بسم الله الرحمان الرحيم
وصلاة الله وسلامه على سيدنا
محمد النبي الأمي وعلى اهل بيته واله الطيبين الطاهرين
وبعد سادتي واحبتي اهل
الهيام والأصطلام , اخترت لكم هذا الموضوع لما فيه من الأسرار الربانيه والعنايه الألهيه , وهو شرح للتوجه سيدي (( محمد ماضي ابو العزايم )) المسمى بالتوجه الروحاني , و ارجوا القراءه لما في الشرح
من فايد عميمه ولكم فائق الأحترام
.
إســتغــاثة الـتوجـه
الـروحــاني
قال الشارح
:
إلهي بمجلى الذات سر
الحقيقة
وغيب التجلي من كنوز الهوية
إلهي بمجلى الذات
:
يعني أسألك يا إلهي وأتوسل
إليك بمجلى ذاتك وهي الأنوار الذاتية التي هى سر الله المصون وغيبه المكنون. والأستاذ يتوسل إلى الله بأعظم وسائل
يقبلها الحق فهو يتوسل بأنوار الحق للحق. ومجلى الذات يعني
إنجلاء سرها لأمين الذات وهو رسول الله ، فهو
الذات المؤهلة لمجلى الذات. وتلك الحضرة لا تتجلى
فيها أسماء ولا صفات ولكنها أنوار ذاتية لمكانة أحمدية. وهناك استجلاء أنوار الذات ، وهو عبارة عن إقبال العبد على مولاه وطرح الشواغل التي تعوقه عن إشراق أنواره فيه ، فتنجلي المرآة وتستجلى فيها الأنوار.
ومثال ذلك رسول الله والسيد الكليم ، فإن رسول الله دعاه
الله للجلوة الخصوصية وللخلوة الفردية
ليلة الإسراء ، والسيد الكليم لم يمنحه الله سر الكلام
إلا بعد الخلوة والبعد عن الوطن في قوله تعالى { وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة }. وهناك مجالي للأسماء وهم أفراد تأهلوا لانجلاء أنوار الأسماء فيهم ، فالمخصص بمجلى الذات هو رسول الله ، وقد أشار لذلك الأستاذ بلسان الحضرة العلية قائلا
ذاتي انجلت وصفي تجلى صورتي
<<<<.>>>> فى حضرة المجلى تشير
لوحدتي
يعني أن ذات الحق يقال لها
انجلت ووصفه يقال له تجلى ، وصورته المبدعة المربوبة المملوكة لحضرته جمع الله فيها أسرار العوالم كلها وصيرها ذاتا واحدة تشير لوحدته جل جلاله. ومن نظر إلى صورة رسول الله أو إلى ورثته رأى أنوار التجليات وأسرار السماوات وآيات الكائنات عاليها ودانيها توحدت في ذات واحدة تشير إلى الواحد جل جلاله ، فلا سبيل إلى معرفة الحق إلا بواسطة الصورة التي كملها الله وجملها .
سر الحقيقة
:
يعني انجلاء أنوار الذات هو سر الحقيقة الغيبية الأزلية ، فمن عرفها ووصل إليها عرف الحقيقة ، ومعرفتها أنها لا تحد ولا تعد ولا تدرك والكل عاجزون أمام عزتها فقراء على أبواب غناها .. جملنا الله بتلك الأسرار
.
وغيب التجلي من كنوز الهوية
:
يعني أسألك بغيب تجليك
بعيون الأرواح والقلوب الصادر من كنوز الهوية. والغيب لا يدرك بالحواس ، والتجلي ما ظهر للأرواح من أنوار معانى الأسماء والصفات ، وكنوز الهوية هي غيب الذات التي لا
يعلمها إلا هو ، المشار إليها بضمير الغائب وإن كانت
أسرارها حاضرة وأنوارها ظاهرة وآثارها باهرة ، ولكن حقيقتها
غيب عن الأرواح .
وبالنور نور القدس في غيب
طلسم
وبالسر سر العلم معنى
الإرادة
وبالنور نور القدس
:
يعني أتوسل إليك بنور القدس
الذى هو تجلي القدوس ، وبه يتقدس من اتصل بسره ، فالعبد الذى واجهه القدوس حفظه من دنس الأغيار وصيره كعبة
للأطهار .
في غيب طلسم
:
يعني النور المقدس يتجه
بسره إلى باطن طلسم الأسرار وكنز الحقائق. والطلسم يشار به هنا إلى الحضرة المحمدية فهي حقيقة عبدية أقامها الله رمزا مشيرا إلى الحضرة القدسية ، وهو رمز يضعه الحكماء أمام الكنوز مشيرا إلى ما
وراءه من أسباب الغنى ، يعني أسألك بالنور القدسي الذي
استتر في سريرة عبدك المحبوب لك الدال عليك. وهذا
خير دعاء يتوجه به العبد إلى مولاه.
وبالسر سر العلم
:
يعني أتوسل إليك بسر العلم
الإلهي الذي ثبتت فيه الكائنات ووسع العوالم أجمع فهو محيط بالواجبات والجائزات والمستحيلات . ومتى شاء الحق أن يواجهك بسر العلم الإلهي رفع عنك البراقع الكونية وأرجعك إلى الحقيقة الأزلية وأشهدك سر قوله { وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئا }، فتكون من الراسخين فى العلم الإلهي.
معنى الإرادة
:
يعني أتوسل إليك بمعنى إرادتك وهي صفة أزلية تخصص الممكن بما قسم له الحق
من صفة وهيئة وكمال . ومن كشف الله له
سر الإرادة أشرق نور معناها عليه فرأى أن المريد الفاعل المختار هو الله وأن العبد نال الشرف والخلافة بنـسبة الإرادة والإختيار إليه فيبتهج العبد بظهور أنوار حبيبه . وليس بين العبد ووصوله إلى الحقيقة إلا حل عقدة الطبع والعادة فيغترف من بحر مدده وتمحى إرادته فى مراد مولاه فيقبل طائعا خادما واقفا على الحدود، وهذا هو المريد الصادق في ظاهر الأمر وفي الحقيقة هو مراد محبوب وعبد مطلوب.
وبالكنز إجمالا وبالوصف
عندما
تجلى بأسماء الكمال العلية
وبالكنز إجمالا:
يعني أتوسل إليك بكنز الذات
التي انطوت فيها أنوار أسمائها وصفاتها وأسرار شئونها ، فهي إجمال بلا تفصيل
.
وبالوصف عندما تجلى بأسماء
الكمال العلية يعني أتوسل إليك بوصفك الذي فَصَّلَ إجمال الذات وكشف أنوارها وأسرارها وذلك عندما تجلى الحق بأسماء الكمالات ، وهذا التجلي كان خاصا بالحضرة المحمدية ، فإن تفصيل الإجمال
كان ببركة ظهور ذاته المؤهلة للكمال
.
وبالفضل والحسنى وعفوك
والرضا
وآياتك العليا بأنباء حكمة
وبالفضل
:
يعني أتوسل إليك باسمك المتفضل
وبوصف فضلك على العالم . والفضل هو العطاء والإنعام والإكرام بدون قيد ولا شرط وذلك مثل نفخ الروح فينا وإفاضة سر السمع والبصر والهواء والماء والإيمان والقرآن ، كل ذلك بفضله ورحمته جل جلاله ، وقد نبهنا الحق إلى ذلك بقوله { قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا }.
والحسنى
:
يعني أسألك بصفاتك الحسنى
وأسمائك الحسنى وكل حسن ظهر بإحسانك أن تجعل صفاتنا حسنى وتوصلنا بأنوار ذاتك
الحسنى .
وعفوك :
يعني أستمطر فضلك من بحر
صفة عفوك التي تجليت بها من نور اسمك العفو وحببتنا في العفو بقولك { والعافين عن الناس } فاعف عن زلاتنا حتى لا تمنعنا عن الوصول إليك فإن جميع أحوالنا نقائص وعيوب.
والرضا
:
يعني نستعطف جنابك بصفة
الرضا التي أشرت إليها بقولك { رضى الله عنهم } حتى نتحقق بالرضا عنك . والرضا أعلى مقامات الرجال وهو سرور القلب بجريان الأقدار وإن كانت مرة إلا إن كانت معصية فلا يرضى
عن نفسه ويتوب إلى الله. والرضا صفة الحق
المتجلي باسمه الراضي ، وقد قال رسول الله لسيدنا أبوبكر [ إن الله راض عنك ] .
وآياتك العليا
:
يعني نتوسل إليك بآياتك العالية وهي أنوارك الدالة على قدرتك وجمالك
وعزك وسلطانك . والآيات كثيرة منها آيات عالية وهي
التي تظهر في ملكوت الله على أحباب الله ، والآيات
الدانية وهي التي تظهر فى ملك الله لعيون القلوب من عباد الله
.
بأنباء حكمة
:
يعني أسألك بأنباء حكمتك
وهي الأخبار السماوية المنطوية على الحكم الربانية التي تفضلت بها على عبادك فصيرتهم حكماء لأنك تؤتي الحكمة من
تشاء . والحكمة صفة الحق والحكيم إسمه ،
والسعادة أن ينور الله قلبك بنور الحكمة ،
فكل نبأٍ سماوي فهو منبع حكمة ومشرق هداية ومورد عناية .. منحنا الله التمكين في فهم تلك المعاني .
وبالآي آيات الكتاب التي
سمت
بها ظهرت أنوار كل هداية
وبالآي آيات الكتاب التي
سمت :
يعني أتوسل إليك بآيات
الكتاب المجيد التي سمت معانيها ، فمن عرفها سما قلبه وسمت روحه وتعلق بالأسرار السماوية . وكل آية كالمصباح القوي تكشف أسرار العوالم دنيا وآخرة بدءا وختما روحا وجسما.
بها ظهرت أنوار كل هداية
:
يعني تبينت وانكشفت بتلك
الآيات كل هداية تدلك على الله تهديك للفضائل وترشدك إلى الكمال
.
بقرآن ذات قدست وتنزهت
وفرقان حق العين بحر
الحنانة
بقرآن ذات قدست وتنزهت يعني
أتوجه إليك وأتوسل لجنابك بسر قرآن الذات ، فإن القرآن يراد به فى إصطلاح الصوفية إشراق أنوار الذات العلية على عبدٍ لذاته الأحدية فيأتنس بأسرار الذات مع النزاهة عن الجهات
.
وفرقان حق العين
:
يعني أسألك بسر القرآن
الصادر ، وحق العين هو عبارة عن ظهور أنوار الأسماء والصفات وإثبات مقتضياتها وإقامة حدود العدالة بين طبقة وأخرى وهي الشريعة الغراء التي من احتمى بجمالها إنغمس في أنوار الحبيب.
بحر الحنانة:
يعني أتوسل إليك بحنانتك
الواسعة التي هي بحر إلهي يبتلع جميع الحقائق الكونية ، واجعلني من الغارقين في هذا البحر الملحوظين بهذا السر
.
بسر بدا في ظاهر بنزاهة
وغيب خفا من حضرة الواحدية
وقوله بسر بدا فى ظاهر
:
يعني أتوسل إليك بسرك الذي
بدا في ظاهر الموجودات فتمتعت به عيون الأرواح ، وقد كان غيبا مصونا فتنزلت بعطفك وأظهرته لخواص عبادك وهو ظهور جمالك وتجلي لطفك وحنانتك .
وقوله بنزاهة:
يعني ظهر هذا السيد مع
النزاهة الكلية لحضرة الظاهرية فبهجت الأرواح بسر ظهوره وعكفت في باهر نوره
.
وقوله وغيب خفا من حضرة
الواحدية :
يعني أبتهل إليك بغيبك
المصون وسر بطونك الذي لا يعلمه غيرك
، وهذا الغيب من حضرة الواحدية وهي حضرة لها سلطان قوي يدك
الآثار ويمحق الأغيار ، فالعارف يأنس بسر الظاهر
ويخشع بسر الباطن ، فسبحان الواسع الذي لا يعلم قدره
غيره .
بسبحات ذات قدست وتعظمت
ووصف كمال في كنوز خفية
بسبحات ذات
:
يعني أتوجه إليك بسبحات
الذات وهي سطوع أنوارها لدى رفع براقع الكون واحتراق الأغيار بظهور الستار . وسبحات الذات لا يتحملها مخلوق بل تكون الحجب رحمة ونعمة - ففي الحديث [ إن لله سبعين حجابا لو كشفها لأحرقت
سبحات وجهه ما انتهى إليه نظره من خلقه ] يعني أن أنوار
وجهه الكريم إذا أشرقت أفنت الأغيار قال تعالى { كل
شيء هالك إلا وجهه }.
قدست وتعظمت
:
يعني تقدست سبحات الذات عن
الحد والجهة والكيفية وتعظمت فلا يدانيها كبير والكل في جانبها صغير.
ووصف كمال في كنوز خفية
:
يعني أسألك بأوصاف الكمال
الخاصة بذاتك التي أخفيتها في كنوز عزك فلا يراها إلا من منحته المدد النوراني فرأى الكمال كله منك وإليك ، والكل
ناقص فقير ضعيف .
ونور سرى لاحت به الشمس
جهرة
وسر خفى عن كل عين عمية
وقوله ونور سرى لاحت به
الشمس جهرة:
يعني أدعوك بنورك الذي سرى
في سرائر العارفين فأحياها ، وفي ضمائر الواصلين
فقواها ، فشهدت بهذا النور شمس الحقيقة الإلهية قد سطعت جهارا وصيرت الليل نهارا .
وقوله وسر خفى عن كل عين
عمية :
يعني أتوجه إليك بالسر الذي
أظهرته لأحبابك في أحبابك وأخفيته عن كل عين عمياء ، فإن هذا النور لا يدرك بالبصر ولا بالعقل البشري ولكن بمدد الله يقف على الحقائق . وقد ظهر سر الله في كل شيء ولاح جماله على كل شىء وتجلت معيته وعنايته لكل شيء وتمتع بهذه المعاني أهل العيون النورانية والبصائر الربانية .
إلهي إلهي بالتجلي وسره
وزينتك العَليا وسر النزاهة
بعد أن توسل الأستاذ
بالحقائق الإلهية المقبولة عند الحق قال :
إلهي إلهي بالتجلي وسر:
ه يعني أسألك بتجليك المشرق
في الأكوان ، ونورك المتلألىء لأهل العرفان ، وسر الذي لاح به هذا الغيب المصون ، وبالقوة التي منحتها للعارفين فثبتوا عند ظهور تلك الأسرار وإشراق تلك الأنوار .
وزينتك العَليا
:
يعني أسألك بالسر الذي زينت
به السماوات ووزينت به قلوب أحبابك ونضرت به وجوههم . أما الزينة العليا فالمراد بها ظهور صورة الجمال الإلهي على عبده المحبوب فيكون زينة للوجود وبهاء للجنة وضياء لأهل السماء
.
وسر النزاهة
:
يعني أسألك بسر نزاهتك
وقدسك وتعاليك في تجليك وبطونك في ظهورك وعلوك في دنوك .
إلهي إلهي بالحنانة والصفا
وبالآية الكبرى وشمس
الحقيقة
إلهي إلهي
:
نادى حضرة الألوهية مرتين
متلذذا بذكرها واستغاثة بجنابها من الباطن والظاهر .
بالحنانة:
يعني بعطفك ورحمتك وحنانك
الذي شمل جميع الموجودات ، فاشملنى بحنان خاص لأكون من الخواص . وقد ورد أن الإسم الأعظم : يا حنان يا منان يا بديع السموات والأرض يا ذا الجلال والإكرام ، فهو الذى تحنن على العوالم
فأبدعها ، وتحنن على الأرواح فأرشدها ، وتحنن على
القلوب فشرحها بالإيمان .
والصفا
:
يعني أسألك بمقام الصفاء
الذي يصفو به أحبابك من الأغيار فتظهر أنوارك لهم بعين العيان . والصفا لا يكون إلا بعد الوفا ، والوفا هو جهاد النفس بالحدود الشرعية ، والصفا هو شهود الرب بالأعين الروحية
.
وبالآية الكبرى
:
يعني ألتجأ إلى جنابك
متوسلا بالآية الكبرى . والآيات كثيرة منها :
(1) آيات صغرى : وهي ظهور
عجائب القدرة في كل أثر من آثار الحق .
(2) وآية وسطى : وهي شهود
أسرار الوجود في حقيقة واحدة كالماء فإن سره أحيا الوجود ، فمن رآه رأى فيه أسرار
الوجود.
(3) وآية كبرى : وهي
الحقيقة الإنسانية الجامعة لمراتب الوجود وأسراره الحقية والخلقية ، فمن رأى الإنسان الكامل رأى فيه مراتب الوجود الكونية وأنوار الحضرات الإلهية.
وشمس الحقيقة
:
يعني أتوسل إليك بالحقيقة الإلهية التي هى كالشمس في الوجود
وبإشراقها لاحت الآثار ، فلولا نور الشمس ما زال ظلام العدم
، فشمس الوجود مشرقة والأرواح في ضيائها مستغرقة
. فالأستاذ يتوسل إلى الحق بالحق ، فإن الوسائل لا تصح إلا إن كانت بالحق أو من الحق أو في الحق :
فالوسائل التي بالحق أن
تتوسل إليه بأسمائه وصفاته .
والتي من الحق أن تـتوسل إليه
بأنبيائه وأصفيائه ، فإن نورهم من الحق وسرهم دال على الحق ، فما توسلنا للحق إلا
بما منه بدا .
والتوسل في الحق أن تقوم
بواجب العبودية في خدمة مولاك مصليا خاشعا مزكيا فرحا مستبشرا صائما صابرا متلذذا حاجا منجذبا إلى الحق بعوامل المحبة معاملا عباد الله بالرحمة ، تعامل ربك فيهم وتتواضع لمولاك عند لقائهم ، فتلك العبادات وسائل ومعارج في سبيل الله توصلك إلى الله ، وهنا يلوح لك
سر قوله تعالى { وابتغوا إليه الوسيلة
}.
توجهت يا ذا الفضل والجود
والعطا
وفضلك مأمولي فجد لي بنظرة
توجهت يا ذا الفضل
:
يعني أقبلت على جنابك وأنا
متوسل بجميع ما تقدم من صفاتك وأنوار ذاتك وأسرار أسمائك مقبلا على فضلك ، فإنى معترف بنقصاني وعجزي عن الوفاء بآداب الحضرة ، ولكني أطمع في فضلك الذي تمنحه بلا قيود ولا حدود . والحق تعالى له صفتان :
صفة الفضل : وهي ما يتفضل
الله به على أوليائه وأحبابه من ولاية
وهداية وانشراح صدر وكشف أسرار وكرامات وفتوحات ، كل ذلك في نظر العارفين بالفضل والهداية والعناية والتوفيق لا بحول من العبد وقوة
.
وصفة العدل : وهى محاسبة
العبد على أنفاسه وتقصيره ووزن أعماله وآدابه.
فمتى عاملنا بالعدل رجحت
السيئات على الحسنات ، فالعارف طامع فى الفضل يستجير من العدل.
والجود والعطا
:
والجود يعني أستمد منك
عناية من تجلي جودك فإنك الجواد المعطي بغير حساب . وقوله والعطا يعني أقر لك وأعترف بأنك المعطي الوهاب وأن عطاءك بمحض الإحسان ، وأنت إن تجليت لي باسمك المتفضل وباسمك
الجواد وباسمك المعطي فقد نلت الولاية الكاملة
.
وفضلك مأمولي فجد لي بنظرة
:
يعني قو رجائي وأملي فى صفة
الفضل الخاصة بجنابك ، فواجهني بها بمحض الجود والكرم بنظرة منك تحي قلبى وروحي ، ويسري معناها إلى جوارحى فأسعد في الدارين. ونظرة الحق عبارة عن توجه أنوار الجمال إلى سر العبد فينتبه من غفلته ونومه ويقوم لله على قدم الرجاء والخوف .
رفعت أكفي يا إلهي وإ نني
عُبَيْدٌ ذليل جئت أرجوك
نصرتي
رفعت أكفي يا إلهي يعني
أظهرت فاقتي لجنابك ولي الشرف ، ولا أمد يدى لغيرك فأنت الغني الملك الكبير . وقد ورد في الأثر أن الله كريم يستحيى أن يرفع العبد يديه إليه فيردهما صفرا - يعني خالية من العطاء
.
وإننى عبيد ذليل يعني متحقق
بذلي لعزك وفاقتي لغناك ولا حول لي ولا قوة على الإنتصار على نفسى والشيطان والهوى
والكفار إلا بمدد منك
جئت أرجوك نصرتي على تلك
الخصوم ، فأنت القوى القادر .
إلهي ففرحني بفضل ورحمة
وزدني يقينا وامح عني
غوايتي
إلهي ففرحني بفضل ورحمة
يعني لا تجعلنى أفرح بغير فضلك ورحمتك ، فإن من فرح بالأغيار دامت حسرته يوم ينفخ في الصور وتفنى الخلائق ويبقى وجه ربك ، قال تعالى { قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون
}.
وزدني يقينا
:
اليقين هو حقيقة تثبت في
القلب فتثبت أهلها على الحق وتشهدهم الرب الفعال لما يريد . وهذه الحقيقة تزداد تمكينا وقوة بتوالى مدد الحق على العبد ، فهو في كل نفس في مزيد من اليقين . واليقين مقام أعلى من الإيمان ، فإنه شهود الحقائق بعين البصائر ، قال تعالى { وكذلك نري إبراهيم ملكوت السموات والأرض وليكون من الموقنين }.
وامح عني غوايتي:
يعني إحفظنى من الزيغ والإلتفات إلى الغير والإقبال على السوى فلا يحفظني إلا أنت . ويشير الأستاذ رضي الله عنه إلى أن الحق تعالى له قضاء معلق على الدعاء يقبل المحو والإثبات بمشيئة الله تعالى فهو الذي يمحو ما يشاء
ويثبت .