توحيد الواحد
الشيخ الأكبر ابن عربي
يقول : توحيد الواحد : هو التوحيد الأول ،
وهو قوله تعالى : وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إله إلا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ ...
وهو
بالاسم الرحمن الذي له النفس ، فبدأ به ، لأن النفس لولاه ما ظهرت الحروف ،
ولولا الحروف ما ظهرت الكلمات ، فنفى الألوهية عن كل أحد وحده الحق تعالى
إلا أحديته فأثبت الألوهية لها بالهوية التي أعاد على اسمه الواحد ، وأول
نعت نعته به الرحمن ، لأنه صاحب النفس .
توحيد الهوية :
هو التوحيد الثاني من نفس الرحمن :
اللَّهُ لا إله إلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ... وهو توحيد الابتداء .
توحيد حروف النفس :
هو التوحيد الثالث من نفس الرحمن ، وهو :
اللَّهُ لا إله إلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ... وهو الألف واللام والميم ... وهذا التوحيد أيضاً توحيد الابتداء .
توحيد الابتداء :
هو التوحيد السادس من نفس الرحمن ،
هو قوله : اللَّهُ لا إله إلا هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إلى يَوْمِ الْقِيَامَة ...
وهو توحيد الهوية المنعوت بالاسم الجامع للقضاء والفصل .
فمن رحمة الله أنه قال : لَيَجْمَعَنَّكُمْ ،
فما نجتمع إلا فيما لا نفترق فيه ، وهو الإقرار بربوبيته سبحانه ،
وإذا جمعنا من حيث إقرارنا له بالربوبية فهي آية بشرى .
توحيد الاتباع
هو التوحيد الثامن من نفس الرحمن ، قوله تعالى :
اتَّبِعْ مَا أوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ لا إله إلا هُوَ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ ...وهو من توحيد الهوية ، فهو توحيد تقليد في علم ،
لأنه نصب الأسباب ، وأزال عنها حكم الأرباب .
توحيد الملك :
هو توحيد التاسع من نفس الرحمن ، هو قوله :
إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لا إله إلا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيت
ولهذا نعته بأنه يحيي ويميت ، إذ الملك هو الذي يحيي ويميت ، ويعطي ويمنع .
توحيد الاستكفاء
هو التوحيد الحادي عشر من نفس الرحمن ، قوله :
فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لا إله إلا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ...
وهو من توحيد الهوية ، لما قال الله تعالى : وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى ،
فأحالنا علينا بأمره فبادرنا لامتثال أمره ، فمنا من قال : لولا أن الله
قد علم أن لنا مدخلاً صحيحاً في إقامة ما كلفنا من البر والتقوى ما أحالنا
علينا .
توحيد الاستغاثة
هو التوحيد الثاني عشر من نفس الرحمن ، هو قوله :
حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إله إلا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرائيلَ ...
وهو
توحيد الصلة ، فإنه جاء بالذي في هذا التوحيد ، وهو من الأسماء الموصولة .
وجاء بهذا ليرفع اللبس عن السامعين ، كما فعلت السحرة لما آمنت برب
العالمين فقالت :
رَبِّ مُوسَى وَهَارُون ، لرفع اللبس من أذهان السامعين .
توحيد الاستجابة
هو التوحيد الثالث عشر من نفس الرحمن ، هو قوله :
فَإِلَّمْ
يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ
وَأَنْ لا إله إلا هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ...
توحيد الإنذار :
هو التوحيد الخامس عشر من نفس الرحمن ، هو قوله
يُنَزِّلُ
الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ
عِبَادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لا إله إلا أَنَا فَاتَّقُونِ ...
من أجل أمر الله لهم بذلك ، والروح هنا ما نزلوا به من الإنذار ليحيي من قبله من عباده ، كما يحيي الأجسام بالأرواح .
توحيد الأبدال
هو التوحيد السادس عشر من نفس الرحمن ،
وهو قوله :
فإنه يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى اللَّهُ لا إله إلا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى ،
هذا ... فإنه أبدل الله من الرحمن ،
وهذا في المعنى بدل المعرفة من النكرة ، لأنهم أنكروا الرحمن .
توحيد الاستماع :
هو التوحيد السابع عشر من نفس الرحمن ، هو قوله :
وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إله إلا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي هذا ... هو توحيد الإنابة .
توحيد السعة
هو التوحيد الثامن عشر من نفس الرحمن ، هو قوله :
إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لا إله إلا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً ...
وهو توحيد الهوية ، وهو توحيد تنزيه ، لئلا يتخيل في سعته الظرفية للعالم
من أجل الاسم الباطن والظاهر ونفس الرحمن والكلمات التي لا تنفد والقول ،
فقال : إن سعته علمه بكل شيء لا أنه ظرف لشيء
توحيد الاقتدار :
هو التوحيد التاسع عشر من نفس الرحمن ، هو قوله
وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إله إلا أَنَا فَاعْبُدُونِ ... وهو من توحيد الإنابة
: توحيد الغم :
هو التوحيد العشرون من نفس الرحمن ، هو قوله :
وَذَا
النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ
فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لا إله إلا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي
كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ...
وهو توحيد المخاطب ، وهو توحيد التنفيس .
توحيد الحق :
هو التوحيد الحادي والعشرون من نفس الرحمن :
فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لا إله إلا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ