فيكون قابلاً له وكلام المؤلف من هذا القبيل فيما
هو موهم وبناءً على ذلك :
قمت بجمع كلام الشيخ الأكبر من الفتوحات الدال
على تنزيه الله تعالى عن الحلول والاتحاد، وذكر كل باب ذكر فيه ليرجع إليه
من أحب،ويكون في ذلك تبرئة للشيخ مما افتراه عليه المفترون ونسبه إليه
الأفَّاكون الضالّون وعلى المسلم المحتاط لدينه المؤمن بوعد الله تعالى
ووعيده أن يُغلِّب سلامة القلب وحسن الظن لينفعه الله تعالى بذلك عند
منقلبه إليه وقدومه عليه.
والله يقول الحق وهو يهدي السبيل
كلمات الشيخ الأكبر الدالة على براءته من عقيدة الحلول والاتحاد :
قال في وصل في اعتقاد أهل الاختصاص من أهل الله :
1ً- مسألة : أية مناسبة بين الحق الواجب الوجود بذاته وبين الممكن، فلا يصح أن يجتمع الخلق والحق في وجهٍ أبداً من حيث الذات.

2ً-
مسألة : لو جَمع بين الواجب بذاته وبين الممكن وجه لجاز على الواجب ما جاز
على الممكن من ذلك الوجه من الدثور والافتقار وهذا في حق الواجب محال
فإثبات وجه جامع بين الواجب والممكن محال.
3ً- مسألة : افتقار الممكن للواجب بالذات والاستغناء الذاتي للواجب دون الممكن يسمى إلهاً.
وقال في وصل الفصل الأول في معرفة الحروف :
4ً-
فإنّ العبودية لا تشرك الربوبية في الحقائق التي بها يكون إلهاً، فلو وقع
الاشتراك في الحقائق لكان إلهاً واحداً أو عبداً واحداً أعني عيناً واحدة
وهذا لا يصح فلا بد أن تكون الحقائق متباينة ولهذا باينهم بقدمه كما باينوه
بحدوثهم.
5ً- ثم قال : والذات لا تعلم أبداً على ما هي عليه.
6ً- ثم
قال : فالله سبحانه لم يزل في أزله بذاته وصفاته وأسمائه لم يتجدد عليه
حال ولا يثبت له وصف من خلق العالم لم يكن قبل ذلك عليه بل هو الآن على ما
كان عليه قبل وجود الكون.
وقال : في فصل معرفة ألف اللام :
7ً- إنه
سبحانه منبئ عن عجز العباد عن درك كنهه فقال : (لا تدركه الأبصار وهو يدرك
الأبصار وهو اللطيف الخبير) لطيف بعباده بتجليه لهم على قدر طاقتهم، خبير
بضعفهم عن حمل تجليه الأقدس على ما تعطيه الألوهة إذ لا طاقة للمحدث على
حمل جمال القديم كما لا طاقة للأنهار بحمل البحار فإن البحار تُفني أعيانها
سواء وردت عليه أو ورد عليها أعني البحر لا يُبقي لها أثراً يشهد ولا
يميز.
ثم قال في الفصل الثاني :
8ً- واعلموا أنّ الله عزيز حكيم لا يتوصل أحد إلى معرفة كنه الألوهة أبداً ولا ينبغي لها أن تدرك عزت وتعالت علواً كبيراً،

9ً-
ثم قال : فقد قام الفقر والحاجة بجميع الذوات من حيث افتقار بعضها إلى بعض
وإن اختلفت الوجوه حتى لا يصح الغنى على الإطلاق إلا لله تعالى الغني
الحميد من حيث ذاته.
10ً- ثم قال : فقد تبين لك أنّ الأصل الثبوت لكل
شيء ألا ترى العبد حقيقة ثبوته وتمكنه إنما هو في العبودة فإن اتصف يوماً
ما بوصفٍ رباني فلا تقل هو معار عنده ولكن انظر إلى الحقيقة التي قبلت ذلك
الوصف منه تجدها ثابتة في ذلك الوصف كلما ظهر عينها تحلت بتلك الحلية فإياك
أن تقول قد خرج هذا عن طوره بوصف ربه فإنّ الله تعالى ما نزع وصفه وأعطاه
إيّاه، وإنما وقع الشبه في اللفظ والمعنى معاً عند غير المحقق فيقول هذا هو
هذا وقد علمنا أنّ هذا ليس هذا، وهذا ينبغي لهذا ولا ينبغي لهذا فليكن عند
من لا ينبغي له عارية وأمانة وهذا قصور وكلام من عمي عن إدراك الحقائق فإن
هذا ولا بد ينبغي له هذا فليس الرب هو العبد، وإن قيل في الله سبحانه إنه
عالم وقيل في العبد إنه عالم وكذلك الحي والمريد والسميع والبصير وسائر
الصفات والإدراكات فإياك أن تجعل حياة الحق هي حياة العبد في الحد فتلزمك
المحالات، فإذا جعلت حياة الرب على ما تستحقه الربوبية، وحياة العبد على ما
يستحقه الكون فقد انبغى للعبد أن يكون حياً، ولو لم ينبغ له ذلك لم يصح أن
يكون الحق آمراً ولا قاهراً إلا لنفسه، ويتنزه تعالى أن يكون مأموراً أو
مقهوراً، فإذا ثبت أن يكون المأمور والمقهور أمراً آخر وعيناً أخرى فلا بد
أن يكون حياً عالماًًً مريداً متمكناً مما يراد به هكذا تعطي الحقائق.
11ً-
ثم قال : ولنرجع إلى معرفة الكلمات التي ذكرناها مثل كلمة الاستواء والأين
وفي وكان والضحك والفرح والتبشبش والتعجب والملل والمعية والعين واليد
والقدم والوجه والصورة والتحول والغضب والحياء والصلاة والفراغ وما ورد في
الكتاب العزيز والحديث من هذه الألفاظ التي توهم التشبيه والتجسيم وغير ذلك
مما لا يليق بالله تعالى في النظر الفكري عند العقل خاصة، فنقول : لما كان
القرآن منزلاً على لسان العرب ففيه ما في اللسان العربي ولما كانت الأعراب
لا تعقل ما لا يعقل إلا حتى ينزل لها في التوصيل بما تعقله لذلك جاءت هذه
الكلمات على هذا الحد كما قال ((ثمَّ دنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى))
ولما كانت الملوك عند العرب تجلس عبدها المقرب المكرَّم منها بهذا القدر في
المساحة فعقلت من هذا الخطاب قرب محمد صلى الله عليه وسلم من ربه ولا
تبالي بما فهمت من ذلك سوى القرب فالبرهان العقلي ينفي الحد والمسافة.
12ً-
ثم قال : إن الحقائق أعطت لمن وقف عليها أن لا يتقيد وجود الحق مع وجود
العالم بقبلية ولا معية ولا بعدية زمانية فإن التقدم الزماني والمكاني في
حق الله ترمي به الحقائق في وجه القائل به على التحديد.

وقال في الفصل الثالث :
13ً-
وقد ثبت أنه لا مناسبة بين الله تعالى وبين خلقه من جهة المناسبة التي بين
الأشياء وهي مناسبة الجنس أو النوع أو الشخص فليس لنا علم متقدم بشيء
فندرك به ذات الحق لما بينهما من المناسبة.
فالله تعالى لا يعلم بالدليل
أبداً لكن يعلم أنه موجود وأنّ العالم مفتقر إليه افتقاراً ذاتياً لا محيص
له عنه ألبتة قال الله تعالى ((يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله
هو الغني الحميد)).

وقال في الباب الثالث :
14ً- فأي نسبة بين المحدَث والقديم أم كيف يشبه من لا يقبل المثل هذا محال.
فنحن
نعلم أنه موجود واحد في ألوهته وهذا هو العلم الذي طلب منا غير عالمين
بحقيقة ذاته التي يعرف سبحانه نفسه عليها وهو العلم بعدم العلم الذي طلب
منا لمّا كان تعالى لا يشبه شيئاً من المخلوقات في نظر العقل ولا يشبهه شيء
منها.
تقدس الحق تعالى عن أن يدرك بذاته كالمحسوس أو بفعله كاللطيف أو
المعقول لأنه سبحانه ليس بينه وبين خلقه مناسبة أصلاً لأنّ ذاته غير مدركة
لنا فتشبه المحسوس ولا فعلها كفعل اللطيف فيشبه اللطيف لأنّ فعل الحق تعالى
إبداع الشيء لا من شيء، واللطيف الروحاني فعل الشيء من الأشياء فأي مناسبة
بينهما، فإذا امتنعت المشابهة في الفعل فأحرى أن تمتنع المشابهة بالذات.
وقد
بطل تعلق الحس بالله عندنا فقد بطل تعلق الخيال به، ولا مناسبة بين الله
وبين خلقه فإذن لا يصح العلم به من جهة الفكر ولهذا منعت العلماء من الفكر
في ذات الله تعالى.
وليس من الله في أحد شيء ولا يجوز ذلك عليه بوجه من
الوجوه فلا يعرفه أحد من نفسه وفكره، هكذا فليكن التنزيه ونفي المماثلة
والتشبيه، وما ضلّ من ضلّ من المشبهة إلا بالتأويل وحمل ما وردت به الآيات
والأخبار على ما يسبق منها إلى الأفهام من غير نظر فيما يجب لله تعالى من
التنزيه فقادهم ذلك إلى الجهل المحض والكفر الصُّراح، وكان يكفيهم قول الله
تعالى ((ليس كمثله شيء)) فمتى جاءهم حديث فيه تشبيه فقد أشبه الله شيئاً
وهو قد نفى الشبه عن نفسه سبحانه فما بقي إلا أن ذلك الخبر له وجه من وجوه
التنزيه يعرفه الله تعالى، وما نجد لفظة في خبر ولا آية جملة واحدة تكون
نصاً في التشبيه أبدا وإنما تجدها عند العرب تحتمل وجوها منها ما يؤدي إلى
التشبيه ومنها ما يؤدي إلى التنزيه فحمل المتأول ذلك اللفظ على الوجه الذي
يؤدي إلى التشبيه جور منه على ذلك اللفظ إذ لم يوف حقه بما يعطيه وضعه في
اللسان وتعدٍّ على الله تعالى حيث حمل عليه سبحانه ما لا يليق بالله تعالى.

وقال في الباب الخامس في معرفة أسرار بسم الله الرحمن الرحيم :
15-
الله هو الاسم الجامع للأسماء كلها والرحمن صفة عامة فهو رحمن الدنيا
والآخرة بها رَحِمَ كلَّ شيءٍ من العالم في الدنيا ، ولما كانت الرحمةُ في
الآخرةِ لا تختصُ إلا بقبضةِ السعادةِ فإنها تنفرد عن أختها وكانت في
الدنيا ممتزجةً يولد كافراً ويموت مؤمناً أي ينشأ كافراً في عالم الشهادة
وبالعكس وتارةً وتارة ، وبعض العالم تميز بإحدى القبضتين بإخبار صادق فجاء
الاسم الرحيم مختصاً بالدار الآخرةِ لكل من آمن .
ثم قال : فما أشرف هذا
الوجود كيف انحصر في عابد ومعبود فهذا شرفٌ مطلقٌ لا يقابله ضد لأنّ ما
سوى وجود الحق تعالى ووجود العبد عدم محضٍ لا عين له .
ثم قال : فلا وله
إلا من حيث الاقتداء ولا ذكر إلا إقامة سنةٍ أو فرضٍ ، فهم يشاهدون الصنعة
والصانع مقاماً عمرياً كما يقعد أحدكم مع نجارٍ يصنع تابوتاً فيشاهد
الصنعة والصانع ولا تحجبه الصنعة عن الصانع إلا إن شغل قلبه حُسن الصنعة .
ثم
قال : فالجاهل إذا لم يعلم في الوجود منزَّهاً عن جميع النقائص إلا الله
تعالى نسي الروح القدسي الأعلى فقال : ما في الوجود إلا الله فلما سئل في
التفصيل لم يوجد لديه تحصيل .
ثم قال : ولذلك يتعلق العلم بالمعلومات
والإرادة الواحدة بالمرادات والقدرة الواحدة بالمقدورات فتقع القسمة
والتعداد في المقدورات والمعلومات والمرادات ويقع الاتحاد والتنزه عن
الأوصاف الباطنية من علمٍ وقدرةٍ وإرادةٍ .
ثم قال : لئلا تتوهم المقدورة أنها صفة ذات القدرة فوقع الفرق بين القديم والمحدث .
والباري منزّهٌ عن إدراك التوهم والعلم المحيط به جلَّ عن ذلك .
ثم قال : وصلاح الأمة بنظرها إليه صلى الله عليه وسلم وفسادها بإعراضها عنه .
ثم
قال : آدم عليه السلام أول موجود ولم يكن له منازع يدعي مقامه فدلَّ بذاته
من أول وهلةٍ على وجود موجده لمّا كان مفتتح وجودنا وذلك لمّا نظر في
وجوده تعرض له أمران هل أوجده موجود لا أول له أو هل أوجد هو نفسه ومحال أن
يوجد هو نفسه لأنه لا يخلو أن يوجد نفسه وهو موجود أو يوجدها وهو معدوم
فإن كان موجوداً فما الذي أوجد وإن كان معدوماً فكيف يصح منه إيجادٌ وهو
عدم فلم يبق إلا أن يوجده غيره .

وقال في وصل في أسرار أمّ القرآن :
أشار
النبي صلى الله عليه وسلم أن لا يسافر بالمصحف إلى أرض العدو لدلالة تلك
الحروف على كلام الله تعالى إذ قد سمَّاها الحق كلام الله ، والحروف الذي
فيه أمثالها ، وأمثال الكلمات إذا لم يقصد بها الدلالة على كلام الله يسافر
بها إلى أرض العدو .
ثم قال : ذات الحق ليست ذات العبد ، إذ لا طاقة للمحدَث على حمل القديم .

وقال في وصل في قوله رب العالمين :
ولو
أحطت علماً بي لكنت أنت أنا ولكنت محاطاً لك وكانت أنيتي أنيتك وليست
أنيتك أنيتي فأمدك بالأسرار الإلهية وأربيك بها وقد حجبتك عن معرفة كيفية
إمدادي لك بها إذ لا طاقة لك بحمل مشاهدتك إذ لو عرفتها لاتحدت الأنية
واتحاد الأنية محال فمشاهدتك لذلك محال ، هل ترجع أنية المركب أنية البسيط
لا سبيل إلى قلب الحقائق .

وصل في قوله ( إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ) :
قال
: أي لك نقر بالعبودية ، ونَؤوي وحدك لا شريك لك ، وإليك نؤوي في
الاستعانة لا إلى غيرك على من أنزلتهم مني منزلتي منك فأنا أمدهم بك لا
بنفسي فأنت الممد لا أنا ،
وأثبت له بهذه الآية نفي الشريك ، ثم قال : فكل عبد لم يحذر مكر الله فهو مخدوع .
ثم
قال : فصل قوله تعالى ( وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللّهِ
وَبِالْيَوْمِ الآخِر ) ظاهراً ( وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ ) باطناً (
يُخَادِعُونَ اللّهَ ) بلزوم الدعوى وبجهلهم القائم بهم بأنّ الله لا يعلم
وأني أردُ أعمالهم عليهم ( وَمَا يَشْعُرُونَ ) اليوم بذلك ( فِي
قُلُوبِهِم مَّرَضٌ ) شك مما جاءهم به رسولي ( فَزَادَهُمُ اللّهُ مَرَضاً )
شكاً وحجاباً ( وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ ) يوم القيامة وهم فيه ( بِمَا
كَانُوا يَكْذِبُونَ ) .
ثم قال : فسبحان من انفرد بالإيجاد والاختراع والإتقان والإبداع .

الباب السادس :
قال : الإنسان عالم صغير من طريق الجسم حقير من طريق الحدوث .
ثم
قال : الحق تعالى وهو الموصوف بالوجود المطلق لأنه سبحانه ليس معلولاً
لشيءٍ ولا علة بل هو موجود بذاته والعلم به عبارة عن العلم بوجوده ووجوده
ليس غير ذاته مع أنه غير معلوم الذات لكن يعلم ما ينسب إليه من الصفات أعني
صفات المعاني وهي صفات الكمال وأما العلم بحقيقة الذات فممنوع لا تعلم
بدليل ولا ببرهان عقلي ولا يأخذها حد فإنه سبحانه لا يشبه شيئاً ولا يشبهه
شيء فكيف يعرف من يشبه الأشياء من لا يشبهه شيء ولا يشبه شيئاً ، فمعرفتك
به إنما هي ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ) ( وَيُحَذِّرُكُمُ اللّهُ
نَفْسَهُ ) وقد ورد المنع من الشرع في التفكر في ذات الله .
ثم قال :
فمنها ما لا نعلم إلا وجوده وهو الحق تعالى وتعلم أفعاله وصفاته بضرب من
الأمثلة، ومنها ما لا يعلم إلا بالمثال كالعلم بالحقيقة الكلية ، ومنها ما
يعلم بهذين الوجهين وبالماهية والكيفية وهو العالم والإنسان .
ثم قال
وصل :كان الله ولا شيء معه ÷ ثم أدرج فيه _ وهو الآن على ما عليه كان _ لم
يرجع إليه من إيجاده العالم صفة لم يكن عليها ، بل كان موصوفاً لنفسه
ومسمّى قبل خلقه بالأسماء التي يدعونه بها خلقه .
ثم قال : وأما المثال
الذي عليه وجد العالم كله فهو العلم القائم بنفس الحق تعالى فإنه سبحانه
علمنا بعلمه بنفسه وأوجدنا على حدِّ ما علمنا ونحن على هذا الشكل المعيّن
في علمه ولو لم يكن الأمر كذلك لأخذنا هذا الشكل بالاتفاق لا عن قصد لأنه
لا يعلمه وما يمكن أن تخرج صورة في الوجود بحكم الاتفاق فلولا أن هذا الشكل
المعيّن معلوم لله سبحانه ومراد له ما أوجدنا عليه ، فمثالنا الذي هو عين
علمه بنا قديم بقدم الحق لأنه صفة له ولا تقوم بنفسه الحوادث جلَّ الله عن
ذلك .
ثم قال : لِم وجد العالم وما غايته ؟ الجواب : يقول الله عزَّ وجل
: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾
الذاريات/56 . فصرَّح بالسبب الذي لأجله أوجدنا وهكذا العالم كله .
فأوجد
العالم سبحانه ليظهر سلطان الأسماء فإنَّ قدرة بلا مقدور ، وجوداً بلا
عطاء ، ورازقاً بلا مرزوق ، ومغيثاً بلا مغاث ، ورحيماً بلا مرحوم ، حقائق
معطلة التأثير .
ثم قال في الباب السابع : الأجسام الإنسانية وإن كانت
واحدة في الحد والحقيقة والصور الحسية والمعنوية فإنَّ أسباب تأليفها
مختلفة لئلا يتخيل أنَّ ذلك لذات السبب تعالى الله بل ذلك راجع إلى فاعل
مختار يفعل ما يشاء كيف يشاء من غير تحجير ولا قصور على أمر دون أمر ﴿ لاَ
إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ آل عمران/6 .
ثم قال :
الإنسان هو العين المقصودة لله من العالم وإنه الخليفة حقاً وإنه محل ظهور
الأسماء الإلهية وهو الجامع لحقائق العالم كله من ملك وفلك وروح وجسم
وطبيعة وجماد ونبات وحيوان إلى ما خص به من علم الأسماء الإلهية .
فإنه
سبحانه ما سمّى نفسه باسم من الأسماء إلا وجعل للإنسان من التخلق بذلك
الاسم حظاً منه يظهر به في العالم على قدر ما يليق به ولذلك تأوَّل بعضهم
قوله عليه السلام : ( إنَّ الله خلق آدم على صورته ) على هذا المعنى .
وأنزله خليفة عنه في أرضه إذ كانت الأرض من عالم التغيير والاستحالات بخلاف
العالم الأعلى .
ثم قال : ولمَّا رجعوا إلى الأخذ عن قواهم المفكرة في
معرفة الله تعالى لم يجتمعوا قط على حكم واحد في معرفة الله وذهبت كل طائفة
إلى مذهب وكثرت القالة في الجناب الإلهيّ الأحمى واجترؤا غاية الجراءة على
الله وهذا كله من الابتلاء الذي ذكرناه من خلقه الفِكر في الإنسان ، وأهل
الله افتقروا إليه فيما كلفهم به من الإيمان به في معرفته وعلموا أن المراد
منهم رجوعهم إليه في ذلك وفي كل حال فمنهم القائل سبحان من لم يجعل سبيلاً
إلى معرفته إلا العجز عن معرفته ، ومنهم من قال : العجز عن درك إلا دراك
إدراك ، وقال صلى الله عليه وسلم : ( لا أحصي ثناءً عليك ) وقال تعالى : ﴿
وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً ﴾ طه/110 . فرجعوا إلى الله في المعرفة به
وتركوا الفكر في مرتبته ووفوه حقه لم ينقلوه إلى ما لا ينبغي له التفكر فيه
، وقد ورد النهي عن التفكر في ذات الله ، والله يقول : ﴿ وَيُحَذِّرُكُمُ
اللّهُ نَفْسَهُ ﴾ آل عمران/28 . فوهبهم الله من معرفته ما وهبهم وأشهدهم
من
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://abonor.ahlamountada.com
 
برائة ابن عربى من عقيدة الإتحاد والحلول
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الصوفيه والاتحاد والحلول
» ابن عربي ينفي الحلول و الإتحاد
» عقيدة الوضوح

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الطريقه النقشبنديه  :: الطريقه النقشبنديه والتصوف الاسلامى :: منتدى الإمام محيي الدين بن عربي-
انتقل الى:  
المواضيع الأخيرة
» للخلاص من كل مرض وبليه ومجرب
برائة ابن عربى من عقيدة الإتحاد والحلول Icon_minitimeالخميس أبريل 27, 2023 4:07 pm من طرف mechri

» الأربعون النووية
برائة ابن عربى من عقيدة الإتحاد والحلول Icon_minitimeالأحد سبتمبر 19, 2021 7:38 am من طرف احمد محمد النقشبندي

» مجموعة كتب فى الفقه العام و أصول الفقه.
برائة ابن عربى من عقيدة الإتحاد والحلول Icon_minitimeالسبت سبتمبر 04, 2021 10:57 pm من طرف احمد محمد النقشبندي

» السيرة النبوية لإبن هشام
برائة ابن عربى من عقيدة الإتحاد والحلول Icon_minitimeالسبت سبتمبر 04, 2021 10:51 pm من طرف احمد محمد النقشبندي

»  الجن و دياناتهم
برائة ابن عربى من عقيدة الإتحاد والحلول Icon_minitimeالثلاثاء أبريل 04, 2017 5:46 pm من طرف الموجه النقشبندي

» برنامج لكسر حماية ملفات الـ pdf لطباعته
برائة ابن عربى من عقيدة الإتحاد والحلول Icon_minitimeالثلاثاء أبريل 04, 2017 5:46 pm من طرف الموجه النقشبندي

» حمل كتب الامام محي الدين بن عربي
برائة ابن عربى من عقيدة الإتحاد والحلول Icon_minitimeالثلاثاء أبريل 04, 2017 5:46 pm من طرف الموجه النقشبندي

» رياض الصالحين .
برائة ابن عربى من عقيدة الإتحاد والحلول Icon_minitimeالثلاثاء أبريل 04, 2017 5:46 pm من طرف الموجه النقشبندي

»  دعآء آلهم و آلحزن و آلكرب و آلغم
برائة ابن عربى من عقيدة الإتحاد والحلول Icon_minitimeالثلاثاء أبريل 04, 2017 5:45 pm من طرف الموجه النقشبندي

» للوقايه من شر الإنس والجن
برائة ابن عربى من عقيدة الإتحاد والحلول Icon_minitimeالثلاثاء أبريل 04, 2017 5:45 pm من طرف الموجه النقشبندي

» خواص عظيمه للزواج
برائة ابن عربى من عقيدة الإتحاد والحلول Icon_minitimeالثلاثاء أبريل 04, 2017 5:44 pm من طرف الموجه النقشبندي

» اختصاص الامام علي كرم الله وجهه بالطريقة
برائة ابن عربى من عقيدة الإتحاد والحلول Icon_minitimeالثلاثاء أبريل 04, 2017 5:38 pm من طرف الموجه النقشبندي

» النقشبندية...منهجها وأصولها وسندها ومشائخها
برائة ابن عربى من عقيدة الإتحاد والحلول Icon_minitimeالثلاثاء أبريل 04, 2017 5:36 pm من طرف الموجه النقشبندي

» الشريف موسى معوض النقشبندى وذريته وأبنائه 9
برائة ابن عربى من عقيدة الإتحاد والحلول Icon_minitimeالثلاثاء أبريل 04, 2017 5:35 pm من طرف الموجه النقشبندي

» االرحلة الالهية
برائة ابن عربى من عقيدة الإتحاد والحلول Icon_minitimeالثلاثاء أبريل 04, 2017 5:34 pm من طرف الموجه النقشبندي

أقسام المنتدى

جميع الحقوق محفوظة لـ{منتدى الطريقه النقشبنديه} ®
حقوق الطبع والنشر © مصر 2010-2012
@ الطريقه النقشبنديه للتعارف والاهداءات والمناسبات @المنتدى الاسلامى العام @ الفقه والفتاوى والأحكام @ منتدى الخيمه الرمضانيه @ قسم الصوتيات والمرئيات الاسلاميه @ الطريقه النقشبنديه للثقافه والموضوعات العامه   منتدى الطريقه النقشبنديه للحديث الشريف @ منتدى الطريقه النقشبنديه للعقيده والتوحيد @ منتدى الطريقه النقشبنديه للسيره النبويه @ منتدى مناقب ال البيت @ منتدى قصص الأنبياء @ شخصيات اسلاميه @   الطريقه النقشبنديه والتصوف الاسلامى @ الطريقه النقشبنديه @ صوتيات ومرئيات الطريقه النقشبنديه @ رجال الطريقه النقشبنديه @ @  قصائد نقشبنديه @  منتدى قصائد أهل التصوف والصالحين @ منتدى سيرة ألأولياء والصالحين @ شبهات وردود حول التصوف الاسلامى @ التزكيه والآداب والسلوك @ أذواق ومشارب الساده الصوفيه @ الصلوات المحمديه على خير البريه @ أحزاب وأوراد @ أدعيه وتوسلاات @   تفسير الروىء وألأحلام @  منتدى الروحانيات العامه @  منتدى الجن والسحر والعفاريت @  منتدى الكتب والمكتبات العامه @ منتدى الكتب والمكتبات الصوفيه @ منتدى كتب الفقه الاسلامى @ كتب التفاسير وعلوم القران @ كتب الحديث والسيره النبويه الشريفه @ منتدى الابتهالاات الدينيه @ منتدى المدائح المتنوعه @ منتدى مدائح وأناشيد فرقة أبو شعر @ منتدى مدح الشيخ ياسين التهامى @ منتدى مدح الشيخ أمين الدشناوى @ منتدى القصائد وألأشعار @ منتدى الأزهر الشريف التعليمى @ منتدى معلمى الأزهر الشريف @ منتدى رياض الأطفال @ منتدى تلاميذ المرحله الابتدائيه @ منتدى طلاب وطالبات المرحله الاعداديه @ منتدى التربيه والطفل @ منتدى الاسره والمجتمع @ منتدى المرأه المسلمه @ منتدى الترفيه والتسليه @ منتدى الطريقه النقشبنديه للصور الاسلاميه @ منتدى صور الصالحين @ منتدى غرائب وعجائب الصور @ الصور والخلفيات العامه والمتحركه @ منتدى الطب النبوى @ أمراض وعلاج @ منتدى الوقايه خير من العلاج @ قسم الجوال والستالاايت @ قسم البرامج العامه للحاسوب @ دروس وشروحات فى الحاسوب @ تطوير مواقع ومنتديات @ انترنت وشبكات @ منتدى الشكاوى والمقترحات @ منتدى التبادل الاعلانى @
الدخول السريع
  • تذكرني؟
  • اليكسا
    التسجيل
    حفظ البيانات؟
    متطلبات المنتدى
    أرجو قفل الموضوع


    هذه الرسالة تفيد أنك غير مسجل .

    و يسعدنا كثيرا انضمامك لنا ...

    للتسجيل اضغط هـنـا

    تنويه
    لا يتحمّل منتدى الطريقه النقشبنديه الصوفيه أيّة مسؤوليّة عن المواد الّتي يتم عرضها أو نشرها من قبل الساده الأعضاء أو المشرفين أو الزائرين
    ويتحمل المستخدمون بالتالي كامل المسؤولية عن كتاباتهم وإدراجاتهم   التي تخالف القوانين
    أو تنتهك حقوق الملكيّة أو حقوق الآخرين أو أي طرف آخر.
    مواضيع مماثلة
    rss
    Preview on Feedage: free Add to My Yahoo! Add to Google! Add to AOL! Add to MSN
    Subscribe in NewsGator Online Add to Netvibes Subscribe in Pakeflakes Subscribe in Bloglines Add to Alesti RSS Reader
    Add to Feedage.com Groups Add to Windows Live iPing-it Add to Feedage RSS Alerts Add To Fwicki
    تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية
    تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية reddit      

    الطريقه النقشبنديه

    قم بحفض و مشاطرة الرابط منتدى الطريقه النقشبنديه على موقع حفض الصفحات