حضرة الحضرات الجامعة للأسماء الحسنى
قال الله تعالى
ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها
قل ادعوا الله وادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى
فاعلم أن أسماء الله منها معارف
كالأسماء المعروفة وهي الظواهر
ومنها مضمرات
مثل كاف الخطاب وتائه تاء المتكلم ويائه
وضمير الغائب وضمير التثنية من ذلك
وضمير الجمع مثل نحن نزلنا
ونون الضمير في الجمع مثل انا نحن وكلمة أنا وأنت وهو
منها أسماء تدل عليها الأفعال ولم يبن منها أسماء
مثل سخر الله منهم ومثل الله يستهزئ بهم
ومنها أسماء النيابة هي لله ولكن نابوا عن الله منابه
مثل قولنا سرابيل تقيهم الحر
وكل منسوب إلى كون ما من الممكنات إنما ذلك المسمى نائب فيه عن الله
لأن الأفعال كلها لله سواء تعلق بذلك الفعل ذم أو حمد
فلا حكم لذلك التعلق بالتأثير فيما يعطيه العلم الصحيح
فكل ما ينسب إلى المخلوق من الأفعال فهو فيه نائب عن الله
فإن وقع محمود انسب إلى الله لأجل المدح
فإن الله يحب أن يمدح كذا ورد في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
وان تعلق به ذم لم ننسبه إلى الله أو الحق به عيب
مثل المحمود قول الخليل فهو يشفيني
وقال في المرض إذا مرضت ولم يقل أمرضني وما أمرضه إلا الله
فمرض كما أنه شفاه
وكذلك فأردت أن أعيبها فكني العالم العدل الأديب عن نفسه إرادة العيب
وقال المحمود فأراد ربك في حق اليتيمين
وقال في موضع الحمد والذم فأردنا بنون الجمع
لما فيه من تضمن الذم في قتل الغلام بغير نفس
ولما فيه من تضمين الحمد في حق ما عصم الله بقتله أبويه
فقال فأردنا
وما أفرد ولا عين هكذا حال الأدباء ثم قال وما فعلته
يعني ما فعل عن أمري بل الأمر كله لله
فإذا كني الحق عن نفسه بضمير الجمع فلأسمائه
لما في ذلك المذكور من حكم أسماء متعددة
وإذا ثنى فلذاته ونسبة اسم خاص
وإذا أفرد فلإسم خاص أو ذات
وهي المسمى إذا كني بتنزيه فليس إلا الذات
وإذا كني بفعل فليس إلا الاسم على ما قررناه
وأنحصر فيما ذكرناه جميع أسماء الله لا بطريق التعيين
فإنه فيها ما ينبغي أن يعين وما ينبغي أن لا يعين
وقد جاء من المعين مثل الفالق والجاعل
ولم يجئ المستهزئ والساخر
وهو الذي يستهزئ بمن شاء من عباده ويكيد ويسخر ممن شاء من عباده
حيث ذكره ولا يسمى بشيء من ذلك
ولا بأسماء للنواب ونوابه لا يأخذهم حصر
ولكن انظر إلى كل فعل منسوب إلى كون من الأكوان
فذلك المسمى هو نائب عن الله في ذلك الفعل
كآدم والرسل خلفاء الله على عباده ومن أطاع الله
فلننبه من ذلك على يسير يكون خاتمة هذا الباب
لنفيد المؤمنين بما فيه سعادتهم لأن السعادة كلها في العلم بالله تعالى
فنقول أن من الأفعال ما علق الله الذم بفاعله والغضب عليه واللعنة
وأمثال ذلك
ومن الأفعال ما علق الله المدح والحمد بفاعله
كالمغفرة والشكر والإيمان والتوبة والتطهير والإحسان
وقد وصف نفسه بأنه يحب المتصفين بهذا كله
كما أنه لا يحب الموصوفين بالأفعال التي علق الذم بفاعلها
مع قوله والله خلقكم وما تعملون
والأمر كله لله وقال آلا له الخلق والأمر
فأخبر أنه يحب الشاكرين والمحسنين والصابرين
والتوابين والمتطهرين والذين اتقوا الله
ولا يحب المسرفين ويغفر لهم ولا يحب المفسدين ولا الظالمين
وما جاء بالقرآن من صفة من لا يحبه عز وجل
فالأدب من العلماء بالله أن تكون مع الله في جميع القرآن
وما صح عندك أنه قول الله في خبر وارد صحيح
فما نسب إلى نفسه بالإجمال نسبناه مجملا لا نفصله
وما نسبه مفصلا نسبناه إليه مفصلاً
وعيناه بتفصيل ما فصل فيه لا نزيد عليه
وما أطلق لنا التصرف فيه تصرفنا فيه
لنكون عبيداً واقفين عند حدود سيدنا ومراسمه
فإنه الرب ونحـن الـعـبـيد |
| فنبتغي بالشكر منه الـمـزيد |
لكوننا بالفـقـر فـي فـاقة |
| أولها حلا حصول الـوجـود |
وبعد ذا استـمـراره دائمـاً |
| إلى مقامات الفنا في الشهود |
لأنه سـبـحـانـه فـاعـل |
| يفعل في أعيانـنـا مـا يريد |
ولايريد الـحـق إلا الــذي |
| أعطاه في التحقيق حال العبيد |
وما يزيد الله فـي عـلـمـه |
| فجودهم منهم عليهـم يعـود |
وننسب الجـود إلـيه لـمـا |
| له من الخير الـذي لا يبـيد |