وقد استطاعت حركة الشريف إسماعيل بن الحسن المكي والتي كانت تحمل راية خضراء مكتوب عليها "يامالك الملك, نصر من الله وفتح قريب" ان تضم المجاهدين من المناطق التي كانت تمر عبرها من الحجاز وعسير واليمن في اتجاهها نحو عدن.
لقد كانت قوة الشريف التي وصلت الفيوش تقدر بين 2000 و 3000 رجل ولديهم 500 بندقية فتيل والبقية مسلحون بالسيوف والسكاكين والعصي. وصفهم صاحب هدية الزمن "بغاغة غوغاء" كونها لم تكن قوة مدربة وليس لديها من العتاد ما يمكن به مقارعة السلاح البريطاني المتطور وأيضاً كلفت سلطان لحج الكثير من المؤن. أنضم لهذه القوة العديد من العبادل وأهل فضل والحواشب بحيث أصبح تعدادها 6000 رجل.
لم يكن سلطان لحج السلطان محسن بن فضل العبدلي في وضع يسمح له بمجاهرة تأييده لحملة الشريف إسماعيل وذلك نتيجة لمعاهدات سابقة مع هاينز, وقاد العبادل في تلك الحمله إبنه السلطان أحمد, بينما بقية القبائل كانوا سلاطينهم في المقدمة.
قال صاحب هدية الزمن:
وفي شهر شعبان سنة 1262هـ وصل إلى لحج الشريف إسماعيل بن حسن بغاغة غوغاء من الأعراب لجهاد الإنجليز وطردهم عن عدن فكتب السلطان محسن إلى والي عدن بمقصد الشريف فأجابه أنه على تمام الاستعداد لصد الشريف عن عدن ولذلك صالح السلطان الشريف وجنوده وفرضوا على أهالي لحج قوتاً للجند وجعل محطته في طهرور وتبرع الشريف أن يمنح السلطان محسن فضل هذا الفرمان.
" الحمدلله الذي ألّف القلوب بعد التنافر بالبعاد, وجعل المخالطة في الله سبيلاً لا ينقطع في الوداد. والصلاة والسلام على من قال ارحموا عزيز قوم ذل وغنياً افتقر وقوله صلى الله عليه وسلم أنزلوا الناس منازلهم ممن كان للإسلام افتخر: اما بعد اعلموا أيها الناس أزال الله عنا وعنكم الوسواس والبأس إن الله عز وجل قدر المقادير حتى ساقنا من أقصى البلاد إلى هذه البلد بقدرة العزيز القدير فوجب علينا أن نقر أولي الفضل والرياسة في أحكامهم المعلومة من غير بخس ولا خساسة وهو فخر الأمراء المكرمين وارث العز خلفا بعد سلفه الأولين والسلطان محسن بن فضل بن محسن بن فضل بن علي بن سلام أدام الله عليهم سجال الفضل والإنعام. ولا يرتاب مريب ولايشك في هذا الأمر بعيد أو قريب وأن المذكور لايعارض في سوح بلاده ولايتجرى عليه أحد في رعيته ومواشيه وأتباعه ومن كان في معاملته وزروع لزاده وأن المذكور عدوه عدونا وصديقه صديقنا وبعلم الواقف عليها والناطر إليها وأن هذا الحكم حسبما اقتضاه الشرع المجيد الذي عليه المدار ويجب أن يؤكد والكف الكريم والختم الفخيم عليهم الاعتماد من الشريف الإمام العارف بالله فرع الشجرة الزكية وسلالة السلسلة المصطفوية الغوث الجامع والغيث الهامع لشريعة جده مولانا الشريف إسماعيل ابن مولانا الشريف الحسن ابن مولانا الشريف أحمد سلطان مكة ابن مولانا الشريف سعيد سلطان مكة ابن مولانا الشريف سعد سلطان مكة ابن مولانا الشريف زيد سلطان مكة بتاريخ شهر شعبان سنة 1262هـ." أنتهى.
بالإضافة لمحاصرة عدن من البر قامت هذه القوة بهجومين:
الأول كان في في 17 اغسطس 1846م تقدمت قوة استطلاعية خرجت من الشيخ عثمان ومكونة من اربعمائة من المجاهدين الى قرب مراكز البريطانيين ففتحت النار على البوابة ورد البريطانيين عليها بالمدافع فقتل ستة منهم وجرح سبعة عشر،
والهجوم الثاني في 26 اغسطس حيث تقدم الفان من المقاومين بقيادة أمير عسيري من جهة خور مكسر وكانوا يرفعون فوق رؤوسهم اعلام الجهاد ويتقدمهم الخيالة من آل فضل الذين عبروا درب الحريبي ولكنهم تعرضوا لنيران البنادق والمدافع الانجليزية من البر والبحر. فقتل من المهاجمين عدد كبير . مما أضطرت للإنسحاب.
(القاسمي), (هدية الزمن)وأثناء التخطيط لهجوم ثالث, ظهر خلاف حول التموين والمصاريف بين قادة القبائل والشريف, مما أدى إلى إنقسام القوات وعودتها من حيث أتت. غادرت معظم القوة التي أتت مع الشريف عبر البحر إلى المخا وتوفى في الطريق حوالي 200 منهم بسبب المرض والعطش.
قال صحاب هدية الزمن:
حدثني (الشيخ عبدالعليم بانافع) قال حدثني والدي الشيخ محمد ابن عبدالملك بانافع قال: جاء الشريف إسماعيل صاحب علم الحرف إلى لحج سنة 1262هـ فلما وصل وادي طير قابله العبادل فنزل في طهرور على رمل هناك وكان معه جيش من عسير قاصداً الهجوم به على عدن. وكاتب السادة أهل الوهط وأهل الفيوش وأخبرهم بمقاصده فوافقوه على المسير معه إذا كان واثقاً بالنصر فوعدهم بالنصر وأنه عرف ذلك من علم الحساب وأن مدافع الإنكليز لا تطلق عليهم نيرانها ومناهم بالغنيمة وحاول حمل السلطان محسن على المسير معه إلى عدن فاعتذر. ثم كتب الشريف المذكور لأهل فضل فلاقوه إلى باب عدن وسرنا نحن معه في آخر الليل من طهرور فوصلنا إلى ساحل البحر بعد شروق الشمس وخضنا في ماء البحر إلى الركب ومشى الخيالة من أهل فضل أمامنا حتى قفزت خيلهم درب الحريبي ثم دخلنا نحن وجميع الجيش إلى الباب فأطلق الإنكليز علينا مدافعهم فانهزمنا من حينها إلى الوهط والفيوش وكان الطاعون قد انتشر في جيش الشريف من أول الليل وكنا متوجهين إلى عدن والموت حاصل في المعسكر وبعد الهزيمة تفرقنا مذر شذر فلم يعرف الآخر أين ذهب الأول. أما الشريف ومن بقي من أصحابه فتوجهوا بعد ذلك إلى جهة أبين."
وقد كان السبب الرئيسي في هزيمة حملة الشريف هو ان البريطانيين كانوا قد استعدوا لها، هذا بالاضافة الى ان البريطانيين كانوا في مراكز افضل دفاعياً اذ انهم كانوا يتمركزون فوق جبال عدن الحصينة. كما ان سفنهم الحربية كانت تستخدم في مثل هذه المعارك على مقربة من جبل حديد وخور مكسر. اما المجاهدين فقد كانوا يحاربون على أرض مكشوفة.
حل الشريف إسماعيل مع بعض أتباعه ضيوفاً على سلطان آل فضل السلطان أحمد بن عبدالله الفضلي في شقرة, وبقي هناك حتى سنة 1264 هـ, حيث أبعد بسبب خلاف عقائدي عندما حاول الشريف إظهار دعوته في أبين, وقتل بسبب الخلاف ستة من أتباع الشريف, سار الشريف متجهاً إلى حضرموت, وفي الطريق بالقرب من أحور قتل على يد بدوي هناك.
وأتباع الطريقة النقشبندية فلايزالوا حتي هذ اليوم يعتقدوا ان أن الشريف إسماعيل بن تقاديم دخل مغارة في عدن وانه ما زال حي ، وحيث ان له بيت يتداولوه يقول فيه ،
وأنا مع المهدي وقت نزوله*** أكون جند من جنوده
خاصة في تلميحه الى بصرى الشام،
الى ان مصر بها الدين نصر ***الى دار (بصرى) ستجري الوقائع
وقال
أعشني حميدا أمتني شهيدا **وطول لي عمري بذكرك حالا
ومن كرامات الشريف اسماعيل المتداولة بين أتباعه هو ما جاء في قصيدته الشهيرة المعروفة بالأسوانية نسبة الى اسوان ، بمصر
تنبأه ببناء السد العالي واختراع الكهرباء قبل بنيانه بزمان طويل حيث أشار تلميحا لذلك:
بأسـوان بيـر عليهـا هـديـر****وصوت البلابل يحاكـي الكلامـا
زهت بالثمـار مجـال الأنـوار*****كستنـي رباهـا فـزدت هيامـا
مجـال الجمـال بتلـك الجبـال*****سقتني صباهـا فزالـت سقامـا
رقيـت عليهـا فهمـت بويهـا*****لغزت العبارات عنهـا احترامـا
وهناك أيضاً بعض الكرامات التي يعتقدوها و ليس مجال لذكرها هنا,
والشريف إسماعيل بن تقاديم النقشبندي له مخطوطات , وهي عبارة عن قصائد صوفية فيها من الأشعار والحكم والأمثال والنثر الكثير, وهذا التراث موجود في بيت أحفاده في صعيد مصر.
والله أعلم.
بهكذا تم ما وجدته أثناء قراءاتي عن الشريف إسماعيل, في الإنترنت والكتب, وأرجوا أن تكون بعض هذه المعلومات خيط لمزيد من البحث