الخضر ولقاءاته بالشيخ الأكبر ابن عربي
يقول الشيخ :
أن شيخنا أبا العباس العُريبي - رحمه الله - جرت بيني وبينه مسألة في حق شخص كان قد بَشَّر بظهور رسول الله فقال لي : هو فلان بن فلان وسمى لي شخصاً أعرفه باسمه ،
وما رأيته ولكن رأيت ابن عمته ، فربما توقفت فيه ولم أخذ بالقبول -
أعني قوله ( قول شيخه العُريبي ) فيه - لكوني على بصيرة من أمره .
ولكن أن الشيخ رجع سهمه عليه فتأذى في باطنه ولم أشعر بذلك ،
فإني كنت في بداية أمري في الطريق ، فانصرفت عنه إلى منزلي ،
فكنت في الطريق ، فلقيني شخص لا أعرفه ،
فسلم عليَّ ابتداءً ، سلام محب مشفق وقال لي
: يا محمد صَدَّق الشيخ أبا العباس فيما ذكر لك عن فلان وسمى لنا الشخص الذي ذكره أبو العباس العُريبي .
فقلت له : نعم ، وعلمت ما أراد ، ورجعت من حيني إلى الشيخ لأُعرَّفَه بما جرى ،
فعندما دخلت عليه ، قال لي : يا أبا عبد الله أحتاج معك ، إذا ذكرت لك مسألة يقف خاطرك عن قبولها إلى الخضر يتعرض عليك ويقول لك : صدق فلاناً فيما ذكره لك ؟
فقلت : أن باب التوبة مفتوح .
فقال : وقبول التوبة واقع . فعلمت أن ذلك الرجل كان الخضر ،
ولا شك أني استفهمت الشيخ عنه : أهو هو ؟ قال نعم هو الخضر .
ثم اتفق لي مرة أخرى أني كنت بمرسى تونس بالحُفرة في مركب البحر فأخذني وجع في بطني وأهل المركب قد ناموا ، فقمت إلى جانب السفينة وتطلعت إلى البحر ،
فرأيت شخصاً على بعد في ضوء القمر وكانت ليلة البدر وهو يأتي على وجه الماء حتى وصل إليَّ ، فوقف معي ورفع قدمه الواحدة واعتمد على الأخرى ، فرأيت باطنها وما أصابها بلل ، ثم اعتمد عليها ورفع الأخرى فكانت كذلك ، ثم تكلم معي بكلام كان
عنده ، ثم سلَّم وأنصرف ، يطلب المنارة محرساً على شاطئ البحر على تلٍّ بيننا وبينه مسافة تزيد على ميلين ، فقطع تلك المسافة في خطوتين أو ثلاث فسمعت صوته - وهو على ظهر المنارة يسبح الله تعالى وربما مشى إلى شيخنا جراح بن خميس الكناني ،
وكان من سادات القوم مرابطاً بمرسى عيدون ، وكنت جئت عنده بالأمس من ليلتي تلك ،
فلما جئت المدينة لقيت رجلاً صالحاً
فقال لي : كيف كانت ليلتك البارحة في المركب مع الخضر ؟ ما قال لك وما قلت له ؟
وقال : خرجت إلى السياحة بساحل البحر المحيط ومعي رجل ينكر خرق العوائد للصالحين ، فدخلت خراباً منقطعاً لأصلي فيه أنا وصاحبي ، صلاة الظهر فإذا بجماعة من السائحين المنقطعين دخلوا علينا يريدون ما نريده من الصلاة في ذلك المسجد وفيهم ذلك الرجل الذي كلمني على البحر الذي قيل لي أنه الخضر وفيهم رجل كبير القدر أكبر
منزلة ، وكان بيني وبين ذلك الرجل اجتماع قبل ذلك ومودة ،
فقمت فسلَّمت عليه فسلَّم عليَّ وفرح بي وتقدم بنا يصلي ،
فلما فرغنا من الصلاة ، خرج الإمام وخرجت خلفه وهو يريد باب المسجد وكان الباب في الجانب الغربي يُشرف على البحر المحيط بموضع يسمى ( بَكَّه ) ،
فقمت أتحدث معه على باب المسجد ،
وإذا بذلك الرجل الذي قلت أنه الخضر وقد أخذ حصيراً كان في محراب المسجد فبسطه في الهواء على علو سبعة أذرع من الأرض ووقف على الحصير في الهواء يتنفل ،
فقلت لصاحبي : ( أما تنظر إلى هذا وما فعل ؟ )
فقال لي : سِر إليه وسله ،
فتركت صاحبي واقفاً وجئت إليه فلما فرغ من صلاته سلمت عليه وأنشدته لنفسي : -
فقال لي : يا فلان ، ما فعلت ما رأيت إلا في حق هذا المنكر -
وأشار إلى صاحبي الذي كان ينكر خرق العوائد وهو قاعد في صحن المسجد ينظر إليه
- ليعلم أن الله يفعل ما يشاء مع من يشاء ،
فرددت وجهي إلى المُنكر وقلت له : ماذا تقول ؟
فقال : ما بعد العين ما يقال -
ثم رجعت إلى صاحبي وهو ينتظرني بباب المسجد فتحدثت معه ساعة ،
قلت له : من هذا الرجل الذي صلى في الهواء ؟
وما ذكرت له ما أتفق لي معه قبل ذلك .
فقال لي : هذا الخضر