إن المقام من الأعمـال يكـتـسـب له التعمل في التحصيل والطـلـب
به يكون كمـال الـعـارفـين ومـا يريدهم عنه لا ستـر ولا حـجـب
له الدوام وما في الغيب من عجـب الحكم فيه له والفصـل والـنـدب
هو الـنـهـاية والأحـوال تـابـعة وما يجليه إلا الكـدر والـنـصـب
إن الرسول من أجل الشكر قد ورمت أقدامه وعلاه الجهـد والـتـعـب
اعلم أن المقامات مكاسب
وهي استيفاء الحقوق المرسومة شرعاً على التمام
فإذا قام العبد في الأوقات بما تعين له عيه به المعاملات وصنوف المجاهدات والرياضات
التي أمره الشارع أن يقوم بها وعين نعوتها وأزمانها
وما ينبغي لها وشروطها التمامية والكمالية الموجبة صحتها
فحينئذ يكون صاحب مقام حيث أنشأ صورته كما أمر كما قيل له
أقيموا الصلاة فأقاموا نشأتها صورة كاملة فخرجت طائراً ملكاً روحاً مقدساً
فلم يكن له استقرار دون الحق ثم ينتقل هذا العبد إلى مقام آخر
لينشتئ أيضاً صورته وبهذا يكون العبد خلافاً هذا معنى المقام
لم يختلف أحد من أهل الله أنه ثابت غير زائل كما اختلفوا في الحال
وليس الأمر عندنا على إطلاق ما قالوه بل يحتاج إلى تفصيل في ذلك
وذلك لأختلاف حقائق المقامات فإنها ما هي على حقيقة واحدة
فمن المقامات ما هو مشروط بشرط فإذا زال الشرط زال كالورع
لا يكون إلا في المحظور أو المتشابه فإذا لم يوجد أحدهما أو كلاهما فلا ورع
فكذلك الخوف والرجاء والتجريد الذي هو قطع الأسباب وهو ظاهر التوكل عند العامة
ومن المقامات ما هو ثابت إلى الموت ويزول كالتوبة ومراعاة التكليفات المشروعة
ومن المقامات ما يصاحب العبد في الآخرة إلى أول دخول الجنة
كبعض المقامات المشروطة من الخوف والرجاء
ومن المقامات ما يدخل معه الجنة كمقام الإنس والبسط والظهور بصفات الجمال
فالمقام هو ما يكون للعبد فيه إقامة وثبات
وهو عنده لا يبرح فإن كان مشروطاً وجاء شرطه أظهره ذلك الوقت لوجود شرطه
فهو عنده معد فلذلك قيل فيه أنه ثابت لا أه يستعمل في كل وقت فافهم